نبدأ على صعيد التحالف الوطني، ما بين زوبعة التصاريح المتشنجة، وتداعيات زيارة السيد المالكي الى المحافظات الجنوبية، وتوجيه الإتهام الى التيار الصدري، لافتعال تلك الإحداث، وإصرار الأخير، على عدم تبني تلك التصرفات، وما سبقها من لغط سياسي، حول إقرار قانون الحشد الشعبي، وما تلى تلك الأحداث، من إساءة” صلاح عبد الرزاق”، أحد الشخصيات الفاعلة في حزب الدعوة – جناح المالكي، ووصفه فصائل الحشد بالميليشيا، ونجاح المطالبات السياسية بتقديم “صلاح” إعتذار رسمي، وعدم تبني حزب الدعوة تلك التصريحات، مع إنطواء بعض التيارات والمكونات على نفسها.
أضف لها، فقدان الجماهير السنية مرجعيتها الدينية في المحافظات الغربية، بسبب إنضمام أغلب علمائها في صفوف داعش وهربوهم للبلدان المجاورة، وتصفية العلماء المعتدلين منهم جسديا، فيبقى إتحاد القوى السياسي، هو من يحدد وجهة نظر تلك الجماهير بالسياسة، خصوصا وان 80% من الجمهور السني، يعيش تحت وطأة البرد والجوع والتهجير في مخيمات النازحين، وأما ما يخص جماهير المكون السني الكردي، فإنها لازلت تعيش وطأة الدكتاتورية ومصادرة الأراء، ويبقى الموقف السياسي الكردي، للحزبين الديمقراطي، والإتحاد الوطني الكردستانيين، هما من يتحكما بقرار الجمهور الكردي.
على طاولة جميع هذه الأحداث، يضع رئيس التحالف والوطني، أكبر مشروع سياسي لحل الأزمة، مما أشعل فتيل التصاريح المتشنجة من جديد، ولكن في فضاء التحالفات الأوسع، خاصة بعد سلسلة الرحلات الدولية للتحالف الوطني في البلدان، وبين رفض وقبول ذلك المشروع الوطني، في الوسط السني، يجتمع اتحاد القوى السنية، ليحدد موقفه من ورقة التسوية المطروحة، ويتهيأ الى طرح بعض النقاط المهمة، ومحاولة تمريرها من خلال المشروع، ومع موافقة المكون الكردي المبدئية على التسوية، يتهيأ الأخير لإعلان مؤتمر الانفصال الإقليمي الاول، وتبقى التسوية الوطنية رغم ذلك، موضع نقاش وتقاطعات.
مع إختلاف مكونات التحالف الوطني، إختلف الجمهور الشيعي، بين مؤيد للتسوية، ومنتقد لها، وممتعض منها، ولكن فعالية المرجعية الدينية العليا في النجف الأشرف، وحضورها السياسي، سيحكم قبضته، ويكسب تلك الجماهير، توحيد الرؤى وتطابقها وإجماعها، وحتى على حساب المكونات السياسية للتحالف، فضلاً عن جماهيرها، ومن الجدير بالذكر، إن المرجعية العليا، بينت مؤخراً موقفها المطابق والمتشابه مع مشروع التسوية، من خلال خطبة الجمعة في كربلاء بتاريخ 16/12/2016، بقولها: ( كفانا في العراق من صراعات، ولنبدأ صفحة جديدة بين العراقيين، ولنبتعد عن الكراهية والبغضاء).
من بعد هذا التوضيح، وما يحيط مشروع التسوية من تداعيات وأحداث متزامنة، كيف للجمهور الشيعي؟ كونه الأغلبية الشعبية، أن يحدد موقفه منها؟ وهل من الواجب عليه أن يغوص في تلك التفاصيل؟ وكيف له أن يمييز المفيد منها؟ في ظل الأعلام المضلل المعاكس، والذي يحاول المحافظة على جماهيره إنتخابيا، وتعبئتها بالخطاب والمشروع الطائفي، وهو ما يتقاطع كليا مع مشروع التسوية الوطني، وللإجابة على تلك التساؤلات، لابد أن يحدد ثلاثة نقاط، على اساسها يمكنه الخروج بنتيجة تخرجه من التيه السياسي، وتأمن له نتائج مفيدة وهي:-
1- قراءة ما ينص عليه مشروع التسوية، وتحديد نتائج تلك البنود، اذا ما طبقت على الساحة العراقية.
22- تحديد الإعلام الإنتخابي المضلل، الذي يعتاش على الأزمات، والمشروع الطائفي، وعدم التفاعل معه.
33- الأخذ بالاعتبار أراء، ووجهات نظر، ورؤى المرجعية الدينية العليا، كونها صمام الأمان الذي يحفظ حقوق الشعب.
بهذه النقاط أعلاه، نصل الى حقيقة تقول: “لم يعد هنالك مبرر ومسوغ لإنتقاد مشروع التسوية” إلا لمن يريد الدمار والدماء تملأ البلد، حيث تشير جميع معطيات تلك النقاط، بأن تلك التسوية لصالح الشعب، وهي كفيلة بنزع فتيل الإقتتال الطائفي، والتشنجات السياسية بين المكونات والشركاء السياسيين، وهنا على الجماهير أن تتصف بروح المواطنة، وكفانا دماء وكفانا بغضاء، كما أشارت المرجعية، ولنخرج بشعبنا وجماهيرنا، من نفق تلك الأزمة السياسية والأمنية المقيتة.