23 ديسمبر، 2024 6:44 ص

قراءة أخرى خاصّة

قراءة أخرى خاصّة

لمشروع تسليح البيش مركة وعشائر السنّه
لابدّ من الإقرار بأنّ هذا المقترح يتضمّنْ اكثر من حلقةٍ مفقودة او غير مرئية اذا ما جرت قراءة تفاصيله بتأنٍّ وتأمّل . ولعلّه من المفيد الإشارة ” ولو بشكلٍ عابر ” الى أنّ كلمة < PROPOSAL > تعني كلا المعنيين < مشروع + مقترح > , ولعلّ ايضاً أنّ هذه الأشارة توضّح أبعاد ما اقترحه ! السيناتور ” ماك ثورنبيري ” عضو لجنة الدفاع والقوات المسلحة في الكونغرس الامريكي , ليغدو وبالسرعة الفائقة مشروعاً يجري التصويت عليه .!
  قد يكون من السذاجة او البساطةِ التصوّر والإفتراض أنّ هذا السيناتور وكذلك اللجنة التي يرتبط بعضويتها لمْ يتوقّعوا او لمْ يكونوا على دراية مسبقة بأنّ الحكومة العراقية وكذلك مجلس النواب العراقي سوف يرفضان هذا المشروع .! والأصوب بالطبع أنهم ” حسبوها ” جيدا ومسبقاً , والمعروف انّ ما يجري التعامل به في الكونغرس وغيره من المؤسسات لا يتمّ إلاّ بعد دراساتٍ وابحاث , وهنا ينبغي القول : لماذا جرى تقديم المشروع للتصويت .! , هل هو وسيلةُ ضغط .؟ , من الصعب تصوّر ذلك , وهذه واحدةٌ من الحلقات المفقودة التي يصعب ايجاد مكانها في المدى المنظور . ثمّ , وبحانب ذلك وبموازاته فمن البديهي  والمسلّم به أنّ السيناتور ” ثورينبيري ” ولجنة القوات المسلحة في الكونغرس قد كانوا ايضاً على دراية وتصوّر مسبقين أنّ ادارة اوباما ستعلن موقفاً بالضد من هذا المشروع , واذا قلنا ايضا لماذا عرض المشروع على التصويت .؟ فلعلّ ولربما أنّ اتفاقاً سرّياً بين الأدارة الامريكية وبين بعض اعضاء هذه اللجنة لأجل الطرح الأوّلي والتمهيدي المبكّر لهذا المقترح ولربما لترحيل تنفيذ فصوله الى الأدارة الأمريكية التي ستخلف اوباما , وهذا الأفتراض التحليلي هو وفقاً لبنود وفقرات ” نظرية المؤامرة ” الذائعة الصيت .!! , وكلّ هذا يعزّز القول بأنه طالما الرئيس الامريكي هو المخوّل دستوريا في تحديد طبيعة وشكل العلاقة مع الملف العراقي , وحيث أنّ ادارته رفضت ” في الإعلام ” هذا المشروع , فكيف بوسع الكونغرس فرضه إذن .!؟
  هنالك نقطة اخرى في هذا المقترح او المشروع , وتبدو وكأنها هي التي أزّمت الوضع الحالي واشعلت النيران لإستقطاب ردود فعل الحكومة العراقية وفرضت على مجلس النواب لرفض المشروع , ففي التفاصيل حرص ” ماك ثورينبيري ” على استخدام عبارةٍ بدهاءٍ ملحوظ والتي وردت ضمن هذا النَّص ” اذا لم تستجب الحكومة العراقية لشروط مشروع القرار هذا اي بمنح الأقليات غير الشيعية دورا في قيادة البلاد في غضون 3 شهور بعد إقرار القانون وأن تنهي بغداد دعمها للميليشيات , فسيجري تجميد 75% من المساعدات العسكرية الامريكية وارسال 60% منها الى : العشائر السنيّة والبيشمركة <  كبلدٍ او دولة .!!! >
