23 ديسمبر، 2024 5:05 ص

قراءة الرجولة في ( أحلام ممنوعة ) للروائية نور عبد المجيد

قراءة الرجولة في ( أحلام ممنوعة ) للروائية نور عبد المجيد

بدءاُ بالاهداء بقسميه والأختلاف بينهما : في الإهداء الأول تعلن اسماء رجال وقفوا مع تجربتها الروائية، أما الإهداء الثاني فيتصف بالمجهولية (إلى رجل لاأعرفه ..) قد يكون هو القارىء النوعي المآزر ..من هذه الرجولة بنوعيها المسماة واللامسماة ، ينبثق سؤالي كقارىء : هل نحن أمام الجزء الثاني من روايتها (أريد رجلاً ) ؟
(*)
مع السطر الأول ندخل الحدث الأهم في الرواية (جن جابر عندما بدأ يشعر أنه لايستطيع أن يكون رجلاً../7) ان هذا العجز الجنسي الذي ربما يكون وقتياً، لكنه جرد جابر من مسؤولياته الأسرية وأصابه بالعمى الإجتماعي فهو( لايرى محمود الذي أصبح في السادسة عشرة من عمره ولايستطيع الحصول على دبلوم التجارة الذي قيد فيه ومايزال يتعثر..) و (لايرى أنه ومنذ محنته هذه لم يسددوا إيجار بيتهم الصغير / 9) الشيء الوحيد الذي يراه جابر.. (لم يعد يرى شيئا سوى أنه يجب أن يعود رجلاً..) ..وهناك إخصاء مغاير، يرد ذكره كلما فكرّت نجية بمعاناة زوجها (تذكرت رجلاً واحداً..رجلاً حقيقيا..رجلاً اسمه مرزوق الحلوجي ) ومقياس رجولته إستثنائي : (لأنه رجل حقيقي ، فهو لم يتزوج حتى الآن ..الرجال الحقيقيون لايتزوجون ../ 9) !! ومرزوق شخصية روائية بوظيفة (مثال الأنا) ..،، أي ما يتطلبه الأنا الأعلى من الأنا ان يكونه ،، – حسب فرويد / 76- طرابيشي .أي الصورة المثالية، لما ينبغي أن يكون عليه الإنسان ، من وجهة النظر الاخلاقية ليرضي ضميره فالمعلّم مرزوق حباً بأمه المشلولة،يرفض والأصح يؤجل فكرة الزواج،فحين يقرأ مرزوق مافي عيني ّ أمه يداعبها قائلاً :(أنا متجوزك ..فاهمة يعني إيه !! يعني ماينفع أتجوز عليك لأني بحبك ودامش حيخليني أعدل ../ 37) .. الشخص الثاني الذي يتجاور مع مرزوق من ناحية العلاقة بالأم هو مراد جمال الحسيني ويشترك معه في الأنا المثالي وشخصية مراد المتعلق بأمه متوفرة في روايات نور عبد المجيد ..ومراد مثل مرزوق الحلوجي ..(لم يسقط مراد أبداً أمام نداء أو ملاحقة النساء له..مراد حصنته كوثر بالمبادىء../ ص211) ..لم تحصنه أمه بل أخصته ُ، كما أخصت أبيه بعد وفاتها فبقي أرملاً..!! السارد العليم يتكلم عن الحب كسقوط أخلاقي (لم يسقط مراد….. حصنته كوثر بالمبادىء)!!
(*)
إذن ما الفرق بين جابر ومرزوق ؟ أعني ماالفرق بين حالتيّ الإخصاء ؟ ربما نجد جوابا لدى السارد العليم ..(الفرق أن مرزوق يعلم إن بإمكانه أن يفعل متى شاء..ربما ما يقتل جابر أنه أصبح يعلم أنه وإن شاء ألف مرة ،فهو لايستطيع ../ 53) مايزال مرزوق في إنشداده الى الأنا الأعلى وهو الاسم الثاني للإخصاء بالقوة (مرزوق لايرتكب الحرام ،وليست لديه زوجة ..إذا هو لايمارس الملعون الذي اسمه الجنس../52)..لكن هذا الأنا الأعلى الذي يصعد مرزوق على سلالمه ،ليس بالأنا المطلق ،فالعجز الذي يعاني منه جابر، يتلذذ به مرزوق !! بشهادة السارد العليم ..(نجية !! لماذا يشعر مرزوق في بعض الأحيان أنه سعيد لأن جابر أصبح عاجزاً عن مضاجعتها ..لأنه يحبها ..لأنه ورغم أنه يعلم أنها زوجة جابر وأم أبنائه، إلا أنه يغار عليها كثيراً حتى من زوجها !! / 16) ..
