10 أبريل، 2024 6:35 م
Search
Close this search box.

قتل الذات

Facebook
Twitter
LinkedIn

بَيْنَ لَيْلَةِ وَضُحَاهَا غَزَا اَلشَّيْبُ تِلْكَ اَلْأَجْسَادِ اَلْمُتْعَبَةِ اَلَّتِي أَرْهَقَتْ بِطُولِ اَلسَّفَرِ اَلشَّاقِّ عَبْرَ تَضْحِيَاتِ رِسَالَةِ اَلْحَيَاةِ اَلْأَبَوِيَّةِ . وَهَذِهِ سَنَةُ اَللَّهِ فِي خُلُقِهِ وَلَكِنَّ هَذَا اَلشَّيْبِ يَجِبُ أَنْ يَسْقِيَ شَجَرٌ يُثْمِرُ رَطْبًا جِنِّيًّا مَذَاقُهُ عَسَل جَبَلِيٍّ رَائِبٍ . لَا أَنْ تَتَسَرَّبَ مِيَاهَهُ لِجُذُورِ أَشْجَارٍ وَتُتْرَكُ دُون مُبَالَاةٍ ، فَتَتَسَاقَطُ أَوْرَاقُهَا . تِلْكَ اَلْأَشْجَارِ اَلْيَانِعَةِ وَأُخْرَيَاتِهَا اَلْمُتَخَشِّبَةُ ، شَبِيهَةً بِالْأَبْنَاءِ اَلْمُتَفَرِّقُونَ بَيْنَ صَالِحٍ وَطَالِحٍ . رِسَالَةُ اَلْحَيَاةِ لَنَا نَحْنُ كَبَشَرِ هِيَ وَحْدَانِيَّةُ اَللَّهِ تَعَالَى وَعِبَادَتهَ كَمَا يَسْتَحِقُّ وَجْهُهُ اَلْكَرِيمُ اَلَّتِي يَجِبُ أَنْ تَضُمَّ تِلْكَ اَلْعِبَادَةِ بَيْنَ طَيَّاتِهَا كُلَّ مَعَانِي اَلْحَيَاةِ اَلسَّامِيَّةِ وَمِنْهَا اَلتَّرْبِيَةُ اَلصَّحِيحَةُ . كَثِير مِنَّا سَكَنُهُ اَلْمَسْجِدُ وَنَحُثُّ اَلْخَطَأَ لِلْجَوَامِعِ مِنْ أَجْلِ قَضَاءِ فَرِيضَةِ صَلَاةِ اَلْجُمْعَةِ بِتَزَاحُمِ اَلْأَكْتَافِ لِأَجَلِ اَلصَّفِّ اَلْأَوَّلِ ، وَلَكِنْ نَسِينَا أَوْ تَنَاسَيْنَا أَنْ نَقُومَ ذَلِكَ اَلْعُودِ اَلرَّطْبِ وَتَرَكْنَاهُ يُصَارِع اَلْحَيَاةَ لِوَحْدِهِ وَكَأَنَّنَا نَقُولُ كَمَا قَالَ قَوْمُ مُوسَى ( اِذْهَبْ يَا مُوسَى أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلَا إِنَّا هَاهُنَا قَاعِدُونَ ) أَقْنَعْنَا أَنْفُسُنَا بِأَنَّ جَنَاحَيْ اَلْحُبِّ وَالْعَاطِفَةِ اَلْأَبَوِيَّةِ هُمَا كَفِيلَانِ بِالنَّشْأَةِ اَلصَّحِيحَةِ وَفِي غَفْلَةً مِنَّا طَارَ اَلْعُصْفُورُ مَعَ خَيْطِهِ مُتَّجِهًا صَوْبَ صَحْرَاءَ قَاحِلَةٍ مُوحِشَةٍ مُوسِيقَاهَا عُوَاءَ اَلذِّئَابِ اَلْبَشَرِيَّةِ اَلْمُضْمَرَةِ بُطُونَهَا اَلْفَاقِرَةَ أَفْوَاهِهَا ، اَلسَّائِلَةَ أَلْعَابَهَا ، اَلْمُحَمَّرَةَ عُيُونَهَا ، اَلْوَاسِعَ اِنْتِشَارُهَا ، اَلْحَادَّةَ أَنْيَابَهَا وَمَخَالِبَهَا ، اَلْمُسْتَعِدَّةَ لِلِانْقِضَاضِ عَلَى فَرَائِسِهَا لِتَضِمْهَا لِقَطِيعِهَا اَلْمُسْتَقِرِّ فِي حَضِيضِ اَلدَّنَاءَةِ مِنْ مُخَدِّرَاتٍ وَشَرَابٍ بِذَهَبِ اَلْعُقُولِ وَمَلَذَّاتِ اَللَّهْوِ وَالْعَبَثِ اَلْأُخْرَى . شَبَابُ بِعُمْرِ اَلزُّهُورِ أَحْيَاءُ أَمْوَاتٍ . يَعِيشُونَ صِرَاعٌ نَفْسِيٌّ قَاتِلٌ . يَعْلَمُونَ بِأَنَّ اَلْخَطَأَ وَطَرِيقَ اَلضَّلَالَةِ اَلسَّائِرُونَ فِيهِ مُدَمِّرٌ لَكِنْ مَعَ ذَلِكَ إِصْرَارًا عَلَى مُوَاصَلَةِ خُطَاهُ فَقَتَلَ اَلذَّاتَ هَدَفَهُمْ ، وَالنَّحْرُ اَلْبَطِيءُ لِلنَّفْسِ مُبْتَغَاهُمْ ، سَئِمُوا كُرْسِيُّ اِحْتِيَاطِ اَلْحَيَاةِ ، وَسَئِمُوا اَلِانْتِظَارَ اَلْخَادِعَ لِفُرْصَةِ عَمَلٍ يُثْبِتُونَ فِيهَا رُجُولَتَهُمْ . نَبْذُهُمْ اَلْمُجْتَمَعُ وَصَارُوا يُصَارِعُونَ مَا هُمْ فِيهِ لِوَحْدِهِمْ . صَحِيح هَذَا اِخْتِيَارُهُمْ لَكِنَّ هُمْ فِلْذَاتُ أَكْبَادِنَا وَزَهْوِ حَيَاتِنَا وَلَابُدٌّ مِنْ مَشْرُوعٍ يُنْقِذُهُمْ تَتَشَارَكُ فِيهِ اَلْأُسْرَةُ مَعَ اَلْمُجْتَمَعِ مَعَ اَلْمَدْرَسَةِ وَكُلِّ مُؤَسَّسَاتِ اَلدَّوْلَةِ اَلْأُخْرَى مِنْ أَجْلِ إِنْعَاشِ اَلْحَيَاةِ فِيهِمْ . اَللَّهُمَّ اِحْفَظْ أَبْنَائِنَا مِنْ كُلِّ شَرٍّ دُمْتُمْ بَعِيدًا عَنْ كُلِّ أَذِيَّةٍ لِلنَّفْسِ

 

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب