23 ديسمبر، 2024 10:45 ص

قراءة في رواية المخطوطة الشرقية للروائي واسيني الاعرج

قراءة في رواية المخطوطة الشرقية للروائي واسيني الاعرج

كتابة التاريخ روائيا وببنية روائية تجريبية وتجديدية في السرد، وبالرؤية العصرية للاحداث التى انتجت ما انتجت لنا من تاريخ كارثي، دفعت الاوطان العربية وشعوبها، الثمن الباهض بخسارتها لفرصتها في صناعة تاريخها بافكار العصر وروح التاريخ وبعقل متجدد ومنفتح على ما يقتضيه العصر من تفاعل وانتاج معرفي وانساني وتقني وهنا المقصود؛ التحول الحضاري للمجتمع العربي وليس اقلام النخبة من مفكرين لم يؤخذ بافكارهم، بتحويلها الى حقل التطبيق المؤسساتي بل وضعوا على رف الاهمال والتجاوز والسجن والتضييق والمطاردة. ومحاكمة هذه الاحداث على ضوء مفاهيم الحداثة في العالم. تلك الاحداث التى جرت وانتهت وصارت جزءا من التاريخ المفجع لجهة الضياع والتيه، لكنها وفي ذات الوقت، لم تنته بل هي مستمره الى المستقبل وتلقي بظلالها عليه،نتيجة وافعالا، ارتباكا واضطرابا، لهو مشغل فيه الكثير من الصعوبة. هذا من جهة ومن الجهة الثانية لهو عمل مهم ومهم جدا لجهة تسليط الانوار الكاشفة على خفايا الاحداث وعوامل صناعتها وما انتجت من مأسي ودمار وخراب للبشر والزرع والضرع، حتى تحولت اوطان عربية كاملة الى مزارع للخراب والتيه والضياع. رواية المخطوطة الشرقية والتى تقع في445 صفحة من القطع المتوسط، هي واحدة من تلك الروايات التاريخية، وهي ايضا، الجزء الثاني من العمل الروائي للروائي واسيني الاعرج. فيما كانت رواية رمل المايه او فاجعة الليلة السابعة بعد الألف، الجزء الاول. الزمن الروائي في هذه الرواية، يمتد لأكثر، كثيرا من الف عام  ويحضر ايضا وبقوة في الوقت الحاضر وما قبل هذا الحاضر بعقود ويمتد ليكون الروي في الزمن الروائي المستقبلي وهو الوقت الذي تواجه فيه، الشخصية المحورية في الرواية، مصيرها. من هذه اللحظة، للمستقبل الغير المنظور، وايضا، واقعيا في لحظة القراءة، لنا نحن قراء هذه الرواية، وفي الجزء ذي المساحة الكبيرة من السرد كواقع مستقبلي وحاضر في آن واحد في الزمن الروائي، ومتخيل،يتوافر على جميع شروط الواقع الموضوعي الافتراضي الذي يستمد حضوره من الماضي القريب والبعيد والبعيد جدا، من الزمن الروائي. يبدأ السرد الذي تهيمن تقريبا على كامل مساحته، شخصية البطل إلا القليل والقليل جدا، الذي يتولى السردفيه،الرواي غير المشارك والذي يترك السرد لشخصية البطل التى تتركز في ذهنها ونفسيتها، جميع الاحداث الماضية والتى تلقي بثقلها على حاضره في تقاطب شديد الشد بين قطبين، قطب الشر والتبعية للاجنبي الذي يمثله اوسكار والاحساس بالدونية والاضمحلال الى درجة الصفر من الوجود في الوجود امام قوة وحنكة وذكاء الانثروبولوجيين وبين قطب الخير والاستقلال الحق وحس التكافيء مع الانثربولوجيين.. في البدء وكما في النهاية وعلى الرغم من هذا التقاطب ذا التجاذب القوي بين القطبين؛ في عقل ونفسية الشخصية المحورية الساردة، الامير نوح الصغير، كان الميل الكلي للامير نوح الى الشق الاول على الرغم من معرفته التامة من ان الشق الثاني هو الانقى والاشرف والاطهر، لكنه يدفعه بقوة الى خارج عقله، لأنه لايوصله الى السلطة والسلطان.