23 ديسمبر، 2024 2:04 م

قراءة في‮ ‬كتاب مهمة من بغداد‮ 2-3 وثائق سويدية وعراقية مخفية آن الأوان لإطلاقها

قراءة في‮ ‬كتاب مهمة من بغداد‮ 2-3 وثائق سويدية وعراقية مخفية آن الأوان لإطلاقها

كشف المؤلف ماتس إيكمان في‮ ‬كتابه‮ ( ‬صفحة‮ ‬84‮) . ‬طبيعة وحجم التعاون الوثيق بين جهاز المخابرات العراقي‮ ‬في‮ ‬بغداد والدكتور‮ ( ‬ف.ط‮ ) ‬طبيب من الموصل‮ ‬يعمل في‮ ‬شمال العاصمة السويدية بمدينة‮ ( ‬أوبسالا‮ ) ‬وبالتعاون مع مسؤول تنظيمات حزب البعث في‮ ‬السويد‮ ( ‬ع.م.ت‮) ) ‬الذي‮ ‬يشرف على خلايا التنظيم للبعث ومنها خلية‮ ( ‬إستوكهولم‮ ) ‬والتي‮ ‬كانت تضم بين صفوفها‮ ( ‬ص.س‮) ‬،‮ (‬ن.ب‮) ‬،‮ (‬ح‮.‬غ‮) ‬،‮ (‬هـ.ح‮) ‬طبيب جراح دماغ‮ ‬،‮ ‬وطبيب بيطري‮ ‬أسمه‮ (‬ج‮) ‬وآخرين‮ ). ‬
نقطة مهمة
في‮ ‬صفحة رقم‮ (‬208‮) ‬يتوقف المؤلف ماتس إيكمان عند نقطة مهمة حول ما‮ ‬يسمى‮ ( ‬إستئصال الرحم‮ ) . ‬كلمة السر في‮ ‬تنفيذ العملية‮ ‬،‮ ‬وبعد ثلاثة أيام من عملية أزالة الورم الخبيث‮ ‬،‮ ‬هكذا أطلقوا عليها بعد تنفيذها بنجاح‮ ‬،‮ ‬أي‮ ‬تنفيذ العملية بنجاح بتقطيع جسد‮ (‬م.ح‮) ‬في‮ ‬العاصمة السويدية‮ ‬في‮ ‬يوم‮ ‬4‮ ‬أذار العام‮ ‬1985 ‮. ‬حصل أتصال هاتفي‮ ‬مع‮ (‬م.ع‮) ‬على رقم هاتف البيت الذي‮ ‬يعيش فيه‮ ‬653073‮. ‬وكان‮ ‬يسكن شقة في‮ ‬الطابق السابع في‮ ‬إستوكهولم وهو‮ ‬يمارس عملاً‮ ‬تجارياً‮ ‬أيضاً،‮ ‬وهو قريب جداً‮ ‬من حادثة القتل المذكورة وهو‮ ‬يعمل بنفس خلية تنظيم البعث في‮ ‬بغداد‮ . ‬أجابت زوجة‮ (‬م.ع‮) ‬على رنات الهاتف الأرضي‮ ( ‬ج.ن‮ ) ‬،‮ ‬وبادرتهم بالجواب بأن‮ (‬م‮) ‬في‮ ‬الحمام الآن‮ . ‬أذن أبلغيه‮ ‬يتصل بنا بعد خروجه من الحمام فوراً‮ ) . ‬لأمر هام ومهم‮ ‬يتعلق بطبيعة عملنا وشغلنا‮ ‬،‮ ‬لقد وجدت جثة الرجل الذي‮ ‬أختفى مقطعة ومتروكة في‮ ‬الشارع‮ . ‬لم‮ ‬يتصل‮ (‬م‮) ‬بالجماعة المتصلة في‮ ‬ذلك اليوم‮ ‬،‮ ‬وانما أتصل في‮ ‬اليوم الثاني‮ ‬،‮ ‬وكان قلقاً‮ ‬ومتوتراً‮ ‬وصوته مبحوحاً‮ ‬،‮ ‬وتوالت عليه الأتصالات في‮ ‬الأيام الأخيرة من عدة مؤسسات وجهات مختلفة وبأرقام سرية أحياناً‮ . ‬وأتصل به أكثر من صحفي‮ ‬وصحيفة لمعرفة معلومات عن الموضوع وجريمة القتل لكنه لم‮ ‬يجب ولا‮ ‬يرد على أسئلتهم واستفساراتهم‮ ‬،‮ ‬باعتباره القائم بأعمال السفارة ووجهها المكشوف وممثلها الدبلوماسي‮ ‬المعترف به في‮ ‬السويد‮ ‬،‮ ‬وظل‮ ‬يلف ويدور ويماطل الا أن