هنا اتوقف عند هذه المعلومة السردية، التي يوصلها لنا السارد العليم ،لكن مرزوق في هذه الصفحات لايعلم شيئا عن العجز الجنسي الطارىء الذي أصيب به جابر ، وسيعلم مرزوق بذلك ويفاتح جابر ويعده بأخذه لطبيب خاص في الصفحة (44)؟!!
(*)
يواصل الأنا الأعلى في مرزوق : تراجعه، على ذمة السارد العليم بذات الصدور:فهو يشفق على جابر وهو في أزمته الجنسية ..(رغم أن شيئا شريراً بداخله سعيد، لأنه ما أصبح يلمس نجية أو يقترب منها ../41) إذن السرد يفكك إخصاء مرزوق ويحيله إلى انتظار ضربة قدر أو ضربة حظ لتكون نجية زوجته .. من هذا فأن مرزوق ساهم بسقوط جابر من شاهق اثناء العمل ، حين مساررته إياه حول أزمته الجنسية وانه سيعينه على تجاوزها ..ومرزوق لا يتوقف عن إتهام نفسه (هل حقاً هو من قتل جابر؟! وهل هو قتل خطأ، أم أنه قتل مع سبق الإصرار والترصد ؟../59)..
(*)
الفضاء الروائي العائلي يتوزع بين عائلتيّ : جابر ومرزوق ،في ص65 سيمهد السارد العليم الى سعة في الفضاء الروائي ،حيث سنكتشف العائلة الثالثة في الرواية مع ص78 أعني عائلة لوزة التي اضطرتها الظروف الاقتصادية للسقوط وتحديدا (بعد رحيل والدها محمد أبو الوفا عامل الرخام..رحل ليتركهم لايملكون شيئا حتى ثمن الكفن ../78) سيتكفل عادل خطيب لوزة مصاريف تكفينه ودفنه في مدافن الصدقة ..السعة الرابعة للفضاء الروائي : عائلة جمال الحسيني ، وهي سعة ملتبسة ، تدخل الأم كخادمة وتدخلها الابنة من خلال الإبن : مراد جمال الحسيني ..وهناك سعة أخرى مشبوهة ممسرحة أعني مؤسسة الدعارة ،في ذلك البناء العمودي (ص234) ، واثناء حركة يناير سنكون مع فضاء مفتوح وصاخب ودموي ، كل هذه السعات الفرعية : ستجحفل فيه ..حد الاستشهاد : مثل لوزة ومحمود وغيرهما..
(*)
الثورة لاتنمو مع تنموية الفعل الروائي ، لاحديث عنها و لاتذمر من الشخصيات الفقيرة على الأوضاع (وجلست نجية الى جوارها ، وهي تقطع قطعة من رغيف الخبز الاسمر الصغير، المرشوق بقطع الخشب وبرادة الحديد، ككل أرغفة الفقر والفقراء../ 270) هذه اللقطة لوداد وأمها نجية يفترض ان تكون في الصفحات الأولى للرواية ، كفعل أستباقي لما سوف يجري ، ومن خلال الميكروباص الذي يشتغل فيه محمود عند السائق خميس ، كان من الممكن إلتقاط حوارات الركاب المتذمرة مما يجري يبدو أن الثورة هي الحل الوحيد لإنهاء الرواية ؟! فالرواية من (344صفحة ) ولاتظهر الثورة إلاّ فجأة في ص263 حيث وداد تسأل حبيبها الضابط مراد (إيه الحكاية يامراد؟ الولاد في الجامعة كلهم حيخرجوا مظاهرات يوم 25 تفتكر حيحصل حاجة ؟/ 263)..وتنشغل الرواية على سعة (81) بالثورة والشهداء وانتصار الثورة ..!!
