كم تمنيت ان لا اعلق او اكتب عن ما جاء في الورقة التي كشفتها وسائل الاعلام المحلية ، الاحد ، والتي يقال انها تمثل 13 مطلبا للمتظاهرين في الانبار من اجل إنهاء الاعتصام ونزع فتيل الازمة الحالية.ولكن ما دفعني الى الكتابه هو احد اصدقائي الذي طلب مني تفسير تلك المطالبات وتحليلها وفق المعطيات المتوفرة.
وبعيدا عن القيل والقال فقد أنهى المتظاهرين الجدل وسلموا وفد التيار الصدري يوم امس ورقتين تتضمن طلبات المتظاهرين وذيلوا الورقتين بملاحظة”يقرر المعتصمون عدم إنهاء الاعتصام الا بعد تنفيذ جميع هذه المطالب” وهذه الملاحظة مثيرة للجدل وتفتح افاقا كبيرة للتساؤل نحن في غنى عنها.
وكي نتناول تلك البنود بهدوء لابد علينا من الإشارة الى جملة من المؤشرات حول المطالب وحسب ما جاء في التسريبات الاعلامية للورقتين وقد عمدنا الى عرض كل بند والتعليق عليه بدون مجاملة او تزويق وبالتسلسل الاتي:-
1- المطلب الاول تضمن المطالبة باطلاق سراح جميع المعتقلات المتهمات بقانون الارهاب واحالة نساء بغداد الى الانبار حصرا !!!! وهنا نؤشر ان من كتب هذه البنود هي ذات الايادي التي تروج بانه هذه التظاهرات جاء للدفاع عمن شرف المعتقلات(علما بان جميع العراقيين يرفضون المساس بأي عراقية على الاطلاق ) ومن هنا نستنتج بان الجهات التي تقف وراء التصعيد بسقف المطالب وما شابه ذلك هي جهات خــبرت علم الدعاية وفنون الحرب الاعلاميه وبالتالي (يستر الله منها) ، ثم يعرج الطلب الى موضوع حمايات رافع العيساوي ويشترط نقلها الى الانبار وهذا يعني بان الممسك بزمام التظاهرات هم من المقربين لوزير المالية رافع العيساوي وبالتالي فان الغالبية من المتظاهرين ربما يجهلون هذه الحقيقة المرة بعض الشيء فالجميع يدافع عن آخرين لا نعلم حتى الان هل هم ابرياء ام مجرمين؟.
2- جاء في البند الثاني للمطالب بأيقاف تنفيذ احكام الاعدام وهذه بحد ذاتها مؤشر لوجود تدخلات واملات خارجية فرضت في ورقةالمطالب خصوصا اذ ما علمنا بان موضوع ايقاف احكام الاعدام جاء اكثر من مرة كدعوات اطلقتها منظمات دولية وبالتالي فان ادراجها هنا يمكن ان يـــُفسر بأنه تنفيذ لرغبات جهات خارجية لا دخل للمتظاهرين فيها.
3- تعديل العمل بقانون الارهاب وهذا ربما يكون حق مشروع فمن حق اي من الجماهير ان تطالب بتغيير التشريعات التي لا تلائمها او ادراج قانونين تصب في مصلحتها.
4- فيما يخص قانون العفو العام ، فهذا مطلب مشروع ايضا والبرلمان اعلن مرارا وتكرارا على انه ما يزال يعيد قراءته ويتداول مع القادة السياسيين بشأنه ، شرط ان لا يتضمن قانون الافراج عن من تطلخت يداه بدماء العراقيين ( كتب عليكم القصاص).
5- ايقاف العمل بقانون المسالة والعدالة وهذا باعتقادي لا يمكن ان ينفذ لانه يتطلب اجراء تعديل دستوري وهذا من ” سابع المستحيلات” لان اي تعديل دستوري يتطلب استفتاء شعبي لعموم العراقيين .