وجد له مخرجا مؤقتا‮ ‬،‮ ‬حيث أصطحب زوجته‮ ‬في‮ ‬سفرة سريعة داخل أوربا لعدة أيام عسى ولعل تهدأ الامور‮ ‬،‮ ‬متنقلاً‮ ‬بين عدة بلدان مجاورة لعل الصحافة السويدية ومنابر الأعلام الاخرى تكف عن نشراتها اليومية في‮ ‬متابعة ملف هذه القضية والتي‮ ‬باتت لغة الشارع وحديث المحللين والصحفيين وتساؤلات الناس وحديث الصحافة ومتابعة التلفزة عن تفاصيل ما حدث عن واقعة مروعة هزت هدوء طبيعة المجتمع السويدي‮ ‬،‮ ‬فمن الطبيعي‮ ‬أن القتلة قد‮ ‬غادروا السويد وبدون رجعة بتخطيط مسبق ومدروس وبوثائق‮ ‬يكفلها العرف الدبلوماسي‮ ‬في‮ ‬تجاوز حدود البلد‮ ‬،‮ ‬كما تأكد من ملفات التحقيقات السويدية التي‮ ‬أعلنتها فيما بعد بجزئها المهم أمام الرأي‮ ‬العام‮ ‬،‮ ‬أنهم‮ ‬غادروا بنفس‮ ‬يوم‮ ‬الجريمة‮ ‬،‮ ‬وتركوا الاراضي‮ ‬السويدية بعدة إتجاهات ومن ذلك اليوم ولم‮ ‬يعد أثراً‮ ‬لهم‮ ‬يذكر‮ ‬،‮ ‬وما زالت السلطات السويدية تخاطب العراق من أجل تسهيل مهمتها في‮ ‬التحقيق مع موفق عبود لإنهاء هذا الملف الشائك والمعلق في‮ ‬أضابير أروقة الشرطة السويدية‮ ‬،‮ ‬ومن أجل الحصول على معلومات أضافية حول اللقاء الذي‮ ‬تم بين‮ ( ‬أولف بالمه‮ ) ‬رئيس الوزراء في‮ ‬الحكومة الاشتراكية وبين محمد سعيد الصحاف و(م.م.ع‮) ‬،‮ ‬الذي‮ ‬صادف بنفس اليوم الى اغتيال رئيس الوزراء‮ ( ‬أولف بالمه‮ ) ‬ومازال ملفه مفتوح ولم‮ ‬يغلق‮ . ‬تحاول الشرطة السويدية بين الحين والآخر بأثارته لكنها لم تحصل على نتائج كافية ومعلومات كاملة بسبب ممانعة العراق في‮ ‬التعاون مع هذا الملف من قبل النظام السابق والنظام الحالي‮ ‬على حد سواء‮. ‬ولد أولف بالمه عام‮ ‬1927‮ ‬لأسرة من الطبقة الثرية في‮ ‬مدينة إستوكهولم‮ ‬،‮ ‬وتمكن في‮ ‬بداية مشوار حياته‮ ‬أن‮ ‬يتقن أربع لغات بطلاقة الى جانب لغته الأم السويدية‮ ‬،‮ ‬وهي‮ ‬الإنكليزية‮ ‬،‮ ‬الفرنسية‮ ‬،‮ ‬الألمانية‮ . ‬كما كان ملماً‮ ‬بقواعد اللغة الإسبانية‮ . ‬أصر بالمه على إبقاء النموذج الاقتصادي‮ ‬السويدي‮ ‬مصمماً‮ ‬خصيصاً‮ ‬لتلبية أحتياجات الشعب والوطن‮ ‬،‮ ‬لذا فقد عارض الدعوات الى عسكرة الاقتصاد السويدي‮ ‬،‮ ‬ودعا أولف بالمه في‮ ‬عام‮ ‬1982‮ ‬إلى تطبيق سياساته الاقتصادية الاشتراكية التي‮ ‬تسعى لتحقيق دولة الرفاه الاجتماعية لجميع أبناء الشعب السويدي‮ . ‬كان أولف بالمه كذلك من أشد المعارضين لدخول السويد في‮ ‬مجموعة السوق الاوربية المشتركة مبرراً‮ ‬موقفه بالحفاظ على الحياد الذي‮ ‬تميزت به السويد لسنوات طويلة قبل دخولها الاتحاد الأوربي‮ ‬في‮ ‬منتصف التسعينات من القرن الماضي‮ ‬،‮ ‬لكن بالمه كان‮ ‬يسعى في‮ ‬نفس الوقت لتمتين أواصر الصداقة والعلاقات الطيبة بين دول السوق نفسها‮ ‬،‮ ‬لأنه كان‮ ‬يدرك الذنوب الأخلاقية للأنظمة الاستعمارية‮ ‬،‮ ‬فقد كان من أوائل من طالبوا عبر البرلمان السويدي‮ ‬بدعم الشعوب والدول الفقيرة بمشاريع التطوير والبناء والتنمية‮ . ‬ويتذكر العرب أولف بالمه باعتباره مناصراً‮ ‬للقضية الفلسطينية ومن الأمور التي‮ ‬جلبت‮ ‬غضب قوى‮ ‬غربية له دعوته لزعيم منظمة التحرير الفلسطينية‮ ‬ياسر عرفات لزيارة إستوكهولم عام‮ ‬1983‮. ‬لقد جعل بالمه الولايات المتحدة تغضب عندما أنضم الى تظاهرة ضد حرب فيتنام مع سفير فيتنام الشمالية في‮ ‬ستوكهولم عام‮ ‬1968،‮ ‬وليؤكد على مواقفه المبدئية متصدراً‮ ‬مظاهرة شعبية مشابهة في‮ ‬مدينة مالمو ثاني‮ ‬أكبر مدن السويد‮ ‬،‮ ‬وكانت التظاهرة هذه المرة ضد دخول جيوش الاتحاد السوفيتي‮ ‬مع قوات حلف وارسو إلى تشيكوسلوفاكيا‮ ‬،‮ ‬كما ساند كفاح شعب أفريقيا لإنهاء نظام الفصل العنصري‮ ‬،‮ ‬وكان الرئيس أولف بالمه‮ ‬يوصف في‮ ‬أفريقيا بأنه صوت السويد في‮ ‬عالم الرجل الابيض‮ . ‬في‮ ‬منتصف ليل الثامن والعشرين من‮ ( ‬شباط‮ ) ‬عام‮ ‬1986 ‮ ‬وكان أولف بالمه لازال‮ ‬يشغل منصب رئيس الوزراء وزعيم في‮ ‬الحزب الاشتراكي‮ ‬الديمقراطي‮ ‬والذي‮ ‬يعتبر من أقدم الأحزاب السويدية في‮ ‬مملكة السويد‮ ‬،‮ ‬وأثناء خروجه من دار السينما في‮ ‬شارع‮ ( ‬سفيافاجين‮ ) ‬ليستقل قطار الانفاق المحلي‮ ‬بالعاصمة إستوكهولم برفقة زوجته ومن دون حراسه‮ ‬،‮ ‬تعرض أولف بالمه للإغتيال بطلقتين من مسدس قديم عمره أكثر من نصف قرن‮ . ‬القاتل بقى مجهولاً‮ ‬الى‮ ‬يومنا هذا‮ ‬،‮ ‬وكلما فتح باب الاتهامات والنظريات حول جريمة الاغتيال تعود وتغلق حسب الادعاء السويدي‮ ‬بعدم توفر الأدلة‮ . ‬وأن المتهم الرئيسي‮ ‬في‮ ‬الاغتيال‮ ( ‬كريستر بيترسون‮ ) ‬تم إطلاق سراحه بعد عام من الاغتيال بسبب عدم كفاية الأدلة رغم تعرف أرملة أولف بالمه‮ ( ‬ليزبت‮ ) ‬عليه أثناء المحاكمة باعتباره الشخص الذي‮ ‬أطلق النار على زوجها وهي‮ ‬برفقته‮ ‬،‮ ‬وحفظت ملامح وجهه وهو‮ ‬يطلق النار على زوجها‮ ‬،‮ ‬ليلقي‮ ‬مصرعه لاحقاً‮ ‬في‮ ‬ظروف‮ ‬غامضه في‮ ‬عام‮ ‬2004‮ ‬ولا سبب‮ ‬يذكر أو أعلان على موته المجهول.
‮ ‬وهذا‮ ‬يدخل ضمن سيناريوهات عمل المخابرات الدولية ونظرية المؤامرة‮ ‬،‮ ‬أن سياسات أولف بالمه كانت تقف في‮ ‬تلك الفترة الحساسة في‮ ‬العلاقات الدولية بشكل واضح الى جانب الحقوق المشروعة للشعوب حول العالم‮ . ‬مما رجح نظريات المسؤولية عن الاغتيال طابعاً‮ ‬دولياً‮ ‬باتهام جهات عدة صاحبة مصلحة في‮ ‬أبعاد بالمه عن مسرح السياسة الدولية مرة واحدة والى الابد‮ . ‬ويعتبر ملف قتل الضابط ماجد حسين من أقدم الملفات في‮ ‬أضابير الشرطة السويدية الذي‮ ‬لم‮ ‬يغلق الى‮ ‬يومنا هذا بسبب ضياع الخطوط المهمة في‮ ‬الملف ووضع العراق الحالي‮ ‬المرتبك سياسياً‮ ‬زاد من عمليات التعقيد في‮ ‬متابعة الملف وتحقيق خطوات تذكر‮ ‬،‮ ‬رغم أن هناك أكوام من الاوراق حبيسة في‮ ‬أدراج خزانة المخابرات السويدية ووزارة الخارجية ولنشاط محطات المخابرات العراقية وسطوتها وقوة أنتشارها في‮ ‬أوربا‮ ‬،‮ ‬الى مستوى من الاهمية طالما أستعانت المخابرات السوفيتية‮ ‬KGB بالمخابرات العراقية في‮ ‬كشف القواعد الامريكية وحجمها في‮ ‬أسبانيا‮ ‬،‮ ‬بسبب طبيعة العلاقات المتوترة بين الاتحاد السوفيتي‮ ‬ودولة أسبانيا ضمن سيناريوهات الحرب الباردة والتي‮ ‬كانت تحدد طبيعة وألية العلاقات بين الشعوب والأمم‮ ‬،‮ ‬كان من الصعوبة على المخابرات السوفيتية التحرك على الاراضي‮ ‬الاسبانية فاستعانت بالمخابرات العراقية لحجم قوتها في‮ ‬أوربا‮ . ‬كان برزان التكريتي‮ ‬مدير المخابرات‮ ‬يتباهى فيما وصل له حال العراقيين في‮ ‬الخارج من مشهد تراجيدي‮ ‬،‮ ‬وقد نقل على لسان ضابط عراقي‮ ‬عن قول برزان التكريتي‮ ‬عندما كان مديراً‮ ‬للمخابرات العراقية‮ ‬’’ يكفينا فخراً‮ ‬أن المعارض العراقي‮ ‬الموجود في‮ ‬واحدة من مقاهي‮ ‬باريس أو براغ‮ ‬،‮ ‬عندما‮ ‬يحاول أن‮ ‬ينتقدنا سيلتفت‮ ‬يميناً‮ ‬أو شمالاً‮ ‬خوفاً‮ ‬من وجود ضابط مخابرات عراقي‮ ‬بجانبه‮ ‬’’. وهذا هو حال الواقع الذي‮ ‬كان‮ ‬ينتهجه العراق تجاه معارضيه بالقتل والاغتيال وشراء الذمم‮ ‬،‮ ‬وفي‮ ‬المقابل هناك صمت مطبق عالمياً‮ ‬وعربياً‮ ‬ومن مؤسسات مدنية معنية بحقوق الانسان‮ . ‬السويد نموذج كانت تغض النظر عن تلك التحركات ضد حقوق الانسان مقابل المقايضة في‮ ‬مصالح تجارية وأرباح عمل شركات‮ . ‬الكاتب السويدي‮ ‬ماتس إيكمان،‮ ‬ينقل عن وثائق المخابرات السرية السويدية‮ ‬،‮ ‬أن أكثر من‮ ‬100 ‮ ‬عميل،‮ ‬كانت قد جندتهم مخابرات صدام ليعملوا في‮ ‬السويد وحدها خلال فترة السبعينيات وحتى سقوط حكم البعث‮ ‬2003‮. ‬ويطرح الكتاب جملة تساؤلات حول تقاعس حكومة السويد في‮ ‬الحد من نشاط شبكة مخابرات صدام،‮ ‬بسبب العلاقات التجارية والمصالح المشتركة‮ . ‬النظام العراقي‮ ‬السابق بنى منظومته وأجهزته المخابراتية ومحطات القتل بأموال طائلة درت على العراق في‮ ‬مطلع السبعينيات من عائدات النفط المتدفقه بعد تأميمه من الشركات الاحتكارية‮ ‬،‮ ‬وهذا جاء منسجماً‮ ‬مع عقلية وسياسة النظام ونهجه في‮ ‬الحكم وأساليبه في‮ ‬أدارة دفته‮ . ‬في‮ ‬تجربة شخصية لي‮ ‬العام‮ ‬1987‮ . ‬كنت معتقلاً‮ ‬في‮ ‬بناية الشعبة الخامسة التابعة الى مديرية الاستخبارات العسكرية لانتمائي‮ ‬الشيوعي‮ ‬،‮ ‬وكان الذي‮ ‬يجري‮ ‬تحقيقاً‮ ‬معي‮ ‬في‮ ‬ساعات متأخرة من الليل الموحش والمخيف‮ ( ‬خليل العزاوي‮ ) ‬, وكما عرفت لاحقاً‮ ‬ومن خلال الوثائق التي‮ ‬سربت ونشرت بعد إحتلال العراق‮ ‬, كان رجلاً‮ ‬مهماً‮ ‬ومدير الاستخبارات العسكرية في‮ ‬لحظات الخوف والموت بدهاليز الشعبة الخامسة‮ ‬،‮ ‬لا اعرف الى الان كيف لاح أسمه في‮ ‬ذاكرتي‮ ‬وطفر الى مخيلتي‮ ‬أنه أحمد العزاوي‮ ‬وليس خليلا في‮ ‬جلسات التحقيق والتعذيب الليلية الرهيبة‮ . ‬هناك أطنان من الوثائق تركها النظام مركونه ومغبرة في‮ ‬دهاليز الاعتقال والموت فسيطر عليها الامريكان في‮ ‬دوائر القمع ونقلوه الى خارج العراق‮ ‬،‮ ‬وبعد سنوات من حكرها والأستفادة من المفيد منها رجعوا وعادوها الى العراق مرة أخرى وسلموها الى الاحزاب التي‮ ‬أتت تحت أجنحتهم أنها تحوي‮ ‬على أسرار وصفقات وعمالات خطيرة تهم عمل المعارضة العراقية السابقة وحجم الاندساس ووكلاء أمن ومخابرات واستخبارات داخل تنظيمات أحزاب المعارضة وبعضهم ممن تبوأ مراكز قيادية مهمة وشاركوا في‮ ‬إعدام ناس وتحطيم عوائل كاملة وتدمير عقلية مجتمع كامل وهو‮ ‬يئن تحت سيطرة الخوف والرعب مما حطمو من بنائه الداخلي‮ ‬في‮ ‬قوته الايجابية وبناء مجتمع سليم ومعافى‮ . ‬
افراج وثائق