(*)
أيدلوجية الرواية
سيرورة الرواية تتحرك بحرية مشروطة بالوعي الديني وبحتمية إقتصادية شرسة :
(أرسل الله نجية الى صفط اللبن ،وربما زوّجها جابر ،لتجدها سيدة في مرضها ..الله يسخر عبيده ليكافىء من يحب .. الله يحب سيدة ، ولكن لِمَ أرسى حب نجية في قلبه ..ربما ليقف الى جوار زوجها، ويوفر له فرص العمل .. كل منا مسخر لدوره.. يجب أن يحمد الله ويشكره ، لأنه أرسله لجابر كما أرسل نجية لأمه وله هو أيضاً ..ألا تعد له الطعام ..ألا تطوي جلابيبه بهذه الطريقة التي لم يرها يوماً..إن كان عذاب قلبه هو الثمن لعمل جابر ورفقة أمه ، فإنه ثمن يسير يجب أن يرضى به ويشكر له الله أيضاً..سيبقى يدعو لأمه بالعمر ويدعو لجابر بالشفاء ولنجية بالسعادة ..هذا هو ما أنشأه والده رحمه الله، وهذا ماعلمته له سيدة ..سيكافئهم الله جميعاً، لأنهم حقاً مازالو يستحقون أشياء أخرى أفضل كثيراً/ 41) ان السارد العليم هنا يتكلم بنبرة دينية عالية ، ويجعل شخوص الرواية (كل منا مسخر لدوره ) أي ليس هناك أي تمرد على النسق المسطور، وحتى الذي يتمرد سيعود عودة الإبن الضال بطبعة منقحة كما عاد محمود شهيدا من شهداء ثورة يناير !! رغم أن التمرد مرفوض ، لكن وعي وداد المشحون بالكتب يحاول السؤال : (لماذا مات جابر ؟ أما كان الفقر وحده يكفي ؟! إن كان قدر هذا الاسرة الصغيرة هو الشقاء ، فلماذا يجب أيضا ً أن يكون قدرها الشقاء والضياع ../62) ..الشخوص مسيّرة تسييرا كاملا من الأعلى كما تسيّر دمى العرائس ، هكذا تخبرنا آيدلوجية الرواية فمرزوق حين يحاول انقاذ محمود مما هو عليه ،فذلك يصدر ليس بدوافع ذاتية بل (أن الله والدين يحثانه على ذلك /75)
(*)
الحتمية الاقتصادية تتضح من خلال سقوط جابر من شاهق أثناء العمل ، فقد انتقلت العائلة من الفقر الى الشقاء . موت محمد أبو الوفا ، أوصل زوجته عطيات إلى الانهيار بعد عراك بالألسن تغادر الأم عطيات، البيت مع خيوط الصباح الأولى ثم تركض كالمجنونة وتلقي بجسدها وفقرها وصراعاتها أمام القطار الذي يمر خلف بيتهم /82 ،هذا الانتحار لا يمتلك اسباب الإقتناع الروائي فمعيل العائلة محمد أبو الوفا ، هو الحي الميت منذ فترة على فراشه في البيت والأم بعد محاولات قليلة في التحرر الإقتصادي نفذ صبرها ، فبقيت المسؤولية الإقتصادية/ الإجتماعية ، ملقاة على عاتق لوزة التي تعمل في المستوصف ، وهي كأم لاتأثير لها على طفلتيها ، ويفترض بعد فقد الأب يزداد حرصها على الطفلتين ، لكنها كانت تنتظر عودة ابنتها لوزة في (الخامسة عصراً وتعود كل يوم لتجد أمها تصرخ في جنون ..تصرخ من عجزها عن كل شيء ، إلاّ الصراخ والصياح في وجه لوزة ، التي تركض خلف الصغيرتين ،لتعود بهما الى المنزل ، لتأمرهما بالاغتسال ومحاولة الاستذكار../80) ان الخلخل ليس من نتاج الشرط الاقتصادي ،بل من ضعف شخصية المرأة / الأم ، التي لاتقلقها تصرفات الصغيرتين في مجتمع الذكورة !!
(*)
الأم الثانية هي نجية لاتجيد سوى الخدمة في البيوت ؟! والسؤال هنا أين المرأة العاملة في المعامل والمصانع المصرية ؟ لماذا نجية تنتقل من الخدمة في بيت مرزوق الى الخدمة في بيت جمال الحسيني ؟! قررت ان تعمل لتتخلص من ذلة مد كفها لولدها كل أسبوع ، تمد كفها و(تغمض عينيها عن أي
شيء يقوله أو يفعله ../166) نجية تفكر في تنظيف الخضر وبيعها لمن يشاء ..لكن محمود لن يقبل ..إذا ليس أمام نجية (سوى أن تكون كما كانت ..خادمة نعم ..) سوف تستعين بأبلة تهاني (ستخبرها أنها تريد العمل ..أي عمل وأي مكان وأي بيت ..أو ربما وجدت لها شيئا تفعله سوى أن تكون خادمة ..فقط في مكان بعيد ..فقط دون أن يعلم أحد أنها نجية أم محمود ووداد../ 167)..
