20 ديسمبر، 2024 2:45 ص

قراءة جديدة في مقتل الإمام الكاظم 

قراءة جديدة في مقتل الإمام الكاظم 

رحم الله شاعر العراق الكبير معروف الرصافي إذ قال نظرنا بأمر الحاضرين فرابنا …فكيف بأمر الغابرين نصدق ، هذا الرجل يضع إصبعه على الجرح في بيته الشعري هذا ويبين للأمة أحد أمراضها بتقديس الماضي وعدم مناقشته باعتباره خطاً أحمر ، وعدم الربط بين الحاضر والماضي لمعرفة الحقيقة ، وبين الواقع الذي نعيشه والواقع الذي عاشه الماضون مع تشابه الظروف التي مرت عليهم ، وبالتالي يمكن لنا من خلال دراسة واقعنا الحالي التوصل للكثير من النتائج فيما يخص السابقون ومواقفهم ومعرفة صحة التاريخ الذي ينقل لنا من المزيف ، ومن الأحداث التاريخية التي سمعناها هي حادثة استشهاد الإمام الكاظم بن الإمام جعفر الصادق ( عليهما السلام ) في السجن بواسطة السم الذي دُس له في زمن الخليفة هارون الرشيد ، وقد أجمع القوم أن هارون هو القاتل وتم الانتهاء من الحادثة وأغلقت على هذا المنوال وكل ما هنالك يتم تكرار هذه النتيجة في كل عام مع حلول ذكرى الاستشهاد ، ولم يحاول أي من المحللين أو المدققين أو المستمعين أن يتناول الحادثة من زاوية أخرى ، ولم يتساءل أحدهم عن دور المجتمع في مقتل الإمام الكاظم ( عليه السلام ) خصوصاً تلك الطائفة التي كانت تدين له بالولاء والحب والإتباع ؟ وهنا نود أن نوضح قراءة جديدة أطل بها أحد المفكرين المعاصرين تختلف عما توارثه القوم ، وقد حمل المجتمع الموالي السبب الرئيسي في حصول الحادثة لكونه لم يتحرك لإنقاذ الإمام الكاظم من السجن وكان بإمكانه الضغط على الدولة وأركانها بمختلف الطرق لإخراج الإمام من السجن ، ولكن المجتمع اكتفى بأن يبكي على الإمام بعد مقتله ظناً منه أن هذا هو قمة الولاء وأن هذه هي النصرة الحقيقية التي أرادها الله لأهل الحق ، وهذا ناتج من كون المجتمع يعيش حالة النفاق ، وهو يتاجر بحب قادته لا أكثر ، من أجل توفير حالة نفسية تخفف ضغط الشعور بالتخاذل والجبن وحب الحياة على حساب الدين والمبادئ وحتى الغيرة الإنسانية أو العربية ، والدليل أن هذا المجتمع لم يكن على استعداد للتضحية بالنفس أو المال أو الراحة والواجهة أو الحرية من أجل إنقاذ الإمام ، ولهذا تركوه في السجن سنين طويلة ولم يتحرك أحد منهم في أي مسعى حتى لو كان سلمياً ، وقد كان لهم أن يتحركوا سلمياً على عم هارون الرشيد فقد روى الشيخ الصدوق ( أنّه لما أتي بالنعش إلى مجلس الشرطة قام أربعة نفر فنادوا : ألا من أراد أن يرى موسى بن جعفر فليخرج ، و خرج سليمان بن أبي جعفر عمّ هارون من قصره إلى الشط فسمع الصياح والضوضاء ، فقال لولده وغلمانه ما هذا ؟ قالوا : السنديّ بن شاهك ينادي على موسى بن جعفر على نعش ، فأمر غلمانه فنزلوا إليهم وضربوهم وأخذوه من أيديهم ، وأقام المنادين ينادون : ألاَ مَن أراد النظر إلى الطيّبَ ابن الطيّب فليخرج ، و حضر الخلق فاحتفى ، و مشى في جنازته حاسراً مشقوق الجيب إلى مقابر قريش ، فغسّل و حنّط بحنوط فاخر، و كفن بكفن فيه حبرة استعملت له بألفين و خمسمائة دينار كتب عليها القرآن كله فدفن بكل إعزاز في مقابر قريش ( ، ومن هذه الرواية يُستشف أنه كان بإمكان المجتمع الموالي التحرك على عم هارون الرشيد لإنقاذ الإمام الكاظم من السجن ، لكن من مجريات الأحداث يبدو أن هذا لم يكن يأخذ مساحة مهمة من اهتماماتهم ، والمهم عندهم أن يبقى كل منهم على قيد الحياة