((( انه التأسيس لمدرسة نقدية جديدة يتم فيها تقديم ما غفل عنهم النقاد والصحافة وبشكل موسوعي جمعي او لم يتم تقديمهم بما يوازي منجزهم … اعتقد ان هذا الكتاب سيتفتح الطريق امام الباحثين الجدد ليسدوا الفراغ النقدي الواضح ))) 1
من فضائل النقد الشعري انه يجعلنا نثمل بقصيدة او بصورة شعرية لامست مسامع شاعر او خطف بريقها عيناه فقذف عليها من لؤلؤه اللغوي والشعري فبدت فضاءاً شعرياً ساحراً يأخذنا بعيداً الى حيث يقف بعضنا عند حد معين واخر ينطلق مع هذا القصيد او تلك الصورة الشعرية الى ابعد ما يتصوره العقل …ايضاً هناك من يخلق حالة خاصة به لأحساسه العالي بما تبدعه الشواعر والشعراء … هؤلاء نقاد من طراز خاص همهم الاول والاخير المنجز الشعري دون الالتفاف للأسماء من جهة ولمعرفتهم لما وصل اليه النقد الادبي بوصفه الميزان الامثل الى درجات دنيا من جهة اخرى .
كتاب ( في ثنايا القصائد ) للكاتب الاستاذ قاسم ماضي هو بالحقيقة بودقة ادبية فريدة قلما نصادفها ونتعلم منها حيث التزاوج الشعري بأجمل صوره بين اجيال مختلفة يحملون همومهم التي هي هموم الذات العارفة التي تدرك جيدا ما يحيط بها وبكل اصرار يقدمون منجزهم بعيداً عن التصفيق وبعيداً عن الصحافة التي لا تكترث الا للمطبلين والمتملقين … كذلك تجد شعراء القصيدة العمودية مع شعراء قصيدة النثر في فسيفساء شعرية مبهرة رسم ملامحها بحرفة الاستاذ قاسم ماضي فبدت وكأنها خارطة شعرية مفترضة غابت لعقود عن سماء الابداع الشعري وها هو يعيد امجادها بذائقته وبتفرده بمعزل عن مصطلحات بالية انتجتها العقلية الريديكالية الثقافية .
في هذا الكتاب تأخذك اساليب الشعراء الى فضاءاتها الخاصة فلكل منهم بصمته الشعرية الخاصة الواضحة والمختلفة عن الاخرين لهذا تتطلب قرأة هذا الكتاب مهارة خاصة بين التنقل من شاعر لشاعر اخر ومن اسلوب لأخر او يجب استخدام اسلوب القرأة المنفردة بمعنى تناول شاعر بمعزل عن الشعراء الاخرين لانه وكما هو معروف ان الشاعر الحقيقي هو من يؤسس بخطابه الشعري حالة جمالية خاصة به تتفجر بين اصابعه فتنطلق انوار القصيدة حيث لا تداخل بالاسلوب وانما التداخل بالرسالة الانسانية التي يحملها المبدع وبالتالي يقدمها لنا الناقد العارف المتمكن من ادواته .
يقع كتاب ((( في ثنايا القصائد ))) في 107 صفحة ومن الحجم الكبير وهو من اصدارات دار ضفاف للنشر في الشارقة وبطباعة انيقة تدل على مهنية عالية كان الغلاف من تصميم الاستاذ صدام الجميلي … تناول فيه الكاتب ستة وعشرون شاعراً قدمهم في فترات متباينة وبأسلوب نقدي خاص به لكونه فنان مسرحي وخريج اكاديمية الفنون الجميلة لذلك لم يكن غريباً هذا الانطلاق في عالم الابداع الشعري ولم يكن غريباً تناول مجموعة من الشعراء بهذه الكيفية .
متعة التنقل بين الاساليب الشعرية لمن تناولهم كتاب ((( في ثنايا القصائد ))) لا توازيها الا متعة قصائد الشعراء الذين سيجبروك على البحث عن قصائدهم كذلك وجود اكثر من شاعر وشاعرة في كتاب واحد يرجعنا الى زمن الكتاب وزمن التصفح والبحث والمقارنة خصوصاً لمن يشتاق لرائحة الورق .
1- الشاعر العراقي الكبير عيسى حسن الياسري في معرض تقديمه لكتاب في ثنايا القصائد