لا توجد دولة في العالم اُثقِل كاهلها بجملة من القرارات وهي وليدة تغيير حديث العهد ، مثل العراق ، ويبدو ان جميع متصدري السلطة الجديدة ، افرغوا جعبهم من اراء كانت تراودهم قبل سقوط النظام ، دون ان يضعوا سلم اولويات لاي من هذه القرارات ، فجاءت دفعة واحدة ، لارضاء جميع الاطراف ، الذين لم يكن لديهم برنامج سياسي موحد قد اتفقوا عليه لادارة العراق قبل عام 2003 ، حيث كانوا مختلفين بكل شيء والقاسم المشترك الوحيد لهم جميعا هو العداء الظاهري لصدام ـ لذلك كانت عادة ما تنتهي مؤتمراتهم بتشظي الاحزاب والحركات المشاركة بها ، فبعد كل مؤتمر كانت الاحزاب تنقسم بشكل أنشطاري ، لكي يضمن كل شخص يتراس حزبا حصة من الدعم المالي الخارجي للاحزاب المعارضة وهذا ما اكده بشكل غير مباشر عزت الشاهنبدر في لقاء له اجرته ألـ BBC البريطانية قبل شهر تقريبا
وهن اخطر هذه القرارات هو الغاء الجيش العراقي بدلا من الاستفادة كمؤوسسة امنية يمكن تشذيبها لاحقا لتتلائم وشكل السلطة الجديدة والتخلص من الولاء الاوحد السابق ، حيث كان الجيش العراقي اقوى جيوش المنطقة عددا وعديد ، ويمتلك اسلحة وخبرات كبيرة آل اغلبها لاحقا للعصابات الارهابية اما الدبابات بارقامها المخيفة فقد تم تصديرها كحديد خردة من قبل بعض التجار لاحد المكونات وبمساعدة قادة هذا المكون وباسعار بخسة جدا الى دولة مجاورة ، وكان هذا اول بادرة للتشظي المجتمعي ، والغريب عاد الجميع ليلوم الجميع ويحملهم مسؤولية الغاء الجيش مع ان الجميع اشترك في ذلك ، والثاني اجتثاث البعث الذي صار ورقة مساومة لاحقا ، وافرغ من محتواه الذي اريد له لالغاء حزب كان له اليد الطولى في ما وصل اليه العراق من دمار ، بعد ان تحول من حزب تسيره القرارات الجماعية الى حزب يقرر مصيره رجلا واحدا والكل يخضع لارادته بغض النظر عن قناعة او من دونهاكما ان عجز مجلس الحكم ومن ثم الحكومة العراقية في عدم بلورة رأي تؤخذ فيه مصلحة الدولة والشعب في الاعتبار للتعامل مع قائمة المطلوبين الخمس والخمسين الاميركية ، حيث انها احتوت اسماء كان لها الدور الكبير والاساسي في دمار العراق وسوء علاقاته مع محيطه ، واخرين من ضمن القائمة اقتضى الواجب الوظيفي لهم لان يؤدوا اعمالا ، كان النظام لا يتورع للتعامل بقسوة مع من يمتنع عن تنفيذها وفي اغلب الاحيان تؤدي بحياته وحياة اهله ،اضافة الى عشرات القرارات التي كبلت البلد واعادته عقودا الى الوراء ، من اجل سواد عيون البعض الذي يفكر بنفسه كشخص او بحزبه
ومن اجل ذلك ، ولكي تجتاز الحكومة مخلفات تلك القرارات وبالتالي تصحيح العملية السياسية وجعلها جاذبة لاكثر فئات المجتمع ، نقترح ان تقوم الحكومة بالخطوات التالية
1- كبادرة حسن نية ، ولسحب البساط من تحت اقدام الطائفيون الذي ما انفكوا من ان يختلقوا صغائر الامور لغرض افشال وتعويق العملية السياسية لاثبات انه ليس بالامكان احسن مما كان رغم كل المكاسب التي حققوها دون وجه حق نتيجة لضغوطات التوافق المقرفة ، نرى ضرورة اطلاق سراح وزير الدفاع السابق سلطان هاشم ، لاسباب عديدة ، منها ، ان الرجل مهني وكان ينفذ اوامر وظيفية ، وهو افضل من اخرين ممن كانت لهم ولاءات ودخلوا العملية السياسية وكانوا سببا في دمار البلد امثال المطلق وسليم ومشعان واخرين كثر ، فالرجل يختلف عنهم من حيث الالتزام والخلق ، و ستكون هذه البادرة رسالة تطمين لجزء من الشعب الذي وقع تحت تأثير دعايات هؤلاء الساسة الطائفيون بمعاونة ماكنة اعلامية ضخمة لبعض دول الجوار من اجل زيادة البغضاء ، يقابل ذلك اداءا سياسيا هزيلا واعلاما تافها للحكومة وللسياسيين الشيعة ، وكذلك وكذلك ستكون مقل هذه المبادرة رسالة تطمين اخرى للقوى الدولية وخصوصا الفاعلة والمؤثرة في القضية العراقية
