قبل ايام وانا اسير في شارع المتنبي ابحث عن كتب قانونية لفت انتباهي عنوان كتاب في احدى البسطيات وكان ذلك العنوان هو (الديمقراطية التوافقية العراق انموذجا) لمؤلفه عبد الستار الكعبي وكما في المثل الثقافي (يعرف الكتاب من عنوانه) فقد قلبت الكتاب ووجدته يعبر تماما عن عنوانه فهو يبحث في موضوع لم يؤلف فيه عربي قبله والكتب المتعلقة بالتوافقية نادرة نبحث عنها في سوق السراي وشارع المتنبي ولا نعثر عليها.
وقد دخل الكتاب الى التوافقية بهدوء وانسيابية واضحة فقد بدا بالديمقراطية ، اسمها وتاريخها وخارطتها الحالية ، وتطرق بعد ذلك الى نشاة التوافقية تاريخيا في عدد من دول اوروبا ثم ذكر لنا عددا من الدول التي انتهجت التوافقية في بعض مراحلها السياسية وتعمق اكثر بالتطرق الى النموذج اللبناني فازدادا فهمي للتوافقية وكانه درس عملي لها بعد ان فهمتها نظريا . وبعد ذلك دخلت في السخونة الشديدة حيث تطرق الكاتب عبد الستار الكعبي الى النموذج العراقي للتوافقية وما فيه من ماسي والام وفتح لي افاقا جديدة بمعلومات لم يتطرق اليها احد قبله ومنها المسار التاريخي للتوافقية في العراق فقد كنت اتابع السادة الذين يظهرون في البرامج التلفزيونية او الذين يكتبون في الصحافة وعناوينهم هذا خبير قانوني وهذا محلل سياسي والاخر خبير امني والرابع ستراتيجي ولكنهم لم يفكوا لغز التوافقية التي بين لنا الكتاب المذكور بانها امر متفق عليه قبل الاحتلال ومتضمن في لدستور من خلال العديد من المواد الدستورية التوافقية على الرغم من ان اؤلئك الخبراء والمحللون يقولون بان الدستور العراقي غير توافقي .
اضافة الى ذلك حدد الكاتب سلبيات التوافقية المحزنة والتي يجب ان نعمل جميعا على تلافي اخطارها. ولم يتوقف الكاتب عند هذا الحد بل وضع خارطة طريق للاصلاح السياسي في العراق وهي مجموعة افكار رائد وجديرة بالدراسة وتتقبل الراي والنقد.
ومع ذلك الجهد الكبير المبذول من قبل الكاتب في التحليل وجمع المعلوات الا ان الكتاب وللاسف لم يخل من بعض الهفوات التنضيدية والفنية مع بعض الاخطاء الاخرى اتمنى ان يلتفت اليها الكاتب كما اتمنى ان يبسط الكتاب اكثر ففيه الكثير من التركيز الذي يحتاج الى توضيحات اكثر ليخاطب كل المستويات .
ومع ذلك فانه كتاب رائد في مجاله وفريد من نوعه ويستحق ان يقراعلى كل حال فمن اراد ان يعرف العراق سياسيا فعليه ان يقرا هذا الكتاب .
مع الامنيات لشعبي بالخير وللعراق بالسلامة .