6- تحقيق التوزان في المؤسسات العسكرية، ربما ايضا مطلب بسيط ولا يحتاج اصلا الى تظاهرات او حتى اعتصام فقط يتطلب مقترح قانون برلماني وياخذ طريقه نحو القبول او الرفض ولا اعتقد وجود رفض لان الجميع متفقين على مبدأ الشراكة في الوطن.
7- الغاء قيادات العمليات لانها غير دستوري وفقا لورقة المتظاهرين ، وهذا البند يؤشر وجود ايادي كردية تحاول ان تحصل على بعض المكاسب من خلال هذه الازمة وعلى المتظاهرين ان يصغوا لصوت ابناء كركوك وعربها.
8- اعادة التحقيق في القضايا التي تمس الرموز الوطنية وهذا الفقرة عامة ولا نعرف من المقصود بالرموز الوطنية، او ربما استحى البعض من كتابة الاسماء الصريحه ، ارضاء لجهات متنفذه في المظاهرات وهذا مؤشر على ان القائمين على التظاهرات يمتلكون سطوة ونفوذ يفوق ما تمتلك تلك الرموز..( أليس صحيحا ذلك.؟!).
9- تحريم استخدام الشعارات الطائفية وهذا المطلب بحد ذاته يجب ان لا يدرج في ورقة المطالب خصوصا وان هذه التظاهرات بدأت بشعارات طائفية اشمئز منها الجميع وبالامكان مراجع الايام الاولى للتظاهرات وما يزال اليوتيوب خير شاهد على ذلك (من فمك ادينك).
10- مطلب اجراء تعداد سكاني يحدد القومية والمذهب .. وهنا نتذكر المثل (شي ميشبه شي) فكيف تطالب بتحريم الطائفية و أنت تسعى لمعرفة تعداد كل طائفة أو قوميه..؟!!.
11- تجنب المداهمات الليلية والمخبر السري ، وهذا المطلب يستوجب مشروعا لقانون ايضا وقد لا يستوجب الاعتصام وانما يتطلب همة من عدد من البرلمانيين لكتابة وتقديم قانون يحدد عمل الاجهزة الامنية وما شابه ذلك.
12- الاسراع بتشكيل المحكمة الاتحادية… وهذا المطلب غريب بعض الشيء ، فالقانون موجود و قد تم قراءته اكثر من مرة في البرلمان وفي طور الانجاز وربما هذا البند قد يخضع لا جندة سياسية لإحدى القوائم النيابية وبالتالي فان نظرية(عفوية التظاهرات ستسقط هنا).
13- اعادة جميع المساجد وهذا المطلب يؤشر وجود دور للوقف السني فيه لكننا نؤشر وجود خلل في دور الوقفين السني والشيعي في هذه القضية الحساسة والمهمة بدليل انهما لم يتوصلا الى حلول و نقلوا الإشكالات (ان وجدت) الى الشارع .
ومن خلال المؤشرات الاولية لقراءة الورقة التي اعده المتظاهرين يبدو ان هناك مطالب مشروعة ويمكن ان تناقش الاليات تنفيذها ايضا ، وبنفس الوقت توجد مطاليب مستحيلة التنفيذ وربما قد وضعت من جهات تسعى الى اشعال فتيل الازمة اكثر واكثر وصولا الى خيار التقسيم على اسس طائفية (لا سامح الله).
كما ان تلك المطالب غالبيتها من اختصاص البرلمان ولا دخل الى السلطة التنفيذيه فيها .. فهل يجهل القائمين على التظاهرات هذه الحقيقة ، فسن القوانين والتشريعات هي من اختصاص البرلمان وليس للحكومة دخلا فيها كما ان نقل المعتقلات وقضية الحمايات ايضا من اختصاص السلطة القضائية وليست الحكومية ايضا.
وكانت المفاجئه الاكبر في تلك الورقتين اختفاء قضية الهاشمي او الاشارة اليها بصورة واضحه وصريحه، وشكلت تلك المفاجئة علامة استفهام كبيرة فهل نجح البعض بتسخير قضية المتظاهرين والاعتصام لصالح شخص العيساوي فقط؟ .