17 نوفمبر، 2024 9:37 م
Search
Close this search box.

قرأة في جاستا واثارها

قرأة في جاستا واثارها

ادى  رفض الكونغرس الامريكي  بمجلسيه الشيوخ والنواب  للفيتو الرئاسي للرئيس باراك اوباما على  قانون العدالة ضد رعاة الارهاب  ويتم اختصاره الى (جاستا) الى حدوث هزه عنيفة في العالم بحيث غطت اخباره على كافة الاحداث لتختفي من نشرات الانباء كافة التحليلات والتعليقات الخاصة بالحرب في  العراق وسوريا واليمن او ليبيا  والصراع الدبلوماسي بين  روسيا والولايات المتحدة  وخروج المملكة المتحدة من الاتحاد الاوربي  لتترك المجال اما المناقشات والتحليلات لاهمية هذا القانون والاثار المتوقعه على المنطقة . تركزت كافة التعليقات  والتحليلات على ان هذا القانون سيؤثر على مبدأ سيادة الدول وعلى العلاقات بين الدول في العالم اجمع وسوف يحدث هزه عميقة  في مباديء  القانون الدولي ، ان هذا القانون يستهدف المملكة العربية السعودية تحديدا ، ان القانون شرع لمصلحة عوائل ضحايا هجمات الحادي عشر من ايلول 2001 وان القانون سوف يمكن ان يدفع بقية الدول الى اصدار قوانين مشابهه  تعرض المصالح الامريكية في العالم للخطر .  لذلك سنحاول مراجعة هذه النقاط في ضوء القانون  ومعرفة الاثار الحقيقة التي ستنتج عنه وماهي الخيارات المتاحة امام الدول للتعامل معه . قبل الانتقال الى النتائج يجب اولا ان نبدا بالنص  المطروح والذي تم تشريعه  واصبح قانون نافذ منذ الثامن والعشرين من ايلول  2016 . الاسم الرسمي لهذا القانون  هو قانون العدالة ضد رعاة الارهاب (Justice Against Sponsors of Terrorism Act    ) ويتم اختصاره حسب الطريقة الامريكية الى ( JASTA  ) وتعرب الى (جاستا) . تم تقديم مشروع القانون اول مرة في كانون الاول عام 2009 من قبل السناتور الجمهوري (جون كورنين) عن ولاية تكساس والسناتور الديمقراطي (جوك شومر ) عن ولاية نيويورك واعيد تقديمه مرة ثانية الى مجلس الشيوخ في 16 ايلول من عام 2015 وتمت مراجعته من قبل اللجنة القضائية في مجلس الشيوخ وقد تم  تمريره من قبل مجلس الشيوخ بتاريخ 17 مايس 2016 وتم تمريره في مجلس النواب بعد ان تم تقديمه من قبل النائب الجمهوري عن ولاية نيويورك (بيتر كينج) والنائب الديمقراطي عن ولاية نيويورك ( جيرولد نادلر )بتاريخ 9 ايلول 2016 . في 23 ايلول استخدم الرئيس باراك اوباما حق الفيتو ضد القانون الا ان الكونغرس رد هذا الاعتراض بتاريخ 28 ايلول من عام 2016 وهي المرة المائة واربع التي يستخدم الكونغرس هذا الحق ضد الاعتراضات الرئاسية  في تاريخه والمرة الاولى منذ ثمان سنوات .  بالنسبة لنصوص القانون فقد جاء في الاسباب الموجبة للتشريع فقد نص القانون على ان الغرض هو توفير أوسع نطاق ممكن للمتقاضين المدنيين تماشياً مع دستور الولايات المتحدة للحصول على تعويض من الأشخاص والجهات والدول الأجنبية التي قامت بتقديم دعم جوهري سواء بشكل مباشر أو غير مباشر، لأفراد أو منظمات تعتبر مسؤولة في أنشطة إرهابية ضد الولايات المتحدة.
