21 فبراير، 2025 6:51 م

قراءة في المشروع التركي البديل للنفوذ الإيراني والأميركي؟

قراءة في المشروع التركي البديل للنفوذ الإيراني والأميركي؟

يشهد المشهد السياسي في الشرق الأوسط تطورات متسارعة، حيث تبرز تحركات تركيا كمؤثر رئيسي في إعادة تشكيل الخارطة الأمنية للمنطقة، وسط تباين في المواقف بين واشنطن وحلفائها الإقليميين. ويبدو أن المقترح التركي الجديد قد يساهم في إعادة توزيع النفوذ بين القوى الإقليمية، وهو ما يثير قلق الإدارة الأميركية، خصوصًا في ظل العوامل المرتبطة بسياسات الرئيس دونالد ترامب.

من الواضح أن هناك فجوة واضحة بين صناع القرار العسكري والدبلوماسي في واشنطن وبين الرئيس الأميركي دونالد ترامب. فبالرغم من كونه القائد الأعلى للقوات المسلحة، إلا أن سلسلة القرار في البنتاغون والخارجية كانت تشعر بأنها غير قادرة على توجيه أو التأثير في مواقفه، خصوصًا فيما يتعلق بسياسات الانسحاب من مناطق الصراع مثل العراق وسوريا. الإدارة الأميركية تبلّغت من الحكومة العراقية رغبتها في بقاء القوات الأميركية على الأراضي العراقية، ما يعكس تحولًا في الموقف العراقي كنتيجة لانقلاب الأوضاع في سوريا، حيث أصبح العراق أكثر حذرًا حيال أي انسحاب قد يخل بالتوازن الأمني في المنطقة.

في ظل انهيار نظام الأسد وانسحاب الميليشيات الإيرانية من سوريا، تبرز تحديات أمنية جديدة، إذ بات العراق والأردن قلقين من الفراغ الأمني الذي قد يسمح بعودة داعش إلى المشهد. هذه الهواجس دفعت بغداد إلى مراجعة موقفها من بقاء القوات الأميركية، على الأقل حتى تتضح ملامح النظام الجديد في دمشق. يبدو أن تركيا تسعى إلى استغلال هذه التطورات لتقديم بديل أمني عن النفوذ الأميركي والإيراني في المنطقة، حيث طرحت مؤخرًا على العراق والأردن إنشاء منظومة أمنية مشتركة تهدف إلى منع عودة داعش إلى سوريا والعراق، والحيلولة دون عودة الميليشيات الإيرانية إلى سوريا، وتفكيك الإدارة الكردية في شمال شرق سوريا، ومعالجة قضية سجناء داعش المحتجزين لدى قوات سوريا الديمقراطية، بالإضافة إلى تأمين الظروف لعودة أكثر من مليوني لاجئ سوري إلى بلادهم.

ورغم أن دمشق رفضت أجزاء من هذا المقترح، إلا أن تركيا تراهن على تعاون أكبر بين العراق والأردن لتحقيق أهدافها الاستراتيجية. وتشعر الأوساط السياسية في واشنطن بقلق بالغ من إمكانية تبني ترامب لهذا المقترح التركي ، إذ يُعرف الرئيس ترامب برغبته في إنهاء التواجد العسكري الأميركي في الخارج، ومن الممكن أن يرى في المبادرة التركية فرصة لإعلان انسحاب القوات الأميركية تحت شعار “حل المشاكل إقليمياً”، مما قد يؤدي إلى فراغ استراتيجي تستفيد منه أنقرة لتعزيز نفوذها.

يبدو أن المقترح التركي يمثل محاولة جادة لإعادة ترتيب الأوراق في المنطقة، في ظل تراجع التأثير الإيراني والأميركي. ومع ذلك، فإن نجاحه يعتمد على مدى تجاوب الدول المعنية، وخاصة العراق والأردن، بالإضافة إلى تفاعل الإدارة الأميركية مع هذه التطورات. في ظل هذه المعطيات، تبقى المنطقة في حالة ترقب لمآلات هذا المقترح وتأثيره على مستقبل التوازنات السياسية والأمنية في الشرق الأوسط.

أحدث المقالات

أحدث المقالات