ألخلاصة :
لم يٌعرض في ألمقالات ألسابقة إلّا نماذج يسيرة عما غمض في القرآن توضيحا للمنهج الذي أتبعه الباحث في دراسته التي تزيد عن 300 صفحة ، ويقول المؤلف في المقدمة بأنّ هذه الدراسة لا تشكل سوى جزءا من ابحاث واسعة حول لغة القرآن يأمل نشر نتائجها فيما بعد.
وبذكره الأبحاث اللغوية التي نشأت في الغرب منذ منتصف القرن التاسع عشر يشير لوكسنبرغ إلى أنّ هذه الأبحاث أقتصرت على شرح إشتقاق عدد محدود من الألفاظ الغير العربية في القرآن دون تغيير معانيها ، بينما تبيّنت من هذه الدراسة مفاهيم جديدة بعيدة كل البعد عما سبق تفسيره لألفاظ ومقاطع غير يسيرة في نص القرآن.
ومن جملة هذه المفاهيم التي أصبحت جزءا لا يتجزأ من العقائد الإسلامية بخصوص الجنة تفسير لوكسنبرغ الجديد لما أجمع التقليد ألإسلامي على تسميته ب ” حوريات ألجنة “. وفي تحليل لغوي معمّق للآيات المنسوبة لها ، يشرح لوكسنبرغ على 40 صفحة (221 – 260) بأنّ أهل التفسير شرقا وغربا قد أخطأوا في فهمهم التعابير القرآنية إعتمادا على عربية ما بعد سيبويه.
ويبيّن لوكسنبرغ لغويا وموضوعيا بأنّ هذه التعابير ترجع إلى نصوص سريانية معروفة بأل ” ميامر ” ألفها أفرام السرياني (306 – 373 م) في القرن الرابع الميلادي عن ألجنة.
وخلاصة الشرح أنّ لفظة (حور) صفة سريانية (للعنب ألأبيض) وأنّ (عين) صفة إسمية تعبّر عن صفاء وبريق الحجارة الكريمة التي ينعت بها القرآن نصاعة العنب ألأبيض إذ يشبهه (بأللؤلؤ المكنون).
ولما نعت القرآن (الولدان المخلدون) بنفس التعبير ، تبيّن كذلك بأنّ المراد (بالولدان ) وفقا للمرادف السرياني (يلدا) : (ألثمار) ، فتوجّب قراءة (مجلدون) بدلا من (مخلدون) ، أي أنّ ثمار الجنة تؤكل باردة (مجلّدة) بخلاف أهل الجحيم (ألآكلون من شجر من زقوم … فشربون عليه من ألحميم) (سورة الواقعة ، ألآيات 52 ، 54).
وهناك تحليل لغوي جديد لسورة (ألكوثر) التي تشير من خلال مفهوم تعابيرها السريانية المعربة إلى رسالة بطرس ألأولى ، الإصحاح الخامس ، ألآية 8 – 9 (ص 269 – 276) ( والواردة في مدخل صلاة المساء الأخيرة “Complıes ” في الطقس اللاتيني) ، وتحليل جديد آخر لسورة (العلق) (ص 277 – 298) التي يتجلى من آخر تعبير سرياني معرّب ورد فيها (أسجد وأقترب) صلتها الوثيقة برتبة القداس المسيحي ، إذ يدل تعبير (أقترب) سريانيا على ألإشتراك في الذبيحة ألإلهية وتناول (القربان) ، كما يثبت ذلك ما ذكره صاحب (كتاب ألأغاني) عن الشاعر المسيحي عدي بن زيد (المتوفي قرب 500 م) وهند بنت النعمان (المتوفية بعد 602 م) إذ دخلا كنيسة الحيرا يوم خميس ألأسرار ” ليتقربا “.
ويستنتج لوكسنبرغ من تحليله اللغوي بأنّ السورتين المذكورتين تشكلان جزءا اساسيا من مجموعة نصوص منتسبة لل ” قريان ” المسيحي الأصل وألسابق عهدا لما أسمي فيما بعد ب ” القرآن ” عربيا.
ألخاتمة:
نستنتج من ملخص كتاب لوكسنبرغ أنّ ألقرآن وخاصة ألآيات المكية يحتوي كلمات سريانية تمّ تفسيرها بغير معناها ألذي كتبت في ألمصحف المتداول حاليا وألمسمى بمصحف عثمان، وكذلك فإنّ إضافة ألتنقيط على ألنصوص ألتى لم تكن منقطة في عهد ألرسول تسبب في إشكالات عديدة في فهم معاني الكلمات.
ألقرآن برأيي مؤلف من إقتباسات من ألأديان العبرانية ألسابقة عليها (أليهودية وألمسيحية) وخاصة من ألكتابات ألمنحولة وألغير القانونية ، كما أنّ ألنبي محمّد أضاف على ألقرآن ألآيات الغير ألمقتبسة من ألمصادر السابقة ويتجلى ذلك في معظم ألآيات ألمدنية.
بعد وفاة النبي محمّد تم كتابة وجمع ألقرآن في مصحف أعتمادا على ألنسخة ألمحتفظة عند حفصة زوجة ألرسول وتم حرق أو إتلاف بقية النسخ كألنسخ الموجودة عند أبن مسعود حسب ألتراث ألإسلامي.
نصوص ألأديان قاطبة (بضمنها أليهودية والمسيحية وألإسلام) تتعرض لتغييرات وإضافات وتراكمات بمرور ألزمن لأسباب سياسية وإجتماعية ، فهذه ألنصوص معرضة للتطور وألتغيير ، فألتطور هي سنة الحياة.
في عصر ألدولة ألعباسية أنقسم المسلمون إلى فريقين حول مسألة: هل ألقرآن مخلوق أم غير مخلوق ، ألمعتزلة تبنوا كون ألقرآن مخلوق ورفضوا كون ألقرآن مكتوب في أللوح ألمحفوظ وأولوا ألآيات ألتي وردت حول ذلك ، وأيدهم في رأيهم الخليفة ألعباسي ألمأمون ، أما الاشعرية فتبنوا كون ألقرآن غير مخلوق ونصه مكتوب في أللوح ألمحفوظ ، وأيدهم في ذلك ألخليفة ألعباسي ألمتوكل.
نتيجة لهذه الخلافات سُجن وقٌتل ألعديد من ألمسلمين من كلا الطرفين ألمتنازعين.
ختاما نقول : جميع ألأديان مؤلفات بشرية نشأت مناسبة زمانيا ومكانيا للمجتمعات ألتي ظهرت فيها ولا يمكن تطبيقها في عصرنا ألحالي وألعصور أللاحقة ، ويتوجب نزع ألقداسة عن نصوصها وبذلك نقلل ألخلافات وألنزاعات بين ألبشر.