حددث المادة الاولى من القانون اسم القانون وهو قانون العدالة ضد رعاة الارهااب اما المادة الثانية فقد احتوت ستة  فقرات توضحيه للقانون حيث اعتبرت الفقرة الاولى ان الارهاب أن “الإرهاب الدولي” اصبح  مشكلة خطيرة تهدد المصالح الحيوية للولايات المتحدة الأمريكية.فيما اعتبرت الفقرة الثانية، أن الإرهاب الدولي يؤثر سلباً على حركة التجارة الداخلية والخارجية للولايات المتحدة الأمريكية، باعتباره يلحق ضررا بالتجارة الخارجية وينسف استقرار السوق ويضيق على حركة سفر المواطنين الأمريكيين إلى خارج البلاد، وعلى قدوم الزائرين الأجانب إلى الولايات المتحدة.أما الفقرة الثالثة،  فاعتبرت بعض المنظمات الإرهابية الأجنبية (دون أن تسميها) تنشط من خلال أفراد أو مجموعات تابعة لها في جمع مبالغ ضخمة خارج الولايات المتحدة وتوظيفها لاستهداف الولايات المتحدة. الفقرة الرابعة، أوضحت، أن من الضروري معرفة الأسباب الموضوعية وأبعاد المسؤولية القانونية حول الأفعال التي تحض على تقديم المساعدة وتدعو للتحريض والتآمر تحت الفصل “113 ب” من الباب “18” من القانون الأمريكي.ذكرت الفقرة الخامسة إن الأشخاص أو الجهات أو الدول التي تساهم أو تشارك في تقديم دعم أو موارد سواء بشكل مباشر أو غير مباشر لأشخاص أو منظمات تشكل خطراً داهماً وارتكاب أعمال إرهابية تهدد سلامة مواطنى الولايات الأمريكية أو أمنها القومي أو سياستها الخارجية أو اقتصادها ، ومن الممكن طلبها للمثول أمام المحاكم الأمريكية للرد على أسئلة حول تلك الأنشطة.وواعتبرت الفقرة السادسة، أن لدى الولايات المتحدة الأمريكية مصلحة حقيقية في توفير الأشخاص أو الجهات التي تتعرض للإصابة جراء هجمات إرهابية داخل الولايات المتحدة بالمثول أمام النظام القضائي من أجل رفع قضايا مدنية ضد أولئك الأشخاص أو الجهات أو الدول التي قامت بتقديم دعم سواء بشكل مباشر أو غير مباشر إلى أشخاص أو منظمات تعتبر مسؤولة عن الإصابات التي لحقت بهم.
حددت المادة الثالثة من القانون مسؤولية الدول الأجنبية عن الإرهاب واعتبرت ان لن لن تكون هناك دولة أجنبية محصنة أمام السلطات القضائية الأمريكية في أي قضية يتم فيها المطالبة بتعويضات مالية من دولة أجنبية نظير إصابات مادية تلحق بأفراد أو ممتلكات أو نتيجة لحالات وفاة تحدث داخل أمريكا وتنجم عن فعل إرهابي أو عمليات تقصيرية أو أفعال تصدر من الدول الأجنبية أو من أي مسؤول أو موظف أو وكيل بتلك الدولة أثناء فترة توليه منصبه بغض النظر إذا كانت العمليات الإرهابية تمت أم لم تتم ومنحت هذه المادة المواطن الأميركي حق تقديم دعوى ضد أي دولة أجنبية .
وفقاً للمادة  الرابعة من القانون فإنه تم بشكل عام تعديل الفصل (2333) من المادة (18) من القانون الأمريكي الخاصة بالحصانة السيادية للدول الأجنبية بإضافة النص التالي “يؤثر التعديل الذي تم في هذه المادة على حصانة الدول الأجنبية تحت أي قانون آخر ، وذلك حسب تعريف هذا التعبير الوارد بالمادة 1603 من الباب (28) من القانون الأمريكي.
تناولت المادة (5) من القانون عن وقف الدعاوى لحين انتهاء المفاوضات مع الدول، حيث منحت هذه المادة الحق للمحاكم وبصورة حصرية المحاكم الفدرالية للبت في أي قضية تخضع بموجبها دولة أجنبية للقضاء الأمريكي، كما يحق للمدعي العام التدخل في أي قضية تخضع بموجبها دولة أجنبية للسلطة القضائية للمحاكم الأمريكية، وذلك بغرض السعي لوقف الدعوى المدنية كلياً أو جزئياً.ومنح القانون المحاكم الأمريكية حق وقف الدعوى ضد أي دولة أجنبية إذا ما شهد وزير الخارجية بأن الولايات المتحدة تشارك بنية حسنة مع الدولة الأجنبية المدعي عليها بغية التواصل إلى حلول للدعاوى المرفوعة على الدولة الأجنبية أو أي جهات أخرى مطلوب إيقاف الدعاوى المرفوعة بشأنها .وحدد القانون مدة إيقاف الدعوى بأن لاتزيد عن 180 يوماً، كما يحق للمدعي العام مطالبة المحكمة بتمديد فترة إيقاف الدعوى لمدة 180 يوماً إضافية.
