18 ديسمبر، 2024 2:56 م

قراءة في حديث الرسول ( أَيُّمَا عَبْدٍ أَبَقَ مِنْ مَوَالِيهِ فَقَدْ كَفَرَ حَتَّى يَرْجِعَ إِلَيْهِمْ )

قراءة في حديث الرسول ( أَيُّمَا عَبْدٍ أَبَقَ مِنْ مَوَالِيهِ فَقَدْ كَفَرَ حَتَّى يَرْجِعَ إِلَيْهِمْ )

الموضوع : سأقدم شرحا مختصرا للحديث أعلاه ، ومن ثم سأستعرض قراءتي الشخصية له . فمن موقع / الأسلام سؤال وجواب ، أنقل ما يلي بأختصار – حول حديث رسول الأسلام { الحديث المقصود في السؤال يرويه جرير بن عبد الله البجلي عن النبي أنه يقول : ( أَيُّمَا عَبْدٍ أَبَقَ مِنْ مَوَالِيهِ فَقَدْ كَفَرَ حَتَّى يَرْجِعَ إِلَيْهِمْ ) رواه مسلم . قوله : ( أبق ) : بمعنى هرب وخرج عن الطاعة . وقد سبق بيان نظرة الإسلام للرق ، ودفع ما يتعلق به أعداؤه من الشبهات في هذا الباب . وأما قوله : ( فَقَدْ كَفَرَ ) ، فليس المقصود بالكفر هنا الكفر المخرج من الملة ، وذلك باتفاق أهل العلم ، ولكنه محمول على ” كفر دون كفر ” ، بمعنى أن هروب العبد من سيده من المحرمات الكبيرة التي تكاد تصل بصاحبها إلى الكفر ، لأنها من شعب الكفر وأعماله ، كما أن المعاصي من أعمال الجاهلية ، وشعب الكفر . وفسر بعض أهل العلم الكفر في الحديث بأنه كفر النعمة ، بمعنى أن العبد الآبق من سيده كفر نعمة سيده عليه وجحدها ، وقابل الإحسان بالإساءة ، ولم يكافئ بالإحسان مَن أحسن إليه بالطعام والشراب واللباس والمأوى – وهي كلها مسؤولية السيد – . قال الإمام القرطبي : ” جاء الكفر بمعنى جحد المنعم ، وترك الشكر على النعم ، وترك القيام بالحقوق ” . وقال الإمام النووي : ( أصحها : أن معناه : – هو – من أعمال الكفار وأخلاق الجاهلية . والثاني : أنه يؤدي إلى الكفر . والثالث : أنه كفر النعمة والإحسان . والرابع : أن ذلك في المستحل ) . ويقول المناوي : ” قوله ( فقد كفر ) أي : نعمةَ الموالي ، وسَتَرَها ، ولم يقم بحقها ، ويستمر هذا حاله ( حتى يرجع إليهم ) أو أراد بكفره أن عمله من عمل الكفار ، أو أنه يؤدي إلى الكفر “.. } .
القراءة : في هذا البحث المختصر سألتزم بحدود الحديث أعلاه ، مبتعدا عن موضوعة العبيد بين الجاهلية والأسلام قدر الأمكان . 1 . شرحا أوليا للحديث ، وبلغة السهل الممتنع أنه ” أذا هرب العبد فقد كفر ، حتى يرجع لسيده ” . ولا أعتقد أن الحديث كبنية يحتاج الى تأويل أو شرح أو تفسير . ولكن بتوالي العقود على هذا الحديث / خاصة من أنه قد صدر عن نبي الأسلام ، فأنه أصبح حجة لتكريس العبودية في الأسلام ، لأجله أنبرى الفقهاء والمفسرون ” بترقيع مقصد ومعنى الحديث ” ! . 2 . من التراقيع الفقهية التالي : ” ليس المقصود بالكفر هنا الكفر المخرج من الملة ، لكنه محمول على كفر دون كفر ” ، في هذا الترقيع ، يقف المطلع مشدوها من معنى ” كفر دون كفر ” ! ، وذلك لأن الكفر واحد . وقد جاء في قاموس المعاني التالي بصدد الكفر { ‏الكفر‏ : (مصطلحات ) – تكذيب النبي بما جاء به‏ (فقهية) } . ويضيف الفقهاء على ذلك بترقيع أخر من أنه ” الكفر في الحديث بأنه كفر بنعمة سيده ” وهذا الترقيع تدليس على حديث الرسول ، لأن الرسول قال : كفر وليس كفرا بالنعمة . والعجب أي نعمة للسيد على عبده ، وهوعبد منبوذ ! . أما من تراقيع الأمام النووي ، المقصود بالكفر ، هو ” الكفر بالنعمة والأحسان ” ، والتساؤل هنا هل السيد يحسن لعبده أم يستخدم عبده ! . 