23 ديسمبر، 2024 12:08 ص

قبولنا بالفساد يفسد كل شيء..

قبولنا بالفساد يفسد كل شيء..

المجتمع العراقي حاله كحال اغلب البلدان العربية والعالمية مجتمع عشائري وقبلي منذ الأزل، والعشير هي إحدى مكونات هذا المجتمع دؤبة في السعى لجمع افراده ضمن أسس وقواعد تتجاذب مع الشرع والقانون لتُظهر السمة الانسانية والأخلاقية بشكلها  المتكامل اسوةً بالمجتمعات الناضجة والمتحضرة هذا من جانب، ومن جانبٍ اخر  فهي  لدى الفرد محط مفخرةٍ واعتزاز من خلال التعبير عن انتمائه لها وحمل اسمها  لينضوي تحت لوائها مؤدياً واجباته تجاهها وحاصلاً على حقوقه التي شرعتها له وفق تلك القوانين واللوائح التي قد تختلف من عشيرة الى اخرى إلا انها غالباً ما تلتقي في الأمور الانسانية  العامة، ودور العشيرة في التصدي للكثير من الافات التي  تلم بالمجتمع لا يقل أهمية عن باقي مؤسسات الدولة، لا بل يعد كونه دوراً بارزاً والأمثلة والشواهد على ذلك كثيرة خلدتها الاحداث والقصص عبر العصور وأبرزها في مجتمعنا العربي عامة والمجتمع العراقي بشكلٍ خاص، ومنها تلك التي تحدثت عن وقوف العشيرة ومقاومتها  لأشكال مختلفة من الغزاة والمحتلين كالإحتلال البريطاني  والعثماني مثلاً، وأخرى هي تلك التي تنادي بتقديس القيم والاعراف مثل نصرت المظلوم وحسن الجوار وإكرام السائل والغريب والامر بالمعروف والنهي عن المنكر وغيرها من الخصال التي لاتتقاطع مع الانسانية والتي تذكرها وتتغنى بها صحف التاريخ، وفي يومنا هذا نجد للأسف ما حل في العراق في العقود الاخير من حروب ونكبات سياسية واقتصادية واُخرى اجتماعية كان لها الأثر الواضح على زوايا عديدة من زوايا  هذا المجتمع وبشكله السلبي والتي طالت بالسلب كذلك لتصل الى العشيرة حتى احدثت عليها الكثير من التغيرات لتسهم في تشويه معالمها وأعرافها وتقاليدها التي كانت تحركها، لتولد نظم وأعراف دخيلة إستغلت التأثير العشائري في المجتمع لتُجَيِّرَهُ  في خدمة مشاريعها، لنشهد بالنهاية الى ولادة خطوط جديدة فاسدة موازية لتلك الخطوط الاخرى الفاسدة لتتماشى معاً وتتناغم مع هذا لكم الهائل من الفساد في مجتمعنا لتظهر بالنتيجة مجتمعةً الصورة السلبية للمجتمع من خلال ذلك التدني في مستوى التشريعات والاحكام التي تصدرها الجهات التي تحسب نفسها على المكون الرئيسي لهذا المجتمع ألا وهو العشيرة.

وشاهدنا اليوم والذي بات ظاهرةً متفاقمة تلفت الانتباه وتنذر بالكوارث المستقبلية عندما يتعلق الامر وبشكل مباشر بأمن الفرد والذي هو بالضروره أمن المجتمع، والجميع على علم  عند زعزعت هذا المفصل الخطير يؤدي ذلك الى فوضى عارمة تخدم الفاسدين فقط وتثير حالة من عدم الإستقرار تتسبب في تهجير وإقصاء فئات من طبقات المجتمع أصلاء ووطنيون الغرض من ذلك  هو استبدالهم بالدخلاء السيئين. ومن ابرز ملامح هذه الظاهر تجدها وانت تتجول في شوارع بغداد وبقية المحافظات وعلى جدران بعض الدور وربما وصل الامر في بعض الأحيان على جدران بعض المؤسسات التابعة للدولة حيث تجد عبارة ( مطلوب عشائرياً) وفي كثير من الأحيان تجدها تكتب بالعربية السيئة جداً مثلا ( مطلوب عشائرين ) وماهو إلا نتيجة طبيعية وانعكاس منطقي لذاك الجهل والتخلف والذي هو من ابرز سمات هذه المجموعات التي تسعى لتنفيذ هكذا مشروع والذي هو بعيد كل البعد عن العشيرة العريقة والتي هي من ابرز سماتها الاصالة في كل شيء إبتداءً من اللغة العربية ومروراً بالقيم والاعراف والمبادىء التي هي من اهم أسس البناء العشائري.
وخلاصة القول بعد ان وصل الامر بتفاقم اعداد الضحايا من جراء هذه التصرفات التي بدأت تنشط عند استياء الوضع الامني وخصوصاً في الفترات الاخيره عندما انشغلت الحكومة بالتعبئة للجبهة الخارجية والتصدي لتلك التيارات المنحرفة وتحرير مناطق محتلة من البلاد، نجد ان الامر بات ملحاً في  دعم العشائر الأصيلة  للتخلص من تلك الشوائب التي أخذت بالتطفل على كل ماهو اصيل وعريق بغية تشويه المجتمع من خلال  تلك الاجيال التي تعد العدة لإنشائها بغية تمرير مخططات خارجية من اهم اهدافها تمزيق هذا النسيج الاجتماعي وقطع خيط الوطنية للحصول على ولاءات اجنبية في مجتمع يتهالك بسبب التفرقة العرقية  والدينية والمذهبية وما الى ذلك من الأمور لا تخدم إلا الأجنبي .