18 ديسمبر، 2024 10:52 م

قراءة في أوراق الرئيس

قراءة في أوراق الرئيس

تستفزني تعابير وجهك وأنت تتحدث بحرقة وجديّة عن مكافحة الفساد، وتستوقفني عبارات إنكم ماضون في الإصلاح مع إننا نُدرك جيداً أنكم جزء من منظومة سياسية أسست وشرعنت الفساد ومنكم من أخرج نظرية أن الفساد أصبح ثقافة، وكم كان بودنا أن نصدق تلك المشاعر والأكاذيب لولا تمعننا في حياتكم الباذخة التي تُهينون بها فقراء شعبكم حيث لاتَصدق تلك المشاعر.
ويبدو أن سيْر الأطهار لم تُعلمكم أن مغانم الدنيا هي كمصائد الشيطان وإن الراغب فيها كشارب ماء البحر كلما شَرِب منه إزداد عطشاً فبأي وجه يخرج ذلك العاشق للدنيا لشعبه.
كُنت أتمنى ياسيادة الرئيس أن أرى فيك ذلك الزُهد والتقشف الدُنيوي لولا أني سمعتك تقول في إحدى حواراتك التلفزيونية أنك تُنفق مليون دولار شهرياً ولاندري أصحيح أنك كُنت تُنفقها على الفقراء والأيتام والأرامل كما تدعي ولو صح ذلك مارأينا فقيراً أو مُعوزاً يتسول في الشارع، لم نسألك من أين لك هذا..؟ أتعلم ياسيادة الرئيس أن إنفاقك الشهري هذا كان يكفي لتعيين المئات من حملة الشهادات العليا ممن إفترشوا الأرض وإغتسلوا بالمياه الحارة التي رشقتهم بها قواتكم الأمنية، إنفاقكم هذا كان يمكن أن يشفي أعداد من مرضى السرطان فكيف من الممكن لك أن تجمع أوجاع الفقر مع حياة الترف والبذخ في قلب واحد.
تتحدثون عن الطاغية والدكتاتور وأنتم تسكنون قصورهم وتشغلون غرفهم وممراتهم، فأي مؤاساة تخرجون بها على شعبكم، ومازلتم تستميلون الفاشلين والمتملقين والمنافقين ليرفعوا من مجدكم السياسي، حيث تحولت أحزاب السلطة الى مدارس لتخريج من إحترفوا الفساد.
لقد تم سرقة شرف البلد وتم بيع كرامته في أول مزاد لتسلم السلطة لأن نهم النفوذ وعطشهِ لاينتهي وتناسيتم أن نصرة المظلوم من أحب الأعمال الى الله وفي النهاية جعلتم الشعب يتسول بين الشعوب.
أكثر من ستة عشر عاماً عِجافاً من عُمر العراق بفقره وجوعه وتخلفه وجيوش العاطلين الحالمين بقطعة خبز والفساد الذي نخر البلاد وأنتم تتحدثون عنه بلا خوف ولا خجل.
لقد فرحنا ونحن نسمع منك بأنك ستؤسس مجلساً أعلى لمكافحة الفساد وأنك ستقود صولات لمكافحة الفساد لكنك لم تفعل، وكان بوسعك أن تتحالف مع شعبك وأن يكون درسك الأول إنقاذ البلد من هذا الفساد وأن يكون عنوانك الأكبر رفاهية الفقراء واليتامى والأرامل وعوائل الشهداء ولكنك لم تنتصر لنفسك، لقد أُتيحت لكم فرصة نادرة لقيادة هذا الشعب كان بإمكانكم أن تكونوا من الخالدين وأن تعملوا لصالح الفقراء والمُعدمين لأن الشعب هو من يخلدكم وليس غيره، لكن بالله عليك أي الخيارين إخترتم.
أنظر فيما حولك من أحوال الشعب فهل ترى مايحيط به من مصائب وكوارث وفقر وجوع أم ترى قصوراً مُشيدة وسيارات فارهة ومناطق مُحصنة.
تخنقكم العبرات ويعلوا وجوهكم الحزن وأنتم تتحدثون عن الفقراء والمُعدمين ومازلتم تعيشون أنتم وعوائلكم بأموالهم وتعبثون بمقدراتهم وتؤسسون إمبراطوريات لأهليكم من قوت أطفالهم وقنوات فضائية تُمجد بحمدكم وقصور محصنة وحياة باذخة، لكنكم نسيتم أن القصور والغرف التي تشغلونها الآن قد سبقكم من سكنها، فأين ذهبوا؟.. وأين رحلوا؟ وتلك حكمة الله وعبرته لكم وياليتكم إتعظتم..!!
تنويه: حديث السيد عادل عبد المهدي عن إنفاقه مليون دولار شهرياً كان في إحدى حواراته على قناة السومرية مع الإعلامي د.نبيل جاسم عندما كان نائباً لرئيس الجمهورية في عام 2009.