من اللافت للنظر ان قيادات رئيسة في التيار الصدري والمجلس الأعلى وبخاصة توجهات رئيس تجمع النخب ضياء الأسدي الذي كان يرأس الامانة العامة لكتلة الاحرار وكذلك توجهات الناطق بإسم المجلس الأعلى / أبو كلل / ليجد المتتبع في توجهات الرجلين ما يؤكد مضامين خطاب يرتقي الى الهم الوطني العراقي الوطني الأصيل المنفتح المتزن، الذي يبدي حرصا على إشراك كل المكونات العراقية في صناعة القرار، وهو توجه صاغته قيادات متمرسة في الادارة والقيادة أحسنت سبل تكوين نظريات جديدة تحاول قدر امكانها ان تبتعد عن لغة الخطاب الطائفي، وتنحو باتجاهات وطنية تكون مقبولة من جماهير الشعب العراقي، وتؤشر تحولا ايجابيا يبشر بإنفتاح فكري وسياسي وشعبي ان بقيت توجهاته على هذا التطور والارتقاء في لغة الخطاب.
ويبدو السيد ضياء الأسدي زمعه قيادات أخرى من التيار الصدري ، من اعضاء مجلس النواب، الاكثر انفتاحا في لغة الخطاب الهاديء المتزن المتفاعل المنسجم مع مكونات الشعب عموما ، ويتوافق مع تطلعات كثير من العراقيين ، وهم يتمنون لو لننا نتجاوز شرنقة الطائفية ونغادر أسوارها اللعينة وأبواقها الصدئة التي اوصلتنا الى ما وصلنا اليه من تناحر وفرقة واقتتال وفوضى وفلتان وضياع لمسقبل بلدنا وشعبنا وعشنا في متاهات لاندري فيها اولنا من آخرنا وحاضرنا من ماضينا ، حتى ليبدو لكل عراقي أن أمل خلاصه في ظل هذه الاوضاع يكاد يكون من المستحيلات لولا إشراقة أمل هنا او هناك يبديها مثقفون وأكاديميون على مستوى عال من الحرفية في لغة الخطاب تجعل الآخر يتوائم مع توجهاتها وتنغرس في دواخلة بوادر أمل وتفاؤل بأن بالامكان اصلاح الحال، وان نعيد ترميم بيتنا العراقي ، لنشذبه مما علق به من ادران وأمراض فتاكة تهدد وحدة المجتمع العراقي وتماسكه، وخلقت حالات من القلق والرعب لدى العراقيين من ان قادم الايام هو مرعب ومخيف ومقرف، حتى تولدت بحور من التشاؤم داخل النفس العراقية بكل مكوناتها انه اذا مابقيت توجهات هذه الكتل والقوى السياسية على لغة الشحن الطائفي والتعصب المذهبي فيعني أننا نقرا على البلد السلام.
أما الناطق بإسم المجلس الأعلى / أبو كل / وهو من العناصر الشابة الكفوءة ، فقد أجاد في مقابلاته وحضوره المكثف هذه الايام، فن دخول معركة الخطاب الوطني واحسن إتقان مفرادتها وكانت سهلة ممتنعة، تزرع فينا الامل بأن بإمكان العراقيين الذين ملوا من لغة الاختلاف والتناحر والفرقة والاحتراب ان يعولوا على بعض قادتهم ان يكونوا قد أرتقوا الى آمال شعبهم في ان نغادر تلك الصفحة اللعينة والحقبة المريرة التي اوصلتنا الى هذا المصير الأسود اللعين الذي لايحسد عليه، وانتقلنا الى أجواء أخرى نشيع فيها بوادر الأمل والرجاء والتفاؤل ، بأن في دواخل العراقيين ما يمكن ان يطفيء نيران الحقد والضغينة وان نغسل القلوب التي إمتلات أدرانا، لنعيد اليها هواءها الصافي الرقراق العذب كي تعود بنا الى ذلك التاريخ المشترك الخالي من النعرات الطائفية والمذهبية والقومية والسياسية التي أحرقت البيت العراقي وأشعلت فيه نيران الحقد والضغينة وبنت اخاديد من السدود والكتل الخراسانية المقيتة التي باعدت بين العائلة العراقية الواحدة وباعدت بين مكونات الشعب وبنت اسوارا من العزلة ، حتى ليخيل ان العراقيين وكأنهم يعيشون في سجن كبير إسمه العراق، ، وسادت الان اجواء جديدة من الخطاب المرن المتزن المتعقل الرصين ، الذي يحاول قدر امكانه ان يزيل ذلك الركام الثقيل الذي جثم على صدر العراقيين واحال نهاراتهم الجميلة الى ليال حالكة الظلمة، تسرح فيها عصابات الجريمة وكل من لديه عقد القتل والاحتراب وهتك الاعراض والمقدسات ليلعب على هواه ويؤسس له جمهورية خاصة به، يحرك من خلالها كل عوامل الحقد والشر لتفعل قعلها في تمزيق اوصال العراقيين وتزرع الرعب والقتل الهمجي والسلوك البربري بين جنبات البعض ممن استهوته الجريمة والانفلات ليؤسسوا عصابات للقتل والاجرام أو ميليشيات تروع الآمنين وتزرع الرعب بين صفوفهم وفي محلاتهم ، لتحقيق تطلعات غير مشروعة وغير أخلاقية، لم يألفوها العراقيون في تأريخهم المعاصر على الأقل.
