23 ديسمبر، 2024 8:19 ص

قتل الصائمين .. ليدخل الجنة! ماذا عن القاتل الأول؟

قتل الصائمين .. ليدخل الجنة! ماذا عن القاتل الأول؟

(شهر رمضان الذي انزل فيه القران هدى للناس وطيبات من الهدى والفرقان) سورة البقرة, آية 185
الآية الكريمة تصف بدقة فضائل شهر مبارك, قائم على عبادة أختارها الباري لنفسه كما ورد في الحديث القدسي, (كل عمل ابن آدم له ، إلا الصوم فإنه لي ، وأنا أجزي به)) في شهر الرحمة هذا يحجز الناس أماكنهم, استعداداً للأنطلاق في رحلة روحية من نوع آخر, لن يتمكن من سبر غورها , ألا من اتخذ من الصيام عبادة, وليس عادة.

يكمن الفرق بين صيام العبادة والعادة, أن الأول سيخوض تجربة تغني قلبه وعقله وتحرر نفسه, من أسر الغرائز والشهوات, بينما الآخر أعتاد أن يصوم الشهر فأصبح الأمر مجرد تجربة جسدية, تفتقر ألى المغزى, والمعنى الروحي الدقيق, لعبادة الصيام ورغم ذلك يقف كل من صام شهر الفضيل على باب الخالق, طعما في رحمته وكرمه ولطفه وجوده, لينال كل واحد نصيبه من رحمته .

يسمو الأنسان بنفسه في الشهر الفضيل عن جزء أساسي من تكوينه, وهي الغريزة ويعطلها بشكل مؤقت, وبذلك فأنه يتغلب على الجزء الذي يشاطر فيه الحيوان, ويعزز من قيمة العقل, وهذا هو الجانب الذي يشاطر فيه الأنسان الملائكة, وجوهر الصراع بين الغريزة والعقل ,هو الذي يحدد مصير الأنسان بين جحيم ونعيم.

ورغم ذلك كله نجد أن هناك من ينحدر لأسفل درجات الأنقياد خلف الغريزة, بل أنه يتسافل لدرجات تترفع عنها حتى البهائم, أذ أنها تسبح بحمد خالقها, والمفترسة منها لا تُقدم على الأفتراس ألا في حالة الجوع, فهي على الأقل لا تقتل بطراً, فكيف سيكون الحال بمن يسمى بشرا,ً ويغرق في بحر من دم في هذا الشهر المبارك؟

التفجير الإنتحاري الذي طال المصلين في الكويت, يوضح مدى وضاعة تلك الأفكار الإجرامية , ومن يحملها ويروج لها, ومدى تجرد هؤلاء القتلة من العقل وأبسط السمات البشرية , حتى أنهم أصبحوا مجرد أدوات للقتل, وألا ما معنى أن يفجر أنتحاري جسده الفعن في بيت الخالق؟ في يوم مبارك هو الجمعة, وفريضة مباركة هي صلاة الجماعة, وشهر من أكثر الشهور بركةً, وفضلاً لينتقلوا لجوار ربهم وهم صائمون, وعذره في ذلك أنه فجر المسجد ليدخل الجنة!

المفارقة في هذا الأمر أن قابيل القاتل الأول في العالم, لم يدع أنه قتل أخاه ليدخل الجنة!, بل أنه لم يقدم على قتل أخيه في بيت الرحمن, ولم يقتله وهو راكع ساجد صائم قائم! بل أن دوافعه للقتل واضحة للعيان, فالغيرة هي الدافع والمحرك الأبرز الذي حدا بقابيل أن يفعل فعلته تلك, فهو لم يقتل أخاه ليتقرب ألى الرب زلفى!

بل أنه أبدى ندمه, وهام على وجهه, ولام نفسه على عجزه عن دفن أخيه, ومجاراة الغراب في ذلك, أما قتلة اليوم فهم عاجزون حتى عن مجاراة قابيل في الندم, أو على الأقل أخراج الرب من حساباتهم, ودوافعهم الحقيقية للقتل وسفك الدم وأنتهاك الحرمات .

أليست هذه الأجساد القذرة المفخخة, هي نتاج لبذور خبيثة زرعت وترعرعت في مستنقعات الفتنة؟ رويت بالدم, ليكون طلعها كرؤوس الشياطين؟ أليست هذه نتاجات رؤوس عفنة كالعرعور, والقرضاوي, والعريفي وغيرهم؟ ممن يدعون المغفلين لقتل الأبرياء والالتحاق بالحور العين؟ ترى من هو ربكم الذي يأمركم بتقطيع أوصال الأطفال؟ وأي دين هذا الذي يبيح لكم قتل الناس في المساجد؟ وأين أنتم من قوله تعالى (( من قتل نفسا بغير نفس أو فساد في الأرض فكأنما قتل الناس جميعا ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعا) المائدة,32 ؟