لماذا لم تطالب منظمات مجتمع مدني‮ ‬ودوائر حقوق أنسان ولجان نزاهة وأحزاب سياسية بالإفراج عن تلك الوثائق المخفية والمخيفة وفضح محتوياتها الخطيرة امام الملأ ؟؟‮. ‬مازال محشوراً‮ ‬في‮ ‬يومياتي‮ ‬ذات مساء‮ ‬يوم صيفي‮ ‬رطب‮ ‬،‮ ‬كنت منهكاً‮ ‬من اليوم الذي‮ ‬سبقه وما لاقيته من تعذيب وحش ومرعب ولئيم‮ ‬،‮ ‬حيث نقلت الى مديرية الأمن العامة مقيد اليدين معصوب العينين حاملاً‮ ‬معي‮ ‬خيبات الزمن اللعين وأفاق التجربة‮ ‬،‮ ‬في‮ ‬ذات الغرفة المربعة أجلسوني‮ ‬على كرسي‮ ‬غير مريح‮ ‬،‮ ‬وظهر أمامي‮ ‬شخصان خلف طاولة خشبية بنية اللون‮ ‬،‮ ‬تتكدس فوقها أضابير وأوراق مبعثرة على طولها‮ ‬ينظران لي‮ ‬من خلفها بأمعان بعد أن رفعوا الغطاء عن عيني‮ ‬،‮ ‬كانت عبارة عن خرقة سوداء ونتنة ربما رائحتها النتنة هي‮ ‬التي‮ ‬دعتهم أن‮ ‬يرفعوها عني‮ ‬،‮ ‬ومباشرة فتحوا معي‮ ‬أضبارة جديدة بتحقيق جديد لا علاقة له لا من بعيد ولا من قريب بأساليب ورعب ومعلومات التحقيق في‮ ‬الشعبة الخامسة في‮ ‬مدينة الكاظمية‮ ‬،‮ ‬فكانت ألية وعمل تلك الاجهزة مركبة على بعضها وتسعى كل واحدة منها على حساب الاخرى بتحقيق أنجازات على حساب قتل الانسان وإرضاء مرؤوسيهم وطمعاً‮ ‬في‮ ‬التكريمات والمناصب والهدايا‮ . ‬
فهذه التركيبة المخابراتية المعقدة في‮ ‬أليات عملها وتحركاتها أمتدت الى محطاتهم المزروعة في‮ ‬دول العالم‮ ‬،‮ ‬فاكثر من جهاز ومديرية تتحرك على أرض بلد معين ولا هناك حد معين من تنسيق ما بينهم أو نوع من الصداقة والعلاقة بينهم‮ ‬،‮ ‬بل لايسمح أن‮ ‬يتعارفوا على بعضهم‮ ‬،‮ ‬وان تمت ذلك سوف‮ ‬يقومون باجراءات التنقلات اللازمة لتفادي‮ ‬الفضيحة وتحسباً‮ ‬لأي‮ ‬طاريء‮ . ‬مره سألت رجل الاستخبارات العسكرية علي‮ ‬منصور الدايني‮ ‬في‮ ‬مدينة مالمو السويدية عن موقع الكاظمية‮ ( ‬الشعبة الخامسة‮) ‬ففادني‮ ‬أن في‮ ‬هذا الموقع‮ ‬16‮ ‬شعبة من مجموع‮ ‬17‮ ‬شعبة تابعة للجهاز ولم نعرف بعضنا بل لايسمح لنا بإقامة علاقات مع بعضنا وهذا ضمن القسم الذي‮ ‬أقسمنا عليه في‮ ‬أنتمائنا للجهاز‮ ‬،‮ ‬إضافة الى ذلك في‮ ‬حالة تسريب أي‮ ‬معلومة مهما‮ ‬يكن حجمها أو‮ ‬يبلغ‮ ‬ضررها ستلاقي‮ ‬عقوبة الإعدام في‮ ‬حالة أفشائها‮ . ‬بعد أن قضيت أياما من التعذيب والخوف في‮ ‬مديرية الامن العامة أعادوني‮ ‬ثانية الى بناية الشعبة الخامسة في‮ ‬مدينة الكاظمية وبنفس الزنزانة رقم ثلاثة‮ ‬،‮ ‬ألفت تلك البطانية السوداء ورائحتها ودبيب القمل عليها‮ ‬،‮ ‬وبعد أن أنهوا مجريات التحقيق الأخيرة معي‮ ‬في‮ ‬بناية الشعبة الخامسة ونتائجها التي‮ ‬لم ترضهم على مؤشرات مرضية لهم‮ ‬،‮ ‬بدأ الضغط بتهديدهم لي‮ ‬وشد الخناق