(*)
مفهوم الرجولة عند نجية ، ليس رجولياً بل صادرته سلطة الذكورة وجعلته مسترجلاً بعد أن انتزعت حصة المرأة منه ، وهكذا نكون أمام التسلط الرجولي الذي ينسب الصفات الحميدة كلها للرجل ، ونجية المرأة الفقيرة الأمية معذورة اذا تكلمت بلسان المذّكر، فهي لاتتذكر لغتها الاولى أو تلك اللغة الأم التي عرفتنا قبل ان نعرفها ، لغة المؤنث أو اللغة المنسية بتعبير إريك فروم * النظام الاجتماعي الذكوري ، هو الذي لوث النظام اللغوي ،حين قام بالتحريم اللغوي ..(منذ أجتث النظام النحوي جذور اللغة الأم بقوة العرف القبليّ السائد وحكم القانون المكتوب ../31- يسرى مُقدّم ) والمذّكر المصاب بالعجز الجنسي المباغت في الرواية يحيل حتى عجزه الى أنثاه !! ..(نعم ربما كان العيب في نجية ..شاخت وهي في السادسة والثلاثين ..ربما لأنها بلا رحم..ربما قامت هي ،،بربطه ،، كما يقولون ..فلتذهب هي وأبناؤها الى الجحيم …/ 36)..بالنسبة لنجية الرجولة تعني أنسنة السلوك البشري ،أي شحن التعامل الاجتماعي بالرفق والعطف ورهافة الشعور وإماطة الأذى ..إلخ من الصفات الإنسانية :
*( الكهرباء أولى ..أرغفة الخبز أولى ..لو كان جابر رجلاً حقاً، لعلم هو الآخر أن كل هذه الأشياء أكثر ضرورة وأهمية من أن يتمكن في مضاجعتها ../16) ماتقوله نجية هنا هو الحق الحقيقة، لكن المسكينة تدافع عن بيتها بمنطق رجلها وليس كواجبات عائلية عليه تنفيذها ..فعامل البناء جابر ، لايصرف أجرته اليومية على عائلته بل (يقتطع معظم الجنيهات القليلة التي يكسبها ليشتري حبة زرقاء أو قطعة حشيش ؟! / 7) هنا يتجرد جابر من انسانيته ومن واجباته آزاء عائلته ولايفكر إلاّ بنفسه ، فرجولته الجنسية عاطلة ، إذن (كيف يحيا وهو ليس رجلاً..لقد بدأ يشعر بالخجل ،كلما نظر في عيني وداد ، أو حتى صبيه عماد رغم أنه هو نفسه من أخبره ..يشعر بالعار وكيف لايشعر به ..جابر لم يعد رجلاً ../35) جابر يرى جثته الجنسية أمامه ، هذه الجثة ستمسخه : (مجرد امرأة عجوز تتسلق ألواح البلطي وترمي بقطع الأسمنت المخلطة على الحوائط والجدران ..أهذا هو دوره في الحياة ، وهو مازال في الأربعين من العمر ..لن يستسلم ../ 36)..ولايرى جابر عائلته ، لايرى ابنته الشابة وداد (التي تبلغ من العمر خمسة عشر عاماً تخرج إلى المدرسة بحذاء ممزق، ليشتري بالنقود كبسولة زرقاء أو ،، صاروخ،، من العطار../ 7) ،وحين تتباغت بهروب الحلوجي وأمه المشلولة من البيت ،تنتقل نجية من الفرد الى الجماعة اللارجولة لديها :(جابر ليس رجلاً..محمود ليس رجلاً، وهاهو مرزوق الحلوجي يعلن اليوم بأقفاله الحديدية أنه هو الآخر ماكان يوما رجلاً..لمن يتركها ؟ لمن تركها ؟ ../ 148)
(*)
العاهر لوزة ، حين تجرد محمود من رجولته يختلف الحال، فهي لاترى فيه غلظة الرجال بل ضعف الطفولة :(محمود رجل ..وهزت رأسها في ألم ..ليس رجلاً..إنه طفل ،ولكن ألا يكفيها مالديها من أطفال ؟! /158) ثم من خلال لقاءاتها بمحمود سيختلف الأمر :
*(شعرت لوزة للمرة الأولى في حياتها أنها تريد رجلاً../ 177)
*(ومحمود وحده دون كل الرجال ، ودون كل تلك الأجساد التي تقتحم جسدها ليلاً ونهاراً..وحده كان يشعرها أن لها قيمة ،وأن لها ثمناً، رغم أنه الوحيد الذي كان يأخذها دون ان يدفع الثمن ../259)
ثم سيحيل السارد العليم في نهاية الامر ان غياب الرجولة سببه قسوة السلطة الحاكمة :