اكد القانون في المادة السادسة إنه في حال تبين أن نصوص القانون أو أي تعديل تم بموجبه أو أي شرط أو أي نص باطل ، تظل باقي أحكام القانون والتعديلات التي تتم بموجبه سارية، وعدم بطلان الأحكام على أي شخص آخر يمر في حالات مغايرة.
من خلال القراءة السريعة للقانون يمكن ان نتوصل الى مايلي : 
1. ان القانون لم يورد او يحدد احداث الحادي عشر من ايلول عام 2001 بل هو يشمل كافة الاعمال الارهابية التي حصلت على الاراضي الامريكية دون تحديد لخادث معين . 
2. لم يذكر القانون حصرا اسم المملكة العربية السعودية بل هو يشمل كافة الدول التي يثبت قيامها بدعم الارهاب والمنظمات التي ترتكب اعمال ارهابية وقعت على اراضي الولايات المتحدة الامريكية . 
3. ان حق اقامة الدعوى يشمل المواطنين الامريكيين والمقيمين بصورة شرعية في الولايات المتحدة وعن الحوادث التي تقع على الاراضي الامريكية . 
4. ان القانون مختص بالدعاوى المدنية ولاشمل الدعاوى الجنائية اي يقتصر على المطالبة بالتعويضات عن الاضرار التي اصابت المواطنين الامريكيين نتيجة الاعمال الارهابية . 
5. يعدل القانون من نطاق الحصانة السيادية للدول الأجنبية من سلطة قضاء المحاكم الأمريكية. على وجه التحديد، يخول القانون سلطة المحكمة الفيدرالية تناول الدعاوي المدنية ضد دول أجنبية دون الحصانة السياسية حول إصابات جسدية لشخص أو ممتلكات أو وفاة حدثت داخل الولايات المتحدة نتيجة لـلاعمال الارهابية الدولية ونتيجة للمسؤولية التقصيرية (إهمال المسؤوليات القانونية) في أي مكان من قبل مسؤول أو وكيل أو موظف في الدولة الأجنبية له صلة بالقضية.6. لا يشمل هذا القانون عمل من اعمال الحرب،  ويجوز للمواطن الأمريكي رفع دعوى مدنية ضد دولة أجنبية لإصابات جسدية أو وفاة أو ضرر نتيجة لعمل من أعمال الإرهاب الدولي التي ارتكبتها منظمة إرهابية.
7. يُعدل القانون العقوبات الفيدرالية لفرض المسؤولية المدنية على الشخص الذي يتآمر لارتكاب أو يساعد ويحرض (من خلال توفير مساعدات كبيرة) على عمل إرهابي دولي وقع، أو خُطط له، أو التي أمرت بها منظمة إرهابية مدرجة على قوائم الإرهاب.8. يمنح القانون سلطة وصلاحية المحكمة الفيدرالية لتناول الدعاوي المدنية ضد دولة أجنبية. ويخول القانون وزارة العدل التدخل في الدعاوى المدنية لطلب وقف، ويجوز للمحكمة أن تمنح الوقف إذا صدّقت وزارة الخارجية أن الولايات المتحدة تشارك في مناقشات بحسن نية مع دولة أجنبية لتسوية الدعاوى المدنية.
