لم يرقد الحلم في التراب , إذ دعا معاون المدير لشؤون الطلبة السيد مهيمن الساير بعد خمسة أيام كافة اعضاء الهيئة التدريسية لمدرسة ” فرسان النزاهة ” لحضور الاجتماع الأسبوعي المقرر الذي سيناقش في جلسته هذه المرة الحلم المقلق والمتكرر , الذي تهادى الى آذان المسؤولين في مديرية التربية , الخاص بالسيد يوسف زباري وشاع بين التلاميذ , إذ رآى فيه قططا متوحشة هاجمت المدرسة فجأة , وقضت على المعاون الأداري للمدرسة الأستاذ حماد اسحق ومدرس الرياضيات الاستاذ يحيى حسين ومدرس الرياضة الاستاذ ناصر رمل ومدرس الانكليزي الاستاذ داود ادور.
وقد زعم السيد يوسف الذي يعمل حارسا ومنظفا في المدرسة منذ سنتين , ان قوة خاصة من الشرطة المدججة بالسلاح , نزلت في باحة المدرسة لمواجهة تلك القطط ما أسفر عن سقوط العديد من القتلى والجرحى في صفوف الجانبين إضافة الى الاساتذة الاربعة وعدد آخر من التلاميذ الذين سقطوا مغشيا عليهم وهم في مقاعدهم الدراسية .
وكشف السيد يوسف عن أن القتال قد احتدم بأستخدام الهراوات بدلا من الاسلحة بسبب تدخل البعض من الصحفيين الذين خرجوا من مقر نقابتهم المجاور للمدرسة لتعاطفهم مع الأساتذة من ناحية ورأفتهم بالقطط التي تحولت بعد انتهاء المعركة الى طيور سود تجمعت فوق اعمدة الكهرباء الممتدة على طول الشارع الموازي لسياج المدرسة . وفي التحقيق الأبتدائي الذي أجرته لجنة من مديرية التربية برئاسة السيد عثمان الجسار أوضح قائلا :
” في مساء يوم الأربعاء , بعد ان انهيت جولة التنظيف اليومية الثانية وخلدت بعدها الى النوم , رأيت في حلم أن مجاميعا من القطط الوحشية المتعددة الالوان كأنها الشعب المرجانية أكتسحت المدرسة كالسيل الجارف , وبدأت تنتشر في الصفوف في غمرة عواصف تزأر ومطر اسود على الرغم من اننا في الشهر الثامن من السنة , فقد رأيت أرتالآ من رجال الشرطة ببدلاتهم السود وهم يدخلون للدفاع عن المدرسة , وقد التحمت مع القطط التي تساقطت أمامهم كأوراق الأشجار اليابسة على الأرض بدمائها التي التمعت تحت انوار المصابيح الخافتة ” . توقف السيد يوسف ثم قال :
” لقد اذهلني رجال الشرطة بقتالهم المرعب والغريب داخل الصفوف , إذ كانوا يقاتلون على نمط يستحق التأمل والتسائل , فالشرطي يبدأ بالمصافحة , ثم يتحاور مع القطة ومن ثم يرمق ذيلها ومخالبها بتقزز ثم يغرز سكينته في جوفها ,على طريقة مصارعي الثيران , وهو يبتسم للتلاميذ العراة الذين أصطفوا على جدران الصفوف غير مبالين او مهتمين بما يحدث , وخاصة بالقطط التي تحتضروتلفظ انفاسها على الأرض وهي تموء بصخب” .
وأقسم السيد يوسف أمام رئيس اللجنة التحقيقية وهو محاط بلفيف من الطلبة والأساتذة أن المعركة كانت عظيمة , جرت في جو ممطر من دون ان يتدخل أي طرف آخر عدا الصحفيين . ثم تابع قائلا :
” أما أنا فقد أمضيت الليل كله بالبحث عن الاساتذة , ولكن اقتحام فوج جديد من القطط وهم يرددون الهتافات المعادية للسيد المدير بالذات ولمديرية التربية حال دون ذلك , فقد سدّت أعداد غفيرة منها مداخل الممرات , بينما تقدمت أعداد أخرى وبدأت ترشق غرفة المدير والغرف المجاورة بوابل من الحجارة الصغيرة التي حطمت وعلى الفور جميع الأبواب والواجهات الزجاجية , وكنت أحملق الى البعض من التلاميذ وهم يزحفون نحو غرفة المدير, وبعد دقائق رأيتهم يعبثون بالسجلات , فجلست صامتا لآأستطيع فعل شيء حتى أفرغوا الغرفة من كافة محتوياتها وهم يضجون بالصراخ وبفوضى عارمة “.
توقف السيد يوسف عن الحديث وبدأ ينظر الى رئيس اللجنة والتلاميذ وقد امتقع وجهه بالعرق وهو يتصبب في عينيه وقال بصوت منخفض :
ماذا يعني لكم هذا الحلم ؟!