لقد كانت المقابلة التي اجرتها قناة البغدادية مع رئيس تجمع النخب الوطنية ضياء الأسدي ، التابع للتيار الصدري ، محاولة كان قد رسخها الاسدي منذ وقت ليس بالقصير، وأرسى لبناتها ووجدت رواجا وتفهما وانسجاما وترحيبا من كثير من العراقيين بأن اخيارا في هذا البلد بهذا المستوى من الرقي الأخلاقي يمكن ان يشيعوا بين جماهيرهم على الأقل بأن عهدا جديدا قد انفتح على العراقيين ، يتجاوز عقد الماضي وعلى كل عراقي ان يدعم اي توجه وطني عراقي صميمي يريد ان ينتقل بالعراق وشعبه الى الحالة الافضل، وان نبارك كل خطاب وطني يزرع الأمل والتفاؤل، اذ لابد وان تكون لدى زعاماتهم هم من اعطتهم مثل هذه التوجهات، وهم قد أعلنوا عنها جهارا وعلى الملأ ، لكن ضجيج وصخب بعض الأصوات النشاز هو يحاول التغطية عليها ، لكي لايكون بوسعها الانتشار ، ووجد الكثيرون في لغة الخطاب الوطني المتعقل المتزن الهاديء القويم للسيد عمار الحكيم والسيد مقتدى الصدر، التربة الخصبة للتفاعل الايجابي مع الآخر وتأكيد حقيقة يعرفها كل العراقيين، انه ليس بمقدور طائفة او مذهب او حزب سياسي او تجمع كائنا من يكون ان يستفرد بحكم العراق او يشتت اوصاله ويقصي مكونات شعبه ويحولهم الى أقليات وأغلبيات ، لاتقدم ولا تؤخر، ان لم تزيد نارهم اشتعالا وتؤجج بحور الدم التي مل العراقيون من ويلاتها وثبورها وفجورها، وهم الان يتطلعون الى ان يرتقي العراقيون قادة وشعبا الى مستوى الهم الوطني الذي يداوي الجراحات ويعيد ترتيب الأولويات، ويزرع فينا جميعا لغة التفاؤل والامل بأن في دواخلنا توجهات اذا ما احسن استغلالها فان بامكاننا ان نعيد ترتيب بيتنا العراقي، لكي نكون مقبولين من الآخرين، ونعيد إصلاح شروخ مريرة في العلاقة مع محيطنا الاقليمي والعريي والدولي، الذي فقد الأمل بنا بعد ان اضعنا هويتنا وتمسكنا بالقشور، ومع من لاينسجم ورغبات شعبنا ولا مع تطلعاته المشروعة في العيش الآمن المشترك، ولم نرتق الى الهم العراقي، فنعود لنقول ان بوادر انفراج تبشر بخير بعون الله، وعلى القيادات العليا في التيار الصدري والمجلس الاعلى ان تنمي هذه الفضائل وتوسع من دائرة انفتاحها على الآخر وتضع قيادات في الواجهة تكرس مثل هذه التوجهات ، وتمنح القيادات المتفتحة وبخاصة من الكوادر الشبابية ذات الشخصيات المنفتحة ان تزيد من حضورها في الشارع العرقي ونطمئن جماهير شعبنا بانه نحن العراقيون إخوة في الدين والمصير والانتماء لاتفرقنا الاديان ولا الطوائف ولا القوميات ولا السياسات ، وها هي قيادات جديدة بدت تنمو وتتفاعل مع رغبات مكوناتهم ومع جمهورهم الذي يتطلع هو الاخر الى ان يرى المثقفين الكبار الذين غاب الكثيرون منهم للأسف الشديد تحت بواعث الخوف والقلق على حياتهم ، وقد ارتقوا الصفوف الأولى في القيادة، وان حضور المثقفين والكوادر والنخب هي علامة خير واشراقة أمل، وفاتحة عهد جديد ، تريد ان تقول للعراقيين ان الحقبة الماضية كانت اليمة وقاسية وثقيلة الوطأة على العراقيين ، وقد وجد فيها اخيار العراق ان من صالحهم ان يثقفوا الاخرين على مغادرة ايامها المترعة بالاحزان والمآسي والاثام والنكبات والمصائب ، عندها نكون قد إطمنينا جميعا الى نشترك في إعداد خطاب وطني متعقل هادي منساب مع الرغبة الشعبية ، لا خطابا يؤجج الأحقاد والضغائن ليريد كل على هواه ، ان يقسم الشعب الى طائفة من / جماعة يزيد / وآخرى الى طائفة من / جماعة الحسين / ع / وهذا من جماعة ايران وذاك من جماعة الخليج ، والمكون الاخر هم من / داعش / والاخرون هم من آل البيت ، فليس أقسى من كلمة تصف بها عراقي بأنه / داعشي / فهي تهمة القيت على مكون ظلما وعدوانا وتجنيا ليس له مايبرره على الاطلاق، فكل العراقيين هم من أهل البيت الاطهار وهم حافظي عهد أهل بيتهم ونبوتهم ، فليس هناك من بين العراقيين من لايؤمن بأئمته الاطهار وآل بيته، وأن لانسيء اليهم من خلال سلوكيات عفى عليها الزمن ، وعلينا ان نغادرها ونرتشف عبق عبقريتهم وبطولتهم وفضائل أخلاقهم وقيمهم الرفيعة ، لنصلح حالنا واحوالنا، التي لاتسر ، وهم غير راضين عنها بالمرة ، عندها نكون قد أعطينا إشارات الاطمئنان لابناء شعبنا بأننا سنودع تلك الايام السوداوية الاليمة الى ان نزرع فيهم ابتسامة الأمل والتفاؤل،ليكبر بنا العراق جميعا ، ونشترك في وضع لبناته سوية ، لنعبر تلك الحقبة المظلمة ونودع أيامها الحالكة وفصولها المرعبة وحروبها غير المقدسة الى غير رجعة.