نعود لاصل الحكاية , مقتل الشاب منتظر الحلفي في تظاهرة البصرة التي طالبت بالكهرباء , منتظر الحلفي ليس ناشطاً ولم يكن اشد المتظاهرين حماساً , ولكنه قُتل ! على اثر مقتله تمت جلسة عشائرية بين ذوي القاتل والمقتول وتم الفصل بمبلغ ( 100) مليون دينار عراقي , لكن مواقع التواصل الاجتماعي اشتعلت بغضب كبير وعمت المظاهرات في البصرة وبقية المحافظات مطالبة بالخدمات والاصلاحات ومحاربة الفساد !!! وعلى اثر ذلك اصبح مفتعلي الحرائق خارج الحكومة , انهم الاربعة الكبار , نوري المالكي , اياد علاوي , اسامة النجيفي , وصالح المطلك . اصبحوا اوراق محروقة بين ليلة وضحاها !!!
رؤوساء كتل كبيرة كانت مؤثرة منذ ايام غادرت بقرار اقصائي من رئيس الوزراء , لم تعترض كتلهم على اقصائهم ولم ينبسوا ببنت شفه حيال القرار, لم تنسحب الكتل المتضررة من الحكومة او البرلمان , الكتل لم تجري حركات مكوكية كما عودونا ان يفعلوا , جميعهم خانعين !!! هل هذه بداية النهاية للمحاصصة !!!
بل الاكثر غرابة تم تمرير ملف سقوط الموصل بالاجماع في مجلس النواب واحالته لمجلس القضاء الاعلى بدون قرأة في البرلمان , وهذا الملف يضم اسماء قد يطيح برؤوسهم !!!
لم تعترض الولايات المتحدة الامريكية بأعتبارها الراعي الرسمي للعملية السياسية ولم تعترض تركيا وكذلك السعودية .
نحن عندما نقرأ الواقع السياسي اليوم نراه قد انقلب رأساً على عقب , انهيار مفاجأ لمنظومة الطائفين اصحاب نظرية المحاصصة الطائفية يقابلها تصاعد بوتيرة التظاهرات ورفع سقف مطاليبها بسرعة فائقة اجتازوا فيه حاجز الخوف من المتأسلمين الممسكين بالسلطة , هتافاتهم ترعب المستفيدين من الخراب ( بأسم الدين باكونا الحرامية) ( الخايف خل يتكتر عدنا طلابه ويه الخضراء) تحدي كبير للغول الذي عاش على دمار و ثروات العراق , من اعطى الضوء الاخضر لبداية عهد جديد, هل مقتل منتظر الحلفي اشد وجعا من مجزرة سبايكر !!! , هل التراكم الكمي لمعانات الجماهير ادى الى تحول نوعي في تفكير الجماهير !!!
دخلت على الخط المرجعية الدينية وبدورها ايدت مطاليب الجماهير وهي مطاليب ليست بالجديدة اذ لطالما دعت اليها الاحزاب الوطنية والحراك المدني , وكأنما كانت المرجعية بغيبوبة وافاقت من غيبوبيتها فجأة , كما انها طالبت بقيام دولة مدنية انسجاما مع مطاليب الجماهير!!!
فقط نوري المالكي تحرك بأنفعالية كبيرة واتجه صوب حليفه القوي ايران وعلى مايبدو عاد قويا من ايران وتصريحاته في المطار تدل على ذلك , لاندري ماذا وعدته ايران كما ان كتلته في البرلمان رغم انها لم تعترض لا على الاقصاء ولا على تمرير ملف سقوط الموصل الا انها اليوم هددت بالانسحاب !!! سمعنا بعض التصريحات لقادة بعض المليشيات بأمتعاضها وشجبها للتظاهرات , ولقد لاحظنا اليوم كيف دخل رجال مسلحين يلبسون الزي العسكري على المعتصمين في البصرة وضربوهم والجيش الذي يقف على بعد امتار قليلة لم يفعل شيء وستتكرر هذه الحالة , هؤلاء هم المؤيدون لولاية الفقيه يعني بالعربي الفصيح هؤلاء ليسوا مع مرجعية السيد السستاني بل مع مرجعية علي خامنئاي , يعني برز على السطح الصراع الخفي مابين السيد محمد علي السستاني وبين طهران , وهذا يفسر لنا لماذا السيد السستاني ساند المتظاهرين !!! لانه كان معزولا من الطبقة السياسية بالرغم من توجيهات وكلائه كل يوم جمعة الا انهم لايستجيبون . المرجعية بحاجة للمتظاهرين من اجل عودة الامور الى نصابها .
الشعب مع المرجعية ولكن الاحزاب السلطوية كلُ له مرجعيته , هذا مع ايران وذاك مع السعودية واخر مع تركيا .ان السيد العبادي ليس رجل المرحلة ولايمكن ان يقوم بأصلاحات حقيقية بالرغم من ان الجماهير تريد دفعه دفعاً من اجل ان يكون الزعيم الوطني المرتقب ولكن هيهات , ليس لانه غير راغب بذلك ولكن المهمة اكبر منه وهو الاخر له مرجعيته ومرجعيته حزب الدعوة !!!.
لامناص من المواجهة والتحول من التظاهر الى الاعتصام , الشعب يحضى بتأييد المرجعية بمطاليبه المشروعة لكن الاصلاح والتغيير يصطدم بسياسين فاسدين لن يسمحوا بالتغيير اطلاقاً بمجرد خروج تظاهرات كل يوم جمعة لن يتخلوا عن امتيازاتهم ولن يدخلوا السجن استجابةً لرغبة الجماهير . لذلك نقول ان الايام القادمة حبلى بالاحداث ولكن النصر الاكيد للشعب .