(زمن القصة وأنحراف زمن الحكي )
في بعض من النماذج القصصية يعاين الزمن السردي على أنه دلاليا
يمثل حيزا راهنيا بين المسافة الأستباقية و علاقة زمن فعل الخطاب
كمقولة لسانية وشفروية تعنى بلحظة الأنقسام و التوزيع المشهدي بين المقطع السردي و المقطع اللقطاتي القصصي ، أما بما يتعلق و
زمن الفعل الموصوف فأنه يبقى بهذه النماذج عبارة عن منعزل
حدثي يمكن أستعماله وفق تجليات تحدد حالة الأشكاليات الزمنية للتشاكل و الأختلاف البؤروي و النسقي من زمنية ظاهر حدثية التغاير النصي . من هذه الأضاءة البسيطة كمدخل لمجموعة (منحنى خطر )للقاصة ألهام عبد الكريم ،لعلي أستطيع دخول المجموعة بشرط ان لا أتعامل و قصص المجموعة الأ بما تمليه علية أدواتي الأنطباعية من سعة و أقتصار لأن ما قد وجدته في نماذج الهام عبد الكريم ، في الحقيقة هو من لا يستحق النقد أو حتى مجرد القراءة و المتابعة لنماذج المجموعة و التي تتلخص بقصص (مهفة / تمرين أستثنائي / فوازير / لغة خاصة / الأنف / ليل و نهار ) و هناك قصص اخرى لربما لا يتاح لنا أستعراضها تفصيلا هنا و من خلال مباحث مقالنا الأنطباعية هذه ، ألا أننا سوف نعمل على إيراد وظيفة زمن القصة بجانب أشتغالية أنحراف زمن المحكي ،
و من خلال بعض نصوص مجموعة القاصة و على وجه التحديد قصة (مهفة ) و قصة ( تمرين أستثنائي ) نعثر على ان التتابع النسقي في أجواء القص يبدو مهلهلا و أفتراضيا نوعا ما و هو يتوفر على قسط من رؤى خيالية و أنسيابية لدرجة أنفلات وجود ماهية الفعل التنصيصي ، فعلى سبيل المثال ، تواجهنا أحداث قريبة من أوهام المتخيل الفنتازي في قصة (مهفة ) لتمارس فعلها الشاذ
بين عفوية زمن القصة وأشكالية زمن الفعل المحكي ، و رغم تراسل الأحداث مابين الفعلين المتضادين ، لا نجد في طريقة القص هذه ، سوى ذلك الخروج و ألأنحراف عن مفهومية مجرى الحدث
الطبيعي ، بل أننا وجدنا ثمة قطيعة هائلة تغص بها نسيجية بنية الحكي و مسافة الأنتاج للمحكي ، بل أيضا كقراء لم نجد في هذه القصة متعة المتابعة و نمو زمن القراءة فينا . . (كانت تجلس قرب بطنه و تبدأ بتحريك المروحة اليدوية ببطء مثلما علمها رواحا و مجيئا موزعة الهواء على جسده ..ص 9 ) في الواقع أنا مندهش لأمر الهام عبد الكريم ؟ فأنا لا أدري ما يدفعها الى كتابة قصة قصيرة هي قائمة على أساس معنى واضح ، في وقت تحاول القاصة و بعناء كبير خلق فكرة كبيرة و متن عميق من أساس موضوعة تصل في أقصى حدودها لدرجة السذاجة و الأهمال ، بيد أننا كقراء لا نجد بعد ألأنتهاء من مرحلة القراءة ما يجعلنا نتأمل أو نتمعن بعمق ما قد قرأناه ، بل كل ما قد وجدناه في هذه القصة ثمة غياب حبكوي واضح و شتاتة في بناء عناصر تشويقية ما كما وجود أنفصال ظاهر ما بين ألأزمنة السردية و المحكية و لدرجة عدم معرفة القارىء لماهية المساحة المخصصة للذروة البؤروية و ما علاقة كل هذا بذلك ، و الى جانب هذا وجدنا قصة (تمرين أستثنائي ) هي الأخرى عبارة عن علاقة يومية أستعراضية تصل لدرجة حدود بنية الأعترافات بزمن العادات و الطفولة و المعتقدات بجانب كبير من صوت الهام عبد الكريم الذي لا يفارق صوت قصصها لحظة واحدة ، لربما تعتقد القاصة من جانب بأنها بصوت الكاتب ما تشكل الا صوتا للسارد العليم ،ناسية قاصتنا الكبيرة ؟ بأن وظائف و شرائط صوت السارد لا تكون بحدود وظيفة خطاطة المؤلف و صوت المؤلف؟ أما الحال في قصة ( فوازير ) نجد القاصة تقوم بكشف مساحة خاصة من حياة المرأة و شخصية المرأة و لتنفرد المرأة القاصة بأحداث قصصية تشعرنا من خلالها بمدى مأساوية عقلية و ثقافة المرأة ، حتى و هي مقعدة فوق كرسي هزاز ، كما أننا لا نتجاوز ما حاولت أظهاره الهام عبد الكريم و هي تستعرض ما هي عليه فنانة الفوازير مقارنة بشخصها الشخوصي
في القصة ، و بالمقابل من هذا و بعد ألأنتهاء من قراءة النص ،لاحظنا بأن أطار الكشف السردي للأحداث أضحىمفارقا لبنية زمن الحكي في وقت نجد بأن زمن الخطاب للمحكي بات أستهلالا غير مبرر و علامات الدلالة الأخبارية لفعل القص العام . في بعض ألأحيان نجد عوالم قصص الهام عبد الكريم ، عبارة عن صوت أمرأة تتحدث عن نفسها عن حياتها المنزلية عن أولادها عن زوجها عن طفولتها من خلال لغة تقترب من بنية لغة كتاب ( فن المطبخ ؟)فضلا عن هذا فأن القارىء على وجه التحديد لمجموعة (منحنى خطر ) يلاحظ مدى التفاوت الحاد في طريقة عرض المساحة المحكية و بين طريقة أداء صوت الكاتب و صوت الأحداث و الشخوص التي هي ضمنا صوت مركزية الكاتب نفسه ، بل أننا من ناحية أخرى وجدنا ( زمن القصة ) لربما يشعر كل من يقرأه بمدى بعثرة الأطراف النصية من خلاله ، و لدرجة أستغناء القارىء والقصة عن حاجة البناء لمثل تلك الفضاءات الكلامية وتلك الفضفضات الغير مدروسة تماما ، فأنا كدت أصل حد الهذيان ؟ وأنا أتابع أحداث و وقائع قصة ( الأنف ) أو قصة (مخيلة ) أو قصة (تمثال للروح) وعند نقطة قرائية معينة لمجموعة القاصة ، وجدت بأن الخطاب المسرود هو بدوره ما يتخذ فعل الكتابة أنطلاقا من رؤية شبه موضوعية و شبه دليلية تصل أحيانا بزمن خطاب القص الى حدود ترامي اللعبة الكتابية ، ومن خلال تحركات أفعال القاصة الصوتية و التي تقود زمام أزمنة السرد ، نلاحظ بأن قصص المجموعة قد تحولت الى لافتات وتمظهرات شفوية تصل بوحدات أخبارية معروضة هكذا دون دليل أو مرجعية أو جهة صائبة ما . وعلى هذا أجد من الحق توجيه خطابا ما من التساؤل للقاصة .ما هو نوع و حدود أفق فهمك للقصة أولا ؟ هل القصة بمنظورك مجرد خطاب نسائي يدون أخبار المطبخ أو أخبار الحياة الزوجية أو لربما هي مجرد طريقة لتفريغ الهموم الخاصة؟ أم أن القصة أيضا مجرد لافتة ندون عليها تنويعات الكلام المراد بطريقة سرية تبتعد عن أنظار و أذواق ألأخرين؟ أم تراكي تجدين في القصة نوعا من السفر و التنفيس عن أمور حياتية شاقة ؟ وان لم يكن كلامنا هنا دقيقا ؟ فما
معنى كل تلك المغالات النثرية في تصوير سياقات شخوصية غرائبية ؟ أعود مرة أخرى للقاصة لأقول أليها في سبيل الأضافة . أننا كقراء و نحن نطالع أقاصيص (منحنى خطر) لاحظنا ان تدوينك لزمن المسرود القصصي كان يتم على أساس صيغة خطاب مباشر و معروض يكشف لنا كون الصيغ القادمة من زمن القصة قد جاءت التقاء ( المسرود ـ المسرود الذاتي ) لهذا أضحى لديك ثمة أنحراف زمني للمحكي الذي راح يتضح و حدود أنتاج سردي تدعمه العناوين الباردة و التجليات الخربة و التخيلات ألأ منظمة . و على هذا يمكننا و بدون التشديد على هذا الكلام يمكننا أقتراح أمرا ما على القاصة الهام عبد الكريم . قد يبدو من اللا صواب الكتابة بهذا الشكل الذي وجدناه في قصص مجموعتك لا سيما و انك على قدر جميل من اللغة و التصورات الخصبة فأنا شخصيا أحثك على متابعة الكتابة القصصية و لكن ضمن حدود ما هو حيوي و فعال كما و في الوقت نفسه أدعوك الى مراجعة عوالم وفنون القصة القصيرة لأنك وبنصوص مجموعتك هذه لم تصلي الى درجة ما من كتابة القصة القصيرة الحقيقية ، اللهم الأ درجة أصدارك كراسة تحمل نوعا ما من سرد نزوات وأضطرابات المحاولة في الكتابة و المحاولة أيضا في الدخول الى صنع كراسة تصوراتك الشخصية الخاصة .و ختاما للأمانة أكشف عن مدى قلقي و خوفي على مستوى مسميات الرواية العراقية ،لأنني قد قراءت و عن طريق الصدفة وعلى الغلاف الأخير لمجموعة (منحنى خطر ) بأن للقاصة الهام عبد الكريم ثمة أصدارات روائية بزمن أسبق من زمن أنتاج هذه المجموعة ، و للأمانة أقولها ومن جديد بأني فعلا متوتر و الى حد القول الشديد ( يا ترى أي مصير مرعب سوف يلاقي مستقبل الرواية العراقية ؟)