بالعودة الى النقاط التي اثيرت عبر وسائل الاعلام فيما يخص موضوع بموضوع الحصانة السيادية فهو من اهم المباديء التي يقوم عليها القانون الدولي العام ويقصد به هو عدم خضوع دولة أجنبية لاختصاص محاكم دولة أخرى. وقد كان العرف السائد لمدة طويلة على ان المحاكم المحلية لدولة ما  لا يجوز لها أن تسمع دعاوى ضد الدول الأخرى ولا تقبل أي استثناء لذلك استناداً إلى مبدأ الحصانة المطلقة. الا ان هذا التوجه في المجتمع الدولي قد بدا يتحول الى مايعرف بانه الحصانة المقيدة  وهو يعني أنه إذا قام نزاع أمام المحكمة وكانت دولة أجنبية طرفاً فيه ستنظر المحكمة إلى الفعل الذي قامت به الدولة، فإذا كان هذا الفعل من أفعال السيادة فتطبق الدولة في هذه الحالة (الحصانة المطلقة) وبالتالي لا يكون لها اختصاص. أما إذا كان الفعل من الأعمال التي لاتتعلق بالاعمال السيادية في هذه الحالة يكون للمحكمة اختصاص للنظر في الدعوى مستندة بذلك إلى مبدأ (الحصانة المقيدة). بدأ العمل بهذا المبدأ (الحصانة المقيدة) في الولايات المتحدة وذلك في خطاب رفعه المستشار القانوني للولايات المتحدة ويسمى هذا الخطاب Tats letter حيث نص عليه في تشريع الولايات المتحدة وسارت عليه معظم الدول بالنص عليه ضمن تشريعاتها الوطنية مثل (فحواه أنه في حالة الدخول في اتفاقيات مع الدول الأخرى  تُلزم الاتفاقية أطرافها بالتخلي عن الحصانة المطلقة وفي حالة دخولها في نشاطات تجارية عبر مؤسساتها الداخلية).
كانت رسالة Tats بمثابة دعوى موجهة إلى المحاكم للتمييز بين أفعال الدولة ذات الصفة السياديــة والأفعـال ذات الصفة الخــاصة  jure gestion, jure impern . وفي هذه الحالة الاخيرة يكون للمحاكم الوطنية الاختصاص. لكن لم تحدد هذه الرسالة للمحاكم المعيار الذي يحدد الفعل بأنه من أعمال السيادة أم هو من الأفعال الخاصة .في سنة 1976 أصدرت الولايات المتحدة الأمريكية تشريع جاء فيه أن الدول ذات السيادة لها حصانة مُقررة في قانون الدولة إلا أن هناك إستثناءات نص عليها هذا التشريع هي:-1- إذا كان الفعل من الأفعال التجارية.
2- الدعاوى التي تتصل بالمسئولية التقصيرية.
3- الدعاوى التي تتصل بالشئون البحرية (من تأجير وترحيل عبر السفن في البحر).
4- الدعاوى المتعلقة بتعويض تسبيب الموت أو الأذى لأشخاص سببته الدولة أو إحدى مؤسساتها. ثم سارت معظم الدول على نفس المبدأ تقريباً.
في سنة 1978 أصدرت بريطانيا تشريعاً خاصاً بحصانة الدول، وقد نص هذا التشريع تقريباً على المبدأ المتعلق بالحصانة وقواعد الاختصاص القضائي الدولي منها ما هو معلوم متفق عليه بموجب اتفاقيات تعقدها الدول فيما بينها لتنظيم الاختصاص القضائي فيما بينها، مما له تعلُّق بطرف أجنبي، وهي داخلة في مباحث ما يُسمى في علم القانون: “القانون الدولي الخاص”، ومنها قواعد عامة تدخل في: “القانون الدولي العام”، وهي قوانين عرفية ملزمة للدول فيما بينها في مجال الاختصاص القضائي، وكلٌّ من (القانون الدولي الخاص) و(القانون الدولي العام) علوم متخصصة تُدرَّس في الجامعات والكليات المتخصِّصة، ولهما مجالات محدَّدة، وشُرُوط ضابطة فيما يدخل فيهما أو يخرج منهما من الوقائع.
