22 ديسمبر، 2024 8:38 م

قراءة في كتاب “اضواء على ثورة الامام الحسين (ع)”

قراءة في كتاب “اضواء على ثورة الامام الحسين (ع)”

تركت واقعة الطف من المعاني في نفوس المطلعين على وقائعها اثراً لم يكن حكراً على نفوس المسلمين من الخاصة كما يعرفون بالشيعة من موالي اهل بيت رسول الله محمد (ص) دون العامة ، بل لم تكن حكراً على المسلمين فقط ، فقد طالعتنا الروايات التاريخية عن مدى تأثر غير المسلم من الاديان السماوية الاخرى بل حتى من اصحاب الديانات الوثنية بهذه الثورة العظيمة ، وهذه الواقعة التي تمر علينا بوقائعها العظيمة سنوياً بفكرها ومنهجها الذي ارساه سبط رسول الله بمعية صحبه الذين وصفهم بأنهم خير الاصحاب قد وجدنا انفسنا امام امر لابد لنا ونحن على بعد مئات السنين من تلك الواقعة ان نخوض ونسبر غوره وهذا الامر يتمثل بقراءة الدلالات الحقيقية والعبر السامية التي اتحفنا بها علّم شاءت الاقدار إلا ان يضع هذه السطور الفذة بأحرفها اللامعة متمثلة بكتابه الموسوم “اضواء على ثورة الامام الحسين(ع)” ولان التعريف بشيء معلوم فيه اخلال وتكرار فان التعريف كذلك برجل او علم بمنزلة (اية الله العظمى السيد الشهيد محمد محمد صادق الصدر قدس سره) هو الاخلال والتكرار بعينه فما عسانا ان نضيف لشرفه ولقبه ونحن القاصرين عنه دونهما ، ولأننا اخذنا على انفسنا ترك ذكر سيرة من هو بمستوى شرفه الرفيع لكننا ابينا إلا ان نخوض في كتابة المذكور لنغترف ما قدر الله لنا من علوم كنا الى حد قريب نجهلها فما الحسين دمعة فقط ولكنها العبرة (العبرة لمن اعتبر)، ومن خلال تصفحنا لكتاب السيد الشهيد محمد الصدر( قدس سره) ولمسنا ان هنالك ضرورة ملحة للإشارة الى تصوراته ونتائج ابحاثه في العناوين الثلاثة التالية التي اخترناها من بين عناوين كتابه الرئيسية والفرعية وهذه العناوين هي لماذا لم يعمل الامام الحسين (ع) بالتقية والثانية الحدود والاهداف المحتملة للحسين (ع) لثورته والثالثة قولنا ياليتنا كنا معكم ، وسبيلنا ومبتغانا من وراء
ذلك رضا الله تعالى عنا.
أولاً : لماذا لم يعمل الحسين (ع) بالتقية :
يناقش السيد الشهيد الصدر (قدس)هذه المسالة مناقشة منطقية بعيدة عن الاهواء والاسقاطات النفسية الشخصية فتراه يقول ان القرآن اشار الى التقية اشارة مباشرة في عدة آيات كقوله تعالى (إِلَّا أَنْ تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقَاةً) (آل عمران/28) وكذلك جاءت على لسان رسول الله محمد (ص) في عدة احاديث قوله (ص)(التقية ديني ودين ابائي) وغيرها من الاحاديث الشريفة ليصل السيد الشهيد من خلالها الى حقيقة ان التقية واجبة وهذا ما حدا بالمعصومين حسب قوله الى العمل بها بأجمعهم الا الحسين (ع) والسؤال لِم تركها هذا الامام الجليل ولم يعمل بها على الرغم من
ان الائمة المعصومين (ع) قد حدثت في حياتهم العديد من الثورات إلا انهم لم يشتركوا فيها رغم كثرت هذه الثورات في العهد الاموي و العباسي ؟ واجابة السيد الشهيد حول هذه السؤال تأتي
وفق ستة تصورات هي :
اولاً : ان الاخبار الدالة على وجوب التقية لم تكن صادرة في زمن الامام الحسين (ع) لأنها انما صدرت عن الامامين الصادقين عليهما السلام وهما عاشا بعد واقعة كربلاء المقدسة بحوالي قرن من الزمن وإذا لم تكن هذه الاخبار موجودة فلا دليل على وجوب التقية يوم حركة الحسين (ع) وتعليقاً على هذا التصور عن عمل الامام الحسين (ع) بالتقية يقول :
*ان هذه المشار اليها تدلنا على حكم واقعي ثابت في الشريعة يعلم به المعصومون جميعا سلام الله عليهم بما فيهم الحسين (ع) فانهم جميعاً عالمين بجميع احكام الشريعة المقدسة.
