23 ديسمبر، 2024 3:26 م

قراءة في تطورات الوضع  في الانبار..حقائق لاتقبل التأويل

قراءة في تطورات الوضع  في الانبار..حقائق لاتقبل التأويل

سؤال يطرحه آلاف العراقيون في مدن محافظة الانبار، وبخاصة في الرمادي والفلوجة ، ان شارع الملعب الذي يقع وسط مدينة الرمادي ، لايزيد طوله على كيلو مترين ، لم تتمكن القوات المتجحفلة هناك منذ بداية الشهر الماضي وحتى الان من السيطرة عليه، وهو يدخل مرحلة الكر والفر بين القوات الحكومية وأهالي هذه المناطق، الذين تطلق عليهم الحكومة المسلحين.
 وشارع الملعلب الذي هو ساحة المعارك وسط الرمادي ، لايزيد طوله عن طول الشارع الممتد من منطقة البياع ببغداد وحتى شارع الصناعة في نفس المنطقة ، هذا الشارع تدور المعركة فيه منذ شهر ، وسعت قوات الجيش لدخوله مرات عدة ولم تتمكن من السيطرة عليه سوى ساعة واحدة أمام كاميرات خاصة تم اختيارها لتؤكد فقط ان دبابات قد تمكنت من الوقوف أمام جامع قريب من منطقة الملعب، لتقول للعراقيين انها تمكنت من دخول هذا الشارع وفرض سيطرتها عليه وطرد المسلحين منه.
ورغم انني لم  أقم بزيارة مدينة الرمادي منذ خمس سنوات، الا انني اعرف تفاصيل كثيرة عن هذا الشارع، الذي رأيت عبر شاشات التلفزة وجود بعض الدبابات ،  تقف فعلا على مقربة من الجامع الكبير القريب من ساحة الملعب ، ويبدو انه تم أخذ لقطات لهذه الدبابات وبعض الجنود الذين لايزيد عددهم على عشرة أو أكثر للقول انهم تمكنوا من دخول هذه المنطقة، لكن مواطنين قاطنين في تلك المنطقة أبلغوا قنوات فضائية انهم انسحبوا بعد نصف ساعة من تمركزهم هناك.
ومناطق أخرى في الرمادي تقف على امتداد شارع الملعب ، أو لنقل على الجهة الجنوبية ، من الرمادي والتي تشمل أحياء الضباط والبكر ومدخل جسر التاميم ، هذه المناطق هي التي تركز عليها القصف والاستهدافات العسكرية ، إضافة الى  مناطق البوبالي والبوهزيم والعبيد التي تقع شرقي الرمادي أصلا، وتبعد عن مركز المدينة عشرات الكيلو مترات في بعض منها، وربما يفصل نهر الفرات قرى البوعبيد والبوعيثة والبوفراج ومنطقة الجزيرة التي تشمل كذلك مناطق البوذياب والبوعلي الجاسم والبوعساف والبونمر التي لم تشهد القرى الاخيرة أية نشاطات عسكرية وحافظ ابناء هذه العشائر على مناطقهم من المسلحين، لكنهم صدوا اكثر من محاولة للقوات الحكومية لدخولها، بل لم يتمكن سوى الطيران العسكري من مراقبتها، ولم يكن بمقدور الجيش دخول سوى اطراف بعيدة في شرقي مدينة الرمادي،عدا منطقة البوفراج التي دخلتها القوات العسكرية لساعات ومن ثم خرجت عنها ، اما مركز مدينة الرمادي، فلم تصلها القوات العسكرية، الا في اوقات محدودة ومن ثم تنسحب منها.
لقد تمكنت القوات العسكرية من تحشيد العديد من الفرق العسكرية حول مدينة الرمادي، وقد جاءت أغلب هذه القوات من محافظات الجنوب من البصرة وميسان والعمارة والكوت، لكن وجود هذه القوات لم يكن الا في اطار اسناد محدود ولم يدخل معارك فعلية، مع قوات تعود لعمليات الانبار، التي تدرك ان دخول هكذا قوات يزيد الوضع تعقيدا، ولا يريدون اتخاذ الجانب الطائفي في زج الجيش بمعارك، غير محسوبة العواقب، وهناك غضب شعبي عارم ليس في الانبار فحسب بل من أغلب محافظات العراق من مشاركة قوات عسكرية من مدن أخرى في الانبار تعد مشاركة في  حرب طائفية ضد اهل الانبار ، قد تقود البلاد فعلا الى اندلاع حرب طائفية لاتحمد عقباها وعدها شيوخ الانبار تعديا عليهم ومساسا بمهمة الجيش الوطني في انه قبل مقاتلة أهل الانبار، وكان التركيز على القصف المدفعي العشوائي والطائرات في خلق حالة من الرعب لدى من تبقى من المناطق القريبة من ساحة العمليات العسكرية، رغم ان أغلب قاطني الاحياء القريبة من العمليات العسكرية نزحت الى مدن وقرى الانبار ومحافظات أخرى، وهم يواجهون الان ظروفا صعبة في توفير الحد الادنى من مستلزمات العيش وعدم وجود مصاريف لديهم لان أغلب موظفيهم لم يستلموا رواتب منذ شهرين، وهم الان في محنة كبيرة، لم يدرك القائمون على هذه الحرب خطورتها على أهل الانبار وما حلت بهم من محن وكوارث، جراء تحشيد جيوش كبيرة حول محافظتهم وبالذات الرمادي والفلوجة ، وشن هجمات بالمدفعية والاسلحة المتوسطة والخفيفة على سكان هذه الاحياء بنيران كثيفة عرضت حياة اغلبهم لمخاطر جمة اضطروا للنزوح منها تحت ضغط القصف المدفعي..
ويعول الكثيرون على جهود تبذلها اوساط عشائرية مختلفة في محاولة لتطويق اثار هذه الازمة وما تخلفه من كوارث على مستقبل العراق ككل.