25 مايو، 2024 6:34 ص
Search
Close this search box.

قبل العاصفة …الأمير الحسن :نداء هاشمي لأهل العراق!!

Facebook
Twitter
LinkedIn

(أوجه دعوة صادقة، وصيحة حرَّى، إلى أهلي في العراق جميعاً ألا يقعوا في أتون الفتنة، التي من ‏السهل جداً إشعالها ولكن من الصعب إطفاؤها مهما عملوا، لأنه عندما تكون النفوس مشحونة والعقول ‏مغيبة، قد يصعب على الجميع إيجاد المخرج.)
 الحسن ابن طلال
 في ربيع عام 1983 شاهدت شخصيا وعن قرب ولأول مره الأمير الحسن ابن طلال، شقيق العاهل الأردني الراحل الملك حسين سليل الأسرة  الهاشمية ولي عهد الأردن من عام 1965 لغاية 25 يناير 1999. هو الابن الأصغر للملك طلال والملكة زين الشرف، حين  حضر في عمان افتتاح  مؤتمر ( إسرائيل المياه العربية الذي خصص لبحث دورا لمياه في الصراع العربي الإسرائيلي  والذي نظمه (مركز الدراسات العربية في لندن) و كان يترأسه عبد المجيد فريد مدير مكتب الرئيس المصري الراحل جمال عبد الناصر بالتعاون مع جامعه اليرموك…
 وقد بهر الأمير الدمث الخلق المتواضع، الذي  يعد من المفكرين والاقتصاديين المتميزين بالوطن العربي وله حضور واضح بالندوات والمؤتمرات الفكرية والاقتصادية العالمية  جميع الحاضرين من الوفود العربية والأجنبية وحتى الوفد الإسرائيلي الذي مثل تيار يوري افنيري المنشق عن سياسات تل أبيب آنذاك  وزعيم حركة (السلام ألان) ،  ليس فقط للغته  الانجليزية الطليقة وصوته الذين يحاكي أداء ممثلي المسرح الشكسبيري فقط  وارتجاله لحديث استراتجي ممتع لاستشراف مستقبل الشرق الاوسط وإنما لرؤيته المتميزة لواقع المنطقة وأسباب الصراع  الحقيقي فيها ومن بينها قضيه المياه باعتبارها قضيه وجود حيث كانت احد أسباب الحروب المتكررة بين العرب والدولة العبرية التي أرسلت تيودور هرتزل بعد وعد بلفور مباشره إلى مصر مع عدد كبير من علماء الري  للبحث في مشروع مد نهر من النيل الى ارض الميعاد  وهي قصه  خطيرة أوردتها جريده (المقطم) المصرية آنذاك وذكرها كامل زهيري في كتابه ( النيل في خطر) الذي جاء ردا على موافقه أنور السادات تنفيذ مشروع ( ترعه السلام) لتزويد إسرائيل بمياه النيل عبر مد نهر طويل عبر  صحراء سيناء الى ارض الميعاد  فعارضه الوطنيون المصريون بشده وأجهضوا مشروعه التوراتي  ولم يكن غريبا ان تكون حدود ألدوله العبرية نهري النيل والفرات لا حدودا بريه.
  في تلك الندوة قبل ثلاثة عقود مضت توصل الباحثون الى استنتاج خطير وهو ان  قضيه المياه ستكون احد أسباب الحروب في الشرق الأوسط و تركيع الكثير من الدول العربية التي تنبع أهم أنهارها وهي النيل ودجله والفرات من  دول ليست عربيه حيث دق المؤتمر أول صفاره إنذار للعالم العربي المتناحر المنشغل بالحروب والصراعات السلطوية والحرب العراقية الايرانيه واجتياح إسرائيل لجنوب لبنان  بخنق أنهارها بالسدود ولقحط القادم واحتمالات استبدال الماء التركي بالنفط والغاز العربي مقابل نقل المياه التركية عبر سوريا الى إسرائيل .
 وقد اثأر أخر أحفاد الشريف حسين و ابن عم ملوك العراق الهاشميين الذين قتلوا بوحشيه في بغداد عام 1958اعجابي كثيرا فقرات كتابيه (القدس: دراسة قانونية و حق الفلسطينيين في تقرير المصير)  ليتأكد لي اني إمام مفكر عربي حقيقي لم يسقط في فخ الايدولوجيا والبروباغاند والتهويل والتهريج ولم تخدعه السلطة وكان قادرا ضمن قله من المفكرين العرب على  فهم القوى التي تحرك القرار العالمي وتدير الأزمات وهو ما  ظهر في كتابيه اللاحقين( السعي نحو السلام و المسيحية في العالم العربي ) وربما كانت أرائه ومواقفه هذه وراء قرار شقيقه الملك عام 1999 الذي كان يعاني من السرطان  والذي عاد من لندن قبل ايام  من موته ليفاجئ الجميع بعزل شقيقه الذي طالما ناداه ( قرة عيني ) عن ولاية العهد وكان إمام الحسن ثلاث خيارات: إما تدبير انقلاب ضد ابن أخيه او ألعزله في لندن او البقاء في الأردن وقد اختار الأمر الأخير وقيل الكثير بشان هذه الواقعة ذات الدلالات التي يمكم تفسيرها أحيانا بان أراء الأمير لم تعد تروق للغرب ولا للإسرائيليين.
