19 ديسمبر، 2024 11:37 م

قراءة في ديوان عادات سيئة للشاعره جمانة حداد

قراءة في ديوان عادات سيئة للشاعره جمانة حداد

انثوية اللقاء مع حلمية الشعر
تمتلك الشاعرة جمانة حداد وعياً استثنائياً في تناول الموضوعات ذات الابعاد (الانثوية ) المركبة في وجودها ومثيراتها .. فهي تمارس وعيها الشعري عبر الكشف عن التناقضات النفسية للثيمات وزمنها واحداثها , مثلما تمارس وعيها الانثوي في الكشف عن الوقائع والاشياء التي تتعلق بكيفيات عوالم وتفاصيل دقائق تمفصلات ( الجسد ) .. ولعل استخدامها لتقنيات الأنوثة الشعرية في مدونتها الشعرية ( عادات سيئة ) يعطي لها مجالات متعددة للغوص في عوالم تنصيصاتها وعبر تاريخها ( النسوي ) ومرجعياتها العاطفية في مشاهد تفاصيل المكان والزمان الواقعي الملفوض. يمثل ديوان ( عادات سيئة ) للشاعرة جمانة حداد اطلالة على (ذاكرة حلمية ) تمارس انتقاء للواقع الشعري ,والواقع هنا في قصائد ديوان الشاعرة يمتد في زمنية القصيدة وفي الشعور والتخيل , ومن ثم فهي تخلق واقعاً موازياً يمثل ذاكرتها , الشعرية , وما اعنيه با لذاكرة الشعرية , هو البعد الحكائي فيها , فهي تمنحنا في قصائدها لوحات حكائية انثوية مبهمة التفاصيل , كما هو شأن الاحلام , من خلال لقاء هادئ مع قرائها القادمين من ممالكهم وحقولهم , على صفحات الخطاب الشعرية , كما ولا يتاح مثل هكذا لقاء على غير ثيماتها الضبابية , انها (ذاكرة الأنوثة مع حلمية الشعر ) :-

لي جسد في قعر المحيط ينتظر

لي جسد كبركان تلعق المياه فوهته كي لا يقذف اللذة

قبل قدوم الجب

لي جسد لا اعرفه

قد يكون حبة رمل

او سمكة حمراء

او لؤلؤ في محارة .. )

ان قصيدة الشاعره هنا تمنحنا فرصة اللقاء مع متاريس وقائع اسطورية , تعرفنا عليها في لحظة مختبئة بين الحلم والواقع النصي . تحيط جمانة حداد اطياف قصائدها بحاجز حلمي يعزل واقع قصدية المتلقي عن فضاء ايحائية خطابها الشعري , وقد يفسر هذا احساسنا ونحن نعيش مع الشاعرة (حلمية الانوثة) باننا في ذات الوقت بعيدين عنه , لقد منحت جمانه حداد في ديوان (عادات سيئة) المتلقي فرصة ان يتحرك احساسه مع ثيماتها وتوصيفاتها وفي ذات الوقت الذي تمارس فيه قصائد ديوانها عملية ترشيح انتقائية لوعي المتلقي الذي تفتح له ابواب عالمها الاسطوري , فعي من جهة لا تمكنه من ان يعبث بهذا العالم من خلال اسقاط آلامه ورغباته من على خطابها الشعري , وانما قد عملت في الوقت نفسه على تنقية فضائه الادراكي لحظة تلقيه خطابها الباذخ باريج الحلمية الضبابية , ولربما هذا ما يبرر حضور

التعاويذ الجسدية والتمائم الحارسة التي تبعد (فوضى المتلقي ) عند الدخول عوالم قصيدتها وتشويه مقصدية القراءة المطلة على حلمية جسد قصائد الشاعرة :-

في قعر المحيط

داخل فقاقيع الرغبة

لي جسد لك كما لي معك غد وأبد

غد تصل منه اليه

وأبد تفتح فيه المحارة ببطئ ..[

ان دخول عالم قصيدة جمانه حداد يتطلب حفظ (ضبط الاعصاب ) وكتم كل نوازع الرغبة والعاطفه في التلقي , كذلك يتطلب ان نؤدي (الصلوات الخاشعه) وان ننقي قدراتنا على ان نقرا هذا الشعر بعين واحدة ومقصدية واحدة , ان القارئ الجديد الذي يهم بدخول عالم قصيدة (عادات سيئة) هو المؤمن بنظرية (حلمية الشعر) أي , ارادة الحلم فينا وقدرتنا على ان نراه ونقرأه , من هنا يمكن تلخيص الفعل الابداعي لدى جمانه حداد من خلال اعتبار خطابها الشعري يدخل منه المتلقي الى لحظات خاصة في وعي الشاعرة , وهي مع حرصها على ان تبقينا اسرى لحظة اللقاء الاولى . فانها تتحرك بارواحنا في زمانها وهي تحتضن عالمها الذي امنت بتحقيقه ,الامر الذي ابقاها في قصائدها (تشخيصية) , وكان الفارزة حقيقة مطوية في تاريخنا /تأريخها .

هكذا هي عوالم جمانه حداد في قصائد ديوان (عادات سيئة) تطل علينا من خلال (طقس غواية الجسد) وانوثة حلمية القصيدة المحروسة بتعاويذ اسطورية الحب الانثوي ونرجسية الحلم الشعري .

أحدث المقالات

أحدث المقالات