علي‮ ‬بسحقي‮ ‬وقتلي‮ ‬مع أهلي‮ ‬،‮ ‬بعد فترة قصيرة‮ ‬أحالوني‮ ‬الى‮ ( ‬محكمة الثورة‮ ) ‬السيئة الصيت مع مجموعة‮ ‬يقدر عددهم‮ ‬12‮ ‬معتقلاً‮ ‬من تنظيمات حزب الدعوة‮ ‬،‮ ‬نقلونا من بناية الشعبة بسيارة مغلقة ومظلله مقيدي‮ ‬الايادي‮ ‬بسلاسل حديدية كل معتقلين مع بعض ومعصوبي‮ ‬العيون‮ ‬،‮ ‬كانت مجموعة جاسم ونهاد مما تختزنه ذاكرتي‮ ‬من أسماء‮ ‬،‮ ‬دفعونا الى أقفاص الاتهام وجهاً‮ ‬لوجه أمام رئيس المحكمة‮ ( ‬عواد البندر‮ ) . ‬وبدأوا بقراءة لائحة الاسماء مع كل واحد والتهمة الموجه اليه‮ ‬،‮ ‬وفي‮ ‬موقف لم‮ ‬يمر على البال أدى الى‮ ‬فوضى مفاجئة عمت قاعة المحكمة صرخ أحدهم سيدي‮ ‬مخاطبا رئيس المحكمة‮ .. ‬أشلون‮ ‬يصير ومحكمتكم الموقرة تستند في‮ ‬أدعاءاتها على واحد لوطي‮ ‬وساقط خلقياً‮ ‬؟‮. ‬قال عواد البندر‮ .. ‬ولك من هذا اللوطي‮. ‬سيدي‮ ‬جاسم وجاسم هو المعترف على المجموعة في‮ ‬الانتماء لحزب الدعوة والتخطيط في‮ ‬تفجير معسكر عراقي‮ .‬
انحراف اخلاقي
بدأ جاسم وبكل جرأ وشجاعة‮ ‬يتحدث عن أنحرافه الاخلاقي‮ ‬وعم الهرج والاستهزاء والتصنيف وقهقهات الضحك‮ ‬،‮ ‬كنا جزء من العرض المسرحي‮ .. ‬مما دعا رئيس المحكمة الى تأجيل جلسة المحاكمة‮ .. ‬وهنا كتب لي‮ ‬عمر جديد‮ ‬،‮ ‬أعادوني‮ ‬الى نفس الزنزانة المخيفة والتي‮ ‬تحمل رقم ثلاثة‮ ‬،‮ ‬وأنا حزين لأني‮ ‬كنت أتمنى شهقات الموت السريعة‮ . ‬أنتظر قرار الموت باي‮ ‬لحظة حسب تبليغات الحراس لي‮ ‬،‮ ‬أنه سيتم أعدامي‮ ‬قريباً‮ ‬،‮ ‬ولم‮ ‬يعد هناك مخرج‮ ‬ينقذك بعد أن ادنت بجريمة خيانة الوطن‮ ‬،‮ ‬كنت متمسك بموقفين أما الموت وهذا ما كنت أتمناه بأي‮ ‬لحظة أو الخلاص من قبضتهم نظيف القلب واليدين والضمير‮ ‬،‮ ‬فلم أسبب أذى للعوائل والأصدقاء الذين ساعدوني‮ ‬في‮ ‬الاختفاء والتنقل ولولاهم لم أكن حياً‮ ‬الى الآن‮ ‬،‮ ‬بيت عبد الخالق مطلك الدليمي‮ ‬في‮ ‬مدينة الشعب‮ ‬،‮ ‬وعائلة الحاج‮ ‬غازي‮ ‬في‮ ‬مدينة الكاظمية‮ ‬،‮ ‬وعائلة بيت منصور في‮ ‬مدينة الشعلة‮ ‬،‮ ‬وعائلة عبد الرحمن دبش في‮ ‬مدينة الحرية الثالثة‮ ‬،‮ ‬وبيت علي‮ ‬وعالية في‮ ‬مدينة الدورة‮ ‬،‮ ‬وبيت سعد البياتي‮ ‬في‮ ‬شارع‮ ‬52‮ ‬،‮ ‬وبيت قصي‮ ( ‬أبو نغم‮ ) ‬في‮ ‬مدينة النهروان وعشرات العوائل أخرى قرأت سلسلة حلقات برزان التكريتي‮ ‬الأخ‮ ‬غير الشقيق لصدام حسين‮ ‬،‮ ‬والذي‮ ‬رافقه