23 ديسمبر، 2024 3:35 م

قراءة في كتاب أسترداد المعنى

قراءة في كتاب أسترداد المعنى

(من عبء التأرخة الى أسيرية الهامش )
لعل الكاتب أحيانآ في بعض كتاباته و بحوثه الدراسية أن يجعل من رؤياه و أفكاره تتسم بطابع من روح تعاين الومضات المرجعية و الاضاءات الوثائقية في أضفاء حيثيات الطابع الدراسي للمقروء أو للمبحوث عنه ، وهذا الشىء بدوره ما قد وجدناه بوضوح تام عند مطالعة كتاب ( أسترداد المعنى ) لعبد العزيز أبراهيم وعند التدقيق في فصول الكتاب وجدنا

بأن شكل (التأرخة التأليفية )تتخذ شكلآ آخر من الطموح في مديات و آفاق الكاتب و لعل أول

ما قد لفت أنتباهنا هو ذلك الطابع الانشائي الذي من شأنه راح يمازج ما بين راهنية النص المكتوب و بين طابعية تأرخة النص و هذا الشكل الكتابي قد جعل من عملية وثائقية النص

تحمل طابعآ أقرب ما يكون وصفآ بعملية التنصيص الأخباري المتصل ببعض مرجعيات نصوص تأريخية غائبة أو شبه مغيبة ، و مع كل هذا بقية أمر مباحث فصول الكتاب في

حدود عملية الحلولية الخاصة و التي أختارها الكاتب للنهوض بمهام إنشاء وتشييد نصوص

كتابه الذي راح يحمل في طياته رائحة تأريخية قديمة كما و راح يحمل نصوصه معلومات

وثائقية تسعى مسعى المحدود والمستحيل في عملية الطرح الفكري و المنهج الراهن. من هنا

وعبر هذه المقدمة يتاح لنا وللقارىء تسليط بعض من الاضاءة على منطلقات و أدوات

مباحث كتاب ( أسترداد المعنى ) هذه المباحث التي قد جاءت للقارىء مكرسة لمقاربة محور

و ثيمة فكرة ( أدب الحداثة ) وقد أقتضت الخطة المنهجية التي فرضها الكاتب تناول جملة

من المباحث الدراسية التي تقضي كل واحدة منها بدراسة مستقلة، الا أنها في الوقت نفسه تقود كل واحدة منها الي الأخرى ، وعند الاطلآع على محور بعض من مباحث الفصول

والذي كان تحت عنوان ( رؤية المعاصرين في المعنى ) نلاحظ مدى تعثر فرضية الكاتب

في إنشاء مرتكزات نظرية من شأنها أبراز جهود أعلام المنهج ، فضلآ عن هذا محاولة

الكاتب ربط هذه المرتكزات داخل فسحات مرجعية لم يتفق بشأنها نقديآ أبدآ ، على أن حالة

التركيز قد بقية ضمن موجبات مفاهيمية أكثر مما هي عليه من أداة أجرائية في تجسيد مقولات(رؤية المعنى ) ضمن بواعث ومحفزات أرتجالية من لدن الكاتب وصلت لحد الافتعال والصنيع في صياغتها البحثوية ، وسوف يتضح هذا المنحى الدراسي أكثر عند الوصول الى فصل مبحث ( المعنى بين الابتكار والاسترداد) أن الامعان والتدقيق في مفاهيم

هذا الفصل المبحثي نجد من خلاله ثمة أستدلالات وتقصيات لا نرى من أثر لها تمامآ في أنشاء و تخارج عملية نمو المعنى لا من ناحية نظرية ولا من باب ثمة منفذ أجرائي ما،

وهذا الشىء يبعث على الاستغراب والدهشةعند معاينتنا قول مثل هذا ( فالابداع هو القدرة

على أبتكار شىء لم يوجد سابقآ و يعتمد على مواهب الشخص المبتكر ص103 ) لعل من الصعوبة بمكان الاحاطة الكاملة

