17 نوفمبر، 2024 10:31 ص
Search
Close this search box.

قبل ان يصبح طائفيا

قضى النظام السابق ما يقارب نصف قرن من الالفية الماضية ثلثها كان في محاولات التغلغل و العمل السري في العراق حتى آل اليه الحكم في تموز 1968 وكان نشاطه قويا مرتكزا على استثمار حركة نهضة الشباب الثورية وقد استغلها خير استغلال وسخر لها امكانات كبيرة من جهد الدولة ولن نتناول ما يخص الحكومة فقد كانت وريثة نظام ملكي ثم جمهوري مبني على وفق اسس الادارة الحديثة من قبل خبراء انكليز وكانت تتميز بالانضباط و الالتزام القانوني في ادارة شؤون الوزارات كافة وامتدت حتى التسعينات حين لوثتها مخططات واثار الحصار الاقتصادي حيث بدأت ملامح الفساد تظهر جليا من خلال المخالفات و العقوبات وسقوط العديد من المسؤلين وخضوعهم لطائلة القانون ومعاقبتهم بالسجن حتى حلت 2003 وهذه مواضيع ذات تفاصيل كثيرة لا نريد الخوض فيها ، لكن ما يهمنا هو التأثير الاجتماعي الكبير الذي زرعه النظام السابق في حياة الناس بشكل عام و الشباب بشكل خاص فقد ترعرع الصبيان و الفتيان و الشباب في ضل نظام اجتماعي يدعم حركة الشباب وأنشيء العديد من مراكز الشباب ذات نشاطات رياضية و ثقافية وعلمية ، والذي نريد التركيز عليه هو ان ابناء المسؤلين والحكام الجدد الذين هم قادة الان في النظام العراقي الجديد كانو منخرطين تحت هذه التأثيرات في تربية و توجيه الشباب في النظام السابق لهذا تجد ان نهجهم و اسلوب عملهم اعتمد على عقدة من شيئين :
الاول : مناقضة و تخريب كل ما ابتدعه النظام السابق حتى لو كان لخدمة الوطن .
الثاني : انهم مهما ابتدعو من سبل للتعبير عن خصوصياتهم في ايجاد نهج جديد لعملهم السياسي او الاجتماعي او الثقافي تجده مبني في جوهره على رواسب النظام السابق في نفوسهم و سلوكهم ، الا السيرة و السلوك ، فهم بعيدين عنها لأنها واضحة للعيان . لذلك كان التركيز على ما لم يحاكيه النظام السابق ، لا بل منعه ، الا و هو الطقوس المذهبية .
ولا زالت هذه المظاهر تبدو واضحة من خلال النشاطات و المارسات السياسية التي تتبعها الكتل و الاحزاب السياسية الحاكمة في العراق اليوم. وها نحن نجد مثالا واضحا في ابتداع حركة سياسية جديدة منبعها تيار الحكمة ويسمى (حركة وعي) تركز جل اهتمامها على الشباب و تحاول استقطابهم لكنها لا تستطيع فرضها على مستوى الحكومة لزيادة واتساع مساحة تأثيرها في الشارع العراقي ، لوجود منافسين من احزاب و كتل اخرى ، ومثل هذه المحاولات كثيرة ومتنوعة جدا . في النهاية كلها تهدف الى الاستحواذ على الشارع العراقي و خنق السياسات الثورية المعارضة و محاولة ؤدها قبل ان تولد ، من اجل الحفاظ على دكتاتورية السلطة كما كان النظام السابق يفعل ، وهذا امر صعب بل وقد يكون مستحيل في ضل التنوع السياسي المتعدد في مصادر الارتباط و التمويل والتبعية . لذلك سنخلص الى حقيقة ان النشاط السياسي في العراقي يعمل بدكتاتورية النظام السابق الذي توزع ارثة على حركات سياسية مختلفة التوجهات و الاهداف ناهيك عن الاكراد وسعيهم الى الانفصال اضافة الى مافيات السرقة و النهب التي تحاول السيطرة على ثروات البلاد لتمويل الحركات و النشاطات السياسية المؤثرة صاحبة المليشيات .
واذا كانت الصورة الان اصبحت واضحة المعالم فأن مغادرة او اصلاح هذه الكارثة السياسية في العراق تعني ان العراق بحاجة الى تعاقب اجيال تتغير نظرتها في اسلوب سياسة و ادارة البلاد و لا احد يعلم متى و لا الى اي مدى من الزمان سيحصل ذلك الفرج.

أحدث المقالات