3 . من جانب أخر يتكلم نبي الأسلام عن المساوات ، بالحديث التالي ( حَدَّثَنَا عَبْدُ الْغَفَّارِ الْحِمْصِيُّ ، حدثنا الْمُسَيِّبُ بْنُ وَاضِحٍ .. أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ ، قَالَ : قَالَ النَّبِيُّ : النَّاسُ سَوَاءٌ كَأَسْنَانِ الْمُشْطِ ، وَإِنَّمَا يَتَفَاضَلُونَ بِالْعَافِيَةِ . نقل من موقع / جامع السنة وشروحها ) ، وهنا تقاطع بين تكفير العبد الهارب / الغير متساوي مع سيده ، وبين الناس سواء كأسنان المشط ! . من جانب أخر ، هل يستوي تسبيب كل موقعة أو حدث وفق مصلحة المتكلم ! – خاصة أن محمدا كان لديه عبيد . 4 . موضوعة العبيد موجودة في الجاهلية والأسلام ، والرسول ذاته كان يشتري ويبيع العبيد وقد حرر بعضهم ، وما يؤكد ذلك ما جاء في موقع / المعرفة ( محمد شجع على تحرير العبيد ، حتى لو أدى إلى شرائهم أولا . أبو الأعلى المودودي ذكر في تقارير تفيد بأن محمد أطلق سراح ما لا يقل عن 63 من العبيد. مير اسماعيل – مؤرخ من العصور الوسطى ، كتب في « بلوغ المرام » أن في بيت الرسول و أصحابه تم إطلاق سراح 39.237 من العبيد .. تم شراؤها أو بيعها ، أو تم وهبها للغير . وفقا لابن قيم الجوزية ، وقال انه ‘ كان العبيد من الذكور والإناث كثيرة ، استخدمها لشراء وبيع لهم ، وانه قام بشراء مزيد من العبيد أكثر مما باع’. ) . ومعنى ذلك أن الرسول وأصحابه والتابعين كانوا لديهم عبيد ، ويتاجرون بهم .
خاتمة : أدلة على أن الرسول كان يتاجر بالعبيد ، يبيع ويشتري ويستبدل بعضهم ببعض ، فقد جاء بموقع / الأسلام سؤال وجواب ، التالي { حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى التَّمِيمِيُّ ، رُمْحٍ قَالاَ أَخْبَرَنَا اللَّيْثُ ، وَحَدَّثَنِيهِ قُتَيْبَةُ .. عَنْ جَابِرٍ ، قَالَ : ” جَاءَ عَبْدٌ فَبَايَعَ النَّبِيَّ عَلَى الْهِجْرَةِ ، وَلَمْ يَشْعُرْ أَنَّهُ عَبْدٌ فَجَاءَ سَيِّدُهُ يُرِيدُهُ ، فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ : ‏( بِعْنِيهِ ) ،‏ فَاشْتَرَاهُ بِعَبْدَيْنِ أَسْوَدَيْنِ ، ثُمَّ لَمْ يُبَايِعْ أَحَدًا بَعْدُ حَتَّى يَسْأَلَهُ ‏”‏ أَعَبْدٌ هُوَ‏ ” } ‏‏.‏ ولكن الفقهاء يرقعون ذلك ، بأن الرسول فعل ذلك من قبل الأجر والثواب { وقال أبن رسلان : وهذا العبد إنما أشتراه النبي بعبدين ؛ رغبة في تحصيل ثواب العتق ، وكراهية أن يفسخ له عقد الهجرة ؛ فحصل له العتق وثبت له الولاء فهذا مولى النبي . قال القرطبي : لم يعرف اسمه . من ” شرح سنن أبي داود ” } . أخيرا : بناءا من كل ما سبق ، يتبين لنا أن الموروث الأسلامي ، ينساق وفق مجريات وقائع الحدث . والرسول ذاته ، لم يكن لديه دفتر مذكرات – كي يعرف ما قال أو حدث أو ما أفتى به هنا أو هناك . فهو كان يحدث أصحابه وتابعيه بما يتفق والحدث ، حتى وأن كان مخالفا لما قاله سابقا . أما بصدد آية ﴿ وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى * إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى / 3 ، 4 سورة النجم ﴾ ، من الممكن أنها قيلت من أجل وقائع معينة ، أو كان الغرض منها ، تسويق أن كلام محمد ، ينطق به بوحي من الله ! .