يأكل ويشرب هو وعائلته ليكون الإمام هو القربان الوحيد ، وليضحي وحده في سبيل دين الله في إعادة لمشهد من مشاهد قصة بني إسرائيل عندما قالوا لنبيهم اذهب وقاتل لوحدك إنا ها هنا قاعدون ( قَالُوا يَا مُوسَىٰ إِنَّا لَن نَّدْخُلَهَا أَبَدًا مَّا دَامُوا فِيهَا ۖ فَاذْهَبْ أَنتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلَا إِنَّا هَاهُنَا قَاعِدُونَ * قَالَ رَبِّ إِنِّي لَا أَمْلِكُ إِلَّا نَفْسِي وَأَخِي ۖ فَافْرُقْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ الْقَوْمِ الْفَاسِقِينَ ) ، وعلى هذا فالمجتمع يتحمل المسؤولية الرئيسية في حادثة مقتل الإمام الكاظم ( عليه السلام ) بتخليه عن القائد وخذلانه له ، وهذا المعنى والفهم واضح جلي رغم أن القوم ينأون عنه وهو ما أكدته السيدة زينب ( سلام الله عليها ) والإمام السجاد ( عليه السلام ) عندما خاطبوا أهل الكوفة بأنهم من قتل الإمام الحسين ( عليه السلام ) رغم أن المخاطبين لم يشتركوا في معركة كربلاء . وهذا أيضاً ما يفهم من قول الإمام الكاظم عليه السلام عندما دخل عليه ابن سُويد سائلاً له متى الفرج ، فرد عليه الإمام إن الفرج يوم الجمعة على الجسر ، وكان مقصود الإمام أن الفرج في تحقق الموت والخلاص من هذه الدنيا ، وفي كلام الإمام إشارة واضحة لخذلان الناس له وعدم تحركهم لإنقاذه ، فوصل إلى حالة من اليأس منهم ، وتمنى الموت وقد وافقه الله على هذه الحقيقة ، فتحققت الشهادة يوم الجمعة على الجسر ، واستغل القوم تلك الساعات لممارسة دور المحب والموالي بذرف الدموع كما فعل أهل الكوفة بعد استشهاد الإمام الحسين فتصدت لفضحهم العقيلة زينب ( سلام الله عليها ) وابن أخيها ، ولكنها لم تكن موجودة عند مقتل الإمام الكاظم لتفضح نفاق القوم مرة أخرى . ويذهب المرجع الصرخي إلى أكثر من ذلك من وجود التآمر والتحريض من قبل أئمة الضلالة للحكام ضد الإمام الكاظم عليه السلام بقوله ( والأطروحة المقترحة والتي نعتبرها السبب الرئيس والمحرض المباشر والمؤثر الفاعل لاتخاذ القرار من قبل السلطة الظالمة … ، أن الأطروحة تشير وبالمصطلح الحديث إلى اللوبي الصهيوني العنصري ، الذي ارتبط بالدنيا وعشق وعجن بطول الأمل ، انه لوبي أئمة الضلالة المشار إليهم في كلام المعصومين عليهم السلام بيهود الأمة الدجالين والأجوف والأشد على الأمة من الدجال ، ….. ويكفي الإشارة إلى أن السبب فيما حصل للإمام الكاظم عليه السلام من أئمة الضلالة وتآمرهم عليه وتحريضهم المتكرر والمستمر لرؤوس السلطة الحاكمة ضد الإمام عليه السلام أدى إلى تلك النتيجة من السجن ثم السم والقتل ) . وبين التآمر والخذلان يسقط أئمة الحق الواحد تلو الآخر ، ولكن السؤال الذي يبقى يطرق الذهن بشكل مستمر مهما وجدنا له من إجابات ، لماذا يخون الخائنون ؟ وكما يقول المرجع الصرخي ( أميركا والسعودية وإيران وغيرها تبرر تَدخّلها في العراق بأنها تفعل ذلك من أجل مصالحها وأمنها القومي وتنفيذاً لمشاريعها الخاصة أو العامة ، ولكن بماذا يبرر السياسيون الخونة خيانتهم للعراق وشعبِه وعملِهم من أجل تنفيذ مصالح ومشاريع الدول الأخرى ؟! ) . وفي النهاية نطلب منكم التدقيق بالترابط الوثيق بين من تسبب في مقتل الإمام الكاظم (عليه السلام ) ومن يقتل ويخون العراق وشعب العراق وستجدون إن العراق يُقتل بين الخيانة والتآمر وبين خذلان المتخاذلين .

أحدث المقالات

أحدث المقالات