من الناحية النظرية، يمكن لضحايا جرائم الحرب، أو التعذيب أو الجرائم ضدّ الإنسانية التي ترتكب في زمن الحرب تقديم شكاوى أمام المحاكم المحلية الأجنبية على أساس الاختصاص القضائي العالمي، حسبما نصّت عليه اتفاقيات جنيف لسنة 1949 واتفاقيّة مناهضة التعذيب لسنة 1984. وتعتبر ممارسة الاختصاص هذه حاليًا الوسيلة الأكثر فاعلية لمعاقبة مرتكبي أكثر الجرائم خطورة. وفي سنة 1999، طلب مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة من الدول تعديل تشريعاتها المحلية لدمج مبدأ الاختصاص العالمي في قوانينها ولتتمكن من معاقبة مخالفي القانون الإنساني (بيان رئاسة مجلس الأمن بتاريخ 12 شباط/ فبراير 1999). وتقدَّم الأمين العام للأمم المتحدة بنفس الطلب في تقريره بشأن حماية المدنيين في أوقات النزاعات المسلحة (8 أيلول/ سبتمبر 1999 قامت بعض الدول ومن بينها معظم الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي (ودول قليلة أخرى مثل سويسرا وكندا) بتعديل قوانينها للتوافق مع هذا الالتزام. وهناك دول أخرى تبدي تحفظاتها – وخاصة الولايات المتحدة وفرنسا وتصرّ على التمسك بأنظمتها الوطنية فيما يتعلّق بتلك الجرائم.ولكن كما قلنا فان قانون جاستا يختص بالدعاوى المدنية  ولا يشمل الدعاوى الجزائية وقد سبق ان تم رفع العديد من الدعاوى الجزائية ضد المملكة العربية السعودية  وضد الجمهورية الاسلامية الايرانية  وتم ردها نتيجة للتمسك بالحصانة السيادية  . النقطة الثانية التي تم التركيز عليها اعلاميا بان القانون موجه ضد المملكة العربية السعودية ومن قرأة القانون نرى ان القانون لم يرد فيه ذكر المملكة بصورة حصرية بل لم يرد فيه ذكر اي دولة معينة فهو يشمل جميع الدول  التي قد يثبت ضلوعها في رعاية ودعم المنظمات الارهابية  وقد رُفعت ضد حكومة المملكة العربية السعودية خلال العقدين المنصرمين عدة قضايا أمام بعض محاكم الدول الأجنبية، ومنها على سبيل المثال، دعاوى  رفعت ضد حكومة المملكة وأشخاص سعوديين، أمام محاكم أمريكية، على خلفية أحداث الحادي عشر من سبتمبر سنة 2001م، فقد زعم المدّعون أن الحكومة السعودية مسؤولة عن وقوع هذه الأحداث، نظرًا لإشرافها على نشاطات بعض الجمعيات التي تمول وتساند الأنشطة والجماعات الإرهابية، وبالتالي تتحمل هذه المسؤولية ولو كانت غير مباشرة.ومن هذه القضايا، قضية بورنيت ضد البركة للاستثمار والتطوير، المتعلقة بالهجمات الإرهابية، وقضية شركة التأمين الفيدرالية وآخرون ضد المملكة العربية السعودية المتعلقة بالهجمات الإرهابية في 11 سبتمبر 2001م. وقد دفع الجانب السعودي بقانون الحصانة السيادية واتكأ عليه لشطب هذه القضايا. كما أن إحدى المحاكم الأمريكية أصدرت حكمًا ضد إيران بدفع مبلغ 7.5 مليار دولار كتعويض لأهالي ضحايا هجمات برج التجارة العالمي، وتضمن الحكم تعويضا بقيمة 2 مليون دولار لورثة كل متوفى، بالإضافة إلى 6.88 مليار كتعويض عن الأضرار المعنوية. وقد اتكأت المحكمة في ذلك على أن إيران فشلت في تقديم الدفوع في الدعاوى التي تشير إلى أنها قامت بمساعدة مرتكبي هذه الهجمات، وبالتالي تتحمل المسؤولية. كما حصل ان تم رفع قضايا على شركات وبنوك مثل ماحصل مع شركات التبغ التي حصلوا منها على تعويضات بأربعين مليار دولار وشركات الأسبتوس التي أفلست ثلاثة أرباعها، وكذلك البنك العربي في الاردن . بالنسبة الى القول بان القانون شرع لمصلحة عوائل ضحايا الحادي عشر من ايلول عام 2001 حتى ان القانون اصبح يطلق عليه اعلاميا قانون (11 سبتمبر ) واصبح المهووسين بنظرية المؤامرة يتسألون عن السر في الانتظار مدة خمس عشر سنة لتشريع القانون محاولين تفسير الامر بانة محاولة لابتزاز المملكة العربية السعودية ,  الا ان هذا القول يجافي الحقيقة  لان القانون يشمل كافة ضحايا الاعمال الارهابية  وليس لتلك الحادثة فقط . 
