المقدمة :
في هذا البحث المختصر ، سأستعرض ما قاله المفسرون عن / سورة أل عمران 19 ( إِنَّ الدِّينَ عِندَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ ۗ وَمَا اخْتَلَفَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ إِلَّا مِن بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْعِلْمُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ ۗ وَمَن يَكْفُرْ بِآيَاتِ اللَّهِ فَإِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ ) / مركزا على مستهل الأية ( أن الدِّينَ عِندَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ ) ، ثم سأبين بعد ذلك قرأتي الخاصة للأية وأختم البحث المختصر بكلمة .
النص :
أن النظرة العامة للأية تبين بقدر لا يدعى للشك بأن الأمر محسوم آلهيا ، أن غير الأسلام لا يقبل من دين عند الله ، والأمر ليس به من أستثناء ، كما أنه لا يقبل التأويل أو الأجتهاد ، والأية التالية وتفسيرها أهم برهان على ذلك (( ..” إِنَّ الدِّينَ عِندَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ ۗ وَمَا اخْتَلَفَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ إِلَّا مِن بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْعِلْمُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ ۗ وَمَن يَكْفُرْ بِآيَاتِ اللَّهِ فَإِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ ( 19 ) ” وقوله : إن الدين عند الله الإسلام ) إخبار من الله تعالى بأنه لا دين عنده يقبله من أحد سوى الإسلام ، وهو اتباع الرسل فيما بعثهم الله به في كل حين ، حتى ختموا بمحمد ، الذي سد جميع الطرق إليه إلا من جهة محمد ، فمن لقي الله بعد بعثته محمدا بدين على غير شريعته ، فليس بمتقبل . كما قال تعالى : ” ومن يبتغ غير الإسلام دينا فلن يقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين ” / آل عمران 85 ، وقال في هذه الآية مخبرا بانحصار الدين المتقبل عنده في الإسلام .. وذكر ابن جرير أن ابن عباس قرأ : شهد الله أنه لا إله إلا هو والملائكة وأولو العلم قائما بالقسط لا إله إلا هو العزيز الحكيم إن الدين عند الله الإسلام .. )) / نقل بتصرف من الموقع التالي : quran.ksu.edu.sa/tafseer/…/sura3-aya19.htm ، و يغور القران في جانب أخر ، ويدخل بنطاق أخر وهو ” السماوات ” حيث ربط دينها بالأسلام أيضا !!! ، وأنا لا أدري هل للسماوات دين ومذهب ومعتقد !! ، فقد جاء في موقع أهل القران (( على كل حال سأجيب على السؤال الأول
( هل أهل الكتاب مُسلمين ) !! والإجابة على السؤال إختصارا هي كالتالي: الإسلام هو دين السموات والأرض … لقوله تعالى: ” أَفَغَيْرَ دِينِ اللّهِ يَبْغُونَ وَلَهُ أَسْلَمَ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ طَوْعاً وَكَرْهاً وَإِلَيْهِ يُرْجَعُونَ ” / {83} آل عمران )) ، والقرأن أسترسل الى منطقة أعمق وأكثر حساسية دينيا وعقائديا وتأريخيا ، عندما قال أن النبي أبراهيم هو أول المسلمين ، وذلك من أجل حسم الأمر من جانب أب الأنبياء ، حيث ورد في ” موقع / أسلام ويب ” التالي بهذا الصدد (( .. سيدنا إبراهيم عليه السلام كان مسلما ، سؤالي هو : كيف يكون هناك ديانات يهودية ونصرانية بعد ذلك ، وهل هي ديانات أم رسالات ، وعندما يسألون في قبورهم عن دينهم ماذا سيجيبون ؟ وجزاكم الله خيراً . الإجابــة الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ، أما بعـد: فالإسلام هو الدين الذي ارتضاه الله للبشرية وربط به هدايتهم ، وحكم على من ابتغى غيره من الأديان بالخسارة ، قال الله تعالى : وَقُل لِّلَّذِينَ أُوْتُواْ الْكِتَابَ وَالأُمِّيِّينَ أَأَسْلَمْتُمْ فَإِنْ أَسْلَمُواْ فَقَدِ اهْتَدَواْ {آل عمران:20} )) ، والأمر يتأكد أيضا في موقع أخر ، ويؤكد أسلاميته من جانب ، ثم ينفي أي علاقة للنبي أبراهيم باليهودية و المسيحية (( لقد اختلف الناس ودخلوا في جدال حول دين سيدنا إبراهيم عليه السلام فاليهود يدعون أنهم وحدهم أصحابه والسائرون على