ذهل التلاميذ ومعهم رئيس اللجنة الذي سيطر عليه الوجوم , ثم بدأ يرقب السيد يوسف ليسأله بفضول :
ترى ماالذي نأخذه من هذا الحلم الفوضوي وماالذي نتركه يا سيد يوسف ؟
” ارى أن في الحلم مشاهدآ عنيفة وغضب , والأطراف الثلاثة ليسوا على قاعدة واحدة وهذا يدل على ان المدرسة تنهج نهجا لايصلح للجميع”. رد السيد يوسف بلهجة رقيقة قائلا :
” لكن الأحتكام الى التقاليد والتمعن في تفسير الأحلام بدقة يضمن عدم الوقوع في المصائب” .
شكرآ لك ياسيد يوسف , أنت تعني الأحتكام للمنطق .. أذهب اذن فأنا لا أريد أن أطيل معك لكنك من المدعوين للإجتماع القادم. أجاب رئيس اللجنة بأقتضاب ثم أستدار نحو التلاميذ يخاطبهم :
بمناسبة موعد عقد الاجتماع أود أن أسألكم لأنني بحاجة الى معرفة مايتصل بالحلم ولكي نأخذ مضمونه بشكل جدي ومن دون ان نتفاجأ بالنتائج : هل تتذكرون أي حالة فصل او نقل للبعض من التلاميذ من مدرستكم الى مدارس اخرى ؟
لماذا يا استاذ ؟ أجاب احد التلاميذ .
ليعلم جمعكم هذا , ان القطط تجسدت في هذا الحلم لتحقيق رسالة مفادها ان في المدرسة قوى شريرة تحاول بسط السيطرة على التلاميذ لكنها جوبهت من قبل قوى خيرة حاولت بالحوار إعادة الأمور الى نصابها ولكن دون جدوى , وقد نجم عن ذلك ضحايا من بينكم , وهؤلاء هم , ربما , الذين تم فصلهم او نقلهم على أرض الواقع , وهذا هو جوهر الحلم على ماأظن .
وهل يُعقل ان السيد يوسف يحلم هذا الحلم ويوحي بما تقول ياأستاذ ؟ تسائل أحد التلاميذ.
قلت أظن أن الحلم يوحي بذلك , ولكن نعم . يُعقل أن يحلم المصاب بمرض جنون الارتياب , وهو مرض ينجم عن تعرض الفرد للأضطهاد , ويرى أن الاشخاص المحيطين به هم افراد سيئون وفاسدون وغارقين في برك من الأفكار الآسنة . أجاب السيد الممثل ثم تنهد وتسائل بدهشة :
هل ترون أن السيد يوسف مصاب بهذا المرض ؟
تصاعدت همهمة التلاميذ مقاطعة حديثه وكأنهم يعارضون خطابه الذي ينتقد فيه بيئة المدرسة ولكن من دون أن يفصح عن أي دليل بشكل مباشر , بينما وقف الأستاذ الممثل للحظات يتأملهم وينتظر صمتهم ثم وضع اوراق المحضر في حقيبته الجلدية السوداء واشعل سيكارته وهزّ رأسه قائلآ :
لم يرد أحد على سؤالي ؟! ثم أضاف :
إذن سأغلق المحضر .
تفرق التلاميذ على مهل وقلوبهم تخفق من شدة القلق لما سيحدث في الأجتماع القادم , بينما ذهب السيد يوسف على الفور الى بيته الذي شيدته له مديرية التربية في المدرسة نفسها ليجابه زوجته أم يعقوب لتعنفه قائلة :
أراك عبثت بافكار الناس وصنعت واقعا وهميا ليس له اي امتداد بشيء.
” كيف تريدينني ان اتصدى لفساد المدير وتحويل المدرسة الى بورصة لأولياء الأمور لبيع وشراء الدرجات ولفساد التلاميذ وتسكعهم على الارصفة والمتسربين ؟! رد عليها يوسف ثم راح يرفع بعض الفتات من الرز المتناثر على الأرض وهو يقول : ماذا ينجم عن هذا الفتات المتخلف إذا لم نرفعه ؟ ثم اضاف : ” اليس بقائه يفتح الطريق الى الجراثيم والأمراض .. هكذا هم الفاسدون وتلاميذ الأرصفة المنفردين بتواجدهم خارج المدرسة كأنهم الفتات من دون تلاميذ البلاد بأسرها” . رد عليها بعصبية.
هؤلاء هم ابناء من جاءوا بهم بزورق جديد لقيادة البلد وقد اصبح بصواري واشرعة عديدة لا يمكنك الوقوف أمامه الآن , بل ينبغي ان تنصاع لموجاته المضطربه وان تبدا بحلم أخر اكثر واقعيه وأقل تضليل لكي تظل تدس يدك في جيبك وتصرف علينا. أليس كذلك ؟! علقت الزوجة بألم .
