18 ديسمبر، 2024 6:19 م

قراءة في الانتخابات العراقية لعام 2018

قراءة في الانتخابات العراقية لعام 2018

قبل أن ندخل بتحليل الانتخابات القادمة علينا أولا وضع الحقائق التالية:-

1. في الانتخابات السابقة 2010 -2014 كانت التحالفات السنّية والكردية والشيعية اقرب إلى (التوافق) رغم حدوث إشكاليات بعد إعلان النتائج من حيث الاصطفاف السياسي لضمان مصالح السلطة والنفوذ.

2.عدم وجود قانون الأحزاب في الانتخابات السابقة وهذا واحد من مظاهر تشكيل 204 حزب مسجل رسميا في دائرة الأحزاب التابعة لمفوضية الانتخابات.

3. ظهور تنظيمات مسلحة بغلاف سياسي وتتمثل بالحشد الشعبي (ائتلاف الفتح).

4. انتخابات 2018 شهدت انقساما في القوى السياسية الكبرى(الشيعية والسنية والكردية) وأسباب التشتت في اختلاف المنهج والمبادئ والمصالح.

5. الأحزاب الكردية كانت تحت مظلة (التحالف الكردستاني) .وبعد الاستفتاء تشتت هذه الأحزاب وكل حزب سيدخل الانتخابات بشكل منفرد حتى في كردستان وفي المناطق المختلف عليها لكسب مزيدا من الأصوات على حساب الآخر.

6. تحالف القوى الذي يضم مختلف الأحزاب السنية أصبح منقسما على نفسه لاختلافات الزعامات والارتباطات والمصالح .

7. حزب الدعوة بعد أن كان (ائتلاف دولة القانون) هو خيمته الانتخابية. دخل في انتخابات 2018 بقائمتين بعيدا عن تسمية ( حزب الدعوة) وأصبح هناك قائمة برئاسة نوري المالكي( دولة القانون) وقائمة أخرى (النصر) بزعامة حيدر العبادي.

8. انشقاق المجلس الأعلى الإسلامي إلى قائمتين بشكل رسمي ( حزب تيار الحكمة بزعامة عمار الحكيم ) والمجلس الأعلى بزعامة همام حمودي.

9. التيار الصدري خرج عن التحالف الشيعي وانضم إلى تحالف( سائرون) المؤتلف مع الحزب الشيوعي العراقي والأحزاب المدنية الأخرى.

10. الحزب الإسلامي العراقي بزعامة أياد السامرائي رفض الدخول في انتخابات 2018 باسمه وسمح لمرشحيه الدخول إلى الانتخابات بشكل منفرد .

11. انشقاق حزب الاتحاد الوطني الكردستاني إلى أكثر من نصف ، الأول يمثل العدالة والديمقراطية بزعامة برهم صالح والثاني بزعامة كوسرت رسول والثالث بزعامة هيرو احمد زوجة طالباني وابنها بافل .

12. تشكيل عشرات الأحزاب السنية في المناطق المحررة من داعش بعيدة الانضمام ضمن سقف واحد.

13. ائتلاف الوطنية بزعامة اياد علاوي هو الوحيد المحافظ على كيانه رغم الانتقادات التي وجهت له في هذه الانتخابات 2018 لانضمام مجموعة من الشخصيات والأحزاب السنية المتهمة بالفساد.

14. التحالف الشيعي رغم كل الانشقاقات التي حصلت به مؤخرا لكنه سيعاود التحالف لتشكيل الحكومة القادمة وهذا ( أمر ليس مسموح به الاجتهاد) .

15. الانقسام الذي تشهده الساحة السياسية الشيعية أكثر حدةً وعمقًا من الانتخابات السابقة. ففي البداية: نلاحظ أن حزب الدعوة – أعرق حزب سياسي شيعي – انقسموا على تحالفين: (دولة القانون، وتحالف النصر)، وبمجرد النظر إلى مكونات كلا التحالفين، نجد أن هناك اختلافًا كبيرًا في رؤى كل تحالف وتوجهاته. وإن عدم اشتراك حزب الدعوة الإسلامية كحزب سياسي في الانتخابات ما هو إلا إشارة على حدة الانقسام بين التحالفين.وعلى سبيل المثال لا الحصر..حيدر العبادي يؤمن (بالحكومة التوافقية) ونوري المالكي يؤمن (بالأغلبية السياسية) وهذا الاختلاف زاد من سعة الفجوة داخل حزب الدعوة الحاكم.

