حشود كبيرة، كانت تقف عند مدخل الشلامجة الحدودي تنتظر إن يطل عليها أحد الأقمار المحمدية، لتستفيض من بركات نور وجهه البهي، وترى هذا الرجل الذي شغفت بحبه من دون ان تراه حتى، كان إلأنتظار طويل جداً، فلم تتحرك عقارب الساعة ككل يوم، أصبحت بطيئة جداً، وإلأقدام لم تعد تستطيع حمل هذا الجسد المشتاق لرؤيا الحبيب.
وأخيراً شممنا عطر ال النبي يتغلغل الى أعماقنا، فعرفنا بأن إبن رسول الله قد قدم إلينا، ودون شعور إختلطت مشاعرنا بين فرح، دموع، خوف من القادم، فقد كانت الأمور متشابكة جداً، والجو ملبد بالغيوم، فقد دخل سماحته بالرغم من رفض أمريكا لذلك، ودون موافقة الجارة ايران.
بين الخشية عليه، وفرح القدوم، فقد الكثير منا صوابه، وأخذ يهرول دون شعور، يهتف، يلبي، يفعل أمور لم يكن يتصور إنه سوف يفعلها، قد جاء الحكيم الى العراق بعد فراق طويل، أعتلى المنصة، كان الجميع ينتظر منه إن يتحدث عن الثأر والدم، لكن خطبته الأولى كانت عن العراق والعراق فقط، عن المرجعية ودورها في بناء العراق، إنحنى للشعب وقال اقبل اياديكم.
خطبة لم نعتد على سماعها، فلم يتكلم كباقي ألزعماء العرب، بالرغم امتلاكه في حينها لكل العراق.
لقد غاب عن خطبته لغة الأنا، وحلت مكانها نحن، إستبدلت العيون الحمراء الناغمة على ألشعب من قبل الرؤساء السابقين، بعيون ذابلة باكية ذائبة في حب العراقيين.
خطبة أيقضت في ألشعب حلم، لم يكن قبل اليوم ان يتجرأ اي شخص ان يتحدث عنه
فقد أصبحنا نفكر بالوطن، وكيف سيكون، وما هو دورنا فيه، رأينا الوطن من خلال عيون سماحته فعشقناه، بعدما كنا نراه مكان للموت والذل.
قدم الى العراق، وفي يده خارطة طريق لبناء عراق مستقل، قوي، موحد لا يخضع لأي دولة أو قوى اخرى.
وربما هذه الخريطة، هي نفسها حكم إعدامه الذي كان يحمله بين يديه، وألذي وقع عليه اعداء العراق منذ عشرات السنين.
لذلك قرروا إن ينفذوا حكم الأعدام ليس فيه فقط، بل في العراق
لقد أطلقوا على حلمنا طلقة الرحمة مرة أخرى، وإعتقدوا بذلك أنهم سوف يمنعونا من الحلم مرة أخرى.
لكنهم أخطأوا في ذلك، سوف نبقى نحلم، لكن هذه المرة لن نكتفي بالحلم فقط، بل نعمل على تحقيق تلك الأحلام.
ربما غادرنا شهيد ألمحراب بعد فترة قصيرة من اللقاء، لكنه زرع فينا أمل لن ينتهي
وها نحن اليوم نسعى لبناء دولتنا العصرية العادلة.