ما أردناه من وراء هذا الاستطراد هو التوقف عند   الرسالة الأخيرة  للأمير الحسن التي كانت ضمن مواقف وتصريحات كثيرة أدلى بها على مدى ربع قرن حذرت مرارا مما اسماه البروفسور الراحل حامد ربيع ( استراتيجيه شد الإطراف) أي تقطيع أوصال الدول العربية عبر الحروب والمحاور والصراعات المدعومة من الغرب  لإبعاد العرب عن قضيتهم المركزية ومشروع النهضة ألاقتصاديه والتنمية وطالما  سمع ساسه عراقيون يقيمون في عمان بعد الاحتلال الأمريكي عام 2003  قوله  الذي يستفتح حديثه دوما عن الشأن العراقي ( أن وحدة العراق ينبغي أن تكون خطاً ‏أحمر، وأن ممسكات الوحدة الوطنية العراقية خط أحمر….وان هناك مؤامرة كبرى خفية تخطط للإيقاع بنا جميعاً ‏كأمة ممتدة في نزاع شامل تحت مسوغات واهية، تلك المؤامرة التي تبدو ظاهرة للعيان في بلادنا ‏القريبة والبعيدة) .
تأتي هذه الرسالة التحذيرية في وقت بات يتردد فيه الحديث في الغرب بكثره عن مخاطر تمزق العراق بعد ارتفاع وتيرة الاحتقان الطائفي وأخرها ما أوردته صحيفة لوس أنجلوس تايمز” الأمريكية نقلا عن مسئولين كبار في واشنطن من  أن تزايد احتمالات انقسام وتفكك العراق إلى دويلات صغيرة، ‏في ضوء التوترات الطائفية الراهنة،بات يشكل سيفا مسلطا على رقبته وينذر بعواقب وخيمة على ‏استقرار منطقة الشرق الأوسط ككل….. هل يمكن لنا قراءه هذه الرسالة بعيدا عن ملابسات سياسة المملكة الأردنية الهاشمية ودورها مما يحدث من صراعات خطيرة في المنطقة وطبيعة علاقتها المعقدة  بالعراق خلال ألحقبه الماضية التي وقفت فيها مع بغداد في حربها ضد إيران وضد المعارضة العراقية وفي غزوها للكويت عام 1991 دون إهمال اتهامات البعض بان الأردن مجرد( دوله وظيفية) في المنطقة تستمد بقاءها  من   ممارس ما يملى عليها من الخارج وبالتالي فان بعض الأصوات الرسمية في بغداد لا تخفي شكوكها بتورط الأردن بالعنف ومشروع التقسيم واستنزاف العراق بعد عام 2003م رغم ان جزءا من شرره أصابها في الخاصرة قبل أعوام في تفجيرات الفنادق في عمان   التي تورط بها عراقيون ينتمون للقاعدة ؟؟؟ بينما لا ينسى آخرون ان الملك عبد الله الثاني هو من أشعل فتيل الطائفية بحديثه عن( الهلال الشيعي) متناسيا( نجمه داود) وتورطه بالحرب الطائفية في سوريا التي استدعت تحذيرا سوريا وإيرانيا لعمان مؤخرا .
 وبعيدا عن تلك الحكاية الشعبية بان ملوك الأردن اقسموا عشيه مجزره(قصر الرحاب) الانتقام من العراقيين و(ان يجعلوا في كل بيت مأتم)ا رغم تحول الأردن الى ملاذ امن لملايين العراقيين  منذ اندلاع شراره حرب الخليج الاولى فان هناك متغيرات جديدة بدأت تتضح على ساحة هذه ألدوله المجاورة للعراق  لعل أبرزها موقف البرلمان الأردني من طرد السفير الإسرائيلي من عمان والتهديد بإسقاط الحكومة ان لم تفعل ذلك ومن قبلها ما كتبه الكثير من الصحفيين من احتمالات تقسيم المنطقة طائفيا وضم الأردن لكيان سني يمتد من البوكمال مرورا بالا نبار وصولا الى السعودية ؟؟؟و يشير مطلعون إلى ان الأمير حسن رغم كونه خارج صناعه القرار في الأردن هو من حاور المتظاهرين الأردنيين قبل شهور بعد رفع الإخوان المسلمون واغلبهم من الفلسطينيين الشعار الخطير ( الشعب يريد إسقاط النظام ) وأقنعهم أن الهدف غير المعلن ليس العرش الهاشمي إنما الأردن ككيان ودوله يراد لها ان تكون الوطن البديل بعد إعلان يهودية ألدوله العبرية وبالتالي فان أهلها من عشائر الأردن سيتحولون الى اقليه وسط ملايين الفلسطينيين المهجرين والمبعدين الى أرضها الفقيرة بالموارد .