الراوي غير المشارك، في فصل واحد فقط يتسيد السرد بضمير الغائب والذي لايتجاوز بضع صفحات، يقدم لنا فيها، نقلا عن الامير نوح، سلالة هذا الامير. الراوي الخارجي( اذا جاز لنا التوصيف)، لم يكن دوره في جميع فصول الرواية، سواء استهلال بجمل قليلةاو مفتتح بسطور قليلة، او مدخل في نصف صفحة وهذه الاخيرة، قليلة الوجود جدا في مساحة السرد؛ للتداعيات، التى تسرد بضمير المتكلم للشخصية الرئيسية في الرواية، الامير نوح. عبر حوار داخلي وتداعيات واسترجاعات، يستحضر فيها، الشخصيات التاريخية، التى تكتسب حضورها ووجودها العلاماتي من الخطاب الذاتي للبطل، الذي يحمل لنا الفكرة، من غير ان تحضر في الرواية بافعالها، لكن، وجودها يتكثف في افكارها التى تتركز تركيزا شديدا مما يجعلها تتسيد عقل البطل وسالفيه من الاباء والاجداد. هذه الافكار هي التى تنتج افعال تصنع الوقائع او هي التى انتجت الافعال التى صنعت تاريخ القهر والتراجع. بالاضافة الى الشخصيات الفكرية والمتنوره والمعاصرة التى تُحارب من قبل الحاكم، الملياني. لذا نلاحظ ان وجود اغلبها في الرواية، وجود دلالي واشاري.. والبعض القليل الاخر، من هذه الشخصيات، يحمل اسماء تاريخية( اراد الكاتب بها ان يقول لنا: ان طريقة الحكم والمساحة المسموح بها في التداول الفكري الخاص بالسلطة والسلطان، هي ذاتها قبل اكثر من آلف عام..) مع انها حاضرة كوجود ملموس في الزمن الروائي اي شخصيات معاصرة ومعايشة للاب و لاحقا للبطل، كقوالين ومنظرين، لكن،( وهنا لايعني الكاتب الذي يختفي وراء شخصية الراوي، الامير نوح، الشخصية المركزية، بالحاكم، حاكم بعينه بل صفة لطريقة الحكم العربي..وهذا التوصيف ينطبق على جميع ما يحضر، من شخصيات الرواية.. وكذلك التاطير الجامع للحمولاتها الفكرية) لايسمع صوتها الذي يؤشر الى المقبل من الاخطار، ان استمرت هذه السياسة على ما هي عليه من جبروت وطغيان وادارة الحكم والدولة على طريقة حكم القبيلة والملك، مالك الارض وما عليها من بشر، والتبعية للقوى الدولية العظمى..” أن أقرأ كتابك قبل ان ادخل الناس داخل هذا البحر. الوريقات التى تلتصق بوجهي..، زادت من قلقي. من تكون ايها الرجل المجنون؟ عبد الرحمن بن خلدون؟ عبد الرحمن الداخل؟ عبد الرحمن الكواكبي؟ عبد الرحمن المجدوب؟ عبد الرحمن منيف؟ عبد الرحمن..ذكرتك كل الكتب..؟!”. وفي انثيال اخر، وفي لحظة صحو، ممتلئة بالحسرات على ما فُقدَ:”.. وفي احيان اخرى اقول، لماذا لاتكون انت هو عبد الرحمن منيف الذي حارب قسوة الابتذال،..في صحراء الربع الخالي، هناك بدأ تدوين الزمن الصعب ووضع الماء الساخن بين حيطان مدن الملح.. او ربما كنت عبد الرحمن الداخل..او…”. الوقائع تنمو بتوتر وتواتر وبنقلات زمنية حادة، متباعدة في احيان وفي اخرى، متقاربة وثانية حاضرة الوجود في لحظة السرد الشخصي للامير نوح الصغير، و ايضا متواشجة مع التاريخ الذي بلور افكار الحاكم وما تمخض عنها من فعل وعمل وطروحات سياسية، قادت الى ما قادت إليه، من خراب ودمار. وحتى ابنه المنفي الذي يخطط وينتظر العودة الى الحكم والسلطان بمساعدة اصدقاءه من الأنثروبولوجيين.. يستدعيها عند الاجراء والعمل والطرح السياسي،عندما يتفكر في التاريخ يجسد الجانب السلبي منه الذي يتقاطع، تقاطعا حادا، مع حداثة العالم. ويدفع الى خارج عقله، الجانب المضيء من هذا التاريخ، ويرفض ان يتبنى متبنياته الفكرية. الامير نوح الذي قُتِلَ امام عينيه اباه ودمر وطنه بعملية غزو لوطنه وأنقذ..ظل وهو في المنفى، على ساحل البحر وفي البراري، يصب جام غضبه على الناس ويحملهم المسؤولية في ضياع ملك ابيه. في مخيلته، يستحضر شخصية الحاكم المتجبر والذي يقدم للناس ما تحتاج ويطالبها او من واجبها كرد للجميل ان تصفق له وتهلل لحضوره، يتآلف وينسجم معها فكريا واجرائيا وبايلوجيا، بكل مافيها من قسوة وظلم وقتل للرعية، كان هذا الهوس، مسيطرا عليه، سيطرة كلية، إلا بعض حالات اليقين العقلي، اللابد في زاوية منسية من دماغه، أذ يتذكر نوح الحاكم العادل والشاعر الذي قتله ابوه ليجلس على كرسي السلطان بدلا منه، ويسمي ابنه على اسمه” آه يا عمي نوح كم ظلمت الشعر عندما جرجته بأتجاه دهليز السلطان”،  هذه الشهية للسلطة ومن ثم اخضاع الناس، تملكته تملكا تاما، على الرغم من التيه الذي هو فيه. يتحسس قرنيه في لحظة يأس وحزن وغضب. وهي اشارة او مقاربة للحكام العرب الذين ضاع منهم الحكم وضيعوا الشعب والتاريخ والوطن والحياة ” أولاد القحبة! هل تسمعونني؟ ها انذا! أقف في مواجهتكم مثل الحائط. هللوا لهمامكم الذي اطعمكم من جوع وامنكم من خوف.” هنا تتداعي امامه الذكريات يعتصر قلبه الألم. تحفر تلك اللحظات، عميقا في نفسه. يتحسر على ما راح منه، من طموح في الملك. هذا الضياع يجعل مخزون الذاكرة المدفون في عقله، يتدفق بوجع ويأس واسى. وهو يعاين الحاضر الذي ينحدر فيه، الى الخسة.”كان ابي يبحث عن حائط يتكىء عليه وهو يصرخ حتى نلتصق بالمروحية. كيف طارت؟ كيف نزعتني يد اوسكارمن مخالب الموت؟ ها أنذا! الامير نوح ولد الملياني..من دون إمارة ولاملياني يحمي ظهري. من قصر ملوكي عامر، الى ذئب عائش داخل البراري، وعلى ساحل البحر، الى مهرب مرجان ومخدرات، الى مختص في القوادة التي تعذبني كثيرا..”. في منفاه يتواصل معه صديقه اوسكار الذي انقذه من الموت كوسيط بينه وبين اصدقاءه، من الانثربولوجيين، وهي مقاربة فنية للامريكيين والغرب الذين خططوا وبنوا سياساتهم في المنطقة العربية، على المعرفة التاريخية للمورثات الدينية والثقافية وللجغرافية السياسية للدول والمجتمعات العربية. وهي ايضا لعبة فنية في اللغة بتويظفها، تويظفا فلسفيا ومعرفيا ودينيا وسياسيا، بحنكة، في روي شديد الحبكة، هذا التواصل كان متدافعا في الآن عينه، مع سيل ذاكرته الذي ما انفك يحاصره ويقض مضجعه، متجسدا في الاسترجاع التالي والذي ينتهي ببلاغات اوسكار:”..والملياني، اختاروا له موته، وشكل موته، وزمن موته. عندما شن حربه ضد مدينة الزيت. قالوا له، اندفع بقوة ونحن وراءك. ادمجها في ملكك الكبير. لكنه فجأة وجد نفسه في مواجهة البواخر الحربية والطائرات القتالية.. يقول اوسكار الذي هو وسيلتي في معرفة الاخبار: تسلط رؤساء المقاطعات على كل شيء. احرقوا العلم الوطني ووضعوا مكانه اعلاما  سوداء وخضراء وصفراء. وايضا، يقول اوسكار. أورثكم الله كل شيء جميل، ولكنكم أكلتم رأس كل شيء.”. الامير نوح وهو ينتظر على ساحل البحر، ما وعده به صديقه اوسكار والاصدقاء الانثربولوجيون من العمل على عودته الى كرسي العرش والسلطان، يقرأ كثيرا ويكتب البيانات والبلاغات التى يطويها برزم ورقية ويلقيها في البحر، كما طلب منه؛ صديقه اوسكار. خمسون عام وهو على هذه الحال بانتظار الوعد الموعود، بثقة لاحدود لها ” لا احد يستطيع ان ينفاسني لأني الأكثر صبرا ورضا من طرف اوسكار ومن كان اوسكار وراءه، يربح حربه ضد العالم باسره..  غمزة اوسكار تطمئنني دائما حتى في  ادق اللحظات احراجا..”. يتآمل البحر والنوارس التي تنقر رزم الاوراق، ترفعها بمناقرها ومن ثم تختفي في عتمة الغيوم التى تهبط حتى تلامس وجه الامواج. يتمزق ويتشتت عقله في تداعي حر؛ نتعرف من خلال ذلك، على ما يضمر من اهداف لاتختلف عن ما كان يمارسه، ابوه”  … سأضعهم كلهم تحت قبضتي..”. في هذه الدوامة التى تدور به في جميع الاتجاهات وهو في الاساس لايثبت على شيء محدد إلا الرغبة الجامحة والمسيطرة عليه، سيطرة كلية التوجيه والهدف، وهي الجلوس على عرش الطاووس كما وعده به، صديقه اوسكار، اما ما عداها لاتعني له اي اهمية، فهو يسترجع بحسرة شديدة الوطأة على عقله وروحه، الكيفية التى ضُيِعَ بها، ابوه، المُلك.”  .. ان حماقة الملياني كانت كبيرة وأفقدني حقي ويومي في الحكم..”. في لحظة، يحضر الوعد، بعد انتظار طويل وممل لخمسين من السنين، خلت، يصبح حقيقة. ولم يكن امامه إلا انتظار النتيجة ومرافقة اوسكار الى حيث يريد الوصول به الى المكان الذي ينوي اوسكار بلغوه، وتلبية جميع ما يطلب منه بلا تردد، برفقة اصدقائه من الصيادين وهم قليليون اما الاخرون فهم يشككون فيه. هنا وفي هذا الخلاء، خلاء الربع الخالي وقافلتهم تتابع سيرها على الرمال الساخنة والمتحركة، وهم؛ اوسكار وهو ورفيق اوسكار الذي يدعى بسقراط المسلح في سيارة التويتا، كانت اطلال المدن التى مروا بها، تؤشر ان مدن  عامرة بالبشر والعمران، مدن خرسانية وزجاجية، ناطحات سحاب من زجاج وكونكريت، كانت هنا ذات زمن، لم يبق منها إلا الهياكل الفارغة والمدمرة بفعل القصف الذي طالها في السابقات من السنين، و الترك والاهمال ليكون بدلا منها، الآن، خيام الشعر والجمال والملح.. رجال تركض في هذا الحر وراء الجمال وهي تمسك في يدها، اوراق الامير نوح التى كان قد كتبها حين كان هناك على ساحل البحر. يتسائل الامير نوح عن الذي اوصل إليهم، وريقاته هذه. يلتفت الى صديقه اوسكار الذي يغمز له بعينه للمرة الثانية وهو يتبسم” لقد عادت العادات المنقرضة الى الوجود منذ انهيار مدن النفط والريح، والزجاج، والاملاح. قد يكون تاريخ جديد بدأ الان..سأكون انا نقطته البدئية..”. يشعر بأطمأن على ان يوم تحقيق امنياته بالوصول سلطة السلطان قد صارت الآن في مرامي حجر. لم يبق ربما سوى ايام قليلة واكون هناك في قصر السلطان. كان يتخاطب مع ذات في خلوته. ويثني على اعمال ووعود اصدقاءه من الانثروبولوجيين، فهاهم قد وفوا بما وعدوا. فقد تحول في ليلة وضحاها من شخصية نكرة وهاربة، لا احد يعيرها اي اهمية او انها كانت محل شك وريبة من قبل الصيادين والمقصود بهم اي بالصايدين قوى الشعب التى تطالب بالعدل والانصاف. فقد صار محط انظار الصيادين والناس إلا القليل منهم والذين لم يزلوا يقولون؛ انها لعبة امريكية جديدة بعد خمسين سنة من الخراب العربي. فقد تحول من شريد ومنبوذ الى قائد ملهم وشجاع  وامام يزار كي يحصلوا على بركاته حين يضع يده على رؤوسهم او رؤوس اطفالهم. لقد اصبح الآن، محل فخرهم وأملهم في اعادة بناء مدنهم المدمرة والتى اصبحت محض اطلال لخمسين من السنين التى انقضت. يتسائل عجبا، كيف صار في لحظة، محج الناس وتنتظر طلته الجموع؟” فماذا أقول انا الذي ضيع بلادا بأكملها” (المقصود اباه من سياق السرد). صديقه اوسكار يوفر له الاجابة” عندما نشاء، فنحن نستطيع أن نغير الابيض اسود. لاتشغل بالك. نبني الاسطورة كيفما نريد ونهدمها عند الضرورة. وراء ضرورة ضرورات قصوى.”. في فترة استحضارات الانثربولوجيون لتهيئة الطريق  له  بالوصول السلس والمقنن الى السلطة والسلطان؛ يرسلون له ساره وهي فتاة يهودية تتقن العبرية وهي ايضا من مدينة الزيت. ساره تتعرف عليه كونها فنانه وتطلب منه قتل مربيته الزنجية، لأنها تقول له، ساره: سوف تكون حجرة عثرة بينك وبين السلطان، يتردد كثيرا لكنه في النهاية يقتلها بعد ان استشار اوسكار الذي نصحه بالعمل بنصائح ساره. تثير ساره اعجابه الشديد  كونها صاحبة عقل حصيف وذكية وجميلة، جمال أخاذ. هذه الامور جميعها تجعله يتجاوز خوفه من وجودها الى جانبه وتاثير هذا الوجود على السلطة والسلطان”…لكن شيوع اصلها يحرج الحكم وسطوته. على كلً يهودية شاطرة افضل من عربية عاجزة، والحكم لاينام إلا في احضان الشاطر.”. يحي الناس الذين تجمعوا في الساحة ومعه سارة بانتظار الصعود الى الحوامة السوداء للاصدقاء الامريكيين اي الانثربولوجيين كي تنقله الى قصر الحكم. الجماهير تهتف باسمه باعلى صوتها في الوقت الذي تكون فيه الحوامة السوداء تتهيأ للاقلاع بعد صعوده هو وساره” عندما ارتفعت الحوامة عاليا……. ولم يتذكر شيئا سوى كلمات اوسكار الاخيرة: الغاشي اللي هنا وهناك، لايعرف قيمتك. فهو لاينقاد إلا بالسحر والخرافة والاسطورة…

رواية المخطوطة الشرقية للروائي الجزائري واسيني الاعرج