 ” وهذه العبارة وفق النّص الأنكليزي او الامريكي < BE DEEMED A COUNTRY > هي عبارةٌ نادرة التداول , إذن لماذا اختير هذا التعبير عن قصد .! بينما كان بأمكانهم القول < ارسال المساعدات العسكرية ” بشكلٍ مباشر الى البيشمركه والعشائر السنية .! > , وقبل ان نقول أنّ لجنة الدفاع والقوات المسلحة في الكونغرس لابدّ انها تدرك ” من الناحية الفنية ” بأن في وسع الحكومة العراقية مصادرة الأسلحة المفترض ارسالها الى العشائر الى  ” بشكلٍ او بآخر .! ” او أنّ بعض العشائر السنية قد ترفض صيغة التعامل الامريكي معها ” كدولة او بلد ” , فأنّ مغزى هذا ” التعبير ” إمّا أن يكون التهيئة النفسية والتمهيدية لتسويغ تهيئة وإعداد كردستان من الناحية الدفاعية والعسكرية لأجل اعلان انفصالها واستقلالها كدولة , او إمّا ان يكون ذلك كواحدة من الحَلَقات المفقودة الجاري البحث عنها في حلكة السياسة الامريكية .! لكنّ موضوع ” الدولة الكردية المفترضة ” يبقى هو الأرجح , وما يعزّز ذلك هو زيارة رئيس اركان الجيش البريطاني الجنرال ” ريتشارد بارونز ” وبرفقته 400 من كبار الضباط البريطانيين , الى اربيل ولقائه بالسيد مسعود البرزاني تحت ذريعة بحث السبل لمقاتلة داعش , بينما تشير الوقائع أنّ دور بريطانيا ثانوياً في هذه المضمار, بينما قد يكون الهدف من ذلك هو إعداد قوات البيشمركة لمعركة تحرير الموصل بحيث تستحوذ على الأراضي والمناطق التي ستحررها وتضمّها الى كردستان وتحصّنها عسكرياً , وإنّ ما يستدعي هذا الأفتراض والتعمق او التأمّل به هو ما أن سقطت الموصل في العاشر من حزيران الماضي بأيدي داعش وكانت خطتها المعروفة بالنزول الى بيجي وصلاح الدين بأتجاه بغداد ! لكنّ وبشكلٍ مفاجئ جرى تغيير خط سيرهم فأتجهوا الى ما قيل نحو عشرين كيلومترا قرب محافظة اربيل , ثم انسحبوا إثر تدخّل طيران التحالف , وهذه الحركة التي بدت مرسومة لداعش جعلت كميات الأسلحة تنهال على حكومة الأقليم من دولٍ عديدة غربيةً وشرقية .! وما لبث تقادم القادة والخبراء العسكريين الاجانب الى اربيل بشكلٍ ملفتٍ للنظر , بل أنّ السلاح الذي تراكم على الأقليم بدا وكأنه يفوق قدرات البشمركه على استيعابه , ولعلّ هذا ما دفع السيد ” نيجرفان البرزاني ” قبل أيامٍ قلائل للتصريح : < أنّ الولايات المتحدة ترسل الأسلحة الى كردستان بالقطّارة .!! > ولرُبَّ تصريحه هذا لعدم لفت الأنظار الى تراكم وتكدّس اطنان الأسلحة الهائلة هناك ,
وتأتي زيارة البرزاني الى واشنطن هذه الايام والتي اعلن انه سيبحث مع اوباما ملف الدولة الكردية هي الأوضح في هذا الشأن , مع عدم الجزم في امكانية نجاح ذلك .
  إنّ ما يجري في العراق من مداخلاتٍ متداخلة ليس سوى ساحةً لتسجيل النقاط والضَرَبات بين الولايات المتحدة وايران والتي يبدو انها في تناسبٍ طرديٍ كلما اقتربت الأسابيع والايام من الموعد النهائي لبحث ملف ايران النووي دوليا في حزيران المقبل , كما انه ليس منفصلاً عمّا يجري في عددٍ من الدول العربية الشديدة الأضطراب , ومن الطبيعي أنّ هذه الأطراف التي تشيع الأضطراب الأمني في المنطقة لم تتحرك من ذاتها  ولا تمتلك التمويل الذاتي .! ولا تنزل عليها الأسلحة وادوات التخريب والتفجير من السماء , ولعلّه من المفارقات أنّ العرب تلتمس مراضاة مَنْ يُحرّك بوصلة التمزّق والتشرذم العربي , حفاظاً على العروش على الأقل .!