في الاخير هل يمكن ان تقوم بقية الدول بنفس الاجراء اي اصدار قانون يمكن المواطنين في تلك الدول من اقامة دعاوى ضد دول اخرى بضمنها الولايات المتحدة الامريكية فالقول هنا ان هذا الامر من ناحية نظرية ممكن جدا وبعد اصدار قانون جاستا اصبح من واجب بقية الدول ان تقوم بالمثل ولكن هنا يجب ان نتذكر بان القانون الذي يجب اصداره ايضا مختصا بضحايا الارهاب ولايشمل اعمال الحرب كما ان القانون يجب ان يكون عن التعويضات المدنية وليس المسؤولية الجزائية وكل من هذه النقاط يجب دراستها بكل دقة وحذر مع الاخذ بنظر الاعتبار ان الولايات المتحدة الامريكية تملك القدرة على تنفيذ القانون الذي شرعته كون هناك 750 مليار دولار من الودائع والاستثمارات السعودية فقط في الولايات المتحدة  بالاضافة الى عدة مئات من المليارات من الودائع الخليجية  والدولية في المصارف الامريكية اي اننه من الناحية العملية بامكان اي قاضي فدرالي امريكي اصدار قرار بحجز اي من تلك الودائع والاستثمارات لمدة 180 يوما قابلة للتمديد لحين البت بالقضية التي ترفعها اي من عوائل ضحايا الاعمال الارهابية فيجب على اي دولة تفكر باصدار مثل هذا القانون عليها ان تفكر في امكانيتها على تطبيق القانون والا يكون اصدار القانون عملية خالية من المضمون . الاان  وبعد اصدار القانون ماهي الخيارات المتوفرة لمواجهة القانون (جاستا) . ان اول  مايجب اللجوء اليه هو الابتعاد عن الحديث العاطفي الخيالي الذي هو سبب كل ما اصاب الدول العربية والاسلامية على المستوى الدولي ويجب ان يتم اللجوء الى التعامل المنطقي القانوني مع هذا القانون . ان اللجوء الى خلط الاوراق مع المستمع والمتلقي العربي مع هذا القانون سوف يزيد من الامر سوء فالقانون  تم تشريعه ويجب ان نتذكر بان اكبر من دفع الى تشريع هذا القانون هو لوبي المحامين الامريكيين والذين دفعوا بشدة لتشريع القانون وهناك سيل جارف من الدعاوى سوف تلحق تشريع القانون . ثانيا يجب ان نتذكر ان القول بانه يجب محاسبة امريكا عن جرائمها في العراق والبوسنة والهرسك وجرائمها في اليمن كل هذا هو وان كان كلام حق فانه غير عملي في الوضع الحالي وان هناك مئات المليارات من الودائع والاستثمارات معرضة للخطر الان , وقد كان التهديد الذي اطلقه وزير الخارجية السعودية عادل الجبير قبل اشهر بان السعودية سوف تقوم بسحب ودائعها من الولايات المتحدة الامريكية  هو الذي ادى الى قيام الرئيس اوباما بارسال تطمينات الى السعودية بانه سيقوم باستخدام الفيتو اما الان فان عملية التفكير بسحب تلك الودائع والاستثمارات غير ممكن عمليا . اذن في الختام يجب ان يتم القيام بالاستعداد لمواجهة عواقب ذلك القانون عن طريق المحاكم والمفاوضات فتطبيق القانون يتطلب اولا اثبات علاقة اي دولة بالحادث ثم معركة المطالبة بالتعويضات ثم يمكن اللجوء الى التفاوض مع وزارة الخارجية الامريكية للتوصل الى تسويات  وحسب ماورد في القانون . 
قد يقول قائل بان الرئيس الامريكي اعترض على القانون وان الكونغرس قد يعود عن قراره . ولكن هذا القول ايضا بعيد عن الواقعية فالقانون مرر باغلبية غير مسبوقه وان اعتراض الرئيس الامريكي انصب على ان المصالح الامريكية قد تتعرض لنفس المصير اذا ماقررت الدول الاخرى اصدار قانون مشاه وهو احتمال وارد ولكن ان يعود الكونغرس عن قراره فهذه مخاطرة لايمكن ان يقدم عليها اي عضو في الكونغرس ويعرض نفسه للانتقاد من طرف لوبي المحامين الامريكيين واللوبي الخاص بضحايا الارهاب . 

أحدث المقالات