من اصدارت دار ورد السورية
مزهر جبر الساعدي

( قراءة في رواية المخطوطة الشرقية للروائي واسيني الاعرج)

كتابة التاريخ روائيا وببنية روائية تجريبية وتجديدية في السرد، وبالرؤية العصرية للاحداث التى انتجت ما انتجت لنا من تاريخ كارثي، دفعت الاوطان العربية وشعوبها، الثمن الباهض بخسارتها لفرصتها في صناعة تاريخها بافكار العصر وروح التاريخ وبعقل متجدد ومنفتح على ما يقتضيه العصر من تفاعل وانتاج معرفي وانساني وتقني وهنا المقصود؛ التحول الحضاري للمجتمع العربي وليس اقلام النخبة من مفكرين لم يؤخذ بافكارهم، بتحويلها الى حقل التطبيق المؤسساتي بل وضعوا على رف الاهمال والتجاوز والسجن والتضييق والمطاردة. ومحاكمة هذه الاحداث على ضوء مفاهيم الحداثة في العالم. تلك الاحداث التى جرت وانتهت وصارت جزءا من التاريخ المفجع لجهة الضياع والتيه، لكنها وفي ذات الوقت، لم تنته بل هي مستمره الى المستقبل وتلقي بظلالها عليه،نتيجة وافعالا، ارتباكا واضطرابا، لهو مشغل فيه الكثير من الصعوبة. هذا من جهة ومن الجهة الثانية لهو عمل مهم ومهم جدا لجهة تسليط الانوار الكاشفة على خفايا الاحداث وعوامل صناعتها وما انتجت من مأسي ودمار وخراب للبشر والزرع والضرع، حتى تحولت اوطان عربية كاملة الى مزارع للخراب والتيه والضياع. رواية المخطوطة الشرقية والتى تقع في445 صفحة من القطع المتوسط، هي واحدة من تلك الروايات التاريخية، وهي ايضا، الجزء الثاني من العمل الروائي للروائي واسيني الاعرج. فيما كانت رواية رمل المايه او فاجعة الليلة السابعة بعد الألف، الجزء الاول. الزمن الروائي في هذه الرواية، يمتد لأكثر، كثيرا من الف عام  ويحضر ايضا وبقوة في الوقت الحاضر وما قبل هذا الحاضر بعقود ويمتد ليكون الروي في الزمن الروائي المستقبلي وهو الوقت الذي تواجه فيه، الشخصية المحورية في الرواية، مصيرها. من هذه اللحظة، للمستقبل الغير المنظور، وايضا، واقعيا في لحظة القراءة، لنا نحن قراء هذه الرواية، وفي الجزء ذي المساحة الكبيرة من السرد كواقع مستقبلي وحاضر في آن واحد في الزمن الروائي، ومتخيل،يتوافر على جميع شروط الواقع الموضوعي الافتراضي الذي يستمد حضوره من الماضي القريب والبعيد والبعيد جدا، من الزمن الروائي. يبدأ السرد الذي تهيمن تقريبا على كامل مساحته، شخصية البطل إلا القليل والقليل جدا، الذي يتولى السردفيه،الرواي غير المشارك والذي يترك السرد لشخصية البطل التى تتركز في ذهنها ونفسيتها، جميع الاحداث الماضية والتى تلقي بثقلها على حاضره في تقاطب شديد الشد بين قطبين، قطب الشر والتبعية للاجنبي الذي يمثله اوسكار والاحساس بالدونية والاضمحلال الى درجة الصفر من الوجود في الوجود امام قوة وحنكة وذكاء الانثروبولوجيين وبين قطب الخير والاستقلال الحق وحس التكافيء مع الانثربولوجيين.. في البدء وكما في النهاية وعلى الرغم من هذا التقاطب ذا التجاذب القوي بين القطبين؛ في عقل ونفسية الشخصية المحورية الساردة، الامير نوح الصغير، كان الميل الكلي للامير نوح الى الشق الاول على الرغم من معرفته التامة من ان الشق الثاني هو الانقى والاشرف والاطهر، لكنه يدفعه بقوة الى خارج عقله، لأنه لايوصله الى السلطة والسلطان.