بادئ ذي بدءٍ او ” حتى قبله ! ” فإنَّ عموم الشارع العراقي غير مقتنع نفسياً بعدم عودة التيار الصدي وزعيمه الى العملية السياسية وإشكاليات مسألة تشكيل الحكومة الجديدة , وبتعبيرٍ آخر فإنّ هذا الجمهور ليس بمستعدّ بعدم عدول السيد مقتدى الصدر عن هذه الإستقالة , كما أنّ شرائحاً اجتماعيةً وغير اجتماعيةٍ ما , تذهب الى ما هو ابعد من هذه القناعات النفسية او السيكولوجية . ونحن وكما دوماً نتجنّب صفة التعميم في الكتابة وغير الكتابة …
يصعب الجزم او عدمه بأنّ زعيم التيار الصدري كان على درايةٍ مسبقة بما سيُرتّب انسحابه الأخير من ردود افعالٍ ” على صعيد الكلمات والتصريحات ” محلياً و على مستوى بعض وسائل الإعلام الأجنبية , فبغضّ النظر عن الآراء والمواقف المعلنة وغير المعلنة من قيادييّ ” الإطار التنسيقي ” والحزب الديمقراطي الكردستاني وسواهم ايضاً تجاه هذا الإنسحاب الصدري , وكأنموذجٍ او اكثر على ما اشرنا عليه في اعلاه , فصحيفة الفايننشال تايمز البريطانية وصفت القرار او الإجراء الذي اتّخذه السيد الصدر بأنّه من تكتيك المفاوضات الإنتخابية حول تشكيل الحكومة القادمة , واضافت بما تلتقي به مع ما ذكرته شبكة CNNالأمريكية بأنّ الخطوة القادمة او اللاحقة ” للتيّار ” هو النزول المسلّح الى الشارع لأتباع السيد مقتدى < والذي قد يعني فيما يعني لفرضِ إرادةٍ جديدةٍ فرضاً , وفق تلكما الجريدة والشبكة , ولا يعني ذلك عدم وجود تصوراتٍ مماثلة لبعض شرائح الجمهور ايضاً .!
نلحظ من خلال الرصد والمتابعة عدم قيام المكتب الإعلامي او السياسي للتيار الصدري بنفي وتفنيد مثل تلكم التحليلات الصحفية الى غاية الآن , ولا يعني ذلك بتاتاً صحّتها .! , ولعلّ ” التيّار ” يتجاوز الرّد على مثل ذلك , كتحليلاتٍ او استقراءاتٍ مبكّرة ورؤىً .
في هذا السياق , ولكن من الجهة المقابلة له , فعلى الرغم من أنّ السيد الصدر قد حسمها او حسمَ أمره بقوله في خطابه الأخير : < بأنّه يعاهد الله والشعب بعدم الإشتراك او المشاركة في حكومة تضمّ الفاسدين > , لكنَّ ما يتسبّب بترك الجماهير او بعضها حيرى أمام هذه الفقرة من الخطاب , فهو الإدراك واليقين المسبقين بأنّ الفاسدين او الفسَدة من الساسة من اصحاب النفوذ , فمحالٌ مشدّدٌ انسحاب او استقالة او تخلٍّ لأيٍّ منهم لخوض غمار تشكيل الحكومة الجديدة المفترضة ! وهذه من المسلّمات البديهيّة غير القابلة للجدل مهما كان الجدل بيزنطينيّاً او أشدّ .! , كما وأمام هذه الحيرة الجماهيرية المُحيّرة , فكأنّ إجماعاً شعبياً وبالتزكية ايضاً ! بأنّ انسحاب الكتلة الصدرية من الحالة البرلمانية القائمة ” لغاية الآن ” فهو فسح المجالات وفتح البوابات أمام القوى السياسية الفاسدة والنافذة ليلعبوا او ليعيدوا لعبتهم , وبعنفوانٍ أشدّ .! , حيث البعض يرى او يرون أنّ وجود وحضور التيار الصدري في هذه الأجواء السياسية ” مهما كانت مغبرة ” فإنّه يحدّ ويحيّد من نسبة تأثير اولئك وهؤلاء .!
بتجاوزٍ للإسترسال , فالوضع العراقي بلغَ درجةً متقدّمة في وضعه المعلّق الى ما هو أشدّ تعليقاً , ولم نحظَ بفرصةٍ ” عبر الأسطر ” للتطرّق حول الإنعكاسات والإفرازات الدولية والإقليمية على ما يجري من مجرياتٍ في الشأن العراقي – المرتبط بشكلٍ مباشرٍ او غير مباشرٍ بالشأن العربي .