*ان الآيات الكريمة دالة على ذلك ايضاً وقد كانت موجودة ومقروءة في زمن الامام الحسين (ع) وعن طريق هذه المناقشة ثبتت معرفة اهل البيت بأمور دينهم ودنياهم لعصمتهم بالإضافة الى ثبوتية الاحكام الشرعية في الآيات القرآنية الكريمة ويتوصل السيد الشهيد (قدس) الى ان الامر الاول غير صحيح من حيث الاخذ منطلقاً او اساساً لعدم عمل الامام الحسين(ع) بالتقية.
ثانياً : ان الحسين (ع) كسائر المعصومين (ع)عمل بالتقية ردحاً طويلاً في حياته وانما ترك العمل بها من ناحية واحدة فقط هي الناحية التي ادت الى استشهاده في واقعة الطف وهي رفض الطلب الصادر من قبل الحاكم الاموي بالبيعة له وتهديده له بكل بلاء إذا لم يبايع الامر الذي استوجب صموده (ع) ضد هذا المعنى حتى الموت.
ثالثاً : ان الادلة في الكتاب والسنة على مشروعية التقية ليست دالة على الإلزام والوجوب على الجواز او بتعبير اخر ان العمل بالتقية رخصة لا عزيمة ومن هنا يمكن القول ان الامام الحسين (ع) كان مخيراً يومئذ بين العمل بالتقية وبين تركها ولم يكن يجب العمل بالتقية في حقه ومادام مخيراً فقد اختار الجانب الافضل للشهادة بعد صموده ضد الانحراف والظلم والظلال، ومن خلال الامرين الثاني والثالث يقول السيد الشهيد كان عمل اصحاب الائمة والمعصومين عموماً بالتقية مع العلم انهم كانوا عارفين بالأحكام متفقهين بالشريعة مرتفعين في درجات الايمان فعمار بن ياسر عمل بالتقية حين طلب منه مشركوا قريش الطعن بالإسلام ونبي الاسلام وبتلك المناسبة نزلت الآية الكريمة في حين ان آخرين تركوا العمل بها ودفعوا حياتهم في سبيل ذلك كميثم التمار وسعيد ابن جبير وحجر بن عدي وزيد بن علي الشهيد وغيرهم ، يقول السيد الشهيد (قدس) لو كانت التقية واجبة الزاماً لكان حال هؤلاء و غيرهم باطل مع العلم انهم لاشك على حق لانهم متفقهون بالأحكام الاسلامية جزماً ولاشك في ذلك فيتعين ان تكون مشروعة بنحو التخيير لا بنحو الالزام ، ومما دل على ذلك ما روي عن رجلين من اهل الكوفة اخذا فقيل لهما ابريا عن امير المؤمنين (ع) فبرئ واحد منهم وابى الاخر فاخلي سبيل الذي ابرئ و قتل الاخر فقال
الامام الصادق (ع) اما الذي برئ فرجل فقيه في دينه واما الذي لم يبرئ فرجل تعجل الجنة ولذا لا يمكن القول بانه لم يثبت ان ترك التقية حرام إلا قوله في احدى الروايات التقية ديني ودين ابائي ولا دين لمن لا تقية له وهي لاشك دالة على الالزام الا انها ساقطة بالمعارضة مع الروايات الدالة على الرخصة كالرواية السابقة فيبقى حكم التقية على التخيير والآيات الكريمة غير دالة على الالزام منها قوله تعال: (لَا يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَلَيْسَ مِنَ اللَّهِ فِي شَيْءٍ إِلَّا أَنْ تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقَاةً وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ وَإِلَى اللَّهِ الْمَصِيرُ) (آل عمران/28) وقوله تعالى : (مَنْ كَفَرَ بِاللَّهِ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِهِ إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمَانِ وَلَكِنْ مَنْ شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْرًا فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ مِنَ اللَّهِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ) (النحل/106) وفي كلتا الآيتيين يعتبر حكم التقية استثناء من امر حرام وهو موالاة الكافرين في الآية الاولى والكفر في الآية الثانية والاستثناء من مورود الخطر او الحرمة لا يدل على اكثر من الجواز وذلك كما قال الفقهاء حول قوله تعالى : (وَإِذَا حَلَلْتُمْ فَاصْطَادُوا) (المائدة/2) فان حكم الصيد فيها استثناء من جانب حرمته من حال الاحرام مع استمراره بعده فيكون دالاً على مجرد الجواز , نعم قد تكون التقية واجبة إلزاماً فيما اذا توقف عليها هدف اجتماعي عام منها كالمحافظة على بيضة الاسلام إلا انه لم يكن الامر يومئذ هكذا بل العكس فان حفظ الاسلام يومئذ كان متوقفا على التضحية لا على التقية.
رابعاً : من اسباب ترك الامام الحسين (ع) العمل بالتقية اننا حتى لو تنزلنا عما قلنا من الامر الثالث وفرضنا التقية الزامية الا ان هذا الحكم بالإلزام ساقط بالمزاحمة مع الاهم اذ من الواضح من سياق الآيات القرآنية ان الامر بالتقية انما هو في موارد فردية متفرقة والامام الحسين (ع) واجه قضايا عامة تقتضي ترك التقية والعمل بالتضحية اهمها الطلب منه بمبايعة الحاكم الاموي يومئذ يزيد بن معاوية وهو ما يترتب عليه نتائج وخيمة بالغة في الاهمية قد تؤدي الى إنهاء رأس الاسلام الحقيقي منذ عصره الى يوم القيامة ، ومن القضايا العامة المهمة التي واجهها سلام الله عليه طلب اهل الكوفة مبايعتهم له وولايته الفعلية عليهم وهو حكم عام مهم شرعاً ومتقدم على حكم التقية و كلا الامرين لم يواجهه احد من اولاده المعصومين التسعة عليهم السلام ومن هنا كان عملهم بالتقية متعيناً ومن الممكن القول انهم لو واجهوا ما واجهه الحسين (ع) لكان رد فعلهم كرد فعله تماماً.
خامساً : ان الحسين (ع) علِم علماً طبيعياً او إلهاماً بانه سوف يموت على كل حال حتى في مكة فضلا من غيرها من بلاد الله ولذا ورد عنه (ع) : (انهم سوف يقتلوني حتى لو وجدوني متعلقا بأستار الكعبة )، ومن يكُ حاله هو العلم اليقين بموته يرتفع عنه حكم التقية من قاتله وله ان يفعل ما يشاء، تصور شخصاً محكوماً عليه بالإعدام وسوف يصعد عما قليل على خشبة المشنقة فعندئذ تهون الدنيا في نظره ويمكنه ان يفعل ويقول ما يشاء اتجاه جلاديه لانهم سوف
لن يزيدوا على قتله على أي حال فعلى ذلك كان الامام الحسين (ع) ومعه فضل ان يموت بهذا الشكل عن ان يموت خامل الذكر محوط بالذلة والنسيان ، إلا ان هذا الوجه بمجرده لا يتم لأنه عليه السلام لو كان قد قبل بالمبايعة لكفوا عن العزم لقتله وهذا واضح لديه ولدى غيره اذن فالعلم بموته انما هو بصفته رافضاً للمبايعة صامداً ضدها اذن فيرجع هذا الوجه الى وجه اخر مما ذكرناه كالوجه الرابع السابق.
