23 ديسمبر، 2024 5:47 ص

عندما أقرأ ما في بلادي ، أجد الخيرات والنعم الربانية أكثر مما يحتاج إليه عدد نفوسه ، ولكني أراه مصفرا كئيبا خاويا ، محروما من أبسط حقوقه ، ثم أنظر إليه ثانية فأرى فيه عقولا مبدعة في البناء والتطور والرقي ، تأكل مما تخرج أرضه وتشرب من رافديه ثم تغادره ، طريدة أحزاب وسياسيين جهلة ، ساعية للعيش خارجه ، عاملة منتجة نزيهة مخلصة ، يشار إليها ببنان التفوق أخلاقا ومعرفة وعلما ، وهي تعيد كرم إيواء تلك البلدان لها ، ردا جميلا في البذل والعطاء ، حتى أصبحت أدوات تقدمها وإزدهارها ، ولا ترغب في العودة لأحضان من وهبها تأريخ ميلادها ، وعندما أصرخ ما لها ، يأت الجواب من سوء تعامل أو أعمال أبنائها ، أعود للتأريخ فيخبرني ، أن ذو القرنين أراد قتل أهلها ، فينصحه مستشاره أن لا يحفظ له التأريخ ، سوءة سلوك وتصرف تركه وتجاوزه أولى من فعله ، أكرر البحث والسؤال ، فترتد إلي صورة حرق النبي إبراهيم الأبا ، الرافض لعبادة الأصنام والأوثان دينا ، وما جرى لمحمد النبي والرسولا ، من التلذذ بالإفك طعنا بشرف زوجه ، على الرغم من براءة السماء لها وحيا ، والإساءة لخلفائه وصحبه النجبا ، ومن ثم قتل وسبي آل بيته الكرما ، وكيف كانت نهاية من بعدهم ، وأقربها قتل نسله على يد أشرار جيشه ، ومنذ خمسة عشرة سنة من الآن ، كانوا للمعتدي المحتل الآثم عضدا ، وعلى أبناء جلدتهم أسودا ، وللغريب الأجنبي خدما ، ويفتخرون أن جعل الله بأسهم بينهم ، وذلك منع الله ، إذ قال نبي الرحمة (ص) أو كما قال ومنها (( إن الله زوى لي الأرض فرأيت مشارقها ومغاربها ، وإن ملك أمتي سيبلغ ما زوى لي منها ، وأعطيت الكنزين الأحمر والأبيض ، وإني سألت ربي لأمتي أن لا يهلكها بسنة عامة ، ولا يسلط عليهم عدوا من سوى أنفسهم فيستبيح بيضتهم ، وإن ربي قال لي يا محمد : إني إذا قضيت قضاء فإنه لا يرد ، ولا أهلكهم بسنة عامة ، ولا أسلط عليهم عدوا من سوى أنفسهم فيستبيح بيضتهم ولو إجتمع عليهم من بين أقطارها ، حتى يكون بعضهم يهلك بعضا ، وحتى يكون بعضهم يسبي بعضا ، وإنما أخاف على أمتي الأئمة المضلين ، وإذا وضع السيف في أمتي لم يرفع عنها إلى يوم القيامة ، ولا تقوم الساعة حتى تلحق قبائل من أمتي بالمشركين ، وحتى تعبد قبائل من أمتي الأوثان ، وإنه سيكون في أمتي كذابون ثلاثون ، كلهم يزعم أنه نبي ، وأنا خاتم النبيين لا نبي بعدي ، ولا تزال طائفة من أمتي على الحق ، لا يضرهم من خالفهم حتى يأتي أمر الله )) . فقتلوا أنفسهم وسرقوا أموالهم ، وتبادلوا السب والشتم والطعن والقذف وأكل الست الحرام ، ومن أغلب سجايا أكثرهم ، إذا حدث كذب ، وإذا وعد أخلف ، وإذا عاهد غدر ، وإذا خاصم فجر . وعندما نذكر لهم شكوى حكامهم وأئمتهم وتذمرهم منهم وقولهم فيهم ، يا أشباه الرجال ولا رجال ، وأهل فتنة وغدر ، وأهل شقاق ونفاق ، لا يعجهم القول ، وهم يعيشون وسط سخط الله عليهم في كل يوم ، وقد أعطاهم كل شيء ، وحرمهم من التمتع بأي شيء ، وأجده عقابا من الله عاجل ، والأعظم ما هو عند الله آجل ، ذلك لأن الله ليس معهم ؟!.

لقد أوجب الله على خلقه طاعته ، وذلك هو الدين ، وليست المسميات إلا تمييزا ، في سبق المفروض منها زمنا ، ضمن خلق الموت والحياة ، لإختبار أي منهم أحسن عملا ، فتنافس الخلق في ذلك ، ولم يتحمل الفاشلون منهم ، إجتياز البلاء إلا بالإدعاء ، بأنهم الأحسن والأفضل من غيرهم ، فتقدم بعضهم وتأخر أكثرهم ، وتقدم المتأخر على تأخر العرب فيهم ، فزادهم الله من سخطه وغضبه ، لعدم التعامل بالإحسان فيما منحهم ، قاعدة رضاه عنهم ، بأن تكون منهم أمة ، تدعوا إلى الخير ، وتأمر بالمعروف ، وتنهى عن المنكر ، تلك الثلاثية المحددة الأبعاد ، تشكل نظرية التعامل بين الخلق من البشر الإنسان ، على أسس وأركان التعايش المشترك ، في ظل علاقات إنسانية سليمة وسلمية ، تفرض الرحمة والعطف والإحسان فيما بينهم ، لقيامها على أعمدة التعاون والعدل والمساواة ، فمن إلتزم بها نجح ، ومن خالفها فشل ، وهنا تبرز أمامي صورة تقدم غيرنا علينا ، كما يشخص السبب ، بأن رجالنا دعاة فرقة وإختلاف وأقوال بدون عمل ، وإن عملوا كان الغش وعدم الإخلاص وسوء إستخدام الزمن ، وأن نساءنا يفقدن الرقة واللين واللطف ، عند ممارسة حقوقهن ، فتجدهن خلاف قواعد بنائهن ، وعلى غير ما تجد نساء الغرب ، اللاتي يزددن أنوثة وجمالا عند العمل ؟!. تلك هي بلادي … قتيل المنافقين … على مر الزمن والسنين ؟!.