23 ديسمبر، 2024 10:24 ص

قراءة في رواية أضحوكة العالم المثالي

قراءة في رواية أضحوكة العالم المثالي

قراءة في رواية الكاتب والروائي المبدع الأستاذ حسين كاظم الزاملي تلك الرواية المعبئة برائحة الموت . حين انتهيت من قراءة رواية “أضحوكة العالم المثالي” بأعجاب سألت نفسي هل اعجابي بالرواية سببه أهمية أن يكتب امثال السيد الزاملي صفحات من حياة المعذبون في السجون مع انها باكورته وبجزئها الأول لتظل عالقة في مخيلتي ووجداني مثل مصباح يبدد الظلام في سماء الحقيقة ، ذلك بأن الكاتب هو صوت الناس فكان الزاملي بحق هو صوت هؤلاء المعذبون وهو منهم معتقلا وسجينا سياسيا لهذا تراه متمكنا من كل كلمة وسطر من روايته ام ان اعجابي بالرواية جاء بسبب فنيتها وقدرتها على تقديم عالم مسكوت عنه وجراح لم تندمل بعد بلغة عالية وتقنية مناسبة لموضوعها ؟ وجاءت اجابتي ببساطة: انهم الاثنان معا لانه كان محلقا بهما في فضاءات الوجع العراقي يستنشق حزن وعذاب السجناء صاغيا لأنينهم .
والسيد الزاملي في عمله هذا كأنه ابتدع أسلوب ادبي جديد في ادب السجون ان صح التعبير فتراه محاورا القارئ او المتلقي بسرد روايته بحكايا جمعت العذاب والالم والانين في المكان المجهول والذي لا يحمل اسم المسمى الصرح ارتكبت فيه مجزرة وتصفيات على أسس ضيقة من بغض وكراهية ووحشية بأبشع ما يمكن ان يتخيله الإنسان من مآس مقززة تجاوزت الحد المعقول واللا معقول دون محاكمات .
تلك الحكايا لمأساة شخص التي حولها الكاتب ببراعة الى رواية تنبض بحياة شخص يتماهى مع واقع مرير ومؤسف حياة هذا البطل وأفكاره تسيطر على معظم فصول الرواية وقد رسمها المؤلف بكل دقة فهو الرجل العاقل والعفيف والمسالم والمحب واخيرا وليس اخرا لأننا بانتظار الجزء الثاني من الرواية والذي طال انتظاره نكشف عن الرواية في كل صفحة من صفحاتها التي تجاوزت الثلاثمائة صفحة تمتاز لغة الرواية بالسهل الممتنع في معظم مشاهدها وفصولها وهي لغة موثقة بسبب موضوع الرواية وﻻبد من الإشارة أيضا الى قدرة الكاتب الزاملي على الإمساك بخيوط اللعبة السردية لروايته المكتضة بالأحداث المعبئة برائحة الموت .
وبهذا ان الزاملي نجح بتوثيق رحلة الالم والمعاناة لبطل روايته والذين معه بل لشريحة كبيرة من المجتمع الذين طالهم الإهمال فجاء ليزيح عنهم غبار الزمن لتلك الرحلة ويشحذ بكلماته الذاكرة الجمعية الغافلة بل اصابها العطب بسبب تردي الوضع ولم يلتفت لمن كتب تاريخ العراق السياسي حقا.
متمنيا على مؤسسة السجناء السياسيين بتوجيه دعوة للكاتب الزاملي والأخذ بيده لتكريمه اولا وطباعة الجزء الثاني من روايته وختاما نقول ان هذه الرواية تعد صرخة مدوية خرقت حجب الصمت الا انها للأسف الشديد لم تأخذ حقها من القراءة او العروض النقدية لسوء التوزيع.