الراوي غير المشارك، في فصل واحد فقط يتسيد السرد بضمير الغائب والذي لايتجاوز بضع صفحات، يقدم لنا فيها، نقلا عن الامير نوح، سلالة هذا الامير. الراوي الخارجي( اذا جاز لنا التوصيف)، لم يكن دوره في جميع فصول الرواية، سواء استهلال بجمل قليلةاو مفتتح بسطور قليلة، او مدخل في نصف صفحة وهذه الاخيرة، قليلة الوجود جدا في مساحة السرد؛ للتداعيات، التى تسرد بضمير المتكلم للشخصية الرئيسية في الرواية، الامير نوح. عبر حوار داخلي وتداعيات واسترجاعات، يستحضر فيها، الشخصيات التاريخية، التى تكتسب حضورها ووجودها العلاماتي من الخطاب الذاتي للبطل، الذي يحمل لنا الفكرة، من غير ان تحضر في الرواية بافعالها، لكن، وجودها يتكثف في افكارها التى تتركز تركيزا شديدا مما يجعلها تتسيد عقل البطل وسالفيه من الاباء والاجداد. هذه الافكار هي التى تنتج افعال تصنع الوقائع او هي التى انتجت الافعال التى صنعت تاريخ القهر والتراجع. بالاضافة الى الشخصيات الفكرية والمتنوره والمعاصرة التى تُحارب من قبل الحاكم، الملياني. لذا نلاحظ ان وجود اغلبها في الرواية، وجود دلالي واشاري.. والبعض القليل الاخر، من هذه الشخصيات، يحمل اسماء تاريخية( اراد الكاتب بها ان يقول لنا: ان طريقة الحكم والمساحة المسموح بها في التداول الفكري الخاص بالسلطة والسلطان، هي ذاتها قبل اكثر من آلف عام..) مع انها حاضرة كوجود ملموس في الزمن الروائي اي شخصيات معاصرة ومعايشة للاب و لاحقا للبطل، كقوالين ومنظرين، لكن،( وهنا لايعني الكاتب الذي يختفي وراء شخصية الراوي، الامير نوح، الشخصية المركزية، بالحاكم، حاكم بعينه بل صفة لطريقة الحكم العربي..وهذا التوصيف ينطبق على جميع ما يحضر، من شخصيات الرواية.. وكذلك التاطير الجامع للحمولاتها الفكرية) لايسمع صوتها الذي يؤشر الى المقبل من الاخطار، ان استمرت هذه السياسة على ما هي عليه من جبروت وطغيان وادارة الحكم والدولة على طريقة حكم القبيلة والملك، مالك الارض وما عليها من بشر، والتبعية للقوى الدولية العظمى..” أن أقرأ كتابك قبل ان ادخل الناس داخل هذا البحر. الوريقات التى تلتصق بوجهي..، زادت من قلقي. من تكون ايها الرجل المجنون؟ عبد الرحمن بن خلدون؟ عبد الرحمن الداخل؟ عبد الرحمن الكواكبي؟ عبد الرحمن المجدوب؟ عبد الرحمن منيف؟ عبد الرحمن..ذكرتك كل الكتب..؟!”. وفي انثيال اخر، وفي لحظة صحو، ممتلئة بالحسرات على ما فُقدَ:”.. وفي احيان اخرى اقول، لماذا لاتكون انت هو عبد الرحمن منيف الذي حارب قسوة الابتذال،..في صحراء الربع الخالي، هناك بدأ تدوين الزمن الصعب ووضع الماء الساخن بين حيطان مدن الملح.. او ربما كنت عبد الرحمن الداخل..او…”. الوقائع تنمو بتوتر وتواتر وبنقلات زمنية حادة، متباعدة في احيان وفي اخرى، متقاربة وثانية حاضرة الوجود في لحظة السرد الشخصي للامير نوح الصغير، و ايضا متواشجة مع التاريخ الذي بلور افكار الحاكم وما تمخض عنها من فعل وعمل وطروحات سياسية، قادت الى ما قادت إليه، من خراب ودمار. وحتى ابنه المنفي الذي يخطط وينتظر العودة الى الحكم والسلطان بمساعدة اصدقاءه من الأنثروبولوجيين.. يستدعيها عند الاجراء والعمل والطرح السياسي،عندما يتفكر في التاريخ يجسد الجانب السلبي منه الذي يتقاطع، تقاطعا حادا، مع حداثة العالم. ويدفع الى خارج عقله، الجانب المضيء من هذا التاريخ، ويرفض ان يتبنى متبنياته الفكرية. الامير نوح الذي قُتِلَ امام عينيه اباه ودمر وطنه بعملية غزو لوطنه وأنقذ..ظل وهو في المنفى، على ساحل البحر وفي البراري، يصب جام غضبه على الناس ويحملهم المسؤولية في ضياع ملك ابيه. في مخيلته، يستحضر شخصية الحاكم المتجبر والذي يقدم للناس ما تحتاج ويطالبها او من واجبها كرد للجميل ان تصفق له وتهلل لحضوره، يتآلف وينسجم معها فكريا واجرائيا وبايلوجيا، بكل مافيها من قسوة وظلم وقتل للرعية، كان هذا الهوس، مسيطرا عليه، سيطرة كلية، إلا بعض حالات اليقين العقلي، اللابد في زاوية منسية من دماغه، أذ يتذكر نوح الحاكم العادل والشاعر الذي قتله ابوه ليجلس على كرسي السلطان بدلا منه، ويسمي ابنه على اسمه” آه يا عمي نوح كم ظلمت الشعر عندما جرجته بأتجاه دهليز السلطان”،  هذه الشهية للسلطة ومن ثم اخضاع الناس، تملكته تملكا تاما، على الرغم من التيه الذي هو فيه. يتحسس قرنيه في لحظة يأس وحزن وغضب. وهي اشارة او مقاربة للحكام العرب الذين ضاع منهم الحكم وضيعوا الشعب والتاريخ والوطن والحياة ” أولاد القحبة! هل تسمعونني؟ ها انذا! أقف في مواجهتكم مثل الحائط. هللوا لهمامكم الذي اطعمكم من جوع وامنكم من خوف.” هنا تتداعي امامه الذكريات يعتصر قلبه الألم. تحفر تلك اللحظات، عميقا في نفسه. يتحسر على ما راح منه، من طموح في الملك. هذا الضياع يجعل مخزون الذاكرة المدفون في عقله، يتدفق بوجع ويأس واسى. وهو يعاين الحاضر الذي ينحدر فيه، الى الخسة.”كان ابي يبحث عن حائط يتكىء عليه وهو يصرخ حتى نلتصق بالمروحية. كيف طارت؟ كيف نزعتني يد اوسكارمن مخالب الموت؟ ها أنذا! الامير نوح ولد الملياني..من دون إمارة ولاملياني يحمي ظهري. من قصر ملوكي عامر، الى ذئب عائش داخل البراري، وعلى ساحل البحر، الى مهرب مرجان ومخدرات، الى مختص في القوادة التي تعذبني كثيرا..”. في منفاه يتواصل معه صديقه اوسكار الذي انقذه من الموت كوسيط بينه وبين اصدقاءه، من الانثربولوجيين، وهي مقاربة فنية للامريكيين والغرب الذين خططوا وبنوا سياساتهم في المنطقة العربية، على المعرفة التاريخية للمورثات الدينية والثقافية وللجغرافية السياسية للدول والمجتمعات العربية. وهي ايضا لعبة فنية في اللغة بتويظفها، تويظفا فلسفيا ومعرفيا ودينيا وسياسيا، بحنكة، في روي شديد الحبكة، هذا التواصل كان متدافعا في الآن عينه، مع سيل ذاكرته الذي ما انفك يحاصره ويقض مضجعه، متجسدا في الاسترجاع التالي والذي ينتهي ببلاغات اوسكار:”..والملياني، اختاروا له موته، وشكل موته، وزمن موته. عندما شن حربه ضد مدينة الزيت. قالوا له، اندفع بقوة ونحن وراءك. ادمجها في ملكك الكبير. لكنه فجأة وجد نفسه في مواجهة البواخر الحربية والطائرات القتالية.. يقول اوسكار الذي هو وسيلتي في معرفة الاخبار: تسلط رؤساء المقاطعات على كل شيء. احرقوا العلم الوطني ووضعوا مكانه اعلاما  سوداء وخضراء وصفراء. وايضا، يقول اوسكار. أورثكم الله كل شيء جميل، ولكنكم أكلتم رأس كل شيء.”. الامير نوح وهو ينتظر على ساحل البحر، ما وعده به صديقه اوسكار والاصدقاء الانثربولوجيون من العمل على عودته الى كرسي العرش والسلطان، يقرأ كثيرا ويكتب البيانات والبلاغات التى يطويها برزم ورقية ويلقيها في البحر، كما طلب منه؛ صديقه اوسكار. خمسون عام وهو على هذه الحال بانتظار الوعد الموعود، بثقة لاحدود لها ” لا احد يستطيع ان ينفاسني لأني الأكثر صبرا ورضا من طرف اوسكار ومن كان اوسكار وراءه، يربح حربه ضد العالم باسره..  غمزة اوسكار تطمئنني دائما حتى في  ادق اللحظات احراجا..”. يتآمل البحر والنوارس التي تنقر رزم الاوراق، ترفعها بمناقرها ومن ثم تختفي في عتمة الغيوم التى تهبط حتى تلامس وجه الامواج. يتمزق ويتشتت عقله في تداعي حر؛ نتعرف من خلال ذلك، على ما يضمر من اهداف لاتختلف عن ما كان يمارسه، ابوه”  … سأضعهم كلهم تحت قبضتي..”. في هذه الدوامة التى تدور به في جميع الاتجاهات وهو في الاساس لايثبت على شيء محدد إلا الرغبة الجامحة والمسيطرة عليه، سيطرة كلية التوجيه والهدف، وهي الجلوس على عرش الطاووس كما وعده به، صديقه اوسكار، اما ما عداها لاتعني له اي اهمية، فهو يسترجع بحسرة شديدة الوطأة على عقله وروحه، الكيفية التى ضُيِعَ بها، ابوه، المُلك.”  .. ان حماقة الملياني كانت كبيرة وأفقدني حقي ويومي في الحكم..”