سادساً : ان حكم التقية وان كان نافذ المفعول عليه (ع) وغيره من البشر الا انه مخصص في حقه عليه السلام فهو خارج عن حكمها في التخصيص اما بالإلهام واما بالرواية عن جده رسول الله (ص) واذا لم تكن التقية في حقه واجبة ولا تركها عليه حراماً ، وربما عد من الادلة في هذا الصدد ما ورد من بكاء النبي (ص) على مقتل الامام الحسين (ع) يوم ميلاده لعلمه المسبق بذلك وهو ما يستفاد منه جواز حركته واحترام ثورته فيكون مخصصاً لما دل على حكم التقية لو وجد، وهذا الوجه اكيد الصحة لو تم بالدليل كون التقية عزيمة لا رخصة وهذا الوجه يشمل اهله واصحابه واهل بيته الذين رافقوه في حركته وآزروه في ثورته فان التقية ان كانت واجبة في حقهم اساساً فهي لم تكن واجبة عندئذ بل مستثناة عنهم بأمر امامهم الحسين نفسه حيث اوجب عليهم المسير معه والقتل بين يديه بل التقية كانت واجبة من هذه الناحية على أي واحد من البشر على الاطلاق تمسكاً بما ورد عنه سلام الله عليه : (من سمع واعيتنا ولم ينصرنا اكبه الله في النار ) وهذا دال بوضوح على لزوم نصره ووجوب ترك التقية من هذه الناحية وكذلك ما ورد عنه انه قال عليه السلام حين بقي وحيداً بعد مقتل اصحابه واهل بيته : (هل من ناصر ينصرنا هل من ذاب عن حرم رسول الله )، وهذا انما قاله الحسين (ع) لأجل اقامة الحجة على الاخرين ، كما يشمل اهله و اصحابه رضوان الله عليهم وجوه اخرى لترك التقية مما يسبق كالامر الثالث الذي ذكرناه وهو كونها تخييرية وليست الزامية والامر الثاني والامر الرابع كما ذكرنا ، والسر في وجوب سقوط التقية كما اشرنا عن جميع البشر في ذلك العصر من هذه الجهة لا ينبغي ان يكون خافياً وحاصله ان الناس لو كانوا اقد استجابوا بكثرة وزخم حقيقيين واذا كانت اعداد مهمة منهم قد ادركت مصالحها الواقعية في نصر الحسين (ع) لتحقق النصر العسكري له فعلا ولفشل عدوه الاموي الظالم بل المستطاع القول بانه مع حسن التأييد يمكن ان يكون زعيماً فعلياً على كل بلاد الاسلام فيحكمها بالعدل وبشريعة جده رسول لله (ص) غير ان المجتمع في ذلك الحين كان متخاذلاً جاهلا ولله في خلقه شؤون.
ثانياً الحدود والاهداف المحتملة لثو رة الحسين(ع) :
يرى السيد الصدر في هذا الموضوع أي الحدود والاهداف التي توخاها الحسين (ع) ان حدودها تبقى قاصرة عن معناها الحقيقي من حيث فهمنا كبشر عاديين حيث تبقى بصيرتنا وفهمنا قاصر عن مدى فهم و بصيرة المعصومين(ع) إلا ان ذلك لا يمنع من رايه اخذ ما يمكن لنا فهمه دون تركه لعدم ادراك الكل ، ويرى السيد الشهيد الصدر (قدس) انه حين نريد ان نطرح بعض الافكار عن اهداف الامام الحسين (ع) في ثورته فتلك الافكار لابد ان تكون حاوية على عدد من الشروط ولا يمكن حسب قوله ان تكون افكارنا جزافية او مطلقة وهذه الشروط هي :
الشرط الاول :ان يكون ما نتصوره امراً مرضياً غير مخالف للشريعة.
