ايام مضت على توقف الأشتباكات العسكرية للجيش العراقي مع بيشمركة الحزب الديمقراطي الكردستاني , إثر مفاوضاتٍ عسكريةٍ جارية بين الجانبين , ويبدو أنّ رئيس الأركان العراقي < فريق اول عثمان الغانمي > يدير المفاوضات بهدوءٍ حذر ونفسٍ طويل مع قادةٍ عسكريين كرد , لإقناعهم وتحذيرهم بالأنسحاب من المواقع التي يشغلوها , وفتح الطريق أمام الجيش العراقي لبلوغ منطقة < فيشخابور ومعبر ابراهيم الخليل > على الحدود العراقية – التركية . القادة العسكريون الكرد يدركون مسبقاً أنّ الأنسحاب من هذه المنطقة سيضعهم في فكّي كماشة عراقية واسعة الإحاطة لا سيما في وقتٍ لاحق وغير بعيد , ولذلك فأنّ ضباط البرزاني المفاوضين يناورن بالتأخير و كسب الوقت كرهانٍ بعيد او قريب المدى من احتمال تطورات جديدة على الساحة قد تقوم بها الولايات المتحدة , وعلى الرغم من أنّ قرار تقدم الجيش العراقي نحو الحدود هو قرار سياسي واضح , وأنّ تنفيذه عسكرياً ممكن وليس بهيّنٍ ايضا , إذ لا يستهان بحجم وتسليح البيشمركة بتلك المنطقة , بالأضافة الى أنّ طبيعة المنطقة الطبوغرافية تخدم البيشمركة اكثر.
ما يفتقده الراي العام العراقي والعربي هو معرفة تفاصيل الأتصالات السرية بين الأمريكان والحكومة العراقية وكذلك بعض دول الجوار , ومن الطبيعي أنّ مثل هذه الأتصالات يغلب عليها الكتمان والسرية الى وقتٍ قد يغدو متأخراً , ولعلها ستتسرب الى الصحافة الغربية عمداً او دونما عمد ! , وعلى الرغم من أنّ حكومة العبادي مقيّدة إن لم تكن مكبّلة بالنفوذ العسكري – السياسي الأمريكي في العراق , لكنها تمتلك من مصادر القوة لما يمكّنها من تصعيد الوضع العسكري مع البيشمركة وبكثافة تعتمد على سرعة التحرك وفرض أمرٍ واقع , اذا ما استطاعت مسك خيوط اللعبة بجدارة .!
” شمالاً ” ايضاً , فأنّ الحرق المتبادل لمقراتٍ حزبية كردية مختلفة في اربيل ودهوك ” وامكانية توسع نطاقها ” بالأضافة الى اقتحام البرلمان الكردي واقتحام القنصلية التركية في اربيل , فذلك يجسّد بوضوح الإرباك النفسي والفكري للقيادات الأمنيّة والسياسية التابعة للسيد مسعود البرزاني , جرّاء الأحداث الأخيرة .
” جبهة ” الأتحاد الوطني الكردستاني , ومعها حركة التغيير ” كوران ” والتنظيمات السلامية الأخرى , امست واضحت مركز الثقل في الأقليم , بينما ما برحت قيادة البرزاني تطالب بالحوار اللا مشروط وهي في حالة انكسار يدنو من التشظّي الى حدٍّ ما .! وبينما ايضاً لم تعد من حاجةٍ للحوار في مفهومه ” اللغوي والسياسي ” مع مجموعة الأحزاب في السليمانية وكركوك سوى تفاهماتٍ تنسيقية وادارية وعلى مستوى سياسي غير شائك , فعلى ماذا تهدف قيادة البرزاني من الحوار ! وهل بوسعها فرضه ؟ أمْ انه تلميح وتلويح للعودة الى القتال .!