دينه والملتزمون بطريقه والنصارى مع قبولهم رأي اليهود ، إلا أنهم يعتبرونه تابعا لسيدنا المسيح عليه السلام الذي جاء بعده ويختلفون في هذا مع اليهود وخلاصة القول أن اليهود يعتبرون سيدنا إبراهيم يهوديا والنصارى مسيحيا ، والقرآن يقول كلمته في من يدعون بدون علم ” أَمْ تَقُولُونَ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالأسْبَاطَ كَانُواْ هُوداً أَوْ نَصَارَى قُلْ أَأَنتُمْ أَعْلَمُ أَمِ اللّهُ وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّن كَتَمَ شَهَادَةً عِندَهُ مِنَ اللّهِ وَمَا اللّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ / البقرة 140 ” / نقل من article-2011.blogspot.com/2011/09/blog-post_4897.html )) ، ولكن المسيحية لها رأي أخر حول النبي أبراهيم حيث .. (( يدعونه أبا للمسيح يعتبر أبراهيم أبا للمسيح ، يدعى إبراهيم في العهد الجديد أبًا لبني إسرائيل ( أعمال 13: 26) والكهنوت اللاوي (عب7: 5) وأبًا للمسيح (مت 1: 1)- وغلاطية (3: 16) وأبًا لكل المسيحيين كمؤمنين (غلاطية 3: 29- ورومية 4: 11) أما البركات التي بورك بها فقد وردت في العهد الجديد بأسماء متنوعة منها “الوعد” (رومية4: 13) “وبركة” (غلاطية3: 14) “ورحمة” (لوقا 1: 54-55) – “القسم” (لوقا 1: 73) “والعهد” (أعمال 3: 25) وقد قال المسيح أن إبراهيم رأى يومه وفرح (يوحنا 8: 56) ويذكر العهد الجديد إبراهيم كمثال للتبرير بالإيمان (رومية4: 3-11- 18) وكذلك ذكره كمثال للأعمال الصالحة التي بها أكمل الإيمان (يع 2: 21-23) وطاعة الإيمان (عب 11: 8-17) وقد أشار المسيح إلى مكانته السامية بين القديسين في السماء (مت 8: 11 ولو 13: 28- 16: 23-31) .)) / نقل بتصرف من موقع سانت تكلا ، ولو أخذنا الأمر منطقيا ، فعندما يكون الأب المجازي للمسيح أيمانيا مسلما / النبي أبراهيم ، لكان الأبن بالأيمان على دين أبيه ، أي لكان المسيح مسلما !! .. أن قضية أسلام النبي أبراهيم أشكالية دينية ومعتقدية بالنسبة لليهودية و المسيحية وحتى بالنسبة للأسلام ، حيث أن النبي أبراهيم عاش قبل الأسلام بقرون ، وتشير بعض المصادر الى الأتي ، ” وفقًا للتاريخ الذي حسبه الأسقف اشر، أنه عاش حوالي سنة 1996-.? ق م / نقل من موقع سانت تكلا ” ، أي هناك فارق تأريخي قدره حوالي 25 قرنا بين الرسول محمد والنبي أبراهيم ، أضافة الى أختلاف الظروف الزمانية والمكانية والمجتمعية بينهما !!! ، خلاصة ، لا يشترك أو يجمع بين الرسول محمد والنبي أبراهيم أي عوامل مشتركة !! .
القراءة :
أولا – أني أقرأ الأية حسب مفهومي ، كما يلي : عندما كان الدين عند الله هو الأسلام ، لم نزل الأتبياء والرسل ، ولم كان هناك كتب سماوية ، كالزبور / النبي داؤود ، التوراة / النبي موسى ، كنزا ريا / يوحنا – يحي ، والأنجيل / المسيح ..، كان ممكن أن يختصر الامر كله بالقرأن وبالرسول محمد !! .
ثانيا – وعندما يكون الدين عند الله هوالأسلام ، لما نزلت سورة أل عمران ، على سبيل المثال ( نَزَّلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ وَأَنزَلَ التَّوْرَاةَ وَالْإِنجِيلَ 3 ) ، الأية تعترف بالتوراة والأنجيل ، ولم كان موسى أكثر الأنبياء ذكرا في القرأن ، وتعلل بعض المصادر ذلك ب (( فلعل السبب في ذلك ما ذكره شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى ، في مجموع الفتاوى 12/ 9 ، قال : وثنى قصة موسى عليه السلام مع فرعون لأنهما في طرفي نقيض في الحق والباطل ، فإن فرعون في غاية الكفر والباطل حيث كفر بالربوبية وبالرسالة ، وموسى عليه السلام في غاية الحق والإيمان من جهة أن الله كلمه تكليماً لم يجعل الله بينه وبينه واسطة من خلقه ، فهو مثبت لكمال الرسالة وكمال التكلم ، ومثبت لرب العالمين بما استحقه من النعوت . / نقل من مركز الفتوى )) ، ولم كرم المسيح بأيات مميزة كثيرة منها ، ( وَالسَّلامُ عَلَيَّ يَوْمَ وُلِدْتُ وَيَوْمَ أَمُوتُ وَيَوْمَ أُبْعَثُ حَيّاً ) مريم/33 ، ولم تذكر بهكذا أيات أنبياء ، لو كان الدين عند الله فقط الأسلام ! .
