في هذا المقال المقتضب ، سأبحث في رواية خطبة محمد بن عبدالله لأبنة عمه ” أم هانئ ” – وقد تم رفض طلبه ، كما سنرى فيما يلي ، ومن ثم سأسرد قراءتي للرواية .
الموضوع :
1 . من موقع / المكتبة الشيعية ، أنقل رواية الخطبة ، وبأختصار ( فقال محمد مخاطبا عمه أبي طالب : ” يا عم أزوجت هبيرة وتركتني ؟ ” ، فقال : “ يا ابن أخي ! انا قد صاهرنا إليهم والكريم يكافئ الكريم “. . فولدت لهبيرة هانئا ويوسف وجعدة . ثم أسلمت ففرق الاسلام بينهما . فلما جاء الاسلام خطبها النبي إلى نفسها . فقالت : ” أن كنت لأحبك في الجاهلية فكيف في الاسلام ! ، ولكني امرأة مصبية ، وأكره ان يؤذك “. فقال : ” خير نساء ركبن المطايا نساء قريش : أحناه على ولد في صغره وأرعاه على زوج في ذات يده “... ) . 2 . فمن هي أم هانئ ( هي فاختة ، بنت أبي طالب بن عبد مناف بن عبد المطلب ابنة عم النبي ، وأخت أمير المؤمنين علي بن أبي طالب وجعفر وعقيل وطالب وجمانة ، وأمها فاطمة بنت أسد ، وقد عرفت فاختة بكنيتها ( أم هانئ ) ، وقد اختلف المؤرخون في اسمها فقيل إن اسمها ” فاطمة ، وقيل هند وقيل عاتكة ” ، وقال أغلبهم إن اسمها فاختة ، وهو المرجح والمشهور وهي أشهر بكنيتها ” أم هانئ ” / نقل بأختصار من موقع المكتبة الحسينية المقدسة ) .
القراءة : * أول أشكال في الرواية ، هو رد عم الرسول / أبا طالب ، على محمد في سبب رفضه ، وقوله ” الكريم يكأفئ الكريم ” ، هنا التساؤل : فهل قياس الكرم عند أبا طالب هو الغنى ، أم هو غنى النفس والأخلاق ، وكيف لمحمد لم يكن مكافئا ل فاختة ، وهي أبنة عمه ، ومن ذات الأصل ، جدا ونسبا وقبيلة ! . * تساؤل أخر ، أن أبا طالب ، تولى محمدا بعد وفاة جده / عبد المطلب ، ولكن بعض الروايات أشكالية ، منها : ( ولمَّا أرادَ أبُو طالبٍ أن يَخرُجَ في تجارَةٍ إلى الشَّامِ ، وتَهيَّأَ للرَّحيلِ ، تَعلقَ بهِ رَسُولُ اللهِ ، فرَقَّ لهُ أبُو طالبٍ وقَالَ : واللهِ لأخرُجَنَّ بهِ مَعِي، لا أفارِقُهُ ولا يُفارقُنِي أبدًا . انظر : “الرحيق المختوم” (ص58-59)... / نقل من موقع الأسلام سؤال وجواب ) . وهنا يوجد تقاطع في الحقائق ، فمن جانب ، أن عمه / أبا طالب ، لا يترك محمدا وحيدا ، ويأخذه معه ، في حله وترحاله ، ومن جانب ، أخر يرفض زواجه من أبنته فاختة ! ، وهو المتعلق به . * ولكن هذه العلاقة القوية بين محمد وعمه أبو طالب / رعاية له قبل النبوة وحمايته أثناء الدعوة .. وبالرغم من كل ذلك ، فأن أبن عمه عليا أسلم ، ولكن أبا طالب / أبا علي ، لم يسلم ! ، وتقول الرواية ( لمَّا حضَرتْ أبَا طالبٍ الوفَاةُ ، دخلَ عَليهِ النبيُّ ، وعندَهُ أبُو جَهلٍ وعبدُ الله بنُ أَبي أُمَيَّةَ ، فقَالَ : أَي عَمِّ ، قُلْ : لَا إلهَ إلَّا اللهُ ، كَلِمَةٌ أحَاجُّ لَكَ بِهَا عِنَد اللهِ . فقالَ : أبُو جهلٍ وعَبدُ اللهِ بنُ أَبِي أُمَية : يَا أبَا طَالِبٍ ، أتَرغَبُ عَن مِلَّةِ عَبِد المُطَّلِبِ ؟ فَلَم يَزَلْ رسْولُ يَعرِضُها عَليهِ ، ويَعودَان لهُ بِتلكَ المقَالَةِ ، حتَّى كانَ آخرَ مَا قَاَلَ : عَلى مِلَّةِ عبدِ المُطَّلبِ .. وبعدها نزلت الآية ” إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ “ / 56 سورة القصص – نقل من موقع الأسلام سؤال وجواب ) . وهنا التساؤل : كان أبا طالب يرعى محمدا في صباه ، ومن ثم سندا له في دعوته ، ولكن من جانب أخر ، كيف يدافع أبا طالب عن محمد في دعوته للدين الجديد، وهو لم يؤمن بهذا الدين ! ، حيث أنه ، رفض الشهادة وهو يحتضر ، فمات على دين الجاهلية ! . * أشكال أخر في الرواية ، أن أبا طالب رفض زواج أبنته / فاختة ، من محمد – وفاختة باكر لم تتزوج بعد ، والأمر يتكرر ، حين أسلمت فاختة – 8 هجرية / وفصلت عن زوجها ، وطلبها محمد ، فرفضت أيضا ، بحجة – قولها : ” أن كنت لأحبك في الجاهلية فكيف في الاسلام ! ولكني امرأة مصبية ، وأكره ان يؤذك “ .. وهذا السبب منطقيا ، غير مقنع للرفض ، ومحمد رسول الله ، والنساء يرغبن به ! .
خاتمة :
1 . رجل كان فقيرا وحيدا متكلا على عمه في معيشته ، ومن ثم صارراعيا للغنم ( فأول ما أتجه إليه من العمل هو رعي الغنم في بني سعد مع إخوته من الرضاعة ثم رعاها في مكة . وعمل نبينا برعي الغنم ليس أمراً خاصاً به دون الأنبياء ، بل كان ذلك له ولإخوانه من الأنبياء جميعا . عن أبي هريرة أن النّبي ، قال: ما بعث الله نبيّا إلّا رعى الغنم ، فقال أصحابه : وأنت ؟ فقال : نعم ، كنت أرعاها على قراريط – جزء من الدينار .. / نقل من موقع أسلام ويب ) . لم يكن كلام محمد صائبا بخصوص أن الأنبياء كانوا رعاة غنم ، فالمسيح / مثلا ، لم يرعى غنما ، بل كان الراعي الصالح لأتباعه – وتأكيد ذلك ، أنقل ما يلي من موقع / الأنبا تكلا التالي ( قال السيد المسيح عن نفسه: “ أنا هو الراعي الصالح . والراعي الصالح يبذل نفسه عن الخراف ” ( أنجيل يوحنا 10: 11) وأعتبر السيد المسيح أن الخراف هي رعيته ؛ أي خرافه الخاصة التي يعرفها بأسمائها ويدعوها باذلًا نفسه من أجلها ) ، وهنا المسيح ليس راعيا للغنم ، بل هو تشبيه مجازي لرعايته لأتباعه .
2 . ورجوعا الى أن محمدا كان راعي غنم – عند خطبته فاختة بنت عمه .. ففي هذا الوضع ، ممكن أن يرفض طلبه ! ، لأنه كان راعيا ،ومدخوله مجرد قراريط ! . ولكن بعد أن بسط محمد دعوته ، وفرض سيطرته على القبائل وحصوله على الغنائم – من المال والأماء والعبيد ، وفق الآية ( وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُم مِّن شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَىٰ وَالْيَتَامَىٰ وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ .. / 41 سورة الأنفال ) ، وكذلك كانت النساء تعرضن أنفسهن عليه ( وَامْرَأَةً مُّؤْمِنَةً إِن وَهَبَتْ نَفْسَهَا لِلنَّبِيِّ إِنْ أَرَادَ النَّبِيُّ أَن يَسْتَنكِحَهَا ../ 50 سورة الأحزاب ) ، فكيف لرجل كهذا أن يرفض طلبه ! . 3 . أليس هذا الأمر يثير التساؤل ! / أن يرفض طلب رجلا بهذا المكانة والقوةوالسلطة ، من أبنة عمه مرتين ، أرى هناك سببا أخرا للرفض – لا يتعلق بكل ما ذكر ، قد خباءه الموروث الأسلامي ! ، وما روي كانترقيع الفقهاء للرواية .