بتعريف واضح ومحدد لعملية الابداع بوصفها منشأ أبتكاري لا سيما و حدود الخطاب النقدي ما لم يتم لحد ألان الرجوع الى أصول ومرجعيات فكرية في تعريف حالة الابداع لاسيما والمبدع نفسه لم يتخذ من عملية الانشاء الابداعي

جملة صياغية تصل حد مشروعية الابتكار نفسه ، وعلى هذا فأننا قد لا نتفق و الكاتب على

مشروعية تسمية الابداع بالابتكار ، لآن من جهة قد تبدو غاية في الأهمية ،أذ أعتبرنا

عملية الابداع هي في ملفوظها الأقصى خصيصة أبتكارية ، فهذا معناه ما يجعل حتى عملية

( الفهم والتفسير ) لها الحق و الشروع في إقامتها تشكيلآ أبتكاريآ ما . أنا شخضيآ أجد من

االانسب للكاتب أن يكون دقيقآ في أختيارمسمياته و تعاريفه و حتى في أطلاق نعوته التي

هي في المحصلة الآخيرة سوف تشكل لديه عطبآ مفهوميآ من شأنه ألاخلال بمسار الاستيعاب

الموضوعي الكامل و المتكامل . غير أننا وفي مكان آخر وفي مواجهة سياق مبحث فصل

( أسترداد المعنى ) نلاحظ بأن أصول مقولات و مفاهيم الكاتب قد صيغة على أساس منظور

(أدب الحداثة )ألا أن القارىء لوقائع مفهومية ذلك المبحث ، يواجه نوعآ ما من ألتباسية

منهجية الكاتب البحثوية في العثور على مضامين ماسة في هدفية المنظور القرائي والدلالي

، وفي سياق فصل( أنواع ألاسترداد) نلاحظ على وجه التحديد بأن هناك ثمة مشروعية

غير كافية في منظومتها التفاسيرية و التأويلية ، ولدرجة حدود الابتعاد عن عملية أستبدال

أداة المنهج والبحث، لعل القارىء لمباحث فصول الكتاب يجد بأن شبكة تقسيمات وتعاريف

الكاتب قد حلت لغرض إيجاد البديل التعارفي وذلك انطلاقآ من رؤية الكاتب الاشتقاقية

والتي تسعى نحو التماثل ما بين حدود العمل في المعنى وحدود جدلية مفهوم الاستبدال

في المعنى ، وهذا بدوره هو ماتحدثت عنه وما كشفت عنه عشرات الدراسات والمباحث

النقدية في التراث وفي الحداثوية . أذن ما قرأناه في كتاب (أستردادالمعنى) عبارة عن

(شراب قديم في قوارير جديدة ) وأذاشئنا الدقة نقول بحق كتاب عبدالعزيز أبراهيم بأنه

بحث وجهد راح يكتسب طابع الجاهزية من لدن قوالب تأليفية ومعلوماتية سالفة ،وبعبارة

أدق نقول بأن المستقرىء لعوالم دراسة الكاتب لربما لا يشعر سوى أن ما هو موجود

من جهد تأليفي ما هو ألا تنزيل و أسقاط لمقولات ومفاهيم مصدرية ومراجع على فهم

وتشخيص معنى معاصر يحاول الكاتب التسليم به بشكل تام نحو مفهوم التشكيل في أبراز

شروحات مباحث أبتكارية . وعلى هذا ختامآ لا نملك سوى بقايا الامتنان والشكر للكاتب

على تلك المراجع والمصادر التي لولاها لما أكتملت آليات هذا الكتاب فأليها يرجع الفضل

وليس للكاتب ممايجعل دراسة كتاب (أسترداد المعنى ) بلوغآ مشكوكآ في توليد ألابنية

والأوضاع الدراسية الخاصة بمباحث الكاتب نفسه وبالتالي فأن القارىء وفي المحصلة الآخيرة ومع وجود تلك المصادر وباقة المراجع لا يشعر سوى أن الكتاب عبارة عن

( من عبء التأرخة الى أسيرية الهامش) .