2- هنالك رجل مهني جدا هكومات صدام بالتكافوء مع زير اخر كان من افضل وزراء وجود مطامح لاكراد شرق كردستان يمة لها بوجود الحكومة المركزية وتشكيل اخر هو امو الدكتور محمد مهدي صالح ، وزير التجارة الاسبق الذي شكل مع وزير اخر هو الدكنور احمد مرتضى احمد وزير النقل الاسبق ثنائيا ممتازا وربما هما افضل وزيرين في كل التشكيلات التي اعقبت 1968 ، حيث استمر الاول وزيرا لاكثر من خمسة عشر سنة ، في دولة لا يمكن فيها ان تستمر اية تشكيلة وزارية لاكثر من سنتين او ثلاثة على ابعد تقدير طبقا لمشيئة ( القائد الضرورة) باستثناء هذين الوزيرين الذين كانا الاستثناء ، وكانت قمة نجاح الاول هي تطبيقات البطاقة التموينية ، التي كانت موضوع تقييم من قبل ارقى الجامعات العالمية (جامعة هارفارد الاميركية ) التي اعتبرتها نموذجا ناجحا يمكن تعميمه لمناطق الصراعات العالمية ، والثاني هو الدكتور احمد مرتضى احمد الذي اثبت نجاحا باهرا عندما كان في ادارة التصنيع او وزيرا للنقل طيلة احد عشر عاما حيث كان يدير وزارة النقل والمواصلات التي تقابلها الان وزارتين هما النقل والاتصالات بنجاح هائل وكان متقد الذهن سريع البديهية وتشرفت بالعمل معه لانه كان راعيا للكفاءات وخصما للمهمل ، ومن ابداعاته ان ربط العراق بجميع محافظاته عدا كردستان بشبكة القابلو الضوئي وبطريقة تمويهية يصعب استهدافها بمبلغ زهيد جدا لم يتجاوز عشرة ملايين دولار في حين طلبت شركة صينية مئات الملايين من الدولارات لتنفيذها ، في حين من تولى ادارة الوزارة بعد 2003 انحصر جل تفكيرهم في كيفية حلب تخصيصات هذه الوزارة التي تؤدي نصف ان لم نقل اقل من كفاءتها قبل السقوط ولكن باعداد تفوق الضعف عما سبق ، والرجلان لم تثبت عليها اية مؤشرات تؤكد تواطئهم في تنفيذ جرائم النظام السابق بل هما اقرب لان يكونا موظقين يؤديان عملا روتينيا صادقا ، فعودة الاول هي طعنة للطائفيين وكسب كبير لسكان محافظة الانبار ، وشوكة في عيون الخليج الطائفي ورسالة اطمئنان ايضا الى العالم الغربي وهي ايضا مسعى جدي لتولية الكفاءات للوزارات وارساءا للبحث عن المهنيين ايا كان انتمائه ما دامت النية هي بناء عراق جديد ، وانهاء المنهج الحكومي التوافقي المقيت ، رغم اني متأكد بعدم نجاحه لو تم توليته لوزارة التجارة وهي على وضعها الحالي حيث تتقاسمها المحاصصة واللوبيات الحزبية والطائفية ، لان الرجل مهني غير قادر على التفاعل مع هكذا اجواء ، الا اذا دعم سيكون الموقف غير ذلك ، او وضعه مستشارا اقتصاديا ، لانه افضل من محمد صالح بكثير ، لان الاخير لا يعدو اكثر من اكاديمي غير مرن ، اما الاخر فعودتع ايضا ستكون كسرا لحاجز هيمنة الاحزاب بشخوصهم الهزيلة التي تصدت للمسؤولية وتذكيرا لهم بان الوطن ليس ملكا عظوظا لهم كما يتصور الكثير ممن جاءوا بعد 2003 ، فالوطن يتشارك الجميع فيه والحظوة لمن يخدم اهله ووطنه وليس الذي يريد ثمنا لنضاله المزعوم في عواصم ومدن الدنيا