ان الأمير حسن لا يوجه رسالته الى طائفة او فئة عراقيه دون غيرها بل يدعوا كل أهل العراق للحكمة والعقلانية وليس للمشاعر والعواطف الطارئة، ويطالبهم ‏بضبط النفس والتكاتف والتآلف ووحدة الصف، رافضا( ودعوات التفرق ‏والتشرذم ) وهو أمر لا يحتاج الى توضيح الجهة التي يقصدها بعد ان رفع البعض مؤخرا  مشروع الإقليم السني ومن قبله طبل آخرون  لإقليم ألبصره وإقليم الوسط والجنوب التي أجهضها الشرفاء العراقيون بوعيهم ووطنيتهم !!!
 ويقول (لا أظن أن من ينتمي للعراق بحق سيكون من ‏بين هؤلاء، أو مؤيداً لمؤامرتهم على وطنهم)   … ان موقف الأمير حسن يبدوا اليوم متوجسا وقلقا وخائفا عما يدبر لكل من العراق وسوريا ولبنان والأردن وقوى المقاومة من عاصفه مخططات التقسيم والتشرذم والسقوط بأيدي القوى الدينية المتطرفة والقاعدة في ظل مشروع (الشرق الأوسط الجديد)  بينما يدنس المسجد الأقصى وتقصف الشام من قبل الإسرائيليين على حساب إهمال محور الصراع الحقيقي  وربما تتلاقى آراءه في الكثير من جوانبها مع  رؤيا محور الممانعة ورفض المتغيرات التي رافقت ما عرف بالربيع العربي الذي كانت محطته الأولى في العراق والتي بلغت ذروتها اليوم من ارتفاع وتيرة التجاذب الطائفي وطرح مشروع الدويلات الثلاث او الكونفدراليه الطائفية والذين يصفهم دون بأنهم (ممن ارتبطت مصالحهم بأجندات الخارج ‏والعابثين بأمن العراق الوطني واستقراره الاجتماعي،) وهو يقدم البديل الوحيد للخروج من المأزق وهو (التزام قيم الحوار، الذي لا بد أن يأخذ الشكل ‏الصحيح، الذي يفضي للنتائج الصحيحة ( 
. وهو في رسالته هذه  يحاول ان يكون دبلوماسيا لبقا في حديثه مع إطراف عراقيه يمارس بعضها ضد الأخر لغة التخوين والعمالة  الطائفية المتبادلة خاصة في ظل  الأزمة الأخيرة واستمرار التظاهرات التي انتقلت من لغة ألمطالبه بالاستحقاقات المشروعة الى التلويح بالانفصال ونقل النموذج السوري لإكمال تنفيذ المخطط ألتقسيمي في العراق باعتباره الخاصرة الرخوة  وأول من تعرض للإرهاب الطائفي  والاستقواء بالخارج على الداخل وتغيير مسارات الصراع في المنطقة وانقلاب محاورها من القومي الى الطائفي… وهو بذلك يضع يده على الجرح النازف والقضية الأهم في العراق وهي الهوية الوطنية ويدعوا (لإنقاذ مفهوم ‏المواطنة العراقية من أي أضرار يمكن أن تلحق به، فالمبادئ التي تأسس عليها العراق ينبغي أن تظل ‏راسخة رسوخ الإيمان بها والتمسك بأهدابها وأهدافها) أي انه يطالب بالعودة الى المبادئ التي وضعها أبناء عمه ملوك العراق لبناء دوله المواطن لا العشيرة ولا ألطائفه…  ولعل وجهة النظر هذه تزعج من يروجون لمفهوم مفاده ان العراق كيان مصطنع ولد بعد الحرب العالمية الاولى من رحم تجميع كيانات ثلاث متناسين سبعه ألاف  عام من الحضارة والنبوة والإمبراطوريات والعيش المشترك وانه كان مهد الساميين وعاصمة العباسيين ومصدر تعايش وإشعاع فكري أنساني.
 في ختام رسالته التي ادعوا جميع ساسه العراق  وأحزابه ومرجعياته ومثقفيه للتمعن بمضامينها يناشد الأمير الحسن الجميع ( بضرورة أخذ الحيطة والحذر في هذه الظروف الصعبة التي يمر بها العراق ‏والمنطقة، وعدم السماح للمصطادين في الماء العكر من تحقيق أهدافهم وزرع الفتن بين أبناء الوطن ‏الواحد، وذلك بالتمسك بالثوابت العراقية الوطنية، التي تشكل استمرارية وجود العراقيين المشترك، ‏ووضعها نصب أعينهم، والعمل بما يؤكد ولاءهم لها، ، فما حدث في السنوات ‏الماضية هو امتحان عسير لهم جميعاً، وطريق جديد يعيدون به اكتشاف قدرتهم في التعامل مع ‏الأزمات، وثباتهم على الاهتزازات التي يمر بها العراق، مثلما تمر بها أقطارنا العربية الأخرى)
 ترى هل فات الأوان… أما زال هناك من يدافعون عن وحده التراب الوطني والسيادة  ويرفضون بيع ضمائرهم؟؟؟؟
 بوخارست

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب