قراءة المشهد السياسي

قراءة المشهد السياسي

لا أحد يستطيع أن يخفي الجدل الواسع الذي أثار في الأوساط السياسية وأمتد الى الشارع العراقي، إثر قرار الزعيم العراقي مقتدى الصدر، مقاطعة الانتخابات المقبلة بسبب مشاركة من وصفهم بـ”الفاسدين” دون تحديد كتل أو أحزاب سياسية أو ذكر أسماء معينة ، ضارباً العملية السياسية عرض الحائط .

قرار الصدر له تأثيرات عدة على العملية السياسية في العراق، أولها تقليل فرصة البيت الشيعي في الحصول على مقاعد إضافية بالمناطق المختلطة، وتأثيره على نسبة المشاركة في الانتخابات مما ينعكس سلبا على الطابع الشرعي الذي يعزز نتائج الانتخابات، وهذا ما جعل المالكي الذي يعد خصم الصدر سياسياً، متخوف من دعوة الأخير مقاطعة الانتخابات، حيث دعا العراقيين التوجه للانتخابات في إشارة واضحة وصريحة الى الزعيم مقتدى الصدر .

وجاء في كلمة متلفزة للمالكي : أنه “لا خيار للرافضين للعملية السياسية سوى الذهاب باتجاه صناديق الانتخابات للتغير، ويجب ان تكون هذه الانتخابات نزيهة وبعيدة عن المال العام و التلاعب والتزوير”، مؤكداً أن “هناك خطر يحيط بالانتخابات سنتحدث عنه لاحقاً”، مشيراً الى ان ” على المواطنين الالتزام بحماية العملية الإنتخابية، ورفض حالات التلاعب وبذل الأموال لغرض افسادها”.

يبدو ان أئتلاف المالكي لديه حدس في خطورة الانتخابات المقبلة إن لم تكن معلومات مؤكدة، وأنهم يشعرون مقاطعة الصدر ستكون بمثابة الضربة القاصمة للعملية الإنتخابية من حيث اختلال المعادلة، كون “التيار الوطني الشيعي” هو أكبر قاعدة شعبية تَشهدها الساحة العراقية .

الصدر الذي بدأ سلسلة اعتزال العمل السياسي عام 2013، حين لوح بالانسحاب من الحكومة والبرلمان واصفا الأخير “بالهزيل”، ومن ثم جمد كتلة الأحرار النيابية عام 2016، ليعلن بعد عامين عدم ترشيح أي وزير من التيار الصدري للحكومة، ومن ثم قرر في عام 2021 انسحابه من الانتخابات، وبعدها أعلن انسحابه من السياسة وأعلن اعتزاله النهائي وأغلق مؤسسات التيار أواخر عام 2022، مما جعل الصدر أن يكون على يقين بعدم جدوى العملية الانتخابية، وأنها ستصب كما أعلن في مصلحة “الفساد والفاسدين”، إلا ان ذلك ربما لايمنع الصدر في التراجع عن قراره أذا ما طالبهُ الشارع العراقي المشاركة بالانتخابات بهدف القضاء على “الفساد و الفاسدين” من المنطلق الوطني.

فيما يرى البعض أن دعوة الصدر للمقاطعة قد تكون وسيلة ضغط على الكتل السياسية المشكلة للحكومة، بهدف تغيير سياساتها لاسيما في ملفات الأمن والاقتصاد والخدمات، وربما سيبقى خيار المقاطعة مطروح حتى الأسابيع الأخيرة التي تسبق الانتخابات، ويفاجئ الصدر قاعدته الشعبية والشارع العراقي أن هبوا للانتخابات بهدف التغيير، والقضاء على “الفساد والفاسدين”.