ثالثا – ولم بالتحديد كان النبي أبراهيم مسلما ، ومن هداه الى الأسلام ! علما أنه كان (( .. يعبد الله ولم يكن الله لإبراهيم الإله الواحد فحسب بل كانت لأبراهيم معه علاقة شخصية وشركة روحية قوية (تك24: 14) ولذلك نال إبراهيم لقب “خليل الله” الذي ذكر في الكتاب ثلاث مرات (2 أخبار 20: 7 واش 41: 8 ويع2: 23) أما صفات الله التي نسبها إبراهيم إليه فهي : العدل (تك 18: 25) – البر (تك 18: 19) – الأمانة واللطف والحق (تك 24: 27)- الحكمة والرحمة (قارن تك 20: 6) .. / نقل من موقع سانت تكلا )) .
رابعا – تساؤل ، لم لم يسلم أدم ، وأسلم أبراهيم ، ما دام القرأن موجود منذ الأزل ، وفقا للأية ” بل هو قرآن مجيد ، في لوح محفوظ ” / البروج 21-22 ، فلو أسلم أدم لكان كل الأنبياء من بعده مسلمون ، وأنتهى الأمر ! ، خامسا – وسؤال أخر ، عندما أسلم أبراهيم ، ما هي الجدوى للأنبياء الذين أرسلوا من بعده / لأن الدين عند الله هو الأسلام ، ومادام أبراهيم مسلم ، والدين هو الأسلام ، لم نزل القرأن على الرسول محمد ولم ينزل على أبراهيم ! وما دام الأمر هكذا لم لم تنزل أية ، مثلا ” الانبياء والرسل مسلمون وخاتم الانبياء محمد ” !! .
سادسا – (( .. أول من أسلم لمله الإسلام هو سيدنا إبراهيم … وهو الذي أطلق أسم المسلمين على من يتبعها … و مله سيدنا إبراهيم هي الإسلام .. وهى قبل جميع كتب الله المنزلة .. فمله الإسلام لم تبتدئ مع نزول الرسالة المحمدية…. مله الإسلام ابتدأت مع سيدنا إبراهيم ../ موقع أهل القرأن )) ، هنا جرد الرسول محمد من دوره في وجود ملة الأسلام ، ونسبت الى النبي أبراهيم ! ، ولكن أي كتب كانت في حقبة أبراهيم ، فالقرأن الذي هو كتاب الأسلام أكتمل خلال 23 عاما بعد البعثة التي أنتهت بوفاة الرسول (( .. فقد توفي النبي حين اشتد الضحى من يوم الاثنين الثاني عشر من ربيع الأول من السنة الحادية عشرة للهجرة في يوم لم ير في تاريخ الإسلام أظلم منه ، قال أنس بن مالك عنه: ما رأيت يوماً قط كان أحسن ولا أضوأ من يوم دخل علينا فيه رسول الله ، وما رأيت يوماً كان أقبح ولا أظلم من يوم مات فيه رسول الله .. / نقل من أسلام ويب )) ، أرى أن الأية تفتقر الى التوازن التأريخي ، فالقرأن نزل بعد النبي أبراهيم بحوالي ب 25 قرنا ! ، هنا أيضا يثار الكثير من التساؤلات ! مفادها ، من أتى بالأسلام ، النبي أبراهيم أم الرسول محمد ، فكل الدلائل تقول أن النبي أبراهيم هو البداية ، ولكن من جهة أخرى أن كل العقائد والكتب الدينية لم تشر الى أن النبي أبراهيم كان مسلما ، وأن كان الأمر هكذا ، لم لم تنزل على النبي أبراهيم ، سورة أل عمران أية 19 ( إِنَّ الدِّينَ عِندَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ ۗ) ! ما دام هو الذي أوجد ملة الأسلام .
كلمة :
من ” السياق المنطقي المعلوماتي والمعرفة البديهية ” للأية ، أرى أنها لا تتطابق ولا تتلاقى مع كل العقائد الدينية ، اليهودية والصابئية والمسيحية .. ، فأما أن نقر بأن كل قرائن الأديان المذكورة ولاهوتها غير دقيق ، وهذا أيضا مخالف للقرأن الذي يعترف بباقي الاديان ! ، وأما أن نعترف بأن القرأن جانب الصواب والمنطق وكل الحقائق للعقائد الدينية الأخرى ، من هذا ، أرى أن الأية خارجة حتى عن باقي النصوص القرأنية الأخرى ، وهذا أشكال بنيوي للنص القرأني ! .