16. من جهة أخرى، القوى السنية الرئيسة كانت تنضوي تحت تحالف واحد (تحالف القوى العراقية)، والكتل السياسية التي يشملها هذا التحالف تشرذمت واتهمت بأنها لم تدافع عن أبناء المكون السني، والبعض منهم متهم بقضايا إرهابية وعمومًا لم يكن موقفهم واضحًا أو موحدًا، فكانوا تارةً يقفون بموقف معارض للعملية السياسية وتارةً أخرى يقفون مؤيدين لها. ونتيجة لذلك، خسر العديد من الشخصيات شعبيتهم في هذه المحافظات، وأصبح آخرون مهددين بخسارة قواعدهم الشعبية أيضًا؛ وهذا بدوره أدى إلى فقدان الثقة بين الكتل التي تشكل التحالف وانقسامها، وليس انقسام هذه القوى حديثًا، وإنما بدأت الانقسامات والانشطارات فعليًا في انتخابات 2014.

17. نسبة المشاركة في انتخابات أيار 2018 لاتتجاوز 55% لعدم قناعة العراقيين بالتغيير الحقيقي وإنما تدوير نفس الوجوه من خلال تزوير النتائج الانتخابية والتدخلات الخارجية.

18. في ظل الانقسام الذي تشهده الساحة السياسية، وخيبة الأمل التي يعيشها الناخب العراقي، يعد سيناريو (التحالفات التوافقية) ما بعد إعلان النتائج الانتخابية هو الأقرب.

التحليل

حقيقة لابد من الإشارة إليها…رغم وجود قانون الأحزاب رقم 36 لسنة 2015 الذي اعتبر الائتلاف الذي يفوز في الانتخابات هو الكتلة الأكبر لان لها وجود معنوي ومسجلة رسميا. في حين المادة (أولا /76) من الدستور- المرشح لرئاسة الوزراء من الكتلة الأكثر عددا( أي تحالف ما بعد الانتخابات بغض النظر عن الجهة التي حصلت على المقاعد الأكثر) وهذه إشكالية غفلت عنها الأحزاب أو ربما التحالف الشيعي وراء تمسكه بهذه المادة لجمع اكبر عددا من المقاعد النيابية وبالتالي تبقى رئاسة الوزراء ضمن حصة التحالف الشيعي.

التحالف الوطني:-

1. كل الاستطلاعات والتوقعات تشير إلى أن تحالف (النصر) سيحصد 80 مقعدا كحد أدنى وبالتالي مؤشر لدفع العبادي إلى دورة ثانية.

2. تحالف مقتدى الصدر سيأتي بالدرجة الثانية بعد تحالف النصر بمعدل 45 مقعد.

3. تحالف الفتح بزعامة هادي العامري سيكون بالمستوى الثالث بمعدل 33 مقعد.

4. تحالف دولة القانون بزعامة نوري المالكي سيكون بالمستوى الرابع بمعدل 23 مقعد.

5. تيار الحكمة بزعامة عمار الحكيم لاتتجاوز مقاعده عن 11 مقعد.

6. المجلس الأعلى سيحصد 4-5 مقاعد .

ما بعد الانتخابات

1. لتعزيز موقف حيدر العبادي سيتحالف معه مقتدى الصدر(سائرون) بشروط.

2. تحالف القرار العراقي بزعامة النجيفي أيضا سيتحالف مع العبادي لكسب السلطة والنفوذ.

3. تيار الحكمة بزعامة عمار الحكيم سيرى أيهما الأقرب لتشكيل رئاسة الوزراء سيتحالف معه.وكذلك المجلس الأعلى.

الاكراد

1. كل المعطيات على الأرض تشير إلى أن الأحزاب الكردية ستخسر ما لايقل عن (15) مقاعد في البرلمان الاتحادي.بمعنى أن كل الأحزاب الكردية لايزيد عدد مقاعدها في البرلمان الاتحادي عن 45 مقعد والفوز الأكبر لتحالف برهم صالح .

2. الأحزاب الكردية لاتدعم العبادي باستثناء تحالف الديمقراطية والعدالة بزعامة برهم صالح.