الشرط الثاني: ان يكون تصورنا لما اراده الحسين من حركته امراً يناسب عظمته ليس متدنياً ولا ضئيلاً لا يناسب بحال من الاحوال هذه العظمة التي جسدتها شخصيته لعصمته ولرجاحته التكوينية.
الشرط الثالث : ان يكون الهدف المتصور من حركته اما تاماً في طبيعته كونه قد حصل فعلاً , او ممكن تحقيقه في مستقبل ما بعد الحركة ولا يمكن نسبة ما لا يمكن تحقيقه اليه كنسبة الفشل او الامر المتدني او الضئيل الذي لا يتناسب وعظمته عليه السلام.
الشرط الرابع : ان يكون الهدف الذي نتصوره مناسباً مع حال الحسين عليه السلام وشانه.
الشرط الخامس : يطرح السيد الشهيد الصدر في هذا الشرط امراً يكاد يشاع او ينتشر الا وهو، التقول على الحسين ، أي بمعنى ذكر امور هو غير قائل لها وهذا ما يوجب المفسدة بطبيعة الحال وعليه يرى السيد الشهيد الصدر ان الهدف إنما يؤخذ من كلامه او بالاستناد عليه اما غير ذلك فهو ممكن من خلال طرح ذلك بعد رؤية ما حصل بعد الواقعة (واقعة الطف) بالاستناد طبعاً الى الروايات ويشّكل السيد الشهيد الصدر على من يقول ان الهدف ان كان مذكوراً في كلامه سلام الله عليه اخذنا به وان لم يكن قد ذكره اعرضنا عنه ولم نعتبره هدفاً حقيقياً حيث يقول ان هذا غير صحيح لعدة اجوبة يمكن ان تورد ضده هي :
الجواب الاول : ضعف الروايات الناقلة لكلامه سلام الله عليه.
الجواب الثاني : ان هناك قانوناً عرفياً وشرعياً ومتبعاً في التفاهم بين جميع الناس وان لم يكن يلتفت اليه الكثيرون وبصراحة وهو قانون كلم الناس على قدر عقولهم والحسين (ع) لاشك هكذا كان ، وعليه لا يمكن الاستناد الى ما قاله فقط عليه السلام لمعرفة جميع اهدافه حيث ان هناك اهدافا لا يمكن لمن خاطبهم فهمها لذا اعرض عن الافصاح عنها.
الجواب الثالث: ان بعض الاعمال يعتبر التصريح بها او بأهدافها افساداً لها.
اما الاهداف المحتملة لثورة الامام الحسين (ع) فنذكرها كما سطر كلماتها السيد الشهيد (قدس) تاركين للقارئ اللبيب اولاً استقرائها وثانياً الرجوع الى الكتاب “اضواء على ثورة الامام الحسين (ع)” لغرض قراءة المناقشة الموضوعية التي اثارها مؤلفه حول هذه الاهداف.
الهدف الاول :ان لا يبايع الحاكم الاموي يومئذ( يزيد بن معاوية) كما طلب منه.
الهدف الثاني :الامتثال لأمر الله سبحانه وتعالى اياه ذلك الامر المعروف لديه اما بالإلهام او بالرواية عن جده النبي (ص) وكان يطلب ثواب الله وجزاءه الاخروي على ذلك.
الهدف الثالث : وهو ما يتوقع حصوله بعض المطلعين من الناس على ثورته سلام الله عليه والخاص بتوخي النصر العسكري وازاحة دولة بني امية.