. في لحظة، يحضر الوعد، بعد انتظار طويل وممل لخمسين من السنين، خلت، يصبح حقيقة. ولم يكن امامه إلا انتظار النتيجة ومرافقة اوسكار الى حيث يريد الوصول به الى المكان الذي ينوي اوسكار بلغوه، وتلبية جميع ما يطلب منه بلا تردد، برفقة اصدقائه من الصيادين وهم قليليون اما الاخرون فهم يشككون فيه. هنا وفي هذا الخلاء، خلاء الربع الخالي وقافلتهم تتابع سيرها على الرمال الساخنة والمتحركة، وهم؛ اوسكار وهو ورفيق اوسكار الذي يدعى بسقراط المسلح في سيارة التويتا، كانت اطلال المدن التى مروا بها، تؤشر ان مدن  عامرة بالبشر والعمران، مدن خرسانية وزجاجية، ناطحات سحاب من زجاج وكونكريت، كانت هنا ذات زمن، لم يبق منها إلا الهياكل الفارغة والمدمرة بفعل القصف الذي طالها في السابقات من السنين، و الترك والاهمال ليكون بدلا منها، الآن، خيام الشعر والجمال والملح.. رجال تركض في هذا الحر وراء الجمال وهي تمسك في يدها، اوراق الامير نوح التى كان قد كتبها حين كان هناك على ساحل البحر. يتسائل الامير نوح عن الذي اوصل إليهم، وريقاته هذه. يلتفت الى صديقه اوسكار الذي يغمز له بعينه للمرة الثانية وهو يتبسم” لقد عادت العادات المنقرضة الى الوجود منذ انهيار مدن النفط والريح، والزجاج، والاملاح. قد يكون تاريخ جديد بدأ الان..سأكون انا نقطته البدئية..”. يشعر بأطمأن على ان يوم تحقيق امنياته بالوصول سلطة السلطان قد صارت الآن في مرامي حجر. لم يبق ربما سوى ايام قليلة واكون هناك في قصر السلطان. كان يتخاطب مع ذات في خلوته. ويثني على اعمال ووعود اصدقاءه من الانثروبولوجيين، فهاهم قد وفوا بما وعدوا. فقد تحول في ليلة وضحاها من شخصية نكرة وهاربة، لا احد يعيرها اي اهمية او انها كانت محل شك وريبة من قبل الصيادين والمقصود بهم اي بالصايدين قوى الشعب التى تطالب بالعدل والانصاف. فقد صار محط انظار الصيادين والناس إلا القليل منهم والذين لم يزلوا يقولون؛ انها لعبة امريكية جديدة بعد خمسين سنة من الخراب العربي. فقد تحول من شريد ومنبوذ الى قائد ملهم وشجاع  وامام يزار كي يحصلوا على بركاته حين يضع يده على رؤوسهم او رؤوس اطفالهم. لقد اصبح الآن، محل فخرهم وأملهم في اعادة بناء مدنهم المدمرة والتى اصبحت محض اطلال لخمسين من السنين التى انقضت. يتسائل عجبا، كيف صار في لحظة، محج الناس وتنتظر طلته الجموع؟” فماذا أقول انا الذي ضيع بلادا بأكملها” (المقصود اباه من سياق السرد). صديقه اوسكار يوفر له الاجابة” عندما نشاء، فنحن نستطيع أن نغير الابيض اسود. لاتشغل بالك. نبني الاسطورة كيفما نريد ونهدمها عند الضرورة. وراء ضرورة ضرورات قصوى.”. في فترة استحضارات الانثربولوجيون لتهيئة الطريق  له  بالوصول السلس والمقنن الى السلطة والسلطان؛ يرسلون له ساره وهي فتاة يهودية تتقن العبرية وهي ايضا من مدينة الزيت. ساره تتعرف عليه كونها فنانه وتطلب منه قتل مربيته الزنجية، لأنها تقول له، ساره: سوف تكون حجرة عثرة بينك وبين السلطان، يتردد كثيرا لكنه في النهاية يقتلها بعد ان استشار اوسكار الذي نصحه بالعمل بنصائح ساره. تثير ساره اعجابه الشديد  كونها صاحبة عقل حصيف وذكية وجميلة، جمال أخاذ. هذه الامور جميعها تجعله يتجاوز خوفه من وجودها الى جانبه وتاثير هذا الوجود على السلطة والسلطان”…لكن شيوع اصلها يحرج الحكم وسطوته. على كلً يهودية شاطرة افضل من عربية عاجزة، والحكم لاينام إلا في احضان الشاطر.”. يحي الناس الذين تجمعوا في الساحة ومعه سارة بانتظار الصعود الى الحوامة السوداء للاصدقاء الامريكيين اي الانثربولوجيين كي تنقله الى قصر الحكم. الجماهير تهتف باسمه باعلى صوتها في الوقت الذي تكون فيه الحوامة السوداء تتهيأ للاقلاع بعد صعوده هو وساره” عندما ارتفعت الحوامة عاليا……. ولم يتذكر شيئا سوى كلمات اوسكار الاخيرة: الغاشي اللي هنا وهناك، لايعرف قيمتك. فهو لاينقاد إلا بالسحر والخرافة والاسطورة…

رواية المخطوطة الشرقية للروائي الجزائري واسيني الاعرج

من اصدارت دار ورد السورية
مزهر جبر الساعدي