19 ديسمبر، 2024 3:25 ص

قد أسمعت لو ناديت حياً‎

قد أسمعت لو ناديت حياً‎

لعلنا أدركنا أخيراً أن العملية السياسية في العراق إنحرفت عن مسارها الدستوري السليم والسبب الرئيسي والذي يِعد من أهم الأسباب هو الصراعات الدائرة بين الكتل السياسية الحزبية فيما بينها للحفاظ على المصالح والمكتسبات وهذا ما أثر بشكل سلبي على طبيعة العلاقة بين العراق ومحيطه العربي والدولي بالرغم من مناشداتها له لاكثر من مرة وعلى مدى سنين من اجل الخروج من تلك الصراعات والالتفات الى وحدة العراق أرضاً وشعبا ، أن العملية السياسية في العراق تحتاج اليوم الى إعادة في هيكلها العام مع تغيير جذري في أستراتيجتها خصوصا عندما يتعلق الامر بطبيعة العمل السياسي بين الكتل السياسية آخذة بنظر الاعتبار أرتباط مصالح العراق الحيوية وأمنه القومي بمحيطه الإقليمي والدولي . ان الولايات المتحدة الامريكية والدول المتحالفة معها عندما حشدت الرأي العام العالمي رغم معارضة جزء منه على شن حربها على العراق لم يكن في حساباتها أن تواجه مقاومة بعد السيطرة عليه عام ٢٠٠٣م بحجة خلاص العراقيين من الدكتاتورية والظلم ، وبغض النظر عن المواجهات التي وقعت ضدها هنا وهناك الأ أنها واجهت مقاومة أشد وأكثر تأثيراً عليها وهي تسلط النفوذ السياسي للدول المجاورة للعراق وعلى جميع المستويات السياسية والاقتصادية الأجتماعية والثقافية وتأثير هذا النفوذ بشكل مباشر على صياغة وأتخاذ القرارات المهمة التي تخص العراق وشعبه .  لقد بذلت الولايات المتحدة الأمريكية الكثير من الجهود وعلى المستويين الإقليمي والدولي في محاولة منها لسحب البساط من تحت أقدام الدول الإقليمية التي وجدت في العراق ضالتها من خلال الدعم الذي قدمته في انشاء اول مجلس لإدارة الحكم في العراق  عام ٢٠٠٥م وأعتبرت ذلك من أولوياتها الاستراتيجية لتثبيت النظام الديمقراطي التعددي التي بشرت به العراقيين ، والمفارقة في الموضوع أن السحر انقلب على الساحر إذ تحول هذا النظام الديمقراطي التعددي ذو المناخ الحر الى نظام ثيوقراطي تسلطي طائفي متزمت بآرائه بشكل غريب تمثله أحزاباً سياسية تعبوية المنهج والفكر بأطار إسلامي ديني متطرف له نظرة تشاؤمية للحياة والتي في حقيقة الامر بعيدة كل البعد عن سماحة الاسلام وعالميته .  إذن ما يدور في العراق هو لعبة صراع النفوذ والمصالح والمناصب والمكتسبات ، بألأضافة الى أتفاقات مدبرة بليل من اجل أن يصل العراق الى الأنهيار الكامل في تنميته وأمنه ودفاعه بكل ما تحتويه الكلمة من معنى وهذا كله طبعاً على حساب حياة الشعب المسكين ودماءه ، هذا الشعب الذي يعاني الامرين . الأمر الأول إبقاءه مشغولاً بالمعيشة وتوفير قوت يومه وخوفه على حياته بحيث لا يسمح له عقله بالتفكير والابداع ، والأمر الثاني تزييف الحقائق التأريخية سياسياً ودينياً والتي لعبت برأسه فأصبح لا يميز أي طرف على حق أو على باطل ومن هو الظالم ومن هو المظلوم . ومن اجل أن يبقى العراق لقمة سائغة تبقى القوى الإقليمية والدولية متحكمة بالقرار السياسي العراقي بسهولة وهذا بالتأكيد يسبب نوع من عدم التوازن والتخبط في صياغة القرار السياسي وفق مصلحة طرف على حساب طرف أخر أقليمي أو دولي، خاصتاً أننا أصبحنا اليوم مع الأسف نتكلم بلغة ( الطرف الآخر ) . أليس بالأجدر على الحكومة العراقية أن تأخذ دورها السياسي وان تُمارس سلطتها في إصلاح ثغرات مهمة مثل ملف الخدمات والنازحين والبطالة وان تراجع دبلوماسيتها في صياغة قرار سياستها داخلياً وخارجياً بما يتفق وينسجم مع مصلحة البلد تجاه العالم . أليس بالأجدر بالعملية السياسية المتمثّلة بالحكومة ان تكف عن لعبة المحاصصة السياسية الملعونة وأن تضرب بيد من حديد ونار على يد المفسدين  . أليس بالأجدر على الحكومة ان تعي بضرورة إنهاء النفوذ المتسلط للدول الإقليمية في العراق وعلى كل المستويات وان تبادر بتفعيل إستراتيجية احتواء جديدة  لتقليص ذلك النفوذ الذي يشكل تهديدا مستمراً ومتصاعداً للعراق وللمنطقة العربية برمتها، ألم يحن الوقت لعودة العراق بلداً له دوره الفاعل في المنظومة العربية والإقليمية والدولية ؟ سؤال أطرحه على رجال جبهة الإصلاح المتولدة من رحم المحاصصة ، ورجال شيخوخة العملية السياسية الجارية .

أحدث المقالات

أحدث المقالات