ربما يفخر التحالف الكردستاني، أنه كانت لديه شخصيات برلمانية وأعضاء قياديين في الحكومة،رسموا معالم مرحلة من الشعور العالي بالمسؤولية،وفي كون هذه الشخصيات ممن وهبها الله قدرة على الحضور الايجابي الفاعل المؤثر، القادر على الاقناع وفرض وجهات نظره، بل وفي جعل الآخرين يتقبلون مثل هذه الطروحات ويتفاعلون معها ، وكانت لغة التعبير العربية عند أغلب هذه الشخصيات قوية ومصقولة ومتماسكة ، تفوق مضامين ولغة حتى أكثر الشخصيات العراقية من المكون العربي في التعبير عو رؤاهم وفي قدرتهم على فرض وجودهم المؤثر ، على الساحتين البرلمانية والسياسية عموما.
ويعد وجود هذه الشخصيات المؤثرة العصر الذهبي للمكون الكردي وللتحالف الكردستاني على وجه التحديد ، على انه قدم أفضل مالديهم من رجالات لديهم كفاءات ومهارات ، بل واثبتوا قدرة على ادارة فن الحوار مع الآخر، بطريقة اثارت إعجاب الكثير من العراقيين للمنطق والقدرة التعبيرية وفرض الوجود المؤثر الفاعل في الأحداث، كانت من وجهة نظري،إحترافا مهنيا مسؤولا وقدرة قيادية، عبرت عن رؤيتها بلغة قوية بليغة متماسكة ، متقنة في التعبير، وتوصل رسالتها بكل قوة واقتدار، مع ميزة أساسية تضاف الي شخصياتهم وهي الهيبة والتواضع في الوقت نفسه ، حتى نالوا احترام العراقيين لأن القادة الكرد قدموا شخصيات واثقة من نفسها غزيرة الثقافة والمعرفة تتفوق على كثيرين من نظرائهم من المكون العربي بشقيه السني والشيعي ، وكانوا محط احترام وتقدير الكثيرين.
وهنا أسرد أسماء لامعة لبعض نواب التحالف الكردستاني في دورته السابقة وهم كثيرون ، وبقي منهم في الدورة الحالية عدد محدود منهم ، والبعض الاخر تولى مهاما أخرى داخل التحالف الكردستاني.
ومن هؤلاء الأسماء والشخصيات الرفيعة التي أجادت مهمتها البرلمانية : فرهاد الأتروشي النائب السابق في التحالف الكردستاني محافظ دهوك حاليا ، وشوان محمد طه عضو لجنة الامن والدفاع وخالد شواني رئيس اللجنة القانونية ، وعبد المحسن السعدون النائب في الدورتين السابقة والحالية ، ومحما خليل رئيس لجنة الاقتصاد والطاقة، وفيان خليل رئيسة لجنة الخدمات، والنائبة في الدورة الحالية، التي كانت من اكثر الشخصيات المحسوبة على التحالف الكردستاني وهي يزيدية ، لمعانا وبريقا وشخصية مقتدرة قدمت افضل النماذج للمرأة العراقية التي تقدم نفسها بهذا المستوى الراقي من الاداء والحضور المتميز، ونالت تقدير واحترام الكثيرين، اضافة الى النائبة الحالية وفي دورته السابقة الا الطالباني ،والنائب لطيف مصطفى
والنائب قاسم محمد مقرر لجنة النفط والطاقة البرلمانية.
ربما كان النائب السابق فرهاد الاتروشي يلي النائب محسن السعدون في الاهمية ، والنائب محسن السعدون كان الشخصية القوية المتزنة ذات القدرة على الاقناع وفرض وجوده المؤثر كقيادي بارز في التحالف الكردستاني، وهو يعد الشخصية الثانية ، في هذا التحالف بعد الشخصة الكردية المعروفة في علمها وقوة شخصيتها فؤاد معصوم الذي اصبح رئيسا للجمهورية، وكان رئيس كتلة التحالف الكردستاني البرلمانية وقد أهلته الاقدار ليتبوأ ارفع المناصب في قيادة الدولة.