(جابر ورجال مصر جميعهم قتلوا منذ زمن بعيد ..زمن سلبوا فيه من الرجال كل شيء ولم يتركوا لهم سوى ممارسة الجنس والتهام الطعام ، أو محاولة الوصول لأيهما ../ 190)..والسلطة لاتكتفي بذلك في احداث (25 يناير) فهي تخاطبهم في الشارع بالرصاص والهراوات ثم (..يكملوا سحق رجولتهم في سجون الأقسام / 273).. الأم نجية مهما تدهورت سلوكياته يبقى محمود رجل البيت 🙁 محمود رجل وداد ونجية ! /210) وتأنيبها له لايخرج عن هذا النسق ..(إن أمك وأختك مالهمش راجل ..تعمل فينا كدا ../ 216) بالنسبة لوداد وقد ارتبطت بعلاقة حب غير متكافئة مع الضابط مراد ترى نفسها : (… وحيدة ولاشيء تلقي بكل هذا عليه سوى صدر هذا الرجل / 258)..تميزت وداد بوعي ثقافي من خلال إنشدادها لقراءة الروايات ، ثم أصبح لها طموحها الاكاديمي : سعيها للتخصص في الهندسة الوراثية
فإذا بها في أحدى لقاءاتها مع حبيبها مراد (تقسم أنها حتى ماعادت تهتم بنجاح أوكتب ..لم تعد الهندسة الوراثية حلمها..أخبرته أنها تود لوتبيع الأرض ، وتبقى الى جواره ../ 233) لاأدري كيف وافقت المؤلفة نفسها على هذا الكلام ؟ هل طموح وداد أصبح مقتصراً على رجل ؟ وأي أرض تبيعها؟ ! وهي تنتمي للغلابة ؟! وكيف تبخر حلمها : عالمة في الهندسة البشرية ، تخصص( لم يتخصص فيه أحد على أرض مصر بعد ../206) !!
(*)
لوزة أثناء مشاركتها في الاعتصام في ميدان التحرير ،تعيش حالة تطهر كبرى وهي ترى رجالا غير الذين عرفتهم في تلك الغرف الموبوءة ، فهي :(تتمنى لو تقبل كل رجل منهم ../267)..لوزة لاتخرج سرديا عن وظيفة البغي الفاضلة في نهاية الرواية وهي وظيفة شجبها الناقد والروائي غالب هلسا في روايات حنا مينه والبغي الفاضلة انبثقت من رواية غادة الكامليا لألكسندر ديماس ونجدها في رائعة جون شتاينبك مسرحية (في مغيب القمر) كما نجدها في شخصية نور في (اللص والكلاب) لنجيب محفوظ ويفترض انها أصبحت غير صالحة للأستعمال ..وحين يعرف محمود ان لوزة انقتل أثناء التظاهرات فيذهب للثأر من قتلة لوزة وليس وعياً بضرورة حركة يناير ..
(*)
من خلال سياق الرواية يعرف القارىء ان لوزة أصبحت تحب محمود، لكن الملفت ان لوزة تتعامل معه حسب مؤسسة البغاء ، وبشهادة السارد العليم (إذا كان الرجال يمنحونها النقود لقاء جسدها، فهي أيضا ستدفع لمحمود كل مايمكنها أن تدفعه لقاء جسده ، الذي كان يشعرها أنها امرأة وليست ابدا عاهرة !!/ 260) في علاقتها مع الآخرين هم : شرفاء ..وهي العاهر ، أما الآن فأصبح هي الشريفة ومحمود (……….) ومثلما كان أولئك يدفعون لها ، فعليها الآن ان تدفع لمحمود !! والسؤال هو : أين الحب
بينهما..أما محمود فهو صادق في حبه لها (وحده كان يشعرها أن لها قيمة ، وأن لها ثمنا، رغم أنه الوحيد الذي كان يأخذها دون أن يدفع الثمن ../ 259)
*المقالة منشورة في صحيفة الزمان /28/ 4/ 2016
*نور عبد المجيد/ أحلام ممنوعة / مكتبة الدار العربية للكتاب /ط7/ القاهرة / 2014
*نور عبد المجيد / أريد رجلاً/ دار الساقي / بيروت /ط3/ 2013
*مقداد مسعود / الصوف ..لا الحرير / في رواية (أريد رجلا) / صحيفة الزمان / 27/ آب / 2015
*جورج طرابيشي / الرجولة وايدلوجيا الرجولة في الرواية العربية/ دار الطليعة / بيروت / ط1/ 1983
*يسرى مُقدّم / الحريم اللغوي / شركة المطبوعات للتوزيع والنشر / بيروت /ط1/ 2010