22 ديسمبر، 2024 11:09 م

قراءة في خطاب الخنجر السياسي (3-5)

قراءة في خطاب الخنجر السياسي (3-5)

الوطن ملك الجميع
“الدين لله والوطن للجميع” ليس مهماً من أطلق أولاً هذه العبارة التي تكشف عن فحوى فلسفة أي دولة متحضرة ، وفي قراءة معمقة لمحتواها الفكري ، فان الدين تعني الفكرة ولله هو الاختيار الشخصي فيما الوطن للجميع هي الفلسفة السياسية الجامعة للمختلفين على تنويعاتهم الفكرية والسياسية والدينية ، وليس من حق أي كان اقصاء الآخر المختلف ، وهي فكرة فلسفية في مواجهة الفتن الشعبية التي تقوم على فكرة الحقيقة المطلقة المضادة نوعيا لفكرة ” الدين لله والوطن للجميع ” .
في خطابه السياسي المتلفز رسخ خميس الخنجر فكرة الوطن للمختلفين في مواجهة القوى التي أرادت وتريد احتكار حق الوطن كما لو انه ضيعة من ضياعها ، فيما الحقيقة المطلقة هي ان الوطن لكل العراقيين باختلاف اديانهم وثقافاتهم وتوجهاتهم السياسية الى اقصى حدود الاختلاف من الايمان الديني ، على تنوعاته الى الحدود المتناقضة معه !
عام 2017 عاد خميس الخنجر الى الوطن متحديا مخاطر عودته من قبل قوى ترى في الوطن حقها الشخصي في ان تقبل من تشاء وتقصي من تشاء ، وطرحوا في حينها السؤال الاقصائي :
ماذا يفعل خميس الخنجر في بغداد ؟
سؤال طالما حاول الإجابة عليه الكثير من الكتّاب ونشطاء التواصل الاجتماعي والجيوش الكترونية من هذا الصوب وذاك الصوب كما يقال.. وذهبت الافكار شتى الاتجاهات. لكن المتابع الحصيف والمحايد إستطاع ان يرصد حركة تحوّل سياسي على مستوى الاحزاب السياسية نفسها من الداخل والخارج .
وجود خميس الخنجر في بغداد عام 2017، ليست بدعة سياسية، وانما هي في إطار الحراك السياسي لبناء عملية سياسية جديدة قائمة على توازنات وطنية جديدة والشروع في “مارشال” إعمار البلاد ومايتبع هذا المارشال من معالجة المشكلات الاجتماعية والإقتصادية البنيوية التي عانت وتعاني منها البلاد منذ 2003.
“لامنّة علينا من أحد في العودة الى الوطن فهو وطن كل العراقيين” ، هكذا اجاب الخنجر على سؤال عودته الى بغداد ، وان وجوده في بغداد هو الطبيعي وجود قوى وشخصيات اخرى خارج العملية السياسية في بغداد هو الطبيعي. والاتفاق على برنامج وطني للإنقاذ هو الطبيعي. وكل ماسوى هذه “الطبيعيات ” هو نتاج سياسات حكومية اقصائية سابقة ، أدت بالبلاد الى ماهي عليه من خراب وضياع الأرض والإفلاس والمشكلات الإجتماعية الأشد عمقا وخطراً على البلاد والعباد ومستقبل الأجيال القادمة.
بعض القوى السنيّة ماكانت تريد أن ترى الخنجر في بغداد خشية أن يطيح وجوده بشعاراتهم التي طالما صدّعوا رؤوس الناس بها بوحدانية التمثيل رغم ان الرجل بيده مشروعا وطنيا يتطابق مع تطلعات الناس المحتجة على الفاسدين و”قادة” الهزيمة بامتياز ومنخرطا في عملية سياسية بنسخة جديدة مصححة!!
بعض القوى الشيعية رحبت وترحب بوجوده في بغداد ولها علاقات ممتازة معه بل هي لعبت وتلعب دوراً أيجابياً في تقريب وجهات النظر المختلفة حول القضايا الستراتيجية التي تهم مستقبل البلاد. لاحاجة للسؤال عن ماذا يفعل الخنجر وغيره من قادة سياسيين في بغداد ، لأن المنطق يقول “هذا هو الصحيح ” وغيره يعني “بقاء الحال على ما هو عليه “. القوى المعارضة من الشيعة والسنّة وإن كانت غير مؤثرة إلا انها ستصل الى الحقيقة التي وصلتها القوى الايجابية من الطرفين وهي أن لاخيار لنا غير التفاهم الوطني على ثوابت وطنية هي مقارعة الارهاب والفساد وبناء عراق ديمقراطي مبني على أساس المواطنة وإحترام حقوق الإنسان. هذا هو الطريق الصحيح الذي سيكون فيه الجميع في بغداد دون إثارة الأسئلة عن الأسباب. فبغداد لكل العراقيين وإن إختلفوا.
دينهم لله والوطن لهم جميعاً في اطار القانون وتحت مظلّة الدستور حتى على قاعدة الاختلاف عليه بالتفاصيل ، والحذر كل الحذر من استخدام هذا الحق المطلق لاثارة الفتن واللعب على اوراق ذبلت من شجرة الحياة ، اوراق يراد لها ان تستخدم لمواجهة المنافسين السياسيين ، لكن خارج اهداف صراع الفرسان النبيل !
ورغم ذلك يبقى الوطن جامعاً للجميع ، والحياة هي من ستفرز دروب الصح والاصلاح من دروب التلاعب بمستقبل الوطن !