18 ديسمبر، 2024 6:51 م

قبل أن يُصبح دينارنا في خطر!

قبل أن يُصبح دينارنا في خطر!

سعر الدولار الأميركي يرتفع في الأسواق العراقية هذه الأيام. ارتفاع يقطع فترة استقرار دامت مدة ليست بالقصيرة بعثت الأمل في إمكانية أن يستعيد الدينار عافيته تدريجياً بعد زمن طويل من تدهوره يمتدّ إلى حقبة الحرب العراقية – الإيرانية الكارثية.
ما معنى هذا؟
ارتفاع سعر الدولار معناه انخفاض قيمة الدينار، ومعنى انخفاض قيمة الدينار تراجع قدرته الشرائية، ومعنى تراجع قدرة الدينار الشرائية ارتفاع أسعار السلع والخدمات، وهذا بدوره يعني إرهاق كاهل المواطنين العراقيين، وبخاصة ذوي الدخل المحدود من العمال والموظفين والمتقاعدين والباعة وأصحاب المهن المتواضعة والمشمولين ببرامج الرعاية الاجتماعية، فلا يعود في إمكانهم الحصول على السلع أو الخدمات بأسعارها المناسبة السابقة، إنّما يتعيّن عليهم الدفع أكثر. إذا ما استمرت هذي الحال وتفاقمت فسيلتحق المزيد من الناس بصفوف الفقراء والعاطلين عن العمل. هذا بدوره يؤثّر على مجمل الاقتصاد الوطني الذي ستتراجع كفاءته ويواجه أزمة.
الارتفاع في سعر الدولار في أسواقنا تزامن مع البدء بتنفيذ العقوبات الأميركية في حقّ إيران. من المرجّح أن ثمة علاقة بين الأمرين. العقوبات قاسية في الواقع، ومن أهدافها الرئيسة عدم تمكين إيران من الحصول على الدولار وسائر العملات الصعبة لتأمين مشترياتها الخارجية ولدعم نفوذها الإقليمي والدولي. من المنطقي أن تسعى إيران الى كسر العقوبات واختراقها والحصول على العملة الصعبة من الجيران الذين يمكن القيام بنشاطات غير واضحة للعيان عبر الحدود معهم، فالمشرف على الغرق يتشبّث حتى بالقشّة.
ما كنّا نتمنّى أن تتعرّض إيران إلى عقوبات من هذا النوع، فهي تؤثّر على نحو مباشر فينا مثلما تؤثّر في الأوضاع المعيشية للإيرانيين.
البنك المركزي ووزارة المالية ووزارة الداخلية وهيئات الحدود والمنافذ والجمارك والأجهزة الأمنية المختلفة يقع عليها واجب المراقبة والمتابعة للحؤول دون استنزاف العملة الصعبة من أسواقنا، فهذا سيعني المزيد من ارتفاع سعر الدولار والمزيد من انخفاض سعر الدينار وتفاقم المشكلة المعيشية للسكان.
في ظل أوضاعنا الراهنة غير المستقرّة سياسياً وغير الآمنة تماماً والمتميّزة بضعف الالتزام بالقانون وبتفشّي ظاهرة الفساد الإداري والمالي، من الصعب للغاية منع تهريب العملة الصعبة إلى الخارج إن بصيغ “قانونية” أم بصيغ غير شرعية، لكن ليس من المستحيل الحدّ منها في الأقل للحدّ من المزيد من تراجع قيمة دينارنا.