” سأحاول بعد ان أخرج صوتي الذي يئن في داخلي وأنجز مهمتي” . رد عليها السيد يوسف وهو يخرج من البيت.
في صباح يوم الأحد من ايام تشرين الثاني حان موعد الاجتماع في القاعة الوحيدة للمدرسة , فجلس السيد عثمان الجسار نفسه ممثلآ عن مديرية التربية , وهو مرشح برلماني واعد إضافة الى كونه حاصل على شهادة الحقوق في القانون المدني , مع لفيف من المدرسين والتلاميذ مفتتحا الجلسة بكلمة :
” اخوتي الأعزاء .. أبنائي التلاميذ ..يظن البعض من خارج المدرسة ان احد المجانين ممن اجاز لنفسه وهي بحالة اللاشعور ان تحلم حلما قاتما جرى في ليلة ظلماء , تصاعد فيها الدم من عفاريت أنبثقت من العدم لتكون مرآة لما يعتمل في ذهنه المريض , أما أنا فأرى الهزل في ظاهره والهول العظيم في باطنه , وتبدو صوره خروجآ عن اشكال الأحلام وصيغها التقليدية , إذ لم يشر الحالم الى طبيعة السماء والنجوم مايعبر عن انفصال عالم الحلم عن عالم الواقع , فكان في مواجهة افواج ضخمة من القطط المتوحشة التي تشبه بهجومها على المدرسة بتدفق الدم في الشرايين , فلم يستطع التعرّف على التلاميذ الذين تصدوا لها , بيد انهم كانوا عراة ومنبهرين بالمعركة التي جرت بين رجال الشرطة وتلك القطط التي جاءت من المجهول لتختبر انيابها في اجسادهم , وما كان لأحد ان يتصور ذلك ابدا”. توقف السيد ممثل مديرية التربية وهو يحدج المجتمعين بنظرات متفحصة , ثم عاد ليقول:
” تأويلآ لما يزعم السيد يوسف , فالقطط ,وهي رمز حلمي يشير الى قوى الشر, قد عانت من التعنيف والقسوة في هذه المدرسة أو في مكان آخر ما جعلها تندفع نحو الصفوف وكانها أمواج أندفعت من بحار عاتية من اجل التدمير فحسب “.
رنا التلاميذ الى السيد ممثل مديرية التربية وفجأة أنبرى احد التلاميذ يخاطبه قائلا : وماالذي ستفعله امام هذا الضرب من الأحلام الجنونية ياأستاذ ؟
هزّ السيد عثمان الجسار رأسه , ثم جال بنظره الى الحاضرين وهم تحت نور المصابيح الخافت ليقول :
” اني لا ارى جنونا في حلم السيد يوسف المتكرر , بل هو يصنع ثقبا نحو حقيقة مجهولة تتطلب منا جهودا للوصول اليها رغم أنها تجربة تحتاج الى تحليل مركبات الحلم المرتبطة بالواقع الملموس , ويخامرني شك ان في المدرسة حق مغتصب وليس بالضرورة ان يكون حقا عام او خاص , وسيُكشف عنه حتما ومن الضروري التركيز على العمل بالضوابط المقررة لتلافي الشبهات”.
نهض السيد مدير المدرسة الاستاذ مخلص الأزدي مستئذنا من السيد ممثل مديرية التربية ليعلّق على كلمته قائلا :
“رغم أنني أرى أن القطط في حلم السيد يوسف تشيرالى صحبة طيبة من ناحية, ولكن قتالها بتلك الطريقة المضنية والمرهقة للعقل تبدو كالأحجية الغامضة يصعب على مخيلتنا إدراك كنهها من ناحية أخرى , ولكن على اية حال , فان الرجم بالغيب يقودنا الى ضرب من التوقعات الروحانية يكون فيها الفرد مرة مادة لتجارب المنجمين ومرة ضحية بعد ان يخرج عن قيمته كأنسان” . ثم أضاف قائلآ :
“ولكنني أقول ان حلم السيد يوسف المتكرر هو محض هواجس أو رؤيا شريرة لجوقة من البشر من الممكن ان تتحول الى أعمال عنف على ارض الواقع ليس في مدرستنا فحسب , بل في البلاد بشكل عام . وليعلم جمعنا أن مايجري في الحلم ليس معركة بين طرفين , بل هي دعوة الى تصحيح واقع ملتو يشعر به رتل من الحاقدين تجاه ادارة المدرسة وهو في حقيقة الأمر وهم أو كبت لحاجات انسانية كثيرة لم يقدروا على تحقيقها في الواقع , والحلم من ناحية أخرى يبدو كموعضة لهم لأنه يعكس صورة لحياة المحن والخطوب التي مروا بها وينبغي تغييرها في الواقع” .
وهل السيد يوسف من هذا الرتل ياأستاذ ؟ تسائل أحد الطلاب مقاطعا المدير .
” انتم تعرفون ان المحبطين لايجدون الطريقة الصحيحة للتعبير عن مشاكلهم وكانت البلاد لا تبدي أي أهتمام بهم على أرض الواقع بحكم الظروف التي مرت بها , لذلك يلجأون الى التخيلات ليصنعوا رسالة متأرجحة من ناحية تحديدها للجهة المعنية , أما الآن فقد تغيرت الصورة فهم الآن لايجدون حرجا من عرض أفكارهم وأحلامهم , كما يفعل السيد يوسف , فقد أذن الحال للمرء أن يعمل مايشاء ويقول مايشاء في حرية وديمقراطية لخدمة بلده”.
هل تقصد ان السيد يوسف يتنبأ بشيء ما سيحدث في المدرسة وينبغي تداركه أو تصحيحه ؟ تسائل تلميذا آخر.
“كلا . يابني .. فالحلم لا آية فيه ولا عبرة , كما يقال , لتقف الى جانبه , بل أراه أضغاث أحلام , وأنتم تعلمون نحن لسنا صدى لقول الشاعر العربي إذ قال : إذا قالت حذام فصدقوها ……إن القول ما قالت حذام” .
صفق التلاميذ بحرارة للسيد المديرلإدارة الحوار معهم بموضوعية , بينما وقف السيد ممثل مديرية التربية صامتا وهو ينظر تارة الى المدير وتارة اخرى الى التلاميذ متحدثا في سره : ” هناك تطابق وتقارب وألفة وأرجو أن يكون هذا الحكم حقيقيا عليهم ” , ثم حملق الى المصابيح الخافته التي بدت وكأنها فقدت القدرة على الأستمرار فهمَّ بالخروج .
انتهى الاجتماع بعد ان بدت الآراء متناقضة من حيث الشكل , إلا أن الطالب جيلان الخليلي , أحد تلاميذ الصف الثالث المتوسط لحق بالسيد ممثل مديرية التربية عند الباب قبل خروجه من القاعة , وهمس بأذنه قائلآ :
اعلم يااستاذ ان حلم السيد يوسف هو كالوصفة الدوائية التي يصفها الطبيب لمريضه أو لنقل أمرآ يدعو الى قراءة مايجري في المدرسة , وهي من ناحية أخرى تعبير عن عجز السيد يوسف عن مجابهة الواقع الذي تكلمنا عنه , وأنا أشك أنه وجد نوعا من الظلم أنصبَّ على التلاميذ ما دفعهم الى سلوك مخالف للضوابط بشكل متعمد , إذ أن عددا منهم كان يفشي بما لديه أمامه ما تسبب في تكوين لوبيا معارضا لسياسة المدرسة جراء ذلك . توقف التلميذ عن الهمس ثم قال بصوت خفيض :
لذلك أرى أن القطط هي رمز لأشباح تلاميذ وأشباح لهذا النمط من السلوك وقد حلت محلهما .
ماذا تقصد بالظلم و بالسلوك المخالف ؟ سأله ممثل المديرية.
لا أقصد شيئآ ملموسا , بل أتوجس وأرتاب , لكنني اعتقد ان التدقيق في المفاصل الأدارية وأرشفة المعلومات ربما تقود الى شئ ذو علاقة بمايجري .
ربت السيد ممثل المديرية على كتف جيلان وهو يقول في سره : ” لقد بعث هذا الصبي بصيصآ من النور في غيهب الحلم وهو نفسه لاينفصل عما يجري في المدرسه ” . ثم تسائل :
وهل يقتنع المسؤولين بأفتراضك هذا ويدفع الى اجراء تحقيق يرقى الى مستوى التدقيق عن جميع التلاميذ الذين تم فصلهم أو نقلهم الى مدارس اخرى أوعن درجاتهم الامتحانية في كافة السجلات ؟
شريطة ان تنفذ هذه التحقيقات بأمر من مديرية التربية وفق لجنة تشكل من أعضاء متمرسين في إدارة المدارس مهمتها البحث عن المخبوء في السجلات بكل مايتعلق بالتلاميذ . أجاب جيلان بثقة وهو ينظر يمينا وشمالا.
بعد يومين قرر ممثل المديرية القيام بزيارة غير متوقعة الى قسم الأشراف ليلتقي بأحد أصدقائه الحميمين وهو الأستاذ براك النوري , وهو رجل معوق نتيجة جلطة سابقة المّت به . ومن دون أي جهد في الوصول اليه , فقد أصطدم به عند الباب وهو ينوي المغادرة لزيارة أحدى المدارس . فسلم عليه وبادره بقوله :
مازالت الأشراف تزخر بالأشجار الضخمة !
أذن ينبغي أن تحترس لئلا تسقط واحدة فوق رأسك . رد الأستاذ براك بطرافته المعهودة , وتصافح الصديقان , وبعد عشرة دقائق جلسا في المقهى المقابلة للأشراف بعيدا عن شمس الساعة العاشرة المحرقة, وبقيا حتى الظهرليودعه الأستاذ براك بأسف قائلآ :
ياصاحبي – عثمان – أنت تسير في طريق التماسيح ولا تظن أنهم لا يسبقونك الى أي شيء تبتغي تدقيقه , فهم يعيشون في بيت واحد وقد أنجبهم جميعا , وأن خيوط حياتهم ترتبط ببعض, وهؤلاء غيروا قوانين البلد ليحموا أنفسهم من الشعب الذي خدعوه بها , لأنهم سلالة من اللصوص ما فتؤا يرتدون بدلة القانون عندما تحين ساعة اعمالهم , فتراهم مقنعين بالكياسة والشموخ ولكن سرعان ما يخلعونها , كما تفعل الثعابين , عندما تضطرم باجسادهم رغبات الحرام .
حبس السيد ممثل المديرية انفاسه وزادت تغضنات وجهه وهو يخاطب نفسه: ” ان زيارتي هذه للأستاذ براك اوجزت صلته بالمسؤولين وموقفه من الحياة السياسية للبلد , وأشعر أنه سجين في هذه الدائرة وفي ذات الوقت متمرد ويقيس الأشياء بمقياس آخر , فهو يصف نهج المناصب العالية بالأنحطاط وينصح في ذات الوقت بعدم السير في درب الثعابين , لكنني أشعر أن ضميره هو الذي تكلم مثلما فعل جيلان وأعجب لذلك الصنف من البشر الذين جعلوا من مناصبهم مكاتبا لممارسة مهنة السرقة متناسين أرواحهم الفانية وغضبة الشعب والخالق ذات يوم لأن النفس مهما بلغت من قدرة لايمكن أن تدرك قدرة الله عليها” . ثم تنبه لصديقه فقال وهو يتهيأ للمغادرة:
أنا لا أفكر بالمال الذي يسرقونه ولا بوباء السرقة الذي تفشى بالبلاد بسببهم والذي سيستمر جيلا بعد جيل , بل أفكر بطريقتهم التي قتلت روح المثابرة بالعمل والتنافس لدى افراد الشعب ومنها شريحة التلاميذ وأثر هذا الوباء في نفوسهم .
لا تخف ياصديقي , أنها ليست نهاية الأرب , فأبواب الرحمة تبقى مفتوحة وسيأتي من يردهم بأطراف السيوف والرماح ويعيد الى القوم كرامة العيش والفخر والإعتزاز بالنفس. رد عليه الأستاذ براك , ثم أضاف قائلآ :
أذهب وأبذل جهدك وتصدى لهم وأكتب أنك نازعتهم لإيقاف هذا الوباء , لكن لاتنسى فأنت مازلت ترى الحقيقة من خارج القبو .
أنسلّ الأستاذ عثمان من المقهى مودعآ صديقه الحميم بخطى وئيدة ومحدثا نفسه : ” ماذا يقصد بالقبو وهل هي المدرسة ؟!
في اليوم التالي , ذهب الأستاذ ممثل المديرية الى مدرسة فرسان النزاهة ووقف بسيارته المضللة قريبا عن بابها الرئيسي ليراقب حركة التلاميذ. كان الباب مفتوحا والسيد يوسف يزيل البعض من قناني المشروبات الفارغة واكياس البطاطا المقلية وأوراق الكلينكس المتناثرة أمام المدرسة , ثم التفت مخاطبا التلاميذ بجفاء وهم يتأبطون كتبهم عند رصيف الجانب الآخر من الشارع :
أوقفوا ثرثرتكم وأدخلوا المدرسة .. فالمدير على وشك المجئ !
أتحسبه سيفعل شيئآ إذا رآنا واقفين ؟! أجابه أحد التلاميذ ساخرآ.
مازال يظن أن للمدرسة مديرا ! رد عليه التلميذ نفسه .
هكذا ستبقى ياسيد يوسف , تلمّح ولا تجهر بالحقيقة ! رد عليه تلميذا آخر.
حدّق السيد يوسف اليهما ثم أنحنى يلتقط النفايات وهو يخاطبهما بغضب :
وهكذا أنتم , تمنحون أنفسكم للرصيف بلا خجل من أقرانكم الذين يجلسون الآن في الصفوف متهيئين لآستقبال أساتذتهم , فأخجلوا من أنفسكم , وأفعلوا شيئآ يسركم ويسر أهلكم !
وهل النفاية عمل يسرك أنت ؟! أجابه التلميذ نفسه بصلافة .
النفاية أحب اليًّ من رؤيتكم وأنتم تعبثون وتثرثرون ولاتدرسون , بل وتنسلّون بلا احترام لأحد من المدرسة التي مضى على أنشائها عشرات السنين وأنجبت العديد من الأساتذة الكبار وكانوا مفخرة لها وللمدينة , أما أنتم فقد لويتم رأسها وكسرتم رقبتها وحولتموها الى قبو للدخان وسوقا لتداول العملة الفاسدة , ثم ترسلون آبائكم ليشتروا ماء وجوهكم من المدير بشفاه وأنوف مرتجفة خجلا وفزعا . ثم توقف عن الكلام وأضاف :
وفوق هذا كله تركلون فرصكم بأرجلكم ولاتفكرون من أن شمس أبائكم وأمهاتكم المشرقة الآن ستذهب الى الغروب في النهاية وستندمون على تصرفاتكم .
وهل تقصد أن المدرسة عجلا وأن المدير فاسدآ ؟! رد علية تلميذا آخر بسخرية لاذعة !
لقد حرّفتم نهجها عن الحق , أما المدير فإن كان فاسدآ كما تظن .. فهو من صنع أيديكم !
وفي هذه اللحظة وصل المدير بسيارته الفارهة وهي تحمل رقم أربيل , وقبل أن تتدحرج دواليبها في الباحة الخارجية للمدرسة صاح أحد التلاميذ بوجه السيد يوسف بأستهزاء قائلآ :
أنظر الى فلوسنا كيف تتحول الى سيارات !
بصق السيد يوسف على الأرض , ثم توجه صوب المدخل الرئيسي للمدرسة .
وقف السيد ممثل المديرية أمام مدير التربية وهو يسرد مارآه بهياج والم واختتم حديثه قائلا:
هذه حقيقة المدرسة من الداخل وقد نبهني اليها أحد الأصدقاء وهذا هو واقعها يا أستاذ ..فأي عمل ترتأيه لأنقاذها ؟!
نهض السيد المدير ودنا من ممثله وعلّق بأمتعاض قائلآ :
” مازال الفساد تهمة يشهرها العاجزون بوجه المسؤلين لأنها أبنة تفكيرهم الأناني ولهم في ذلك مآرب جمة وأولها خلق الأضطرابات وخلق الأجواء للأنقلابيين ليمدوا أعناقهم ليناولوا أربهم , وأنت تعلم ياسيد عثمان ان مدرسة فرسان النزاهة ليست مدرسة للملائكة والقديسين , والذي رأيته هو الواقع الذي زحف الينا من اعالي البحار وتمدد بوسائل عديدة , وهاهو يغرز أسنانه بمجتمعنا كما رأيت” .
نظر السيد عثمان الى مدير التربية وهو يبتسم ابتسامة باهته قائلآ:
“وهل يتعين علينا الأستسلام لهذا الواقع , ياأستاذ , ليصبح مركبنا الذي نبحر به الى المستقبل ؟!
كلا .. يا أستاذ عثمان رغم أن كفوف الخلق هي الأخرى ليست صارمة والمدارس لم تعد بيوتا كسابق عهدها لأنهم رأوا الصقور من رجالها الجدد ينزلقون الى الغي ولايدعون الى اصلاح”. ثم أضاف :
“نحن لا نستسلم لهذا الواقع ولا نبحر في مركب خال من التشريعات والقيم الأخلاقية , بل يتطلب منا الشجاعة الكافية لمواجهة الفساد , وانا سأدعوا الى أجتماع بعد أسبوع في مدرسة فرسان النزاهة لنتداول أمر الحلم ومايجري هناك ” .
في ايلول عام 2004 وصل السيد مدير التربية الى مدرسة فرسان النزاهة ووصل معه فريق من خبراء التعليم . وفي قاعة الجواهري عقد الأجتماع بحضور السيد مدير المدرسة وباقي المدرسين والمدرسات وقد أفتتح الأجتماع بكلمة قال فيها :
” أخواني أعضاء الهيئة التدريسية .. أبنائي التلاميذ .. أعزائي الضيوف , أنتم تعلمون ان البعض يستحدثون طرقا أخرى بديلة يرونها اكثر جمالا لحيرتهم وأرتيابهم للنيل من خصومهم لأنهم لايمتلكون الشجاعة الكافية على قول الحق بشكل مباشر . توقف السيد مدير التربية” . ثم تابع :
” قد يكون السيد يوسف ضمن هذا التوصيف , إذ ان صبغة الحلم تشبه الى حد بعيد بمهارة استخدام الوهم لتغيير نظرتنا للواقع , فقد وردت فيه مشاهد متنوعة تتصف بالوحشية تارة وبالانسانية تارة اخرى , ولعل السيد يوسف يعلم ان حلمه خال من المدح او الهجاء لأحد , لذلك لجأ الى الازدواجية , إذ مامعنى ان يقرن الحوار بالقتل إن لم يكن حلمه بعيد عن الواقع” ؟!