3- هنالك فرصة لاصدار اشارات اخرى لطمـنئة جميع الاطراف وهي ايضا تقع ضمن فكرة شق عصا اعداء العراق بصيغته الجديدة التي تضمن اشتراك الجميع في ادارته ، هي فتح حوار مع اشخاص اثبتت الايام ان لهم مواقف خلافية مع النظام ، لكن لم يتم احتواءهم بالمعارضة انذاك لاختلاف في المواقف سواءا فكرية او غير ذلك ، وبما ان الوضع الحالي مليء بالغام الاعداء ، فلن يكون من مصلحة القيادة الشيعية توسيع الجبهة المعاكسة لهم ، واستغلال اية ثغرة لشق صف تلك الجبهة ، بالمختصر، هنالك ، هنالك شخصية سياسية بعثية كان لها موقف معارض للحرب العراقية الايرانية ولتصرفات صدام وعائلته اضطرتهم للانشقاق عن صدام ، وهؤلاء هم شهود على جرائم النظام السابق ، وقطعا موقفهم المناهض الان للسلطة الجديدة سببه مواقف الاخيرة التي كرست العداء لهم بجريرة انهم كانوا في فترة مع النظام لذلك لا نستغرب لان تكون لهؤلاء مواقف معادية للسلطة الجديدة الجديدة ، لكن لو تم التعامل معهم وفق المعايير الوطنية لاختلف الامر ولتغيرت المواقف ، نتمنى ان يتم فتح قنوات اتصال معهم من اجل دمجهم بالحياة العامة على اقل تقدير بدلا من تركهم في صف المعسكر المعادي
4- في عام 2012 وخلال لقاء رأي مع رئيس كتلة دولة القانون الحالي الاستاذ علي الاديب عندما كان وزيرا للتعليم العالي والبحث علمي قدمنا مقترحات كان بضمنها انشاء اقليم او كيان معنوي يشمل سهل نينوى والمناطق المجاورة لها في اقليم كردستان والتي تقطنها غالبية مسيحية ، لحماية هذه الاقلية من سكان العراق الاصليين اولا ، ولوقف احلام التمدد التي كانت تراود بعض القادة سواءا من الجانب الكردي او آل النجيفي الذين تراودهم احلام السلطة والتوسع ، وثالثا خطوة كهذه ستعزز موقع العراق دوليا وتزيد التاييد الدولي له في حربه ضد الارهاب و الدول الداعمة للارهاب والتي تمكنت من شراء سوت دول كبرى بالمال
5- نتمنى على سياسيي بغداد ان يحسنوا التعامل مع اطراف المحيط العراقي والرقي الى التعامل بالمثل ، فليس من الصحيح ان تقف السعودية او تركيا او ايران مدافعة عن طرف عراقي دون غيره لتزيد الهوة والشقاق بين المكونات العراقية بدلا من المساعدة في ضم الجميع تحت خيمة الوطن الواحد ، فالسعودية التي نصبت نفسها محاميا لديها اقليات لم تحصل على ابسط الحقوق الانسانية رغم ان غنى المملكة ياتي من ارض هذه الاقلية وفي تركيا هنالك الاكراد والعلويون الذين يمثلون بمجموعهما ما يقرب 45% من الشعب التركي لا يتمتعون بادنى الحقوق كذلك (بالمناسبة اصدرت المحكمة الاوربية قرارا لانصاف العلويون في تركيا مؤخرا وانذرت تركيا بتطبيق ذلك خلال مدة محددة) في حين تبيح لنفسها التدخل في شؤون دولة اخرى تحت يافطة حماية هذا المكون او ذاك ، فالمعاملة بالمثل تجعل هؤلاء ينكفئون نحو الداخل او العمل على لملمة الشمل العراقي ، وكذا بالمناسبة للتعامل مع اكراد العراق
6- واستكمالا لما ورد في -5- اعلاه ، نجد من الضرورة مد اواصر التحالف مع اكراد سوريا او قوات سوريا الديمقراطية الذي تتزعمه القوة الكردية الرئيسية بزعامة صالح مسلم الرئيس المشترك لحزب الاتحاد الديمقراطي في سوريا (PYD) الذي يهمنا منه تصريحه الاخير وهو مفيد جدا يهم الدولة العراقية يمكن استغلاله اعلاميا ولوجستيا والذي نصه (ان على الاكراد الموزعين على جغرافية الدول الاربعة في المنطقة ان يتحالفوا مع بغداد لانها الوحيدة التي منحت الاكراد حقوقا ترفض تلك الاربعة منحها ، حيث صرح ان بغداد هي المنفذ الاستراتيجي الوحيد للكرد و أن عصر بناء الدولة القومية قد ولّى )( صحيفة الصباح الجديد في لقاء مع صالح مسلم بعدد يوم 12 حزيران الحالي ) – يتبع