23 ديسمبر، 2024 4:55 ص

قراءة عراقية في الضربة السورية

قراءة عراقية في الضربة السورية

إنقسم العراقيون أيضا بين مؤيد للضربة وآخرمعارض لها على أسس طائفية ليس لها علاقة بمجريات الأوضاع الجارية في سوريا ! هكذا أصبحت الأوضاع لاترى الا بمنظار الطائفية والمصالح الفئوية بعيدا عن المفاهيم الإنسانية والعدالة الإلهية ؛ المؤيدون لاينظرون الى المجازر التي يخلفها هذا النظام ولاالى ملايين السوريين النازحين والمهجرين في دول العالم !

منذ بداية الثورة السورية رأينا تأييدا عراقيا واسعا للنظام السوري يتخفى عن الإعلان بالسرية خوفا من العصا الأميركية وهو موقف معيب على نظام يدعي الديمقراطية وخارج للتو من ديكتاتورية مشابهة الى حد التطابق مع الديكتاتورية السورية

مبررات النظام العراقي هي الخوف على سوريا من نظام جديد قد يسمح للمتطرفين من الوصول لحكم سوريا وبالتالي يشكل النظام الجديد خطرا على العراق ! وهذه حجة غير واقعية تضرب مبدأ الديمقراطية عبر الجدار فكيف للديمقراطيين ان يمنعوا الناس من اختيار مايرونه مناسبا لحكمهم ؛ كيف يمكن لبلد جار ان يفرض رأيه على طبيعة ولون الحاكم الجديد هل يعقل ان يطالب الجار بمواصفات وشكل الجار الجديد قبل ان يسكن الى جانبه

أما الحجة الثانية فهي تتعلق بالحدود العراقية السورية وامكانية تسلل الارهابيين الى العراق إذا ما سقط النظام ! وهي حجة تدل على عجز عراقي واضح لان الحكومات العراقية المتعاقبة لم تتمكن من ضبط حدودها طيلة خمس عشرة سنة فظلت تتوسل بهذا النظام وذاك من اجل التعاون لضبط الحدود وهي تتناسى ان الحدود السائبة تعلم السرقة وتتناسى ايضا ان هذا النظام في قمة جبروته قد تم خرق الحدود العراقية علنا وتمكن الارهابيون من دخول الاراضي العراقية بمرأى ومسمع النظام وبتأييده وبدعمه مثلما صرح بذلك رئيس الوزراء السابق وأراد أن يشكوه الى مجلس الأمن ولكنه عاد لدعمه بقوه نتيجة لضغوط ايرانية واضحة أجبرته على الاصطفاف معه وتجيير كل امكانيات الدولة العراقية لصالحه حتى نفد الدولار من السوق العراقية نتيجة زجه في المعركة السورية

كمواطن عراقي الى الآن أنظرالى الدول التي عارضت التدخل الأميركي لأسقاط النظام الصدامي بعين الكراهية والبغض ولاأريد أن تكون هنالك علاقات جديدة مع تلك الدول المعارضة لأسقاط الديكتاتورية وقتذاك وهذا ماسيشعر به المواطن السوري حين يتمكن من الخلاص من ديكتاتوريته ؛ وسينظر السوريون الى العراقيين على انهم كانوا بالضد من تطلعاتهم وقد وقفوا مع النظام ضد الشعب وستتولد كراهية مستقبلية بين الجارين بدلا من أن تكون هناك علاقة ودية بين الشعبين خصوصا وان الاسلاميين الحاكمين في العراق يرددون دائما شعار ” الشعوب أقوى من الطغاة ” بمعنى إن الأنظمة زائلة ولكن الشعوب باقية وعلينا بالمراهنة على الشعب لاعلى الحكومات هذا ان أردنا السير بعلاقات متوازنة لاتميل الى كفة على حساب كفة أخرى

من غير المعقول أن نحمل وجهين في قضية واحدة وإن فعلنا سنكون في محل السخرية أمام العالم فكيف ندين النظام البعثي العراقي السابق ونرحب بنظام البعث السوري وندعمه ؟ وكيف نرحب بالتدخل الأميركي ونستقبله بالزهور في العراق ونرفضه ونعارضه في سوريا ؛ وكيف نطلب من المجتمع الدولي التدخل لإنقاذ شعبنا من دموية النظام وحين يطالب السوريون بذلك نعتبره عيبا وخطيئة لاتغتفر ؛ إننا نتناسى ان الديكتاتورية هي الديكتاتورية وان الظلم هو الظلم مهما اختلفت تسمايته ولايمكن ان تكون هناك ديكتاتورية جميلة وأخرى قبيحة

أتفهم جيدا ان بديل النظام السوري هي جماعات متطرفة تختلف مع طبيعة الحكم في العراق جملة وتفصيلا لكن هذا ليس عيبا فمن حق الشعوب أن تفرز ماتشاء عبر صناديق الإقتراع مثلما أفرزت العديد من المتطرفين الشيعة في العراق وليس من حق احد الإعتراض على شرعيتهم هكذا هي مبادئ الديمقراطية ان كنا نؤمن بها فلماذا حلال علينا وحرام على السوريين

ليس ذنب السوريين أن يطالبوا الولايات المتحدة بإسقاط النظام وضربه وإنهاكه فهذا ليس عمالة ولاحبا بالاحتلال لان الديكتاتوريين لايمكن ان يرحلوا عن مواقعهم الابهذه الطريقة كما ان العراقيين جربوا العديد من المحاولات لاسقاط النظام لكنهم فشلوا في نهاية المطاف في اسقاطه وسمحوا للاميركان بالتدخل لانقاذهم وهذا ماحصل مع السوريين لقد أفشل النظام جميع المحاولات الرامية للحلول السياسية السلمية واصر على مبدأ ” أما الأسد أو نحرق البلد ”

من المعيب على النظام السوري ان يتحدث عن البطولة و الوطنية والمقاومة وهو عبارة عن بيدق شطرنج بيد الروس والايرانيين ويستخدم أسلحتهم لقتل شعبه بطريقة بشعة لتحقيق مآرب روسية وأيرانية ؛ على الحكومة العراقية أن لم تستطع ان تعلن موقفها المؤيد لتطلعات الشعب السوري في إسقاط نظامه الوحشي فعليها الالتزام بمبدأ النأي بالنفس وضبط الحدود لمنع الجماعات العقائدية للإلتحاق بالنظام والمساهمة في قتل السوريين .

[email protected]