الهدف الرابع : فضح بني امية ومن كان على شاكلتهم من يومه الى يوم القيامة.
الهدف الخامس : طلب الاصلاح او محاولة الاصلاح في الامة المسلمة امة جده رسول الله (ص).
الهدف السادس:الاستجابة لأهل الكوفة إذ طلبوا منه القدوم إليهم واخذ البيعة منهم وممارسة الحكم بينهم.
الهدف السابع : اعطاء الامثولة للدين الحنيف القويم وانه يستحق هذا المقدار العظيم من التضحية والفداء في سبيل الله وفي سبيل اقامة الاحكام الاسلامية والشعائر الدينية.
الهدف الثامن :ما يذكره بعض الناس وطبقة من الناس من ان الحسين (ع) قتل من اجل اقامة المأتم عليه والبكاء عليه فانه من الشعائر الدينية المهمة التي توجب هداية الكثيرين من الباطل الى الحق.
باليتنا كنا معكم :
ذهب السيد الشهيد الصدر (قدس)الى مناقشة هذه العبارة التي نكاد نسمعها في بداية أي خطبة تستعرض واقعة ألطف او في ختامها وللسيد الشهيد نظرة وقراءة لهذه العبارة إذ يقول ان عبارة
(ياليتنا كنا معكم فنفوز فوزا عظيماً) هذه العبارة يقصد فيها الحسين (ع) واصحابه ولابد أثناء التعرض لذكرها ان نذكر معنى هذه العبارة فان في ذلك عبرة اولاً وموعظة ثانياً وتربية للخطباء ثالثاً ، ويستدرك السيد الشهيد قائلاً ان اللفظ الذي هو الاهم والاشد تركيزاً في هذه الجملة هو (معكم) فان المعية قد تكون مكانية و قد تكون زمانية وقد تكون معنوية فان المتكلم في هذه الجملة مرة يتمنى ان يكون مع شهداء كربلاء في الزمان والمكان المعنيين اللذين كانوا فيه واخرى يتمنى ان يكون معهم معنوياً ، والأداة (ليت) للتمني والمشهور في عموم اللغة العربية ان التمني لا يكون الا للمستحيل ويوردون كشاهد على ذلك قول الشاعر :
الاليت الشباب يعود يوماً فاخبره بما فعل المشيب
ويناقش السيد الشهيد الصدر (قدس)(المعية) في كونه معهم فيقول : ان تمني الفرد ان يكون له حصول المعية معهم في نفس الزمان والمكان الذي كانوا فيه فيراد به عادةً تمني الحصول على الشهادة معهم لكي يفوزوا فوزاً عظيماً وهو امر جليل ولطيف في حد نفسه إلا انه قابل للمناقشة من اكثر من جهة :
الجهة الاولى : ان تمني العودة الى الماضي من تمني المستحيل طبيعياً وتمني المستحيل مستحيل او قل انه لا يتصوره ولا يقتنع بدوره الامن خولط في عقله وليس من تمني الأسوياء ما كان مستحيلاً.
الجهة الثانية : ان مجرد وجود الفرد هناك في الماضي لو تم له لا يعني كونه يفوز بالشهادة او يفوز فوزا عظيماً بعد ان نأخذ بنظر الاعتبار هذه النفوس الضعيفة الامارة بالسوء والمعتادة على الترف والضيق من مصاعب الحياة ومن الواضح ان حركة الأمام الحسين (ع) كلها مصاعب وبلاء وضيق من الناحية الظاهرية والدنيوية.
السلام عليك يا ابا عبد الله السلام عليك يا صريع كربلاء السلام عليك يا ابا الأحرار ورحم الله من عرفك حق معرفتك فأنت الفكرة دونها الدم وأنت العقيدة دونها الدم وأنت من ضحيت بدمك لأجل ان تبقى كلمة الله هي العليا سلام الله عليك يامن علمتنا أن نكون أحراراً أبداً ما حيينا .