7 مارس، 2024 10:39 م
Search
Close this search box.

قراءة في ضوء كتاب محو العراق

Facebook
Twitter
LinkedIn

منذ مطلع القرن الماضي، وبعد القضاء على مفهوم دولة الخلافة الإسلامية التي كانت توحد أمة الإسلام وأقطارها رسم المستعمر البريطاني والفرنسي، وتبعه (الأمريكي، والإسرائيلي) خطة لتقطيع الأوطان العربية والإسلامية؛ وذلك بهدف احتلال الأوطان وشل حركة الشعوب والسيطرة على اقتصادها ومواردها، واضعافها من المقاومة والتحرر ؛

يستخدم : (مايكل اوترمان،و ريتشارد هيل، وبول ويلسون) في كتابهم الشهير( محو العراق) خطة متكاملة لاقتلاع عراق وزرع آخر ) مصطلح ابادة المجتمع، الذي استخدمه لأول مرة كيت داوت في كتابه (فهم الشر، دروس من البوسنة ) والذي ينطبق على عراق ما بعد عام ٢٠٠٣ وهي الأسس التي حددها كيت داوت لتحطيم الدولة مستعينا بتجربة يوغسلافيا سابقا التي تحولت الى ست دول لاحقا، انه السيناريو الذي تم وضعه في مراكز الابحاث الغربية بعد دراسة لطبيعة المجتمعات التي يراد تمزيقها وتفتيت الدولة التي تعيش فيها مجاميع بشرية مختلفة منذ قرون من خلال تفجير العنف والكراهية

حيث لا يتم تدمير البيوت ولا يتم قتل النساء والأطفال والرجال فحسب !بل المدينة ايضا بطقوسها ومناهج حياتها،

لا يتم هدم النظام الاجتماعي فحسب!

بل ايضا المجتمع نفسه،

يسمى العنف في الحالة الاولى إبادة المنزل،

وفي الثانية ابادة المدينة،

وفي الثالثة الابادة الجماعية،

الا ان من الضروري ادخال تعبير جديد محدث على الحالة الرابعة وهو ابادة المجتمع في عراق ما بعد ٢٠٠٣(…)

حيث تم هدم كل قيم التضامن وعلاقات الجوار والأحياء السكنية والمذاهب وبناء نظام الحواجز المادية والنفسية والدينية،وسيطرة الارتيابية والخوف من الاخر،والاخطر انقلاب المقاييس بحيث يصبح

النبيل العفيف غبيا لأنه لا يشارك في الوليمة العامة والنهب ويصبح اللص سوياً، والشريف منحرفاً .. وغيرها من التناقضات التي تقلب منظومه القيم الأخلاقية والسياسية السوية لصالح نقيضها .

كيف يحدث هذا؟ يقول كيت داوت:

[من خلال خطة منسقة لاعمال مختلفة تهدف الى تدمير الاسس الاساسية للمجتمع ونتائجها وحشية. تتضمن تدمير: التضامن، الهوية، العائلة، المؤسسات الاجتماعية، وعي الذات… لكي يصبح الارتياب وسوء النية التوجهين السائدين لدى الناس]

يعلق مؤلفو الكتاب الثلاثة مايكل اوترمان و ريتشارد هيل وبول ويلسون على فقرات كتاب كيت داوت هذه بالقول :

[ التدمير المقصود للعراق وشعبه الذي قامت به الولايات المتحدة الأمريكية وحليفاتها ابان حرب الخليج وحقبة العقوبات الدولية وحرب الخليج الثانية وخاصة في ضوء غزو العراق في نيسان ٢٠٠٣ ، شكل محاولة ابادة اجتماعي ليس للشعب انما للدوله العراقيه رغم التاريخ الطويل لهذه الدولة وتعايش مكوناتها الإثنية ]