كان السيد يوسف يجلس في احد كراسي الصفوف الخلفية وهو يصغي للسيد مدير التربية وفجأة أستأذن منه ليدلي برأيه قائلآ:
أوعدني ياأستاذ أن تأذن لي بالكلام حتى أنتهي ؟
لك ماتريد يا ولدي , ولكن أحذر ان تجرجر ساقيك الى الهاوية !
كلا . أجاب , ثم أكمل : ” رغم أني لا احسن اتخاذ اي موقف على ارض الواقع لأن لغتي البسيطة لا تمتلك اجنحة المجاز او الاستعارة لتطير الى قلوب اللصوص او تدخل الى اعماق ضمائرهم , بل هي لغة أهلي التي ورثتها بوجه واحد وصوت واحد وهو العدل” !
توقف السيد يوسف عن الحديث الذي صعق به كالبرق اذان الجالسين لما ينطوي عليه من غموض , فتنبه الحضور لحديثه والتمعت عيونهم وتعالت الهمهمة بينهم , بينما بدا السيد مخلص الباوي عبوسا هذه المرة وهو يتراوح في مقعده وكانه اضاع شيئا .
اكمل حديثك يابني فنحن نستمع اليك . بادره السيد مدير التربيه وهو يتطلع بوجه السيد مدير المدرسة.
” نعم يا استاذ .. فأنا لم الحق بساعة الزمن لكي اقرا كثيرا في هذا البلد المليء بالافاعي الا في وقت قريب لاننا كنا نعيش كالدجاج , في مدننا , فلم نلتقط من الثقافة شيئا بل كنا نستمتع برائحة برازنا فحسب , اذ لامهرب من سياسة التدجين التي الحقت بنا, لذلك واجهنا الواقع بالتأمل والأحلام على أمل الفرار , ولكن لا القدر ولا الخيال حققا لنا ذلك إلا النوم والأحلام في تلك العتمة” .
توقف السيد يوسف وهو يخرج ورقة من جيب قميصه الامامي ليضعها بين اصابعه وهو ينظر الى الحضور المحتشد الذي بدا وكأنه يستشف الكلمات الصادقة من الكاذبة حتى صاح احد التلاميذ ساخرا :
وهل ستذيع علينا البيان الأول للحزب الحلم الذي أنشأته ونبذة عن التماعاته الأخلاقية ؟!
” كلا , يابني فأنا أعرف أنك تتعجل الوقوف على الرصيف بدلا عن المقعد الدراسي , ولكنني اريد ان اذيع وصفا لهذا الواقع قبل ان نهيل عليه التراب ونشعل فوقه شموع الحزن” . اجاب السيد يوسف بتهكم وهو يومئ بالسكوت وموضحا عن المجهول الذي يراه التلميذ.
تعالت همهمة الحضور وهم يترقبون صلة الورقة بموضوع الحلم . وبإشارة من السيد يوسف ليلزموا الصمت, أستأنف حديثه :
” الأستاذ مدير التربية .. أظن جنابك تعلم أن بنيتنا الأجتماعية أنقسمت فيما مضى الى صنفين , البنية الأولى , التي تلقت الضربات المباشرة من النظام السياسي فتشكلت فيها صفات الخوف والأنانية في مجالدة الظلم والجوع , إذ كان غذائها يقتصر على الفلافل والباذنجان والبطاطا في غمرة ظروف كان فيها النظام منشغلآ بصناعة الحروب والقتل والتشريد ما جعل همّ هذه البنية هو الحلم فحسب- للخروج من الوطن الذي حوله النظام الى قبو وحول شعبه الى دجاج فيه – لتمسك بخيط الأمل لحياة أكثر أمانا وحرية , ولكنها لم تحض بذلك الحلم , بينما البنية الأخرى من المجتمع أستطاعت الهرب من هذا القبو لتنتمي الى المجتمع الأوربي ومجتمعات أخرى للبحث عن صورة أخرى للحياة . تلك المجتمعات التي تجسدت بالفردانية والمصلحة والغش والسرقة , حيث لغة المال هي التي تتحكم بها , فلم تعط أهتمامها للاجئين الجدد مثلما تعطيه لمواطنيها , لذلك أنعكست هذه الصفة عليها فتشكلت فيها روح السرقة والقفز على شرعية القوانين لكي تصل الى مبتغاها كما تفعل مكونات المجتمع الأصليه المستضيفة” .
كانت ملامح الالم والغضب ترتسم على وجه السيد مدير التربية من دون أن يدعم رأي السيد يوسف في ما قاله عن الماضي بشئ , لأنه لم يشترك في حياة القبو كما هو معروف إلا أنه علّق مقاطعا :
هذه فكرة تأكل وتشرب وتدخن في ذهنك أنت بالطبع . ثم أردف قائلآ: ” أكمل من فضلك بسرعة ” .
