كيف تتخذ البلدان المتخلفة شكل نظامها الاقتصادي؟
كيف يبرر متخذي هذه الانظمة حجتهم على انتهاج هذه الانظمة؟
-يبرر السيد الشهيد محمد باقر الصدر (قدس سره) التخلف والتقدم في كتابه الرائع (اقتصادنا) الى ان بلدان العالم المتخلف واجهت عدة انواع من التبعية، منها السياسية التي تعتمد على حكم هذه البلدان مباشرةً، واخرى الاقتصادية التي تعمل على استثمار مواردها الاولية بحجة نمو هذه البلدان ويحتكرون الموارد الانتاجية المهمة.
وفي معرض رده على اختيار اياً من المدارس الاقتصادية، يقر الصدر بأن هناك نظامين او مدرستين تعمل على توضيح شكل النظام الاقتصادي، وهما النظام الاقتصادي الحر (الرأسمالي) والنظام الاقتصاد المختلط كما يسميه الاشتراكي، وان البلدان التي تتخذ اي من هذين النظامين كنطاق عمل للأنشطة الاقتصادية، لها حجة على ذلك.
تبرير ذلك؟
– تبرر الدول المتخلفة من اتخاذ اي النطامين، فمثلا بعض الدول التي تتخذ النظام الاقتصادي الرأسمالي تبرر ذلك بـأن هذا النظام قد حقق مستويات عالية من النمو الاقتصادي في مجال التصنيع نتيجة اتخاذها هذا النظام وبالتالي فأن هذه البلدان المتخلفة تستطيع ان تنتهج هذا النظام من اجل النهوض بعملية التنمية الاقتصادية.
-اما البلدان التي اعتمدت على اتخاذ المدرسة الاشتراكية كمفهوم نظام ينبع من فلسفة الدولة على عمل الانشطة الاقتصادية فيبررون ذلك بأن البلدان المتقدمة التي اتخذت شكل النظام الحر وحققت انجاز وقفزات في النمو الانتاج والتقدم في مرحلة لا تشبه المرحلة التي تواجهها البلدان المتخلفة (او النامية اليوم) وانها تواجه تحديا اقتصادياً كبيرا اعلى من التحدي التي واجهتها الدول الاوربية انذاك، لذلك لابد من البلدان المتخلفة ان تقوم على تعبئة كافة امكانياتها والطاقات من اجل النهوض بعملية التنمية الاقتصادية شرط ان يتم ذلك عن طريق النظام الاشتراكي.
ورأي السيد الصدر في ذلك ان كلا الاتجاهين يفسران الفشل الذي يواجه في التطبيق لذلك يقول السيد الصدر انا لا اريد هنا ان اقارن بين الاقتصاد الاسلامي والاقتصادين الرأسمالي والاشتراكي من وجهة نظر مذهبية ويترك مهمة ذلك للمختصين بعد ان يشرح كيفية عمل النظام الاسلامي، وبعد ذلك يقارن الاقتصاد الاوربي بجناحيه الرأسمالي والاشتراكي من جهة والاقتصاد الاسلامي من جهة اخرى.
ويقول السيد الصدر من الخطأ ان ينقل الاقتصاديين تجربة البلدان الاوربية في عملية التنمية مالم يرضخ ذلك لتفاعل الشعوب في تلك البلدان.
وهذا يعني ان نرضخ النظرية للواقع وليس العكس شرط ان تكون على اسس سليمة، فمثلا ان الاستعمار الاوربي ترك شعورا في العالم الاسلامي يتسم بالتشكيك والاتهام وهذا بحد ذاته يترك اثار سلبية للأنظمة الاوربية حتى وان كانت سليمة ومستقلة عن الاستعمار.
وهنا يبرز الفارق بين مناهج الاقتصاد الاوربي وبين المنهج الاسلامي الذي لا يحمل طابع الاستعمار والاستغلال الذي هو تعبير ذاتي وعنوان شخصية العالم الاسلامي وهو مفتاح لعملية التنمية الاقتصادية اذا اتخذ النظام الاقتصادي الاسلامي اطارا للأنطلاق، والفارق ليس فقط بأثار الانطباع الاستعماري، ولكن بعوامل كثيرة ومنها العامل السلوكي الانساني الذي يختلف اديولوجيا وعقيدة ومذهب.. ويقول الصدر انا لا اريد ان اناقش المذهب والعقيدة، بقدر ما اناقش التناقض بين منهج الانسان الاوربي وبين منهج الانسان الاسلامي.
على سبيل المثال لحم الخنزير يعتبر سلعة جيدة وطلبها كبير في بعض البلدان الاوربية، هذه السلعة ممكن ان تساهم بنمو الناتج المحلي الاجمالي، لكن ذات السلعة لا نجد لها اي اهمية تذكر في طلب الانسان المسلم، لذلك فأن نسبتها من الناتج المحلي الاجمالي ستكون مساوية للصفر، ولا تضيف اي قيمة صافية للبلدان الاسلامية بسبب اختلاف عقيدة الانسان.