منذ كان عمره‮ ‬12‮ ‬عاماً‮ ‬في‮ ‬أنقلابات البعثيين المعٌرة في‮ ‬القصر الجمهوري‮ ‬الى أن أصبح رقما مخابراتيا مخيفا في‮ ‬العراق‮ . ‬يكتب اليوم مذكراته‮ ‬يتنصل بها عن أي‮ ‬مسؤولية لحقت بالعراقيين الحيف والظلم وكأنه ذاكرتهم مثقوبة‮ ‬،‮ ‬يطلع علينا السيد برزان أنه كان حمامة سلام وسط صقور جارحة‮ ‬،‮ ‬وكان هو‮ ‬يحلق ضدها أي‮ ‬كان ضد سياسة أخيه صدام ونظامه‮ ‬،‮ ‬ربما نسى من كان‮ ‬يصدر الاوامر الى المجرم جاسب السماوي‮ ‬في‮ ‬قسم الاعدامات في‮ ‬سجن أبي‮ ‬غريب‮ ‬،‮ ‬الى الأن برزان لم‮ ‬يتحفنا في‮ ‬أوراقه الغابرة حول ملف الشيوعيين والغدر بهم وقتلهم وشواهد قبورهم‮ . ‬والى الأن لم‮ ‬يكشف لنا‮ ‬،‮ ‬وهذه مسؤولية أخلاقية وتاريخية حسب ما‮ ‬يدعي‮ ‬كان نهج ممارسات السلطة ورموزها في‮ ‬تعاملهم مع الشعب العراقي‮ . ‬كانت هناك صحف عربية ومجلات مشتراة من البعث وبتمويل كامل لتلميع وجه النظام والاف من العملاء والجواسيس والوكلاء الموجودين‮ ‬في‮ ‬الخارج وشخصيات ومنظمات وأحزاب راحوا مع عورتاهم بذهاب النظام‮ . ‬قرأنا أجزاء مهمة من كتاب‮ ( ‬مهمة من بغداد‮ ) ‬بمساعدة صديق‮ ‬يجيد اللغة السويدية بشكل جيد بمدلولها السياسي‮ ‬ووجدنا في‮ ‬صفحات الكتاب معلومات مبنية على أراء وأحتمالات وتقديرات بعيداً‮ ‬عن الحقائق أي‮ ‬ضمن سياقات حبكة الهدف والاشاعة وتوجد دلائل ايضا تفقأ بها الارض‮ ‬،‮ ‬سنستمر في‮ ‬متابعتها في‮ ‬أكثر من محادثة تلفونية مع الكاتب ماتس إيكمان صاحب كتاب‮ ( ‬مهمة من بغداد‮ ) . ‬كان في‮ ‬البدء متوجساً‮ ‬في‮ ‬الحديث معي‮ ‬بتوجيه اللوم نحوي‮ ‬باعتقاده الشخصي‮ ‬أو ضمن المعلومة الخاطئة التي‮ ‬تسربت له وهي‮ .. ‬أنا من قمت بترجمة كتابه بدون الرجوع له وأخذ موافقته حسب أصول دور النشر والطبع والقوانين المعمول بها ضمن العمل الطباعي‮ ‬والنشر وحقوق الناشر ودار النشر‮ ‬،‮ ‬وبعد أن شرحت له موقفي‮ ‬ونيتي‮ ‬،‮ ‬أنا لست مترجما وأنما بادرت بقراءة نقدية وبمثابة أستعراض حول ماهية الكتاب والمعلومات المنشورة على جنباته من واقعيتها والسقطات التي‮ ‬تخللته من مبالغات من جملة أحداث مهمة‮ ‬،‮ ‬وكوني‮ ‬عراقيا وسياسيا ويعنيني‮ ‬هذا الآمر وعشت تجربة أعتقال وتعذيب‮ ‬،‮ ‬كادت أن تنهي‮ ‬حياتي‮ ‬بسبب معتـــقدي‮ ‬السياسي‮ (‬الفكري‮).‬

Mohammed Al Saadi
Beider Media
www.beider-media.se
070 073 3003