لكن كيف تحقق ذلك خلال ١٦ عاما من الحروب والدمار، والارهاب، والنهب وتغيير القيم والمفاهيم والمعتقدات، وحتى كثير من سلوك الافراد التي جعلت نزعات الانفصال لاسباب اثنيه لاتثير أي رد فعل غاضب من الحكومة والشعب ومصرع العشرات سواء بفعل الارهاب او الحرب ضد القاعدة وداعش امرا طبيعيا وكذلك الرشوة والسرقة والاستيلاء غير الشرعي على املاك الدولة، وتدخل الدول الاجنبيه السافر بشؤون العراق واقتطاع أراضيه ومياهه وتشرد الملايين من مناطق النزاع وهجرة اكثر من مليون عراقي خارج الحدود كيف تحقق هذا في ظل الديمقراطية الامريكيه في العراق. ؟

يجيب الكتاب الثلاثة موضحين عملية تمزيق الكيان العراقي : .

[ان مشاعر الاغتراب واليأس والكابة والقلق والمشاعر السلبية هي ظاهرة سائدة بين الناس الذين تنقلب أسس حياتهم بصورة عاصفة،

بل لان نظرة الجميع للحياة تغيرت، تماما

والاسس الاجتماعية والثقافية والصحية والاخلاقية،

وروابط اللغة والتاريخ والقرابة والصداقة قد حرثت،

بل قلبت تماما،

ولم يعد للناس ما يحكمون به على بعضهم بل على انفسهم الا بالحقد والخوف والنقص والكراهية،

وهي أعراض تدمير البنية العضوية للمجتمع وروابطه (…)

ويتعرى سلوكاً ولغةً في الساحات والمنابر العامة

بوهم أنه تحرر من كل القيود السابقة]

ويضيفون ايضا : [سوف تنهك قواكم وانتم تتصارعون فيما بينكم ويتهم كل مكون الآخر بالعمالة لتلك الجهة اوغيرها وتستنزف ثروات العراق ودم الالاف من ابنائه في حروب داخلية تمهد في مجملها لتمزيق الدولة والشعب العراقي وهذا هو جوهر مشروع الشرق الاوسط الجديد]

يا ترى هل نعي اليوم ما حل بالعراق من خراب ودمار ؟

هل نعي ان قيام وتقوية الأحزاب الكردية “العلمانية” و”الماركسية” ودعواتهم الانفصالية وبعض اجنداتهم التي تحولت إلى جنود للمحتل في العراق، ولا يجد المحتل الاميركي خادما لأهدافه، وهيمنته خيرا من نظامين: نظام يدعى القومية، ويرفع شعار العلمانية والماركسية، ونظام يدعى الإسلام، ويبطن الكفر والنفاق بولايته للأجنبي الذي ينهب خيراتها ، ويعطل الشورى والمحاسبة والمراقبة على مال الأمة، ويحوله إلى ميزانيته الخاصة، ومشاريعه الفردية والأسرية، ولا ينال الشعب إلا الفتات ”

هل نعي الى خطورة الخطاب الطائفي والسياسي وما حل بالعراق من ارهاب وتطرف وتهجير وتدمير النسيج الاجتماعي ؟

هل نعي الى خطورة النظام السياسي والمحاصصة المقيتة التي انتهجت اسلوبا بعيدا من الوطنية والمهنية ومصالح العراق العليا؟

هل نعي حقيقة الاحزاب في العراق واجنحتها المليشيوية وتبعيتها الخارجية ومخاطرها على الامن والسلم المجتمعي وظاهرة انفلات السلاح خارج اطار مركزية الدولة !

هل نعي لظاهرة الفساد الإداري المستشري في مؤسسات الدولة وتعطيل الدور التعليمي والخدمي والصحي والاقتصادي !!

نحن اليوم بحاجة الى ثورة وعي تقودنا الى التحرر من كل اشكال الطائفية والعبودية والتبعية

بحاجة الى ثورة حقيقية وطنية للنهوض بواقع العراق ضد كل الفاسدين واللصوص من اجل قضية الوطن الكبرى ومن اجل مستقبل العراق القادم وشعبنا العراقي بكل الوسائل المشروعة لبناء عراق جديد بهويته الوطنية والعربية الاسلامية وجذوره الممتدة تاريخيا وحضاريا.

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب