لقد جعل سماحه السيد محمد باقر الحكيم رحمه الله، الاول من رجب ليس مجرد يوم عابر ممكن للحظاته ان تمر مرور الكرام، بل اصبح هذا التأريخ كرنفال للشهادة وللكلمة الحرة، التي عجزت قوى الشر اسكاتها، ومثل سماحته الموقف الرافض للخنوع في زمن سبات اصوات الثائرين، لكل ماكان سائد في المجتمع من ثقافة القطيع، بسبب سياسات النظام البائد القمعية ﻷي بوادر تحررية.
فكما هو معلوم للجميع، لا تتقدم اﻷمم بالجموع التي تسير و تضرب بسياط العبودية، بل تنهض بصفوة الرجال التي تفكر ﻷجل تلك الجموع وتقدوها، هكذا كان سماحته علامة فارقة وفكر متجدد، ولد ليبقى ويستمر، كفنار ينير الدرب امام الجميع.
انه رجل واحد بلغة الارقام، ورغم ذلك وقف بمواجهة كيان مكون بدولة بمؤسساتها، وبما تملك من قوة عدد وعدة، الا انه كان يمتلك قناعة كاملة وكافية، لهذا المد والتيار الوحشي الذي استباح كرامة الانسان، فكان سماحته مثال حي لﻷية الكريمة ” كم من فئة قليلة غلبت فئة كثيرة بأذن الله والله مع الصابرين” .
مثل سماحته تهديد واضح للنظام البائد، مما اضطره الى الهجرة خارج البلاد، لتبدء مرحلة جهادية جديدة في حياة هذا الرمز الخالد، أكثر جدية للتحرك لمواجهة النظام الدكتاتوري اولا، والتخطيط لبناء الدولة العصرية ثانيا، اذ مثل سماحته الصوت اﻷسلامي المعتدل، ذو الافق الرحب والمتعالي على كل المسميات ذات النفس الطائفي الضيق .
فشكل سماحته مرة اخرى ناقوس خطر، لمريدي الفتنة والفرقة وتجار الحروب والازمات، الذين يعتاشون على اثارة الاخلافات والنزاعات،فلم يروق لهم توجه سماحته الوطني اﻷصيل، فعمدوا على اسكات صوته والقضاء على شخصه، لكن كيف للكلمة الحرة ان تموت؟ وكيف للرجل الرسالي ان يختزله زمان واحد؟
جاء مشهد استشهاد سماحته، بهذه الطريقة السرمدية، اذ تناثر جسده الشريف مع ذرات الهواء، ليعطي قوة اضافية لقضية هذا الرجل، ولمسة اخيرة لتأريخ الواحد من رجب ليقف مستذكرآ، ذلك الرجل الثائر.