علي السباعي يقيم المدلولات المتعددة في دال واحد
( مخابىء التشفيرات في مرجعية النص )
أن القراءة لتجربة أقاصيص ( زليخات يوسف ) للقاص علي السباعي ، لربما تتطلب من القارىء فهما مغايرا لكيفيات ماقد أعتيد عليه في مساحة شكل البناء القصصي الحكائي السائد ،بل أن القراءة لشكل المكتوب القصصي في تجربة نصوص القاص ، تتطلب من القارىء أيضا ، سعيا نموذجيا في عوالم و تشكلات غريبة و منفردة في الوقت نفسه ، و الغريب في عوالم نص ( علي السباعي ) أنه يطرح شكلا أحتوائيا للمحكي السردي لديه ضمن حدود مرويات مسميات ميثولوجية و أحداث نراها قادمة من حاضنة فولكلورية ، كذلك فأن توظيف الشخوص في هذه النصوص ، نجدها متأتية من أستعارات أحالية من نماذج و شخصيات و أمثلة معروفة من مواطن الماضي . و من خلال نصوص
( زليخات يوسف ) نرى بأن القاص السباعي ، يبدو حريصا على أتمام مستويات المسرود المحكي ، ضمن توصيفات تتداخل و أجرائية الأداء المقصدي الخاص في ذلك الفضاء
النصي ، و القارىء لبعض نماذج تلك النصوص ، يشاهد بأن جوهر العملية التنصيصية ، هي قادمة من تضافرات عناصر حالة مذكراتية شديدة الحساسية الذهنية ، فضلا عن هذا نرى بأن أغلب مرويات السرد في تلك النصوص ، تعتاش بموجب أحاسيس وهواجس مركبة المنظور في الرؤية والقص ، لهذا رأينا بنية الشخوص ترتبط بوعي حاد، إزاء نماذج تنصيصية مغرقة و قابليات حقيقية من مستوى طبقات وصفية متشعبة و متداخلة .
( المتن النصي و نظام السرد )
على أثر قراءتنا لعوالم نصوص ( زليخات يوسف ) وجدنا بأن تجربة ( البطل المؤلف ) تهيمن على مسارية شكل و وحدات السرد المتني في النصوص ، كما و أن القارىء لفضاء النصوص ، بات يلاحظ على حين غرة مدى بلوغية الأبعاد الرمزية للأحداث و الشخوص ، و علاقاتها الصميمية إزاء وقائع خطابية المتن النصي وهو ينحى منحى أفتراضي و أستباقي ، يحاول من خلاله القاص أظهار تشكلات البؤرة المركزية التي تقترب و حدود أرتسامات موضعية من موقع
( الشخوص / الرموز / العزلة / الموت / الحكاية الخرافية )
والقارىء لنص علي السباعي ، لربما يلاحظ مدى هيمنة هذه العناصر على حدود عاملية ، مخيلة القاص نفسه ، و تبعا
لهذا نقول ، لعلنا بقراءتنا لتجربة و مسارات أحداث نصوص المجموعة ، قد عاينا بأن هناك ثمة نماذج من البناء المركب،خاصة و أن هناك من حجم أحالات النص التي راحت تنحو منحى ثوابت سياقية قريبة من حدود ( المروي اليه غيابا ) و لكن أشتغالية النص على هذا المدد ، بقية ضمن موقعية أن القارىء لزمنها السردي ، صاريعاين بأن هناك ، ثمة خلطات غريبة من السرد و المروي ، وهذا ما قد وجدناه من خلال قصة ( مومياء البهلول ) و قصة(وساخات أدم ) و قصة ( وتبقى قطام ) أن القارىء لهذه النماذج من المجموعة ، يلاحظ أحيانا بأن تمفصلات المسرود الحاضر لربما لا تتوفر على مساحة روي حاضر ، اللهم ألا من جانب نسبي من تداعيات فضاء القص في هذه النصوص ، كذلك عند حدود توقفات ما هو مسترسل من عمق حكائي قد لا يثبت أحيانا أشتغاليته داخل صيغة المسترسل الزمني في النص ، وهذا أيضا ما قد واجهناه من خلال قراءتنا لقصة
( أحتراق مملكة الورق ) أي بمعنى أننا و نحن نقرأ هذه القصة ، لم نتوجس من خلالها ثمة وصولا ما موفقا ومديات خصوصية معطى الهدف المحكي ، بل أننا لاحظنا هذا الأمر، و بأكثر من نص في مجموعة القاص ، بل أننا أيضا وجدنا الزمن في بعض قصص المجموعة ، ما هو ألا حالة من حالات أبراز مكونات تداعية من زمن علاقات شخوص و أشياء غير واردة داخل صيغة مؤشرات زمنية واضحة في بناء الموضوعة القصصية ، في حين نجد بأن هذه الأشياء
بالنتيجة ، قد لا تؤدي ربطا فعليا و ماهية النوع المطروح من المادة السردية و الجذر الحكائي ، و بالمقابل من هذا ، وجدنا بعض من طرائق أقامة الخطاب النصي في قصص المجموعة ، مرتبط ومؤشرات مدلولات متعددة ولكن داخل شفرات دال واحد ، أي بمعنى أن جملة الحوادث و التداعيات الشخوصية و أفعالها الموغلة في صميم أرادة الصورة المدلولية ، قد أنجذبت طوعيا ، و دون فعل ممهد ما ، من شأنه خلق مؤشرات دلالية في محرك دوالي صريح الخطاب والتسلسل النسقي ، حيث أن القارىء لنصوص المجموعة صار لا يعرف من أين بدأت القصة و من أين أنتهت ؟ و هذا النوع من المكتوب النصي الذي وجدناه في نماذج ( زليخات يوسف ) لربما كان بحاجة الى مخيالية فعلية في أستحضار ما هو حاضر في نمطية النصوص المتواجدة في المجموعة ، من هنا فقط سوف أشير ، الى أن هناك ثمة قصة بعنوان
