قراءة في قصيدة – ساعاتها الفتيّة تنزّ بالمسّك – من منظور براغماتي – للشاعرة : رحمة عناب – فلسطين المحتلة .
بقلم : كريم عبدالله – العراق .
قصيدة “ساعاتها الفتيّة تنزّ بالمسّك” للشاعرة رحمة عناب تُعبّر عن تجربة إنسانية عميقة ومؤلمة، مشبعة بالرموز والدلالات التي تعكس واقع الحرب والفقد.
تحليل العناصر الشعرية:
الزمن والمكان:
“ساعاتها الفتيّة” تشير إلى فترة الشباب والأمل، لكن سرعان ما تتبدد تلك البراءة تحت وطأة الواقع القاسي. الزمن يصبح عدواً، حيث تتراكم الذكريات المؤلمة.
“الرصاصات والبنادق” تعكس شراسة الحرب، وتصور مكاناً مزدحماً بالخوف، حيث يُعتبر الهروب هو الخيار الوحيد.
الصور الشعرية:
“تنزّ مسكاً” تعبر عن الرائحة العطرة التي تقابل بشاعة الموت، مما يخلق تناقضاً حاداً بين الجمال والفجيعة.
“ثكلى صدحت بأوتار الخوف” ترسم صورة مؤلمة عن الأمومة والفقد، حيث تبحث الأم عن طفولة ضائعة، مما يزيد من شعور الحزن والحنين.
التضاد:
تتجلى قوة التضاد في “أزيز الخفق” و**”وجع الذاكرة”**، حيث يمثل الأول الحياة والأمل، والثاني المعاناة والذكريات الأليمة. هذا التوتر يعكس الصراع الداخلي للذات الشاعرة.
الأسئلة الوجودية:
الأسئلة المتكررة في النهاية “مَنْ يُعيد لعقيق الأيام بريقاً؟” و**”مَنْ يقلّم أغصان قامة”** تدل على البحث عن هوية ومعنى، وقلق الوجود في ظل الفساد والانحدار.
اللغة الرمزية:
تستخدم الشاعرة الرموز بشكل مكثف، مثل “أملاح مساومات مثقوبة” للدلالة على الخيانة والخذلان. كما تُظهر الرموز كيف أن الأمل قد تم تقويضه بفعل الظلم.
تتداخل مشاعر الحزن والأمل في قصيدة رحمة عناب، مما يجعلها تصويرًا واقعيًا لما تعانيه المجتمعات في زمن الحرب. فالشاعرة تسلط الضوء على الأبعاد الإنسانية من خلال لغة شعرية متقنة، مما يترك أثراً عميقاً لدى القارئ. لذا , فأنّ القصيدة تُعتبر دعوة للتأمل في معاناة البشرية وضرورة البحث عن الأمل حتى في أحلك الظروف.
والان , لنحاول قراءة القصيدة “ساعاتها الفتيّة تنزّ بالمسّك” من منظور براغماتي ونركز على المعاني العملية والواقعية التي تنطوي عليها الكلمات والصور، وكيف يمكن تطبيق هذه المعاني في فهم السياق الاجتماعي والسياسي.
1. الواقع الاجتماعي والسياسي:
تعكس القصيدة معاناة المجتمعات في أوقات الحرب، حيث تبرز “الرصاصات” و**”خطوات الهاربين”** كرموز للواقع المرير. هذه الصور لا تعبر فقط عن الخوف، بل تشير إلى تأثير الصراع على حياة الأفراد، مما يخلق حالة من عدم الاستقرار.
2. التحول من الأمل إلى الفقد:
البداية بـ “ساعاتها الفتيّة” تشير إلى فترة من الأمل والبراءة، لكنها تتبدد سريعًا. هذا التحول يُظهر كيف أن الظروف القاسية يمكن أن تسرق الأمل من النفوس، وهو ما ينعكس على العلاقات الاجتماعية والروابط الأسرية.
3. تجسيد المشاعر:
الشاعرة تستخدم مشاعر مثل “الخوف” و**”الألم”** لتجسيد الواقع المأساوي. هذا التركيز على العواطف يعكس تأثير الأحداث على حياة الأفراد، مما يُظهر أهمية الصحة النفسية في أوقات الأزمات.
4. دعوة للتغيير:
الأسئلة الوجودية في نهاية القصيدة، مثل “مَنْ يُعيد لعقيق الأيام بريقاً؟”، تحمل دعوة للتغيير. هذا يمكن أن يُفهم كمطلب اجتماعي لإعادة بناء الهوية والتركيز على الأمل حتى في أصعب الظروف.
5. دور الذكريات:
“وجع الذاكرة” يعكس كيف تلعب الذكريات دورًا في تشكيل الهوية الشخصية والجماعية. هذه الذكريات تمثل درسًا يجب أن يُتعلم منه المجتمع، وهو ما يمكن أن يُستخدم في البرامج التعليمية أو التأهيلية لتعزيز الوعي والتعافي.
الخاتمة:
من خلال هذه القراءة البراغماتية، يتضح أن القصيدة ليست مجرد تعبير أدبي، بل هي مرآة للواقع المعاش. تعكس المعاناة والأمل، وتُظهر أهمية استحضار الذاكرة كوسيلة للتغيير. تُعد القصيدة دعوة للعمل على إعادة بناء المجتمعات من خلال التركيز على القيم الإنسانية الأساسية والوعي الجمعي.
القصيدة :
ساعاتها الفتيّة تنزّ بالمسّك
لم تكن ساعاتها الفتية متبرّجة بالخلاخيل يوماً وحدها كانت رصاصات البنادق الفارغة الاّ من طيوف الحقد و خطوات الهاربين تتبعها ، ولهاثها الملتهب يحرق عين الشمس ، فاكهة السوق ترمق سيل رعب مَنْ فرّوا تنزّ مسكاً ينذر بالشهادة و ثكلى صدحت بأوتار الخوف تبحث عن طفولة هاربة تلتقطها يد دثّرها زغب الانتفاضة لتحتمي بفكّ الفراغ يهدهد لها أزيز الخفق عندما أقشط بطاقات وجع الذاكرة تنبلج معاريج الضلالة تجثم على أنفاس الصباح فيرتدي المشهد حُلى التأوه كاشفاً عورة الفساد يتسلّق سلالم الانحدار و يبدأ عزف سمفونية الفجيعة مَنْ يُعيد لعقيق الأيام بريقاً يناكده شيب على مفارق العمر يشدّ وثاق تسارع المواقيت؟،مَنْ يقلّم أغصان قامة يبستها أملاح مساومات مثقوبة زخرفها الضياع لتكتنز ثمارها من جديد؟،مَنْ يُعيد للهدب بريق لواحظ تتوضأ النجوم !!