23 ديسمبر، 2024 4:47 ص

قراءة في قصة “إبتسامة حلوة للصورة.. هذه رائعة” لمحمد بونيل

قراءة في قصة “إبتسامة حلوة للصورة.. هذه رائعة” لمحمد بونيل

شيء جميل أن نقرأ قصصا لمصور فوتوغرافي ترمي إجمالا إلى حمل القارئ للوقوف أمام هذا الفن المستقل بذاته و الممزوج بالتشويق و الدهشة لصور تختزل جمال عالم الإنسان و المحيط الذي يعيش فيه بإمتياز.

يبدأ المبدع محمد بونيل قصته الموسومة “إبتسامة حلوة للصورة.. هذه رائعة” بسرد مشهد بتكنيك مباشر على لسان شخصيته الرئيسية المتمثلة في “فنان مصور فوتوغرافي” حالفه الحظ في المشاركة في صالون فني للصورة الفوتوغرافية و كأنه القاص بعينه يحاول مباغثة القراء ببوح ذاتي على خلفية السارد حيث يقول: “السيدات و الأوانس، السادة، ، أنتم مدعوون، برفقتي لحضور حفل إفتتاح صالون فني للصورة الفوتوغرافية، أحدهم يسأل صديقه هل ستوزع علينا مشروبات؟ و آخر يسأل هل فيه “جاتوه سواريه؟ و بعض الشباب و الفتيات يسألن هل فيه فرصة للتعارف؟ ههههه، بصوت منخفض يضحك صديقهم صاحب الدعوة، على فكرة هو – فنان مصور فوتوغرافي – و يدرس بالجامعة، و لحسن حضه أنه سيشارك بلوحة فنية فوتوغرافية”. إن هذا المقطع السردي يكشف خلفية

إهتمامات هذا الجيل السطحية التي تلامس الماديات بعيدا عن كل ما هو فن حسي أو ملموس و ما يفاجئنا به القاص هو إيمانه كفنان بإستمرارية هذا النوع من الفنون لنقرأ عبر المشهد السردي ما يلي: “سيكون موعد إفتتاحه على حوالي الساعة الخامسة مساءا، حتى يتسنى لأكبر عدد ممكن من عامة الناس و كذا محبي هذا اللون من الفنون لحضورهم لمثل هذه الصالونات التي تعطي بالغ الإهتمام و التقدير الكبير و تخصص فضاءا واسعا للفن الثامن، الفن المعاصر، فن لغة الإشارة، فن الفوتوغرافيا على شكليها، الصورة الفوتوغرافية الفضية والصورة الفوتوغرافية الرقمية…”.

يواصل المبدع محمد بونيل عملية السرد مستندا على تقنيات متنوعة كالحكي و التأمل و الوصف من خلال رؤية عميقة للسارد حيث يقول على لسانه: “…هذه فتاة تتحدث إلى صاحب اللوحة الفنية الفوتوغرافية يبدو عليها أنها هاوية صور فوتوغرافية لكونها تضع على صدرها آلة التصوير الفوتوغرافي المشدودة بحزامها، الذي يمر من على فوق عنقها، تلك مجموعة من زوار المعرض تدردش و تتناقش فيما بينها حول حيثيات و وقائع تلك التحف الفوتوغرافية و الفكرة العامة و ما تصبو إليه كل لوحة فوتوغرافية لتمريرها للرسائل بإتجاه المتلقي الزائر للمعرض، مجموعة أخرى تحتسي الشاي و تتناول حبات من الكعك…”. إنها صور متنوعة لزوار المعرض تتحرك في كل الإتجاهات التي تنبني على الإيمان بفكرة التصوير الفوتوغرافي و تكوين فكرة بديلة تتأسس على ذلك الإحتكاك المباشر مع الفنانين المشاركين في الصالون دون أن ينفي القاص بذكائه حضور تلك الفئة التي لا تزال خارج قوقعة الفن بشكل عام و هي للأسف الشديد تتواجد بقوة في مجتمعاتنا العربية.

حضور القاص في خلفية نصه “إبتسامة حلوة للصورة.. هذه رائعة” يتجلى في تشابكه مع بعض الجوانب العلائقية التي تربطه بأفكار سارد القصة بشكل مباشر: “…أما جموع الزوار في تصوري و التصور التقريبي يبدون و كأنهم مجموعات فراشات، جميلات و متآلقات، تتنقلن من رحائق و حدائق…” و كأن بالسارد يتحدث بلسان و ميول المبدع محمد بونيل كقوله أيضا: “أما تصوري بالنسبة للفنانين المبدعين الفوتوغرافيين و كأني بهم مجموعة من النحل التي تخدم الملكة بلا إنقطاع…”.

ما يلفت انتباه القارئ الذكي هو مساندة الشخصية الساردة لرؤية القاص الفنية و كأنه توحد سيكولوجي مبني على عشق التصوير الفوتوغرافي: “… كذلك ينفع الفنان غيره في المجتمع بنتاج إبداعه و من خلال فنه المتمثل في لوحاته الفنية التي تصول و تجول من خلال الفضاءات و يعود إستحسانها و بالتالي منافعها، ليس فقط على صاحبها الفنان المبدع بل يتجاوز ذلك حدوده ليصل و يشمل بذلك المجتمع الذي يتواجد فيه…” و كأن بالكاتب يعزز فكرة الإهتمام بهذا النوع من الفنون و يشجع على خوض غماره من قبل كل موهبة شابة تطمح لذلك مستقبلا.

في الختام، جاءت اللغة بسيطة و سهلة لا يعتريها الغموض، و لا تصعب معانيها و تعبيراتها على المتلقي كما أن سردية محمد بونيل لا تخلو من التركيز و الوصف و براعة تسلسل الأحداث و ترابطها لتسليط الضوء على الوجه الآخر للتصوير الفوتوغرافي مما يدل على ولادة قاص متمكن يتميز حسه الفني بالمتعة الجمالية.