“هذا شيء لايدعوا الى التذمر , فهو مازال يعيش حتى الآن ولم تبتلعه الأرض” . رد السيد يوسف , ثم أكمل :
“أما سكان خارج القبو فقد جاءوا الى هنا لاسترجاع مافقدوه وليس للاندماج ثانية مع سكان داخل القبو , لذلك عادوا بذهنية فاسدة وثقافة تقتصر على هدم البلاد , فهم مثلآ يذبحون الذبائح وإقامة الولائم ليس لله , بل لرفع درجة وجاهتهم وأحترامهم وشراء ذمم من بقي محتفظا بسلوك سكان القبو, في صناعة الرؤى والاحلام , ليتبوأوا المناصب المختلفة على أكتافهم” .
ما من أحد يعرض آرائه ليصدقه الجميع , وأنا بلاشك لا أتقاسم افكارك رغم أني أصغي اليك ويبدو أنك مازلت غير قادر على مصافحة الواقع الحالي , وروايتك عن الماضي غير مشوقة فأما تذهب لترتاح أو تنشط أذهاننا بشيء جديد. قاطعه السيد مدير التربية .
وهل تقبل أنت أن تصافح اللصوص والمنافقين يا أستاذ حتى تطلب مني أن أصافح الجحيم الذي نزحف اليه بعد تلك المعاناة في قبو الدجاج ؟ !
هاج الحضور بصخب محتجا على كلمات السيد يوسف التي بدأت تضمر علة خفية أو أثمآ تورط به أحدهم .
ماذا تقصد ياولد ؟ أعترض السيد مدير التربية , ثم صاح بغضب :
لقد تجاوزت حدودك وأصبحت لا تفقه ماتقول!
هزّ السيد يوسف رأسه وزم شفتيه موحيا بعدم مشاطرتة لرأي السيد مدير التربية , ثم لوّح بالورقة وقال وهو ينظر تارة الى السيد مخلص الباوي الذي أظهر جمودا وتعابير وجه يعلوها السخط وكأنه يجلس في مجلس عزاء وتارة أخرى الى المدرسين الأموات في الحلم والأحياء أمامه:
” قد يكون هذا التشبيه مغلوطا لديكم ولكنني ومن هذه اللحظة سأتجنب التأمل والأحلام في مواجهة الواقع وسأشارككم الد يمقراطية وارغب ان يكون دوركم كبيرا في تقبّل مامكتوب بهذه الورقة “!
يروق لي يا سيد يوسف ان تنهي حديثك وتواجهنا بما لديك , فما زالت تتقافز في حلمك أزهارا سود وبذورا شريرة وآن الآوان لتجابهنا بما توحي اليه , فالحق والباطل يحتاجان الى حجج ثقيلة في الميزان لكي يكون الطريق الى العدل سالكا ومنتظما. رد عليه السيد مدير التربية وهو يحدق الى الورقة الساكنه بين أصابعه موحيا اليه لقراءتها.
شعر السيد يوسف بقوة أكثر , فهو الآن في مركز الدائرة المتمثلة بالذات التربوية كما أراد وآن الآوان أن يصوب سهمه لأثبات شجاعته في مواجهة الواقع مثلما أخرج صوته المدوي الذي أرتفع في صدره فقال :
” ارفع لكم ياسيادة المدير العام مافعلته الهيئة التدريسية في مدرسة “فرسان النزاهة” من اعمال شائنة بحق الصالح العام والأهانة بحق شريحة المدرسين والتلاميذ في وضح النهار وعتمة الليل” !
ضج الحضور بالصياح وبالألفاظ النابية والهتافات التافهه والتعليقات الساخره ردا على اقوال السيد يوسف ما جعل السادة مدير التربية والمدرسين الآخرين يتلوون باجسادهم وعيونهم مسدده نحوه وهي تتماوج بسخط وكراهية تعبيرا عن رفضهم لكلماته التي تفوح منها رائحة الخيانة والفساد الأداري, فنهض السيد مخلص الباوي وهو يصرخ بعصبية :
لقد وصلت الى النهاية بحديثك هذا, أيها البشع , وكان الأجدر بنا طردك من هذه القاعة !
كما طردت السيد بنجامين ولي أمر الطالب ” فرح ” لأنه قال لك : ” انت مكانك في حانات الخمر والقمار لأنها تليق بنشأتك ونشأة البعض من أساتذتك وليس في مدرسة “فرسان النزاهة” , وعيب عليك أن تتكلم بالنيابة عن المدرسين في تعاطي الرشوة , فهم أنقى من قميصك الأبيض هذا ! “. أتذكر ؟! رد عليه السيد يوسف ببرود والتفت ليخاطب السيد مدير التربية الذي تسمّر في مكانه :
” اليست الديمقراطية ياأستاذ أن نجابه الواقع كما قلت, وأن نقول مانشاء , أم أننا مازلنا في قبو الدجاج ” ؟!