( مريم البلقاء ) تتميز هذه القصة عن باقي قصص المجموعة ، بقيمتها في أختزال مترتبات حكائية متينة في طرحها لصورة العلاقة النصية المتقدمة نحو دلالات شخوصية رفيعة في القيمة و الأحساس و تجسيد الصورة الوصفية نحو أضاءات حدثية متقدمة الوظيفة ، و على هذا أقول للقارىء القصصي ، بأن عوالم نصية ( زليخات يوسف) ما هي ألا أرجاعات توصيفية و تداعية داخل أدوار و وظائف أفعال التبدلات المشهدية و المدلولية على مستوى
خطابات الراوي التفسيري ، لمنظورات العلاقات التضمينية في الخطاب القصصي ، و هكذا سوف تبقى نصوص
(زليخات يوسف ) للمبدع علي السباعي ، بحثا أوليا في محاولة أسترجاع الأشياء و الأسماء و الأدوار الماضوية و لكن بحدود رؤية سردية تجعل النص يبدو مرحلة علاقة مستحدثة بمجاهيل المروي الراهن . و في الختام أود توجيه هذا القول مني الى القاص علي السباعي و الى كل من قد قرأ
( زليخات يوسف ) : الصديق العزيز السباعي ؟ أن تجربة نصوص مجموعتك ماهي ألا أنتقائية مذهلة في عوالم الموضوعة والأسلوب القصصي ، ألا أن هناك ثمة فراغات داخل نصوصك ، وهذه الفراغات هي المساحة الغائبة من حاضرية صيغة التشكيل المألوف من بناء الأحداث القصصية ، فعلى سبيل المثال ، هناك شفرات أجرائية في تعاضدية أنتاج نصك ، قد تبدو أحيانا غير مصرحة و حدود الشفرات المدلوية المنصبة داخل مواطن دال أحادي يبدو أحيانا بعيد القيمة عن فضاء تمسرحات الحدث المعلن داخل النص ، و هذه الشفرات أيضا قد تبدو من جهة قرائية غير مدعومة بكشوفية وظائفية معلومة دلاليا ولا من ناحية أشتغالية جديدة في النص القصصي : أنا شخصيا ؟ لا أدري ما صلة تلك المسميات مثل ( بهلول ) و ( قطم ) و
( زليخات ) داخل علاقات حالة مستقلة من وظيفة حكائية قد تبدو من جهة بعيدة كل البعد عن هذه المشتقات و المسميات الغير دالة فنيا أساسا ، و من ناحية أخرى أرى بأن تلك
الطريقة التي كتبت من خلالها نصوص ( زليخات يوسف ) ماهي ألا وظيفة تشغل جانبا أحاديا من التأثير الفني و الأبداعي في المتلقي ، كما أنها أيضا لا تأخذ سوى مسارا تداعيا من قيمة المسرود النصي : و أخيرا أناشدك بهذا القول الجميل : أن عملية البحث عن ما هو مغاير لأفعال نصوص الأخرين، تتطلب منا جهدا ليس في أتباع حالة مرموزية لمسمى سحيق في القدم ، بل تتطلب منا النظر و المكاشفة في ما هو أن لا يجعل نصوصنا تحمل فهم طابع أمثولي في كنف شفرات نصية ليس لها أي حضور دلائلي مؤثر في القارىء و النص ، و إزاء كلامنا هذا ، أتمنى أن لا يتصور القارىء بأن هناك ثمةحالة قصور أو خلل ما في بنية نصوص المجموعة ، بل على العكس ، فهناك و من خلال تجربة ( زليخات يوسف ) تعرفنا على أدوات و موهبة جميلة لدى ( علي السباعي ) ، لربما لم نعهد لمثلها و على وجه التحديد في مرحلة الجيل التسعيني ، فضلا عن هذا وجدنا في تجربة هذه النصوص ، ثمة آفاق رحبة ومنفردة من مخابىء الشفرات التي تضمها أجواء مسارات مرجعية تصديرات النص القصصي في المجموعة : وزيادة على كلام مقالنا ، أود توجيه قولا أخرا للمبدع ( علي السباعي ): عندما تسنى لي فرصة قراءة أقاصيص مجموعتك ، لاحظت بأنك لست قاصا جميلا فقط ، بل أن طريقة بنائك للنص القصصي لربما هي قادمة من فضاءات أدواتية تحمل رائحة نصية السرد الروائي و بشكل حاد و متشعب ، هذا ما قد شعرت به و أنا أطالع نصوصك القصصية ، حيث لاحظت
مجددا بأن أستعمالية الخطاب القصصي لديك نابعة من شحنات زمانية و مكانية و سردية لربما لا تتسع لها سوى أجرائية فضاء النص الروائي ، و ليس فضاء القصة القصيرة ، و هذا الشيء بدوره هو ما قد أضفى على فضاء المتن النصي في نصوصك ، شكلا مهلهلا من عرضية أفعال المدلولات المتعددة داخل وظيفة الدال الواحد : إذا أنت يا أيها السباعي ؟ تكتب القصة بخطاب و تمفصلات الرواية و تدون حركة و تنقلات الشخوص و بناء الأحداث بكيفية موجبات صنع النص الروائي : و رغم هذا تبقى ( زليخات يوسف ) تحمل طابع الأنجاز القصصي و رائحة السرد الروائي، و رائحة أهالي و نخيل الناصرية العزيزة و رحيق قصة
( مريم ) هذا النص الذي ترك في فضاء القراءة مساحة كبيرة من الأهمية و التأثيرية في عوالم التلقي .