18 ديسمبر، 2024 8:34 م

قراءة في خطاب المرجعية

قراءة في خطاب المرجعية

ثانياً : الانسان مكرم الا في دائرة التقاعد !
حين قال علي امير الانسانية في كتابه لواليه على مصر مالك الأشتر ، ( الناس صنفان اما اخٌ لك في الدين او نظيرٌ لك في الخلق ) ، لم يقصد ان اخ الدين مكرم والنظير لا ، وانما كان تفسيراً لأية تكريم الانسانية ، فالجميع مكرم من الله بغض النظر عن دينه واعتقاده وقوميته وميوله ، فالله ربهم جميعاً ورحمته وسعتهم جميعاً ، ومن يريد ان يقصر رحمة الله تعالى على فئة دون اخرى فهو لم يفهم رسالة السماء ، لان معايير السماء تختلف اختلافاً تاماً عن معاييرنا الضيقة والظالمة والقاصرة ، لارتباطها بنا نحن المحدودون في التفكير والمواقف والرحمة والسعة !
التكريم الذي يتوقعه المواطن من وطنه ، هو ان يقدر تضحياته وجهوده المضنية التي قدمها وأفنى زهرة شبابه في خدمة وطنه ، ليتم رعايته والاهتمام به في سقمه وشيخوخته ، وهذا ليس بتكريم وانما رد جميل وحق مشروع ، الوطن الذي لا يقدر كبار السن يخذله شبابه ، لانهم لن يقدموا اي تضحية لوطن ناكر للجميل ! ، لما يشاهدونه من معاملة فضة ولا انسانية وتفتقد لابسط معايير الاحترام في دائرة التقاعد العامة ، تصرفات موظفي دائرة التقاعد لا تفتقر الى الاحترام فقط وانما يغلب على بعضها السادية والإذلال للمتقاعدين ، فلا يقتصر ذلك على روتين العمل الذي يتسبب بطوابير كبيرة وتأخير لساعات طويلة ، وانما يشمل التعامل الفض والألفاظ النابية التي يوجهها بعض الموظفين لكبار السن الذين لا يقوم على الانتظار بسبب المشاكل الصحية لهم ، فلا احترام ولا معاملة حسنة واقتطاع للرواتب ونريد ان يكون هنالك من يخدم وطنه بعد رؤية ذلك !
التعامل مع خطاب المرجعية من قبل المؤمنين يجب ان يكون إيجابياً دافعاً للعمل ، لا تعاملاً سلبياً مع الأحداث يدفع الى الانزواء بداعي عدم التقدير وقلة الاحترام ، لان المرجعية الدينية حينما تسلط الضوء على مشكلة إنما تبحث عن حل ، والحل ينطلق من ذات الفرد ، لأننا كلنا سنمر بما يعانيه المتقاعدون ، فموظفوا التقاعد مدعوون لان يكافحوا ما حذرت منه المرجعية ، لانهم بعد سنين قليلة سيصبحون متقاعدين أيضاً اضافة الى العديد من المواطنين ، والإصلاح إنما هو استثمار للحاضر لنحتفظ بكرامتنا في المستقبل ، الاصلاح في جذوره مجتمعي ، لان الحكومة لم توجه أحداً من موظفيها بعدم الاحترام او الانتقاص او الاذلال ، وانما هي تصرفات نابعة من الثقافة المجتمعية التي تؤدي الى تصرفات منحرفة ، مالم تكن هنالك إرادة مجتمعية حقيقة لاصلاح المجتمع فالحكومة فاقدة لاصلاح ذاتها فكيف سننتظر منها اصلاح مجتمع ؟! .