3. وضع الأكراد يكاد يكون الأسوأ منذ عام 2003، إذ إن استفتاء الانفصال شتت القوى الكردية الرئيسة ناهيك عن المشاكل الاقتصادية في الإقليم وعمليات الفساد وتسلط العائلة البرزانية على حكم كردستان.

4. التحالف ما بعد الانتخابات سيكون بين ( تحالف برهم صالح والتغيير والجماعة الإسلامية والاتحاد الإسلامي) بعيدا عن الاتحاد الوطني والديمقراطي الكردستاني .

السنّة

1. جميع المكونات السنّية سوف لن تحصل على المقاعد (المريحة) بسبب عمليات النزوح وعموم الشخصيات السياسية السنية هي أوراق محروقة في الشارع السني.لذلك هذه الأحزاب لها قراءتين إما التحالف فيما بينها لتكون مؤثرة في البرلمان أو تبقى عمليات التشظي بذهاب قسم منها إلى التحالف مع العبادي للاستفادة من المناصب الحكومية.

2. ائتلاف أياد علاوي(الوطنية) قد يشكل مع الأحزاب السنية الصغيرة الفائزة بمقعدين أو ثلاث المعارضة السياسية في البرلمان وهذا ما يحتاجه العراق فعلا في هذه المرحلة بل من الضروري أن تتحد جميع الأحزاب السنية لتكون معارضة داخل البرلمان أفضل من الذهاب للحكومة وهي غير قادة على اتخاذ القرار.

3. إما التوقعات فهي:-

أ‌. تحالف القرار العراقي لايتجاوز عن 13 مقعد.

ب‌. الانبار هويتنا نحو 4 مقعد.

ت‌. عابرون مقعد او مقعدين.

ث‌. تحالف بغداد نحو 4 مقاعد.

ج‌. نينوى هويتنا نحو 7 مقاعد.

ح‌. ديالى التحدي بخمسة مقاعد.

خ‌. التحالف العربي في كركوك 3 مقاعد.

4. ائتلاف الوطنية بزعامة أياد علاوي لايمكن احتسابه على السنة فهو بعيد عن هذه التسمية وينأى بنفسه عن ذلك سيبقى منفردا ومقاعده لا تتجاوز 22 مقعد.

بناءً على ما تقدم، نجد:-

1. أن الانقسام السائد في الساحة السياسية في الانتخابات سينعكس على شكل البرلمان العراقي القادم لكن بنحوٍ أقل مما تشهده الحلبة الانتخابية؛ ذلك أن بعض الانقسامات في الساحة السياسية جاءت لأسباب انتخابية وليس لأسباب سياسية، فبعض القوى السياسية ارتأت الدخول إلى المعترك الانتخابي وهي بهيئة منقسمة على أكثر من قائمة؛ وهذا من شأنه أن يرفع من أداء هذه القوة في الانتخابات، ويحول دون تشتت الأصوات في داخل القائمة الواحدة. ولكن هذا من شأنه أيضًا الحيلولة دون قيام حكومة الأغلبية؛ لذا سيفرض شكل البرلمان العراقي تشكيل (حكومة شراكة وطنية) تتشكل من تحالف أكثر من قائمة انتخابية.

2. صراع الكتلة الأكبر سيكون محتدمًا جدًا في داخل القبة البرلمانية، وفي هذا دلالة على أن تشكيل الحكومة القادمة لن يكون مرنًا، وسيتطلب تشكيل الحكومة تحالف ثلاث قوائم انتخابية على الأقل؛ وهذا سيؤدي بجميع القوائم إلى تقديم تنازلات أكثر من أجل الوصول إلى الشراكة التي تمكنهم من تشكيل الكتلة الأكبر، لذا فإن البرامج الانتخابية التي تتبناها القوائم الانتخابية هي غير واقعية موضوعيًا، فصراع القبة البرلمانية سيجبر كثيرًا من القوائم على تعطيل فقرات من برامجها الانتخابية بما يتلاءم وتحالف الكتلة الأكبر. وفي الوقت نفسه، سيشهد البرلمان العراقي القادم تصاعدًا لدور القوائم الثانوية أو الصغيرة، إذ إنها ستؤدي دور بيضة القبان في حال عدم حصول التوافق بين القوائم الكبيرة، وهذا أمر مرجح في ظل التباعد في البرامج الانتخابية والانقسامات السياسية السائدة.