المقدمة :
ليس من نص نهائي ثابت ومطلق وتام ، لأن كل ما في الحياة في وضع متغير تبعا لتبدل الظروف وتغير المكان وتبدل التقاليد المجتمعية وأخيرا التطور والتقدم العلمي .. ، وحتى نصوص النظريات العلمية الكبرى ل داروين وأينشتاين وفرويد .. ، جرى عليها التعديل والتصحيح ، وصوب منطقها تبعا للتقدم العلمي والتطورالمعرفي للحياة الأنسانية ، والنص القرأني يدور وفق ما ذكر من محاور ألا ما يخص بعض النصوص العقائدية كالصوم والصلاة .
النص :
فعلى مدى مدة أكتمال القرأن المختلف عليها ( مدة نزول القرآن ، اختلف العلماء في تحديد مدة نزول القرآن على الرسول وهي ثلاث روايات :
1. أنها ثماني عشرة سنة . روي هذا القول غير المشتهر عن الحسن . وأنه كان يقول ذكر لنا أنه كان بين أوله وآخره ثماني عشرة سنة. وأنه أنزل على الرسول ثماني سنين في مكة قبل الهجرة وعشر سنين بعدها . وهو قول ضعيف ينتج عنه أن الرسول توفي عن ثمان وخمسين سنة وهو ما لم يقل به أحد . ولذا قال ابن عطية عن هذا القول: “وهذا قول مختل لا يصح عن الحسن والله أعلم” .
2. أنها عشرون سنة: روي عن ابن عباس ، وعكرمة ، والشعبي وقتادة ، واختاره ابن جزي الكلبي .
3. أنها ثلاث وعشرون سنة . وهو قول الجمهور ./ نقل من موقع المكتبة الشاملة ) ، نلاحظ تغيير في منطوق الكثير من النصوص ، فلو أخذنا مثلا شرب الخمر ، فنرى أن هذا النص مر بثلاث مراحل رئيسية ، المرحلة الأولى : فوفق سورة النحل أية 67
” ومن ثمرات النخيل والأعناب تتخذون منه سكرا ورزقا حسنا إن في ذلك لآية لقوم يعقلون ” / وفي موقع مركز الفتوى يفسر الأية كما يلي (( ومن ثمرات النخيل والأعناب ) يعني : ولكم أيضا عبرة فيما نسقيكم ونرزقكم من ثمرات النخيل والأعناب ) تتخذون منه والكناية في ( منه ) عائدة إلى ” ما ” محذوفة أي : ما تتخذون منه ، ( سكرا ورزقا حسنا ) قال قوم : ” السكر ” : الخمر ، و ” الرزق الحسن ” : الخل ، والزبيب ، والتمر والرب ، قالوا : وهذا قبل تحريم الخمر . وإلى هذا ذهب ابن مسعود ،وابن عمر ، وسعيد بن جبير ، والحسن ، ومجاهد ، وقال الشعبي : ” السكر ” : ما شربت و ” الرزق الحسن ” : ما أكلت . وروى العوفي عن ابن عباس : أن ” السكر ” هو الخل ، بلغة الحبشة . وقال بعضهم : ” السكر ” النبيذ المسكر ، وهو نقيع التمر والزبيب إذا اشتد ، والمطبوخ من العصير ، وهو قول الضحاك والنخعي ومن يبيح شرب النبيذ ، ومن حرمه يقول : المراد من الآية : الإخبار لا الإحلال . [ ص: 29 ] وأولى الأقاويل أن قوله : تتخذون منه سكرا ، منسوخ ، روي عن ابن عباس قال : ” السكر ” [ ما حرم ] من ثمرها ، و ” الرزق الحسن ” : ما أحل ، وقال أبو عبيدة : ” السكر ” : الطعم ، يقال هذا سكر لك أي : طعم )) .. خلاصة التفسير أن الخمر كان محللا ، وكانوا المسلمون يشربون نقيع التمر والزبيب كباق العرب قبل الدعوة المحمدية ، وأستمر المسلمين في شرب الخمر في عهد البعثة المحمدية ، المرحلة الثانية : ولكن الأمر فقد السيطرة عليه ، وقاموا المسلمون يحضرون / يؤدون ، الصلاة وهم سكارى مترنحين ، لهذا تغير النص وفق الحال والظرف والفعل المجتمعي ، فنزلت الأية ” يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَىٰ حَتَّىٰ تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ وَلَا جُنُبًا إِلَّا عَابِرِي سَبِيلٍ حَتَّىٰ تَغْتَسِلُوا ۚ وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَىٰ أَوْ عَلَىٰ سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ ۗ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَفُوًّا غَفُورًا / 43 سورة النساء ” ، وفي موقع الأسلام سؤال وجواب ، يفسر الأية كما يلي : ( هذه الآية تمثل مرحلة من مراحل التشريع الإسلامي في التدرج في تحريم الخمر ، فكان التحريم فيها مؤقتاً بوقت الصلاة ، وكانوا يشربونها في غير أوقات الصلاة ، ثم نزل بعد ذلك التحريم النهائي والقطعي للخمر . ) ، المرحلة الثالثة : فوفق الأية التالية ” يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنْصَابُ وَالأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (90) إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنِ الصَّلاَةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ / .سورة المائدة ” وتفسيرها حسب الموقع التالي : quran.ksu.edu.sa/tafseer/…/sura5-aya90.html ( يا أيها الذين صدّقوا الله ورسوله ، إن الخمر التي تشربونها ، والميسِرَ الذي تَتَياسرونه ، والأنصاب التي تذبحُون عندها ، والأزلام التي تستقسمون بها ” = رجْس “، يقول : إثم ونَتْنٌ سَخِطه الله وكرهه لكم =” من عمل الشيطان “، يقول: شربكم الخمر ، وقماركم على الجُزُر ، وذبحكم للأنصاب ، واستقسامكم بالأزلام ، من تزيين الشيطانِ لكم ، ودعائه إياكم إليه ، وتحسينه لكم ، لا من الأعمال التي ندبكم إليها ربُّكم ، ولا مما يرضاه لكم ، بل هو مما يسخطه لكم =” فاجتنبوه “، يقول : فاتركوه وارفضوه ولا تعملوه (1) =” لعلكم تفلحون “، يقول : لكي تنجَحُوا فتدركوا الفلاحَ عند ربكم بترككم ذلك .. ) وأراها ليس تحريما ، بل هي رجس ثم أجتناب ، ولو كانت حراما لحرمها بشكل واضح وجلي ، .. مما سبق نرى تطورا ، ممكن أن نطلق عليه تطورا مرحليا ، تحليل الخمر ، فلا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى ، ثم أخيرا مرحلة الأجتناب ، فمنطقيا الأمر مقبول بالنسبة لمقتضيات الصلاة وأحكامها .
القراءة : 1- كل حال يزول ، وليس من نص ثابت ودائم ونهائي ، فالتطور والتغير يقود الى أستحداث وضع وفعل ومعنى أخر للنص القرأني ، وهذا الأمر أو الموضوع مطروق أسلاميا أيضا ، ففي موقع موسوعة النابلسي / وفي شرح ” سورة التكوير” للدكتور محمد راتب النابلسي ” إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ*وَإِذَا النُّجُومُ انْكَدَرَتْ *وَإِذَا الْجِبَالُ سُيِّرَتْ *وَإِذَا الْعِشَارُ عُطِّلَتْ *وَإِذَا الْوُحُوشُ حُشِرَتْ *وَإِذَا الْبِحَارُ سُجِّرَتْ *وَإِذَا النُّفُوسُ زُوِّجَتْ *وَإِذَا الْمَوْءُودَةُ سُئِلَتْ *بِأَيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ *وَإِذَا الصُّحُفُ نُشِرَتْ *وَإِذَا السَّمَاءُ كُشِطَتْ *وَإِذَا الْجَحِيمُ سُعِّرَتْ *وَإِذَا الْجَنَّةُ أُزْلِفَتْ *عَلِمَتْ نَفْسٌ مَا أَحْضَرَتْ ” ، يبين الدكتور الأتي .. ( أنا واللهِ أتمنى على كل واحد من الأخوة الحاضرين أنْ يفكر تفكيراً جدياً بعمل صالح يلقى الله به ، أما أنْ يعيش الإنسان ليأكل ، يقولون : نحن نعيش كغيرنا ، فهذه السورة فيها أخطر انقلاب في الكون ، كل شيء يتبدَّل ، وكل حال يزول ، في هذا اليوم لا بد أن نصل إليه .. ) ، الدكتور النابلسي ينتهي بأن لا شي باق على حاله ، لذا أرى أن نراعي هذا في النصوص لكي تتوافق وتتلائم مع الوقت الحاضر.
2 – خلال 18 / 23 سنة ، مدة أكتمال القرأن تغير حال شرب الخمر ، الى ثلاث مراحل رئيسية ، فكيف وضع أيات مضى عليها 1400 عام ، سوف يقال أن الرسول قضى وأن أي نسخ أو تغيير يجب أن يكون بوحي ، والجواب هل الخليفة عمر بن الخطاب عندما ألغى ( سهم المؤلفة قلوبهم ) و ( ألغى حد السرقة / قطع اليد في عام الرمادة ) كان الرسول حيا !! الجواب لا . 3 – وهل قطع يد السارق هو العقاب الملائم بعد 1400 عام ، كما جاء في سورة المائدة : ” والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما جزاء بما كسبا نكالا من الله والله عزيز حكيم ( 38 ) فمن تاب من بعد ظلمه وأصلح فإن الله يتوب عليه إن الله غفور رحيم ( 39 ) ألم تعلم أن الله له ملك السماوات والأرض يعذب من يشاء ويغفر لمن يشاء والله على كل شيء قدير ( 40 ) ” ففي موقع أسلام ويب ، يبين ( يقول تعالى حاكما وآمرا بقطع يد السارق والسارقة ، وروى الثوري عن جابر بن يزيد الجعفي عن عامر بن شراحيل الشعبي أن ابن مسعود كان يقرؤها : ” والسارق والسارقة فاقطعوا أيمانهما ” .) ، أني لأتعجب من حكم الله وهو الغفور الرحيم السلام من أن يأتي بهكذا حكم ، وأن سلمنا جدلا بهكذا حكم في زمن البعثة المحمدية ، فهل هكذا حكم يستوي قي القرن 21 !! .
الخاتمة :
أما أن الأوان لطبقة رجال الدين أن توقف العمل أو تبطل نصوص ، سجل حراكها ، وصمة عار في جبين الأنسانية ، أضافة الى تهميشها للعقل البشري ، كأرضاع الكبير والرجم وقطع يد السارق والتكفير وقتل المشركين وكارثة ” أن الدين عند الله الأسلام ” .. والقائمة تطول ، أليس من متنور – خاصة في مؤسسة الأزهر الذي يعتبر حاضنا لهذه النصوص الماضوية الظلامية ، أن يرفع علم الحق والأنسانية والعقل والمنطق والعدل والحكمة والعلم ، فوق نصوص ماضوية أصبح وجودها مادة رئيسية لترهيل العقل البشري ، ليوقفها من أجل حياة بلا أرهاب وبلا دم !! .