والنائب السابق ومحافظ دهوك حاليا فرهاد الاتروشي يكاد يناظر النائب السابق خالد شواني من حيث القدرة على لفت الانظار في تأكيد فرض وجوده كشخصية لامعة أثبتت حنكة ودراية في كيفية اطلاق التصريحات وفي التصدي لمواجهات سياسية داخل البرلمان ابان الازمات السياسية العاصفة وعرف كيف يدافع عن وجهة نظره بطريقة تثير الاعجاب، وكانت لغته العربية المتقنة أكسبته كل هذه المهارة في فرض الامر الواقع على الطرف الاخر لكي يسلم بما يعتقد انه قد عبر عن وجهة نظره ، وارغم الطرف الاخر على ان يقتنع بما يطرحه او يواجه بالحجة التي ليس بمقدورها مواجهة خصم عنيد مثل فرهاد الاتروشي ، الذي اذا تحدث يمكن ان ينطبق عليه قول الاغنية المعروفة : ” قم اوقف لما بتكلمني”!!
وقد يناظره النائب السابق خالد شواني رئيس اللجنة القانونية في الاهمية ، وهو شخصية لها المام بشؤون اختصاصه، اضافة الى كونها شخصية مقتدرة ومتماسكة ولديها قوة بلاغة عربية تتفوق على نظرائه من نواب المكون العربي.
وكذا الحال بالنسبة لنواب مثل شوان محمد طه عضو لجنة الامن والدفاع البرلمانية السابقة ، هذه الشخصية الممتلئة التي لديها القدرة على ايصال فكرتها بسهولة ويسر وكان قد وقف مواقف صلبة ازاء قضايا حساسة تخص امن العراق واستقراره وما يسود الوضع الامني من تدهور وهو يشخص سلبيات هذا الواقع بجرأته المعهودة بلا خشية من احد ، ويتحمل مسؤولية ما يقول، والحال ينطبق على رئيس لجنة الطاقة والاقتصاد محما خليل والنائب قاسم محمد مقرر لجنة النفط والطاقة البرلمانية والنائب الدكتور لطيف مصطفى ، الخبير القانوني، وهو شخصية رفيعة اكدت مواقفها القوية ضد ممارسات الحكومة السابقة على اكثر من صعيد وبخاصة على الصعيد القانوني والقضائي، اذ وجه انتقادات كثيرة للسلطة السابقة في اكثر من مناسبة، وكان لايخشى في الله لومة لائم.
اما النائب محمود عثمان، فهو الرجل البراغماتي الذي يعبر عن مواقف شخصية اكثر مما يعبر عن وجهات نظر التحالف الكردستاني وان كان شخصية فاعلة فيه الا ان تصريحاته تتسم بالدبلوماسية والوسطية قدر الامكان لكنه صريح في بعض الاحيان، وهو يمارس السياسة عن بعد ان صح التعبير من العاصمة البريطانية لندن.
مناسبة هذا الحديث هو مغادرة بعض هذه الشخصيات لمواقعها البرلمانية، إذ شعرت بأن التحالف الكردستاني ربما خسر لاعبين برلمانيين وسياسيين مهمين على مستوى رفيع، وكان يفترض ان يستمر فوزهم بالمقاعد المهمة داخل مجلس النواب، اذ ان الدورة الحالية ربما جاءت بشخصيات لم تكن بتلك المكانة القوية التي كان اسلافهم في الدورتين السابقتين، رغم انهم شخصيات محترمة ، والخطوة وان كانت ربما تغييرا في الوجوه والتوجهات، لكنه لابد وان يترك تأثيرته السلبية على الحضور الايجابي الفاعل لشخصيات مرموقة مثل التي تحدثنا عنها وحظيت بكل هذا التقدير وهذه المكانة..
تحياتنا لنواب التحالف الكردستاني الذين كانوا محط اعجابنا واحترامنا ، وقد قضينا مع البعض منهم فصولا من العلاقة على الصعيد الاعلامي، وكنا نعرفهم عن قرب ،وكانت كل تلك العلاقة تكفي لرسم معالم شخصياتهم بهذا المستوى من الفعالية واثبات الوجود، وكانوا قد أدوا الامانة بكل شرف ومسؤولية، وهم بهذا من ينطبق عليهم القول انهم الرجال الميامين صادقي الوعد ، حفظوا حقوق مكونهم وحقوق العراق كبلد مهم له تاريخ ضارب في اعماق الحضارة، وكانوا خير من عبر عن طموحات العراقيين ، فيما يرونهم الافضل لبلدهم، وكانوا بهذا المستوى من الرقي ، فلهم منا كل تقدير، وهو ثناء عن استحقاق وجدارة، ربما سيفخر التحالف الكردستاني بهم انه كان لديه مثل هذه النماذج القوية المقتدرة في قيادة البلد على جميع الاصعدة، وكانوا أمناء واوفياء للمهمة التي أوكلت لهم ، وهم اهلوها على كل حال.